عناصر الخطبة
1/ نعمة اللسان والبيان 2/ خطورة اللسان على الفرد والمجتمع 3/ فضائل حفظ اللسان 4/ أخطر آفات اللساناقتباس
للسان خطورة كبيرة، وذلك للدور الذى يمكن أن يلعبه، فكم بهذه الألسنة عُبِدَ غير الله تعالى وأُشرك به، وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكمه سبحانه وتعالى، وكم بهذه الألسنة أُحدثت البدع، وأُدميت أفئدة، وقرحت أكباد، كم بهذه الألسنة أرحام تقطعت، وأوصال تحطمت، وقلوب تفرقت، كم بهذه الألسنة نزفت دماء، وقتل أبرياء، وعُذّب....
الحمد لله:
أما بعد: فإن الله عز وجل قد أكرم هذا الإنسان على بعض مخلوقاته، بأن جعله يعبّر عما في نفسه عن طريق هذا اللسان، فإن هذا اللسان، هذا العضو الصغير من أجلّ نعم الله عليك أيها المسلم.
تخيل نفسك يا أخي المسلم، لو فقدت هذا اللسان، فكيف يكون حالك، كيف تخاطب الآخرين بما تريد. كيف تعبّر عما يدور في خاطرك، وتنقله لغيرك، حقيقة إنها نعمة عظيمة، وعظيمة جدًّا، وهذا اللسان أيها الإخوة سلاح ذو حدين، فإن استُخدم في طاعة الله، كان خيرًا ونعمة على الإنسان، وإن استُخدم في طاعة الشيطان، كان نقمة على الإنسان، وكفرانًا لهذه النعمة العظيمة ويا للأسف، فإن كثيرًا من المسلمين أساءوا استخدام هذا اللسان، ووضع في غير موضعه الذى خُلق له. فوقعوا في آفات كثيرة، وكبائر منكرة، كل هذا بسبب سوء استخدام هذا اللسان.
ولو نظر إلى الموضوع بشكل أوسع، وتأمل المسلم في حالة الأمة، فإنه يرثي لأمرها ويبكي حالها، أجل إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، كيف لا، والتمزق ينخر فيها والفُرقة تدبّ في صفوفها، والوهن أشرق في قلوبها، ثم تبحث في وسط هذا كله، كلمة تخرج من لسان صادق، يوحّد بين الإخوة والأحبة، فلا تجد، وكلنا وللأسف، نرى في هذا الظرف المؤلم من يتسلل لواذًا بقيل وقال، ومنهم من وظّف لسانه في التفريق بين صفوف الأمة.
هل أدركتم أيها الإخوة، خطورة هذا اللسان، والدور الذى يمكن أن يلعبه، فكم بهذه الألسنة، عُبد غير الله تعالى وأشرك، وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكمه سبحانه وتعالى. كم بهذه الألسنة أُحدثت البدع، وأُدميت أفئدة، وقرحت أكباد، كم بهذه الألسنة، أرحام تقطعت، وأوصال تحطمت، وقلوب تفرقت، كم بهذه الألسنة، نزفت دماء، وقتل أبرياء، وعذّب مظلومون، هذا على مستوى الجماعات والأمم.
أما على مستوى الأفراد، فكم وقع أناس في مصائب وكبائر؛ بسبب ألسنتهم. فكم بهذه الألسنة، طُلقت نساء مربيات، وقُذفت محصنات. كم بهذه الألسنة، وقع أناس في الكذب والغيبة والنميمة، كم بهذه الألسنة، وقع أساس في السخرية والاستهزاء، والتنافر بالألقاب، كم بهذه الألسنة، وقع بعض المسلمين في سبّ بعضهم لبعض، ووقع آخرون بالتفاخر بالأنساب ووقع غيرهم في الفحش وبذاءة اللسان كم بهذه الألسنة، تشدق أناس في كلامهم، ووقع آخرون في تزكية أنفسهم، ووقع غيرهم في الحلف حال البيع والشراء وغيرها.
أيها المسلمون: كل هذا وغيره يصدر من عباد الله بسبب اللسان، وصدق الشاعر إذ يقول:
لئن ندمت على سكوتى مرة *** فلقد ندمت على الكلام مرارا
وقال آخر :
يموت الفتى من عثرة بلسانه *** وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
أيها المسلمون عباد الله: إن الله عز وجل، أمر في آيات كثيرة، بحفظ اللسان، فقال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) [المؤمنون: 1- 3]، وقال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]، وقال جل وعلا: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24]، وقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"، وعندما سُئل عليه الصلاة والسلام عن أي المسلمين أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". وجاء في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة".
والمقصود بهذا الحديث أيها الإخوة أن الذى يستطيع أن يضمن ما بين لحييه، وهو اللسان. واللحيان العظمان اللذان ينبت عليهما الأسنان، فالذي يضمن لسانه، ويضمن ما بين رجليه وهو الفرج، من الوقوع في أي نوع من أنواع الحرام، ضمن له صلى الله عليه وسلم الجنة. ويقول عليه الصلاة والسلام، في الحديث المتفق عليه: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب" وفى رواية: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى لها بأسًا، يهوي بها سبعين خريفًا في النار"، نسأل الله السلامة والعافية.
يخبر عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح بأن الرجل، يتكلم بكلمة، لا يرى بها بأسًا ولا يرى فيها شيئًا، ويظن أنها كلمة عادية، لكنها تهوي به في نار جهنم سبعين سنة، وهذا حديث صحيح يا عباد الله، فأي خطورة بعد هذا، من هذا اللسان، وهل بعد هذا الحديث شيء، يجب أن يحافظ عليه المسلم، بأشد منه محافظة على لسانه، إن المحافظة على اللسان، يجب أن يكون أكثر بكثير من المحافظة على المال، ولكن أين الذي يدرك هذه الحقيقة.
والمتأمل في حال الناس اليوم، يرى العجب العجاب، كل قد أطلق للسانه العنان، يتكلم بما يريد، ومتى يريد، وعلى أي هيئة يريد، لا أحد يحسب حساب كلماته التى يطلقها، قليل من الناس من يزن كلامه، وينظر في عواقب ما يقول، أين نحن يا عباد الله، من الآيات والأحاديث التى سمعتم قبل قليل، الله المستعان.
ولهذا لا نستغرب إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوف ما يخاف على الإنسان من لسانه، فعن سفيان بن عبد الله رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به، قال: "قل ربي الله، ثم استقم"، قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ "فأخذ بلسان نفسه ثم قال: هذا"، والعجيب في أمر الناس اليوم، أنهم يطمئنون لألسنتهم، وكل منا مطمئن وواثق بلسانه والرسول صلى الله عليه وسلم أخوف ما يخاف على أمته من ألسنتهم. والحقيقة أن ألسنة غالب الناس مصانع سوء، نسأل الله العافية، لا تكل ولا تمل.
أيها المسلمون: لو سأل سائل منكم، وقال: كيف كان لسان صلى الله عليه وسلم؛ فإن أنسًا رضي الله عنه يجيب على هذا السؤال في الحديث المتفق عليه، حيث يقول: ما مسست ديباجًا ولا حريرًا ألين من كفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أُف قط، ولا قال لشيء فعلته لم فعلته، ولا شيء لم أفعله ألا فعلت كذا.
فما أحسنه من لسان صلوات ربي وسلامه عليه، انظر أخي المسلم إلى ألسنتنا الآن، كم مرة في اليوم الواحد، بل في الساعة الواحدة نقول كلمة: "أف"، وهذا أنس رضي الله عنه، يقول: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط "أف" عشر سنين لم تخرج هذه الكلمة ولم تظهر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نستطيع أن نعيش بدونها.
ولتعلم بعد ذلك أخي المسلم أنه قد جاء في الحديث الصحيح، أن صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت، قليل الضحك، فحبذا لو تعلمنا هذا الأدب، كان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، أسألكم بالله، هل هناك كلام من كلام البشر، أطيب من كلام صلى الله عليه وسلم، هل هناك من يشتهي أن يسمع كلامه مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يقول عليه الصلاة والسلام إلا الخير، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام طويل الصمت.
أيها الإخوة غالب كلامنا لا ينفع إذا لم يحصل من ورائه إثم بعد ذلك تجد بعضنا لا يسكت أبدًا، وكأنه قد بلع مذياعًا، فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها الإخوة، تعوذوا بالله من شر ألسنتكم، ليكن قدوتكم في ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، جاء في الحديث الصحيح أنه كان يدعو عليه الصلاة والسلام فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر فييّ".
تأملوا يا عباد الله، أي لسان هذا الذى كان يتعوذ من شره عليه الصلاة والسلام، إنه اللسان الذى جعله الله منهاة من كل سوء، آمرًا بكل معروف.
إنه اللسان الذى جعله الله دليل الجنة، إنه اللسان الذى نعجز أن نعطيه حقه من الوصف؛ لأنه لسانه صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فإن صاحبه عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ بالله سبحانه، يستجير به ويعتصم به تعالى، كي لا يقع منه ما يغضب الله سبحانه.
فما بالنا نحن، لا نتعوذ من شرور ألسنتنا، ما بالنا لا نهتم بهذه القضية، ولا ندعو الله تعالى، أن يقينا شرور ألسنتنا.
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، خالق كل شيء ومليكه.
نسألك اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تقينا شرور ألسنتنا، اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا ومن شر أبصارنا ونعوذ بك اللهم من شر ألسنتنا ومن شر قلوبنا.
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أو أقل من ذلك، إنك ولي ذلك والقادر عليه، أكتفي بهذا القول، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه، وعلى آله وعلى أصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن ما ذكرته لكم في الخطبة الأولى، ما هو إلا مقدمة، لما أود، بعد توفيق الله عز وجل، أن أواصل معكم، سلسلة من الخطب، في عثرات اللسان وآفاته وزلاته فقد تبين لنا مما سبق، أهمية هذا اللسان، وخطورته في نفس الوقت، وسمعتم الآيات والأحاديث في ذلك، وسمعتم الوعيد لمن يطلق للسانه العنان.
أيها المسلمون: إن آفات اللسان كثيرة وزلاته وسقطاته لا تُعد ولا تُحصى، ولكن قبل أن نبدأ معكم في هذه الأفات أسوق لكم هذا الحديث العظيم، الذي يبين فيه صلى الله عليه وسلم أن الناس لا يكبون في النار على وجوهم إلا بسبب ألسنتهم.
عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم على راحلته وأصحابه معه بين يديه، فقال معاذ بن جبل: يا نبي الله، أتأذن لي في أن أتقدم إليك على طيبة نفس؟ قال نعم، فاقترب معاذ إليه فسارا جميعًا، فقال معاذ بأبي أنت يا رسول الله أسأل الله أن يجعل يومنا قبل يومك، أرأيت إن كان شيء ولا نرى شيئًا إن شاء الله تعالى فأي الأعمال نعملها بعدك؟ فصمت صلى الله عليه وسلم فقال: الجهاد في سبيل الله، ثم قال صلى الله عليه وسلم نعم الشيء الجهاد، والذي بالناس أملك من ذلك فالصيام والصدقة، قال نعم الشيء الصيام والصدقة، فذكر معاذ كل خير يعمله ابن آدم، فقال صلى الله عليه وسلم وعاد بالناس خير من ذلك، قال: فماذا بأبي أنت وأمي عاد بالناس خير من ذلك؟ قال فأشار صلى الله عليه وسلم إلى فيه قال: الصمت إلا من خير. قال: وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا، قال فضرب صلى الله عليه وسلم فخذ معاذ، ثم قال يا معاذ، ثكلتك أمك! وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو يسكت عن شر، قولوا خيرًا تغنموا، واسكتوا عن شر تسلموا.
تبين لنا من هذا الحديث العظيم أيها الإخوة أن ما تنطق به الألسن، هو الذي يكبّ الناس على وجوههم في نار جهنم، والعياذ بالله.
فتعالوا بنا يا عباد الله، نتعرف على هذه الآفات؛ لأن خير دواء للإنسان، هو معرفة الداء وكما يقال بأن الوقاية خير من العلاج.
الآفة الأولى: من آفات اللسان أيها الإخوة، وهي أشدها وأعظمها، الشرك بالله عز وجل، نعم الشرك بالله من أخطر آفات اللسان، وقد يستغرب بعضكم كيف يكون ذلك؟ فنقول: بأن هذا اللسان، قد ينطق في بعض الأحيان بكلمات أو يقول شيئًا ما يخرجه بذلك من الإسلام بالكلية، ويدخله في الكفر بالكلية. نعم يا عباد الله الذى لا يحسب حساب ألفاظه، قد يشرك بالله عز وجل عن طريق لسانه وهو لا يشعر.
والشرك بالله عن طريق اللسان له صور متعددة: منها: الكذب على الله تعالى والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) [الأعراف: 35]، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 33]، وجاء في الحديث الصحيح: من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار.
إن المسلمين يا عباد الله، متفقون على تحريم السرقة ومتفقون على تحريم الرشوة، واتفقوا على أن الكذب خُلق ذميم، ولكن للأسف لم يستعظموا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من رحم الله، وذلك بسبب قلة العلم.
إن الكذب على الله يأتي في صور مختلفة، منها إطلاق صفات لله تعالى بلا دليل، أو الكذب على مراد قوله سبحانه، بتفسير لا يليق، والكذب على الله تعالى ورسوله، فيه تحليل حرام، وتحريم حلال، وهذا كفر.
فإذا علمنا أن الدين قال الله وقال رسول الله علمنا أن الكذب على الله تعالى وعلى رسوله الكريم هو الإتيان بدين آخر غير الإسلام.
وهذه جريمة من أعظم الجرائم، نسأل الله العافية، ومن صور الشرك بالله تعالى عن طريق اللسان أيضًا الحكم والتحاكم بغير ما أنزل الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة 44]، وقال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء: 60].
وقال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور: 51]، فالحكم والتحاكم لغير ما أنزل الله تعالى من أشد أنواع الكفر، الذى يجنيه اللسان.
فقد يسأل سائل ويقول كيف يكون ذلك فنقول بأن القوانين الوضعية التي تحكم بلاد الدنيا، ما هي إلا كلمات خرجت من ألسنة شرعت من الدين ما لم يأذن به الله، جعلت البشرية تتخبط في ظلمات بعضها فوق بعض، وبهذا يكون الحكم بغير ما أنزل الله، من آفات اللسان العظيمة.
عباد الله: نكتفي بهذا القدر من آفات اللسان خشية الإطالة، وسوف نواصل معكم بحول الله وقوته سلسلة هذه الآفات في أسابيع قادمة، إن شاء الله تعالى.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم ولِّ علينا خيارنا، ولا تولِّ علينا شرارنا يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا وتلم بها شعثنا، وترد بها الفتن عنا، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم