عناصر الخطبة
1/ حاجة الإنسان إلى الإيمان والعمل الصالح 2/ شروط قبول العمل 3/ سمات العمل الصالح المقبول 4/ خطورة تصحيح أديان الكفار 5/ ركنا صلاح العمل 6/ احتفاء الشريعة بالعمل الصالح 7/ استثمار النيات في الصالحات 8/ سبل الصالحات كثيرة 9/ حسن الاستعداد لرمضان 10/ فن سياسة النفوس حال إقبالها وإدبارها 11/ حراسة الأجور لئلا تضيع.اقتباس
فَمَعْرِفَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ سَبَبٌ لِلِازْدِيَادِ مِنْهُ، وَمَعْرِفَةُ مَا يُبْطِلُهُ وَمَا يُنْقِصُهُ سَبَبٌ لِلْحِفَاظِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَجْتَهِدُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَلَكِنَّ حَسَنَاتِهَا تَذْهَبُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّنِ اغْتَابَهُمْ أَوْ شَتَمَهُمْ أَوْ ضَرَبَهُمْ، أَوْ قَصَّرَ فِي حُقُوقِهِمْ، أَوْ أَكَلَ أَمْوَالَهُمْ، أَوْ سَفَكَ دِمَاءَهُمْ. فَالْعَاقِلُ الْفَطِنُ مَنْ يَزْدَادُ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَيُحَافِظُ عَلَيْهَا مِنَ النَّقْضِ وَالنَّقْصِ؛ لِتَبْقَى لَهُ فِي الْآخِرَةِ.
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للَّـهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَدَبَّرَهُمْ وَرَزَقَهُمْ، وَاخْتَصَّ المُؤْمِنِينَ بِفَضْلِهِ فَوَفَّقَهُمْ وَهَدَاهُمْ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَوْ نَصَبَ الْعِبَادُ أَرْكَانَهُمْ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَلَمْ تَفْتُرْ أَلْسِنَتُهُمْ عَنْ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ، وَقَضَوْا أَعْمَارَهُمْ كُلَّهَا فِي ذِكْرِهِ لَما وَازَى حَمْدُهُمْ وَعُبُودِيَّتُهُمْ وَذِكْرُهُمْ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِهِ، فَضْلًا عَنْ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالشَّرِيعَةِ وَالْأَحْكَامِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ النَّاسِ تَقْوًى للهِ تَعَالَى، وَخْشَيَةً مِنْهُ، وَعُبُودِيَّةً لَهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْمَدُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ فَإِنَّهُ نَجَاتُكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ تُفَارِقُونَ دُنْيَاكُمْ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ مُسْتَقَرُّكُمْ وَمَقَامُكُمْ، فَاعْمَلُوا لِدَارِ إِقَامَتِكُمْ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِدَارِ سَفَرِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ فِي سَفَرٍ مُنْذُ وُلِدْتُمْ، وَلَا يَدْرِي الْوَاحِدُ مِنَّا مَتَى يَبْلُغُ وِجْهَتَهُ، وَيَحُطُّ رَحْلَهُ ( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ* مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر: 39-40].
أَيُّهَا النَّاسُ: حَاجَةُ الْإِنْسَانِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَشَدُّ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْهَوَاءِ وَالمَاءِ وَالطَّعَامِ، فَهَذَا قِوَامُ جَسَدِهِ فِي الدُّنْيَا، وَذَاكَ سَعَادَةُ قَلْبِهِ فِي الدُّنْيَا، وَنَجَاةُ جَسَدِهِ وَرُوحِهِ فِي الْآخِرَةِ.
وَالْإِيمَانُ بِلَا عَمَلٍ صَالِحٍ مَا هُوَ ادِّعَاءٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَمِفْتَاحٌ بِلَا أَسْنَانٍ، فَلَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ تَعَالَى.
وَالْعَمَلُ المَقْبُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِفَ بِالصَّلَاحِ، وَإِلَّا فَإِنَّ كُلَّ أَهْلِ المِلَلِ وَالنِّحَلِ يَعْمَلُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْقَطِعُ لِلْعِبَادَةِ حَيَاتَهُ كُلَّهَا، وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّـهِ تَعَالَى شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ صَالِحٍ، وَفِيهِمْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأعراف:30]، ( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ) [المجادلة: 18]، ( ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف: 104]، فَهُمْ يَعْمَلُونَ وَيَجْتَهِدُونَ، وَلَكِنَّ عَمَلَهُمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ بِالصَّلَاحِ.
وَمِنْ هُنَا نُدْرِكُ أَهَمِّيَّةَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ صَالِحًا، وَأَهَمِّيَّةَ الْعِلْمِ المُوْصِلِ إِلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِ الْعَمَلِ صَالِحًا. وَلَا سِيَّمَا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ يُوَفَّقُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنَ الْبَشَرِ وَمِنْ كُلِّ الْأُمَمِ هُمُ الْأَقَلُّ، وَأَنَّ مَنْ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا تَفْتَقِدُ شَرْطَ الصَّلَاحِ هُمُ الْأَكْثَرُ فِي كُلِّ الْأُمَمِ.
وَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى خُسْرِ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا يَعُمُّ كُلَّ إِنْسَانٍ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنَ الْخُسْرَانِ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر: 3]، فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَعَ الْإِيمَانِ هُوَ المُنْجِي مِنَ الْخُسْرَانِ، وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ كُتِبَ عَلَيْهِ الْخُسْرَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ، أَوْ عَمِلَ لَكِنَّ عَمَلَهُ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا!
وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ صَالِحًا إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِشَرْعِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ سُبْحَانَهُ، فَخَرَجَ عَنْ دَائِرَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كُلُّ عَمَلٍ مُخْتَرَعٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ الشَّرْعُ، وَكُلُّ عَمَلٍ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ وَجْهِ اللَّـهِ تَعَالَى؛ فَقَدْ يُخْلِصُ المُتَعَبِّدُ فِي عِبَادَةٍ مُخْتَرَعَةٍ وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، وَقَدْ يَعْمَلُ عَمَلًا مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُخْلِصٍ فِيهِ للَّـهِ تَعَالَى فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَذَلِكَ (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البيِّنة: 5]، وَبِفَقْدِ الْإِخْلَاصِ أَوِ المُوَافَقَةِ يَكُونُ الْعَمَلُ فَاسِدًا.
وَمِنْ هُنَا تَظْهَرُ خُطُورَةُ مَنْ يُصَحِّحُونَ أَدْيَانَ الْكُفَّارِ، أَوْ يَحْتَرِمُونَ عِبَادَاتِهِمْ، أَوْ يُسَاوُونَهَا بِالْعِبَادَاتِ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِ صِحَّتِهَا، أَوِ احْتِمَالِ صِحَّتِهَا، تَحْتَ شِعَارَاتِ حِوَارَاتِ الْأَدْيَانِ وَقَبُولِ الْآخَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الضَّلَالِ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان: 23].
إِنَّ بَيَانَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ لِصَلَاحِ الْعَمَلِ وَهُمَا: الْإِخْلَاصُ وَالمُوَافَقَةُ مِمَّا يَجِبُ التَّذْكِيرُ بِهِ، وَالتَّأْكِيدُ عَلَيْهِ، وَتَكْرَارُهُ كُلَّ حِينٍ؛ لِأَنَّ نَجَاةَ الْعَبْدِ مُرْتَهَنَةٌ بِعَمَلِهِ الصَّالِحِ، وَلَا صَلَاحَ لِلْعَمَلِ إِلَّا بِهَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ.
وَالْحَدِيثُ عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ وَضَرُورَتِهِ لِلْإِنْسَانِ حَدِيثٌ طَوِيلٌ جِدًّا؛ إِذْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْقُرْآنِ مُجْمَلًا فِي نَحْوٍ مِنْ مِئَتَيْ آيَةٍ، وَفِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ يَعِزُّ حَصْرُهَا. هَذَا عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ..
وَأَمَّا الْحَدِيثُ عَنْ أَجْزَاءِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَبْضَاعِهِ وَأَنْوَاعِهِ، وَفَضْلِهِ وَجَزَائِهِ؛ فَمِمَّا تَفْنَى فِيهِ الْأَعْمَارُ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ، وَحُبِّرَتْ لِأَجْلِهِ كُتُبُ الْعَقِيدَةِ وَالْفِقْهِ، وَالرَّقَائِقِ وَالزُّهْدِ؛ بَيَانًا لَهُ أَوْ لِشَرْطِهِ، أَوْ حَثًّا عَلَيْهِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ، أَوْ ذِكْرًا لِضِدِّهِ وَتَنْفِيرًا مِنْهُ.
فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ صَلَاحُهُ فِي نَجَاةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا سَبِيلَ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلَّا بِالْوَحْيِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةَ الْعِلْمِ بِالْوَحْيِ.
وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الرُّسُلَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَمْرُ الرُّسُلِ بِهِ أَمْرٌ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّهُمْ سَادَةُ الْبَشَرِ وَقُدْوَتُهُمْ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّـهِ تَعَالَى فِي الْعِلْمِ بِالْوَحْيِ، وَمَعْرِفَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ وَيَرْضَاهُ لَهُمْ (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51].
وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ دَاوُدَ وَآلِهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ شُكْرًا للَّـهِ تَعَالَى عَلَى مَا حَبَاهُمْ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا أَعْطَاهُمْ مِنَ المُلْكِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سبأ: 11].
وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْبِرَ أُمَّتَهُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ عُلُوَّ المَنْزِلَةِ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ، وَعَظِيمَ الْجَزَاءِ، وَرِفْعَةَ الدَّرَجَاتِ فَلْيَلْزَمِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110]؛ أَيْ: فَمَنْ كَانَ رَاجِيًا مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ وَالسَّلَامَةَ مِنَ الشَّرِّ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا.
فَمَعْرِفَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ سَبَبٌ لِلِازْدِيَادِ مِنْهُ، وَمَعْرِفَةُ مَا يُبْطِلُهُ وَمَا يُنْقِصُهُ سَبَبٌ لِلْحِفَاظِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَجْتَهِدُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَلَكِنَّ حَسَنَاتِهَا تَذْهَبُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّنِ اغْتَابَهُمْ أَوْ شَتَمَهُمْ أَوْ ضَرَبَهُمْ، أَوْ قَصَّرَ فِي حُقُوقِهِمْ، أَوْ أَكَلَ أَمْوَالَهُمْ، أَوْ سَفَكَ دِمَاءَهُمْ. فَالْعَاقِلُ الْفَطِنُ مَنْ يَزْدَادُ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَيُحَافِظُ عَلَيْهَا مِنَ النَّقْضِ وَالنَّقْصِ؛ لِتَبْقَى لَهُ فِي الْآخِرَةِ.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَنْتَظِمُ كُلَّ عَمَلٍ جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ، سَوَاءً كَانَ أَدَاؤُهُ بِالْقَلْبِ كَالمَحَبَّةِ وَالرَّجَاءِ، وَالْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ، أَوْ بِاللِّسَانِ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ وَالْأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ بِالْجَوَارِحِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ.
وَقَصْدُ تَرْكِ المَعْصِيَةِ عَمَلٌ صَالِحٌ يُثَابُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ سَوَاءً خَطَرَتِ المَعْصِيَةُ فِي بَالِهِ فَاسْتَبْشَعَهَا تَعْظِيمًا للَّـهِ تَعَالَى، أَوْ هَمَّ بِفِعْلِهَا ثُمَّ تَرَكَهَا خَوْفًا مِنَ اللَّـهِ تَعَالَى، وَمَا قَامَ فِي قَلْبِهِ مِنْ بُغْضِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالمَعَاصِي، وَبُغْضِ الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ وَالْعُصَاةِ حَالَ عِصْيَانِهِمْ فَهُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ كَثِيرٌ، وَأَبْوَابُهُ وَاسِعَةٌ، وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّـهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ وَلُطْفِهِ بِهِمْ، وَكَرَمِهِ مَعَهُمْ؛ إِذْ يَخْتَارُ كُلُّ عَبْدٍ مَا يُنَاسِبُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَيَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يُفْتَحُ لَهُ فِيهِ، بَلْ وَيَقْلِبُ أَعْمَالَهُ كُلَّهَا إِلَى أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ بِاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ؛ كَاسْتِحْضَارِ نِيَّةِ الْعِفَّةِ عَنِ السُّؤَالِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ فِي الْعَمَلِ وَالْوَظِيفَةِ، وَاسْتِحْضَارِ نِيَّةِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ فِيمَا يَجْلِبُهُ لَهُمْ، وَاسْتِحْضَارِ نِيَّةِ المُحَافَظَةِ عَلَى الْجَسَدِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الطَّاعَةِ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَنَوْمِهِ وَرِيَاضَتِهِ، وَاسْتِحْضَارِ بِرِّ وَالِدَيْهِ فِي الْجُلُوسِ مَعَهُمْ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ، وَاسْتِحْضَارِ صِلَةِ الرَّحِمِ فِي زِيَارَةِ الْقَرَابَةِ وَالْأُنْسِ بِهِمْ، وَاسْتِحْضَارِ الزِّيَارَةِ فِي اللَّـهِ تَعَالَى فِي الْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِهِ...
وَهَكَذَا فِي كُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ؛ لِتَكُونَ حَيَاتُهُ كُلُّهَا أَعْمَالًا صَالِحَةً يَنْتَقِلُ فِيهَا مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ آخَرَ، حَتَّى يَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدِ اسْتَوْدَعَ صَحَائِفَهُ أَعْمَالًا صَالِحَةً كَثِيرَةً جِدًّا.
فَالْعَمَلَ الصَّالِحَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ -عِبَادَ اللهِ- فَإِنَّهُ طُمَأْنِينَتُكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَفَوْزُكُمُ الْأَكْبَرُ فِي الْآخِرَةِ (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا رَاحَتُكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَذُخْرُكُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَطَرِيقُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 82].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: لَا يَسْتَوِي المُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، وَلَا المُؤْمِنُ وَالمُنَافِقُ، وَلَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَلَا مَنْ يَعْمَلُ وَمَنْ لَا يَعْمَلُ، وَلَا يَسْتَوِي عَمَلُ الصَّالِحَاتِ وَاجْتِرَاحُ السَّيِّئَاتِ..
نَعَمْ لَا يَسْتَوُونَ وَلَوْ تَعَايَشُوا فِي الدُّنْيَا، وَتَبَادَلُوا المَنَافِعَ، وَخَدَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.. وَكَمْ مِنْ أَخَوَيْنِ أَوْ قَرِيبَيْنِ أَوْ زَمِيلَيْنِ أَوْ صَدِيقَيْنِ جَمَعَهُمَا رَحِمٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ جِوَارٌ أَوْ زَمَالَةُ عَمَلٍ، أَحَدُهُمَا فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَالثَّانِي فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ، لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إِلَّا الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص: 28]، (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا المُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ) [غافر: 58].
وَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ مَكْتُوبٌ مَهْمَا اسْتَصْغَرَهُ عَامِلُهُ حَتَّى الصَّدَقَةُ بِتَمْرَةٍ وَشِقِّ التَّمْرَةِ، وَحَتَّى الصَّبْرُ عَلَى وَخْزِ الشَّوْكَةِ، وَحَتَّى التَّبَسُّمُ وَهُوَ لَا يُكَلِّفُ المُتَبَسِّمَ شَيْئًا يَكُونُ صَدَقَةً.
وَكُلُّ تَعَبٍ يُصِيبُ الْعَبْدَ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ فَلَهُ أَجْرُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَلَهُ أَجْرُ تَعَبِهِ فِيهِ مَهْمَا كَانَ تَعَبًا يَسِيرًا، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّـهِ تَعَالَى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [التوبة: 120- 121]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ فِي حَجَّتِهَا: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ».
وَلمَّا أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لَهُمْ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ».
وَالمَشَقَّةُ لَا تُطْلَبُ لِذَاتِهَا لَا فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَلَا يُتَعَبَّدُ للَّـهِ تَعَالَى بِالنَّصَبِ وَالتَّعَبِ؛ كَمَا هِيَ مَذَاهِبُ أَهْلِ الرَّهْبَنَةِ وَالتَّصَوُّفِ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَلَكِنْ لمَّا كَانَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَحْتَاجُ إِلَى جُهْدٍ وَبَذْلٍ، وَبَعْضُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالمَشَقَّةِ، وَلَا تُؤَدَّى إِلَّا بِتَعَبٍ كَبِيرٍ كَالْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَطُولِ الْقُنُوتِ، كَانَ مَا يَلْحَقُ الْقَائِمَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ مَشَقَّةٍ وَرَهَقٍ مَأْجُورًا عَلَيْهِ.
وَنَحْنُ الْآنَ -يَا عِبَادَ اللَّـهِ- عَلَى أَبْوَابِ رَمَضَانَ، وَمَنْ مَتَّعَهُ اللهُ تَعَالَى بِعمُرُهِ جُمْعَةً وَزِيَادَةً أَدْرَكَهُ، وَهُوَ شَهْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّـهِ تَعَالَى، وَمَوْسِمٌ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تُقْبِلُ عَلَى اللَّـهِ تَعَالَى فِيهِ، وَلِلْقُلُوبِ إِدْبَارٌ وَإِقْبَالٌ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ فِي حَالِ إِدْبَارِهَا أَنْ يَقْصُرَهَا عَلَى الْفَرَائِضِ وَمَا يُكْمِلُ نَقْصَهَا مِنَ النَّوَافِلِ.
فَإِذَا أَقْبَلَتْ عَلَى اللَّـهِ تَعَالَى اسْتَثْمَرَ إِقْبَالَهَا، فَضَاعَفَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَنَوَّعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ رَمَضَانَ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، لَرُبَّمَا لَا يَجْمَعُهَا فِي السَّنَةِ كُلِّهَا.
فَلْنُعْطِ الشَّهْرَ الْكَرِيمَ حَقَّهُ؛ تَعْظِيمًا للَّـهِ تَعَالَى، وَاسْتِجَابَةً لِأَمْرِهِ، وَتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمُرُونَ رَمَضَانَ بِأَنْوَاعِ الذِّكْرِ وَالْعِبَادَاتِ، حَتَّى كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُوقِفُونَ دُرُوسَ الْعِلْمِ لِيَتَفَرَّغُوا لِلْعِبَادَاتِ المَحْضَةِ، وَيُصْلِحُوا بِهَا قُلُوبَهُمْ، لِيَسِيرُوا بِهَا إِلَى اللَّـهِ تَعَالَى عَامَهُمْ كُلَّهُ.
وَحَذَارِ -عِبَادَ اللَّـهِ- مِمَّا يُنْقِصُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ أَوْ يَنْقُضُهُ؛ مِنْ مَجَالِسِ الزُّورِ وَاللَّهْوِ وَالْبَاطِلِ، وَمُتَابَعَةِ ذَلِكَ فِي الشَّاشَاتِ؛ فَإِنَّهُ حَرِيٌّ أَنْ يَأْكُلَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَيُذْهِبَ أَجْرَهَا أَوْ يُنْقِصَهُ، مَعَ مَا يُسَبِّبُهُ مِنَ التَّثَاقُلِ عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْبَشَرِيَّةَ إِذَا زُوحِمَتْ بِاللَّهْوِ وَالْبَاطِلِ لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَكَانٌ لِلْجِدِّ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَمَنْ ضَيَّعَ عَلَى نَفْسِهِ رَمَضَانَ فَقَدْ أَضَاعَ خَيْرًا كَثِيرًا بَاقِيًا، وَاسْتَبْدَلَ بِهِ لَهْوًا وَلَعِبًا فَانِيًا، وَذَلِكَ خُسْرَانٌ مُبِينٌ.
وَقَدِ ابْتُلِيَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ هَذَا الْعَامَ بِمُتَابَعَةِ كَأْسِ الْعَالَمِ، وَجُزْءٌ مِنْهُ يَأْكُلُ نِصْفَ رَمَضَانَ، وَهُوَ فِتْنَةٌ افْتُتِنَتْ بِهَا أَكْثَرُ بُيُوتِ المُسْلِمِينَ، فَمَنِ ابْتُلِيَ بِذَلِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ اللَّـهِ تَعَالَى بِزَوَالِ هَذِهِ الْفِتْنَةِ مِنْ قَلْبِهِ، وَلْيَتَخَفَّفْ مِنْهُ قَدْرَ المُسْتَطَاعِ، وَلْيَعْمَلْ أَعْمَالًا صَالِحَةً تَمْحُو أَثَرَهُ، وَلَا يَسْتَسْلِمُ لِفِتْنَتِهِ تِلْكَ، وَيَسْتَبِيحُ بِهَا غَيْرَهَا مِنَ المُحَرَّمَاتِ مِمَّا يُعْرَضُ عَلَى النَّاسِ فِي الشَّاشَاتِ، فَيَتْرُكُ الطَّاعَاتِ، وَيُضَيِّعُ رَمَضَانَ فِي اللَّهْوِ المُحَرَّمِ وَالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّـهِ تَعَالَى، فَلَا يَكُونُ حَظُّهُ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا الْعَطَشَ وَالتَّعَبَ، نَعُوذُ بِاللَّـهِ تَعَالَى أَنْ نَكُونَ كَذَلِكَ، وَنُعِيذُ بِاللَّـهِ تَعَالَى كُلَّ مَنْ نُحِبُّ مِنْ ذَلِكَ.
اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا إِلَى رَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا..
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم