آفات اللسان - 5

ناصر بن محمد الأحمد

2013-04-06 - 1434/05/25
عناصر الخطبة
1/ خطورة اللسان 2/ آفات اللسان 3/ آفة الشعر ومساوئها 4/ آفة عظيمة من آفات اللسان
اهداف الخطبة

اقتباس

إن الشعر أيها الإخوة له سحره وتأثيره فالشعر يأخذ عقول الناس وقلوبهم، ويستطيع الشاعر أن يصرف أصحاب القلوب المهزوزة إلى غير هدى، وهذا هو الغالب أيها الإخوة على الشعر في هذا الزمان، جعلوا الشعر طريق الشرك والفسوق والعصيان، وكثيرًا ما يكون...

 

 

 

 

الحمد لله:

 

أما بعد: عباد الله مازال الحديث عن اللسان، عن زلاته وعثراته وسقطاته.

 

أيها الإخوة كلما أردت أن أنهي هذه السلسلة وأتوقف ليكون الحديث حول موضوع آخر ظهرت لي آفات أخرى أرى أنها من الأهمية بمكان وبعضها يكون من طامات ما في المجتمع، فأرى أنه من الواجب، التنبيه عليه.

 

ولا يخفى عليكم أيها الإخوة أن الآفات العظيمة والتي تعد من الكبائر لم نتعرض لها بعد مثل الكذب والغيبة والنميمة؛ وذلك ليس لعدم أهميتها، ولكن لأن هناك من الآفات ما لا تقل خطورة عنها يغفل عنها بعض الناس، ولأن هناك من الآفات لا تصل لدرجة الكذب والغيبة في الحرمة، لكن لا يدرك الناس أنها من عثرات اللسان وزلاته.

 

ولهذا رأيت أن أجعل آفات الكذب والغيبة من أواخر ما سوف نتكلم عليه إن شاء الله تعالى، وذلك ليكون التفصيل فيه أكثر وليبسط فيه الكلام فنضيف يا عباد الله، بعد هذه المقدمة آفة أخرى من آفات اللسان، وأيضًا يا عباد الله الآفات التي سوف نتناولها في جمعتنا هذه هي أيضًا مما لا يتوقع بعضكم أنها من الآفات.

 

أيها المسلمون: ذكرنا من قبل تسعة آفات، وبذلك تكون آفتنا هذه هي الآفة العاشرة ألا وهو الشعر، نعم، ذلكم الشعر الذي يطلقه ألسنة الشعراء وهي من الأمور المنتشرة سواء كان ذلك بين العامة وهو ما يعرف بالشعر الشعبي، أو بين المتعلمين والمثقفين.

 

 إن الشعر أيها الإخوة له سحره وتأثيره فالشعر يأخذ عقول الناس وقلوبهم، ويستطيع الشاعر أن يصرف أصحاب القلوب المهزوزة إلى غير هدى، وهذا هو الغالب أيها الإخوة على الشعر في هذا الزمان، جعلوا الشعر طريق الشرك والفسوق والعصيان، وكثيرًا ما يكون الشعر في ذكر النساء، والحث على الزنا والفاحشة أو يكون الشعر في مدح إنسان بما ليس فيه وعظمت المصيبة أيها الإخوة لما صار في الأشعار مادة الغناء، يرفض لها الناس على كافة المستويات يردد أحدهم الأبيات، دونما تفكر أو تدبر.

 

أيها المسلمون: لقد ذم الله تبارك وتعالى الشعراء بأنهم في كل واد يهيمون من خالفت أفعالهم أقوالهم مستثنيًا سبحانه منهم المؤمنون حيث يقول تبارك وتعالى: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء: 224- 227]. روى البخارى ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلىء جوف رجل قيحًا حتى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا ".

 

عباد الله: هناك نوع من الشعر ظهر في الآونة الأخيرة وهو في الحقيقة ليس بشعر بل هو أقرب ما يكون لها محاولات الأطفال في نظم الشعر، وذلك ما يسمى بالشعر الحر.. سخافات، وهزل، لا ندري من أين دخل علينا، بعض من يريد أن يعد من الشعراء ولا يستطيع أن يضع قصيدة قوية بلغة العرب الفصحى يقوم بوصف هذه الترهات جوار بعضها البعض ووضعوا له قواعد وأصول على حد قولهم، وقالوا: بأنها شعر لكن يختلف عن الشعر الذي تقبله الفطر السليمة فسمّوه الشعر الحر.

 

وليت الأمر توقف عند هذا الحد أيها الإخوة لعل أغلبكم قد سمع بالحداثة، هذا التيار الفكري الجديد، الذي يغزو مجتمعاتنا هذه الأيام، وهي إبعاد الدين عن واقع الحياة، وهو قبول كل حديث، ونبذ كل قديم، فكل ما كان قديمًا فهو مرفوض فمثلاً الحجاب قديم مرفوض، ستر المرأة لنفسها شيء قديم مرفوض استعمال السواك عادة قديمة مرفوضة الدين كله قديم، إذن لا بد من الحداثة هي العلمانية لكنها بثوب الحداثة.

 

 هذا الفكر أيها الإخوة، روّج له عن طريق الشعر الحر وفشا وانتشر في المجتمع وقد لاقى قبولاً، وذلك لأن قلوب أغلب الناس كانت مهيأة لذلك سأمت الالتزام تريد الانطلاق والتغلب من تكاليف الشرع تريد الحرية فتصورت أن الحرية تكون في الشعر الحر وما علمت أنها عبودية، عبودية لغير الله عز وجل. ولا يمكن أن يستنشق الإنسان الحرية الحقيقية، إلا في ظل الإسلام.

 

أيها المسلمون: تنبهوا لمثل هذه الألاعيب الشيطانية، لا ينطلي عليكم فكر الحداثة، فإن ليس كل حديث مقبول، وليس بصحيح بأن كل قديم مرفوض ولا ينفع، هم أرادوا من هذه الفكرة، نبذ الدين، ولكن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

عباد الله: هل أدركتم طرفًا من خطورة هذا اللسان، وما يمكن أن يجره على المجتمع.هذا من ناحية الشعر الحر، الذي أشغلوا الناس به، وهو في حقيقته يحوي الكفر في بعض الأحيان.

 

هناك أيضًا أيها الإخوة، لون آخر من ألوان الشعر، وما أكثر ألوانه، غالبه كلام فارغ لا ينفع، هذا أيضًا أشغلوا به بعض عباد الله، وهو ما يسمى بمضارب البادية، وغالبه لا يخلو من أصوات المعازف المحرمة.

 

أيها الإخوة: إن الإسلام لا يحرم الشعر، إذا كان شعرًا نظيفًا نافعًا، وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري ومسلم: "إن من الشعر لحكمة". إذا كان الشعر أيها الإخوة، أبياتا تحتوي على حث الأمة على الجهاد في سبيل الله مثلاً، أو كانت قصائد وعظية خالية من الإفراط والتفريط، فهذا أمر لا شيء فيه، بل هو مطلوب ولا ننسى يا عباد الله جهاد شعراء الصحابة، وهم ينافحون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن دين الإسلام، أمثال حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم. يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه كعب بن مالك عنه، عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قد أنزل في الشعر ما أنزل" فقال: "إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده، لكأن ما ترمونهم به نضح النبل".

 

أيها المسلمون عباد الله: الآفة الحادية عشر من آفات اللسان، وهذا أيضًا أيها الإخوة، من الآفات المنتشرة كثيرًا، وكثيرة جدًا في مجتمعاتنا، وتطلقها الألسنة، حال الغضب وعدم التحمل، خصوصًا من النساء في البيوت، ألا وهي الدعاء على النفس أو الأولاد أو الأموال.

 

بعض الناس هداهم الله، يصل به الحال في بعض الأحيان درجة من الغضب وعدم التحمل فيفقد توازنه، ويخرج عن طوره ويتكلم بلا شعور تجده يخرج ألفاظ الشتم واللعن مصحوبًا بالدعاء غالبًا إما أن يدعو على نفسه، أو يدعو على أحد أولاده أو يدعو على أهله كلهم وفي بعض الأحيان يدعو على حلاله وأمواله، لو تعكرت معه صفقة معينة، أو لم يوفق في بيع أو شراء،..

 

إنها آفة خطيرة أيها الإخوة، فما يدريك أخي المسلم، وأنت تطلق هذه الدعوات على نفسك أو أولادك، أن تلقى بابًا مفتوحًا، أو توافق ساعة إجابة، فيقبل الله عز وجل هذا الدعاء.

 

فكيف بك أخي المسلم، إذا هلك الولد، أو زال المال، أو احترق البيت.

 

وهذا إذا ما دل على شيء أيها الإخوة، فإنما يدل على عدم تقدير النعمة فالأولى أن يشكر العبد ربه على نعمة الولد ونعمة المال لا أن يدعو بزوالها عنه.

 

فاتقوا الله أيها المسلمون، لا يصل بكم الغضب إلى هذا الحد، الرجل لا بد أن يكون ضابطًا لإرادته، متزنًا في جميع أحواله، الغضب نعم يحصل لكل أحد لكن لا يصل بكم ذلك إلى أمور لا تحمد عقباه. يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح من حديث جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم".

 

ويقول عليه الصلاة والسلام: "لا تدعوا بالموت، ولا تتمنوه فمن كان داعيًا لا بد، فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي".

 

إليكم أيها الإخوة طرفًا من الأدعية التي تخرج من السنة الأباء والأمهات على أبناءهم، والتي هي منتشرة بكثرة عندنا لتدركوا خطورة هذه الآفة.

 

فمن هذه الأدعية مثلاً الله يلعنك أو الله يقطعك أو روح جاك البلا، أو الله يأخذك أو الله يغربلك أو روح عساك ما ترجع، وغيرها الكثير والكثير مما يعرفه بعضكم أفضل مني، ممن يمارسون هذه، فاتقوا الله أيها المسلمون كم من القصص الواقعية في هذا، فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في أولادكم واتقوا الله في أموالكم.

 

ولو قدر الله ووقعتم في شيء من هذا فبادروا أيها الإخوة بالندم، واستغفروا الله عز وجل وصمموا على عدم العودة لمثل هذه الألفاظ، وتنبهوا لألسنتكم، وادعوا الله عز وجل أن يحفظ لكم أولادكم وأموالكم، وتقر بها أعينكم يوم القيامة في مستقر رحمته عز وجل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أكتفي بهذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله:

 

أما بعد عباد الله: الآفة الثانية عشر من آفات اللسان، وهذا يتعلق أيها الإخوة، بالولاء والبراء يمس عقيدة المسلم، وفى هذا تكمن خطورة هذه الآفة وهو مخاطبة الكافر بسيد ونحوه، وهذه بلية أيها الإخوة، يقع فيها المسلمون من موظفي الشركات، وذلك لأنهم أكثر تعاملاً مع الكفار من غيرهم تجد المسلم إذا لقي الكافر سواء كان رئيسه في العمل أو يعمل معه في قسم واحد تسمع من الألفاظ التي يطلقها وتخرج من لسانه ألفاظ التحية والتقدير والاحترام حتى اعتاد اللسان على ذلك فكلمة السيد باللغة الإنجليزية أصبحت عادية ولا يدري هذا المسلم أن هذا لا يجوز.

 

أخى المسلم: إن الإيمان الذي تحمله بين جنبيك لا بد أن تعتز به، أنت مسلم يا أخي، ولك حرمة عند الله عز وجل فكيف تنقص من قدر نفسك، وكيف تزل وتهين نفسك أمام كافر لا يساوي عند الله جناح بعوضة.

 

قد يكون مهندسًا نعم، أو متخصصًا في أحد مجالات العمل التي أجهلها نعم لكن هذا لا يعني أن أنقص من كرامة نفسي وأذلها وأغضب الله عز وجل لأجل كافر أحقر من كلب ميت.

 

أيها الإخوة لا أريد أيضًا أن يفهم كلامي خطأ، إن المعاملة الحسنة مطلوبة، حتى مع الحيوان، لكن الذي أقصده، هو إطلاق لفظ السيد على الكافر، والذي يكون أخطر من هذا يا عباد الله، هو الميل القلبي، وهذا الذي يتعلق بعقيدة المسلم، عقيدة الولاء والبراء، وهذا والله حاصل وواقع من المسلمين هداهم الله.

 

أليست الزيارات موجودة، بين المسلم وبعض الكفار الذين يعملون معه، أليست تبادل الهدايا موجودة، فما دلالة هذا أيها الإخوة هذا والله إن دل على شيء، فإنما يدل على الانهزامية النفسية عند هذا المسلم وارتياحه وميله القلبي لهم يقول الله عز وجل (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 113] فكيف بالذين كفروا.

 

يقول عليه الصلاة من حديث بريدة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ولا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم"، وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا قال الرجل للمنافق يا سيدي، فقد أغضب ربه".

 

ويدخل في هذا أيضًا: أصحاب العقائد الفاسدة المنحرفة، من ابتلينا بالتعامل معهم، إما من خلال ساعات العمل أو حال البيع والشراء، فهؤلاء أيضًا لا يجوز إطلاق لفظ السيد عليهم، أيضًا أيها الإخوة لا يبدأون بالسلام، سواء الكفار أو الباطنيون ولو كنت في موضع لا بد من إلقاء السلام، فلا تقل السلام عليكم فإن هذا تحية المسلمين والسلام يعني الأمان، وهو اسم من أسماء الله عز وجل لا يحيا به هؤلاء، ولكن لو اضطررت، فقل مثلاً مرحبًا، أو صباح الخير أو نحوها.

 

أيها المسلمون: الرسول عليه الصلاة والسلام يقول في حق الرجل يقول للمنافق يا سيدي، قال: فقد أغضب ربه، فتأمل حالك أخي المسلم، فمن ابتليت بالتعامل مع هؤلاء الخنازير كم مرة أغضبت ربك .

 

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى ولا تتهاونوا في مثل هذه الألفاظ، لا تبدأوهم بالسلام، لا تبشوا في وجوههم، لا بد أن يكون التعامل، تعامل عمل فقط لا تتطور القضية إلى أكثر من هذا، من زيارات وجلسات ومؤاكلات ومشاربات.

 

هل تصدقون أيها الإخوة، أنه من المسلمين من تجرأ على حرمات الله عز وجل أكثر من هذا، حتى أهله ومحارمه، نسأل الله السلامة والعافية يجلسهم مع الكفرة، وتحصل بينهم المحادثات وتبادل الهدايا إليه عقيدة الولاء والبراء.

 

أين التميز الذي لا بد أن يحياه كل مسلم، أين الصدق والإخلاص مع الله عز وجل.

                    

أيها الإخوة نحن مطالبون أن نضايقهم حتى في الطرقات لا نوسع لهم الطريق كما كان حال الصحابة، وحال السلف الصالح رحمهم الله تعالى، إما أن يصل الحال إلى هذه الانهزامية إلى هذا الحد من الدناءة من بعض المسلمين، فهذا والله هو الذي يهدد كيان الأمة، وهذا والله هو الذل والخذلان بعينه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أسأل الله عز وجل، أن يبصرنا في أمور ديننا، وأن تجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي..

 

 

آفات اللسان - 1

آفات اللسان - 2

آفات اللسان - 3

آفات اللسان - 4

آفات اللسان - 6

آفات اللسان - 7

 

 

 

 

المرفقات
آفات اللسان - 5.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life