المصطلحات بين الحق والباطل (1) تزوير المصطلحات

الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: الفكر والثقافة
عناصر الخطبة
1/الصراع بين الحق والباطل 2/ الهدف من تزوير المصطلحات 3/ اليهود وحرب المصطلحات 4/ مواجهة الأئمة للمبتدعة في حرب المصطلحات 5/ لماذا صارت حرب المصطلحات أشد خطرا في هذا الزمان ؟
اهداف الخطبة
التحذير من الانخداع بحرب المصطلحات وبيان خطرها .
عنوان فرعي أول
حرب جديدة
عنوان فرعي ثاني
اليهود والمنافقون قيادات الحرب
عنوان فرعي ثالث
لماذا الحذر ؟

اقتباس

الصراع بين الحق والباطل قائم ما دام في الناس كفر وإيمان، وبدعة وسنة؛ فأهل الحق يدعون الناس إلى الحق، وأهل الباطل يسعون جادين في صرف الناس إلى باطلهم.
والحرب بين الفريقين قد تكون حربا سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، أو ثقافية فكرية

 

 

 

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن خير الكلام كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: الصراع بين الحق والباطل قائم ما دام في الناس كفر وإيمان، وبدعة وسنة؛ فأهل الحق يدعون الناس إلى الحق، وأهل الباطل يسعون جادين في صرف الناس إلى باطلهم.

والحرب بين الفريقين قد تكون حربا سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، أو ثقافية فكرية، والأخيرة أخطرها وأشدها فتكا؛ ذلك أن الحروب السياسية والاقتصادية والعسكرية تُوَلِّد التحدي لدى الأمم، وتستنهض همم الناس للمدافعة والمقاومة، أما حروب الثقافة والفكر فهي تتسلل إلى العقول فتتلفها، وإلى القلوب فتفسدها، وتدمر الناس وهم لا يشعرون.

وميادين الحروب الفكرية كثيرة، وأساليبها عديدة، ومن أخفاها وأخطرها: تزويرُ المصطلحات، وتغييرُ المسميات، والقذف بمصطلحات ظاهرها حق وباطنها باطل؛ لإقناع الناس بها، وبناء العقول والثقافات عليها، حتى تكون أمرا مسلَّما عند الناس لا يحق لأحد أن يجادل فيه، فضلا عن أن يردَّه أو يعترض عليه. ومن ثَمَّ إخضاعُ شريعة الله تعالى لهذه المصطلحات الحادثة، وتحكيمها فيها؛ لتُستبدل ألفاظ الشريعة، وتُعطلَ أحكامها، ويبطلَ العمل بنصوص الكتاب والسنة، أو تحرَّفَ وتُأَوَل لأنها تتعارض مع تلك المصطلحات التي استقرت في عقول أصحابها، وأضحت من المسلمات التي لا تناقش.

وكان اليهود -ولا يزالون- من أبرع الناس في هذا الباب من الإضلال والتزوير، وتغيير الألفاظ والمصطلحات؛ لفرض باطلهم، وإلغاء حق الله تعالى وحق غيرهم (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) [النساء:46] ولذا خوطبوا في القرآن بقول الله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:42] وفي آية أخرى (يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [آل عمران:71]  فنهاهم عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولَبْسُه به خلطه به حتى يلتبس أحدُهما بالآخر، فإذا لَبَسَ الحق بالباطل يكون قد أظهر الباطل في صورة الحق فالظاهر حق، والباطن باطل.

والنبي عليه الصلاة والسلام قد حذَّر أمته من التلاعب بالمصطلحات والمسميات؛ لإسباغ الشرعية على الباطل، ولبسه بالحق، وأخبر أن هذا الداء سيقع في الناس؛ كما روى أبو مالك الأشعري رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

ووقع ذلك كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ إذ سمَّوا الخمر في هذا العصر مشروبات روحية، والربا فائدة، والرقص والخلاعة فنَّاً، والزنا حرية جنسية، وسبَّ الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله حرية فكرية، ومحاربة العمل الدعوي والخيري وتجفيف منابعهما بدعوى مكافحة الإرهاب، والاعتراض على الحدود الشرعية باسم حقوق الإنسان، وهكذا في سلسلة لا تكاد تنتهي من تزوير المصطلحات، وتغيير المسميات، وفرض هذا اللَبْس والطمس على عقول الناس بأساليب متنوعة، ووسائل متعددة.

وقد عانى أئمة الإسلام قديما من الزنادقة والمبتدعة؛ إذ كانوا يُحْدثون المصطلحات، أو يستجلبونها من ثقافات أخرى، ويُلْبسونها ألبسة شرعية؛ ليجعلوها حجة على النصوص، ثم يُزَوِّرون المصطلحات الشرعية لكيلا تصطدم معها، كما فعل الفلاسفة وأهل الكلام من الجهمية والمعتزلة وغيرهم، وهي طريقة لا تخرج عن كونها لبسا للحق بالباطل مع كتم الحق لإضلال العامة، والتشويش على عقائد الناس وإفسادها، وهي الطريقة التي حكاها الله تعالى عن اليهود، ونهاهم عنها.

ولذا فإن إمام أهل السنة في وقته أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى لما كتب ردَّه على الزنادقة والجهمية وصفهم في مقدمة ردِّه بقوله رحمه الله تعالى: "فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يُلَبِّسُون عليهم".اهـ

وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة، وتلك الألفاظ تكون موجودة مستعملة في الكتاب والسنة وكلام الناس لكن بمعان أُخَرَ غير المعاني التي قصدوها هم بها، فيقصدون هم بها معاني أخر فيحصل الاشتباه والإجمال.

وانبرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لمواجهة حملات المبتدعة في محاولاتهم إقناع الناس بمصطلحات حادثة، وتحكيمها في نصوص الوحي؛ لإلغاء معانيها، وإبطال أحكامها، وكان له صولات وجولات في هذا الميدان الدقيق، وكُتُبُه رحمه الله تعالى ملأى بإحقاق الحق، وإبطال الباطل في هذا المجال المهم، مع التأسيس والتقعيد له.

يقول رحمه الله تعالى: "الذين يعارضون الكتاب والسنة بما يسمونه عقليات من الكلاميات والفلسفيات ونحو ذلك إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة مجملة تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه لفظا ومعنى يوجب تناولها لحق وباطل، فبما فيها من الحق يُقبل ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوصَ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع؛ فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لظهرت وبانت وما قُبلت، ولو كانت حقا محضا لا شوب فيه لكانت موافقة للسنة؛ فإن السنة لا تُناقض حقا محضا لا باطل فيه، ولكن البدعة تشتمل على حق وباطل".اهـ

وفي موضع آخر يقرر وجوب التثبت والاستفصال في المصطلحات قبل قبولها، فيقول رحمه الله تعالى: "إن المناظرة بالألفاظ المحدثة المجملة المبتدعة المحتملة للحق والباطل إذا أثبتها أحد المتناظرَين ونفاها الآخر كان كلاهما مخطئا، وأكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء، وفي ذلك من فساد العقل والدين ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فإذا ردَّ الناس ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة فالمعاني الصحيحة ثابتة فيهما، والمحق يمكنه بيان ما يقوله من الحق بالكتاب والسنة".اهـ

وقال رحمه الله تعالى: "الأصل في هذا الباب أن الألفاظ نوعان:
نوع مذكور في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام أهل الإجماع فهذا يجب اعتبار معناه، وتعليق الحكم به؛ فإن كان المذكور به مدحا استحق صاحبه المدح، وإن كان ذما استحق الذم، وإن أثبت شيئا وجب إثباته، وإن نفى شيئا وجب نفيه؛ لأن كلام الله تعالى حق وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق وكلام أهل الإجماع حق....وأما الألفاظ التي ليس لها أصل في الشرع فتلك لا يجوز تعليق المدح والذم والإثبات والنفي على معناها إلا أن يَبين أنه يوافق الشرع، والألفاظ التي تعارضها النصوص هي من هذا الضرب"
.اهـ

وإذا كان أئمة الإسلام قد عانوا قديما من تلبيسات المبتدعة والمنافقين، وتحريفاتهم، فإن أهل الكفر وأهل البدعة والنفاق في زمننا هذا قد عملوا ما عمل أسلافهم من قبل، وأخذوا عنهم كثيرا من مصطلحاتهم المبتدعة، وأحدثوا مصطلحات جديدة يضربون بها الإسلام، ويصدون بها الناس عن سبيل الله تعالى، ويلبسون عليهم دينهم، ويفسدون عقائدهم، ويخربون عقولهم وقلوبهم، وكل المصطلحات التي ضلَّ بها من يسمون في هذا العصر بالمفكرين والمثقفين في بلاد المسلمين، ويلوكونها بألسنتهم، ويُسَوِّدن بها كتبهم وصحفهم إنما أخذوها عن نُظَّار الغرب وفلاسفتهم، وسلَّموا لهم بها على أنها حق محض، ثم حاكموا نصوص الكتاب والسنة إليها، فما وافقها قبلوه، وما عارضها رفضوه أو تأولوه، فجعلوها هي الأصل، وجعلوا نصوص الكتاب والسنة لها تبع، فكان في ذلك من الضلال والإضلال ما أفسد كثيرا من العقول، وحرفها عن شريعة الله تعالى لأقوال البشر وآرائهم، وتلك هي الفتنة التي حذرنا منها ربنا جل جلاله في قوله سبحانه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].

نعوذ بالله تعالى من الضلال والإضلال، ونسأله سبحانه الهداية للحق، والموافاة على الإيمان والسنة، إنه سميع قريب.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم....

الخطبة الثانية

الحمد الله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- وراقبوه، والزموا طاعته ولا تعصوه، واعلموا أن الدنيا إلى فناء، وأن الآخرة هي دار القرار (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ) [فاطر:5].

أيها المسلمون: لئن كانت حملة تزوير المصطلحات بهذه الخطورة التي جعلت علماء المسلمين ينبرون لها؛ لإحقاق الحق منها، وإبطال باطلها، وإزالة ما يقع فيها من اللبس والغموض، وكشف معانيها للناس حتى لا يغتروا بها؛ فإنها في هذا الزمن أشد خطرا على الناس، وأمضى فتكا بالعقول، وإفسادا للقلوب، وذلك من جهات أربع:

الجهة الأولى: كثرة ما تنتجه دوائر الاستشراق النصرانية، ومكاتب الاستخبارات الصهيونية والغربية من الألفاظ والمصطلحات الجديدة التي يتلقفها عنهم وكلاؤهم، والمسوِّقُون لبضاعتهم في بلاد المسلمين، وهي مصطلحات تعارض شريعة الله تعالى جملة وتفصيلا، وتصادم الكتاب والسنة، ولازم القول بها فيه إبطال للنصوص المحكمة، وتعطيل لأحكام الشريعة، من مثل مصطلحات: الحرية، والمساواة، والحوار، وقبول الآخر، وحقوق الإنسان، والتعايش السلمي، وتجديد الخطاب الديني، والدولة المدنية، ونحو ذلك.

والجهة الثانية: أنها مصطلحات تفرض على عامة الناس، ويُرَوج لها عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ لتبنى عليها عقول الناشئة والشباب، وتتلف بها عقول الكهول والشيوخ.

والجهة الثالثة: أنها مصطلحات ظاهرها حق، وملمسها جميل، ويرى أكثر الناس أن فيها خلاصا للعالم من مشكلات الاختلاف والاحتراب والاقتتال؛ ولذا سمعنا كثيرا من الألسن تلوكها، وتهتف لها، وتنادي بها، وتدعو إليها، ولكن الواقع يدل على أن من أحدثوها وروجوا لها لم يريدوا ما فيها من معان قد تكون حقا، وإنما أرادوا ما فيها من باطلهم؛ ليجعلوه حَكَما على شريعة الله تعالى، مبطلا لأحكامها.

والجهة الرابعة: أن أهل الكفر وأهل البدعة والنفاق استطاعوا بمكرهم وكثرة إلحاحهم أن يجعلوا تلك المصطلحات المبتدعة سيفا مصلتا على أهل الحق والإيمان، يرهبونهم بها، وينفرون الناس منهم بسببها، ويعرقلونهم عن نشر حقهم، وهداية الناس إليه. في الوقت الذي يفرضون فيه باطلهم على الناس بكل ما أوتوا من قوة؛ فَيَصمون من يعارضهم بأنهم أعداء الحرية والمساواة، ولا يقبلون الآخر، ولا يعرفون التعايش السلمي، إلى غير ذلك مما يخوفون به من يعترض طريقهم، أو يقف عقبة في طريق مشاريعهم الإجرامية.

هذا؛ وليعلم كل مخدوع بتلك المصطلحات البراقة أن ما فيها من معان جميلة فليس له، وإنما هو حكر على الأقوياء، ولا حقَّ للضعفاء فيه، ولو آمنوا بها، وهتفوا لها، ودعوا إليها؛ فهذه الدول القوية تدعو الناس إلى الحوار، وتفرضه عليهم، في الوقت الذي تغزو فيه بلادهم، فتضربهم وتقتلهم وتستعمرهم، وتدمر عمرانهم، وتنهب ثرواتهم ولا تحاورهم، ولا ترى لهم أي حق في حوار أو حرية، ومع ذلك تدعو إلى الحوار وإلى الحرية.

وفي مجال حقوق الأطفال كانت ولا زالت المنظمات الدولية النصرانية تعيب على دول العالم الإسلامي إهدار الطفولة، وقتل براءتها، وتلقي الدروس والمواعظ في ذلك، وتسن القوانين المشددة لحفظ حقوق الأطفال، وضمان حرياتهم، وتجعل هذه القضية من ضمن أوراق الضغط لتحقيق مزيد من النفوذ والإخضاع لتلك الدول المستهدفة.

ولكن ما ينادون به من حق الطفولة، وحفظ براءتها هو مقصور على أطفالهم دون أطفال العالمين الذين لا حق لهم، ولا براءة فيهم!!

وفي كل الأديان والأعراف والأفكار المعلنة، الحقِ منها والباطل لا يسوغ لأحد أن يقصد طفلا بريئا بأي ضرر لأي هدف كان، ومنظماتهم الدولية تنص على ذلك، وتشدد فيه، ومع ذلك وقف العالم الغربي المتحضر بدوله الكبرى، واتحاده الأوربي واستخدم كل نفوذه، وأدوات ضغطه؛ لحماية ثلة من الممرضات المجرمات قتلن براءة عشرات الأطفال فحقنوهم بفيروس الإيدز، فمنهم من قضى، ومنهم من يتقلب في أوجاع المرض وآلامه، لا ذنب لهم إلا أنهم مسلمون، وكوفئ المجرمون بإطلاق سراحهم، وبُثت احتفالاتهم على العالم كله، في جريمة لست أعلم جريمة معلنة في حق الأطفال هي أبشع منها، فأين هي حقوق الطفولة البريئة وحمايتها التي ما فتئوا يبتزون غيرهم بها، ويعاقبونهم من أجلها؟ إنها ذهبت أدراج الرياح لأن الأطفال هنا مسلمون، ولا حق لمسلم في شيء!!

كان الله تعالى في عون هؤلاء الأطفال وآبائهم وأمهاتهم، وأسأله سبحانه أن ينتصر لهم إذ لم ينتصر لهم أحد؛ فالبشر بين ظالم وعاجز.

فمتى -يا عباد الله- يعي المخدوعون أن تلك المصطلحات الوافدة، والشعارات البراقة لا يُراد لأهل الإسلام منها إلا ما فيها من باطل؛ لإفساد عقائدهم، وإبطال شريعتهم، وإخراجهم من دينهم إلى باطل الكفار والمنافقين، وأن ما فيها من حق فهو مقصور عليهم دون غيرهم، ولا نصيب للمسلم في شيء منه.

(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ) [التوبة:33] .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...

 

 

 

المرفقات

بين الحق والباطل (1) تزوير المصطلحات

بين الحق والباطل (1) تزوير المصطلحات - مشكولة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات