شعيرة الأضحية حكمها وصفتها – خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2023-06-22 - 1444/12/04
التصنيفات:

اقتباس

مع اقتراب أنفاس شهر ذي الحجة تشتد أشواق المؤمنين إلى حج بيت الله الحرام، ويأخذهم الحنين إلى الطواف والسعي، وتحملهم آمالهم أن يكونوا في رَكْب الحجيج ملبِّين لربهم إجابةً بعد إجابةً، ومهللين ومسبحين، يحدوهم الشوق إلى الروضة والمقام، والملتزم والركن، يرجون...

 مع اقتراب أنفاس شهر ذي الحجة تشتد أشواق المؤمنين إلى حج بيت الله الحرام، ويأخذهم الحنين إلى الطواف والسعي، وتحملهم آمالهم أن يكونوا في رَكْب الحجيج ملبِّين لربهم إجابةً بعد إجابةً، ومهللين ومسبحين، يحدوهم الشوق إلى الروضة والمقام، والملتزم والركن، يرجون شهود موقف عرفة وليلة جمع، والمشعر الحرام، وكم تقطعت قلوب الصالحين شوقًا لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.  

 

ولكن قضى الله وقدَّر في سابق علمه أنَّ اختار لكل موسم أهله، ولكل عام حاجّه، فلا يسع الموقفُ جميعَ المسلمين، ولم يأمرهم الشرع جميعًا أن يجتمعوا كل عام رحمةً بهم ولطفًا، ومراعاةً لمصالحهم وتقديرًا لظروفهم، مع حث الشرع على المتابعة بين الحج والعمرة لمن أطاق وقدر على اتخاذ السبيل إلى بيت الله الحرام، نسأل الله أن يحملنا إلى بلده الحرام حجاجًا ومعتمرين، وأن ييسر للحاج أداء النسك ويُخلف عليهم نفقتهم، ويتقبل منهم سعيهم، إنه جواد كريم.  

 

موسم العشر وفتح أبواب الخير لقد شاءت حِكمة الله -تبارك وتعالى- أن جعل لمن لم يكتب له الحج موسمًا للطاعة، لكي يستكثر فيه غير الحجيج من العمل الصالح، ويتنافسوا في هذه الأيام العشر فيما يقرِّبهم إلى ربهم؛ فالسعيد من اغتنم أيام البِرّ، وقطف من ثمراتها، وجنى من فرصها ما يبلِّغه إلى رحمة الله -تبارك وتعالى-.   وهذه الأيام العشر هي أيامٌ أقسَم الله بها في القرآن العظيم؛ تنويهًا لفضلها؛ لأن الله إذا أقسم بشيء دلَّ هذا على عِظَم مكانته وفضله؛ إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الفجر: 1- 2]، والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.  

 

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ العمل الصالح في هذه العشر أفضل من غيرها، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني أيام العشر-، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء"(رواه البخاري).  

 

الأضحية وتعظيم شعائر الله وإذا كان الحاجّ في مِنَى يذبح الهَدْي تقرُّبًا إلى الله -تعالى- وطمعًا في بِرّ حِجّه، وقضاء نُسُكه، فإنَّ مَن لم يَحُجَّ أمامه فُرَص أخرى للمغفرة إذا استثمرها فار برضوان الله -تبارك وتعالى-، ومن ذلك أن يضحِّي عن نفسه وآل بيته، وإذا كان الهَدْي وكذا الأضحية لا يصل إلى الله منهما شيءٌ، فإنهما إنما شُرِعَا تعظيمًا لشعائر الله –جل وعلا- بالذبح والنسك، وتوسعةً على الخَلْق، وتقرُّبًا إلى الله -تعالى-، ولذا يلزم الإخلاص التامّ فيهما لله –تعالى-، وأن يحرص العبد على سلامة القصد، وصحة الهدف، وأن ينوي تعظيم شعائر الله بذبح الأضحية في موعدها بعد صلاة العيد وفي أيام التشريق، يرجو بذلك أن تكون هذه الأعمال سببًا لتحصيل تقوى الله –تبارك وتعالى-؛ قال رب العالمين: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الحج: 37].   تعريف الأضحية: والأضحية هي اسم لما يُذْبَح أو يُنْحَر بسبب عيد الأضحى؛ من الإبل، والبقر، والغنم: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة؛ تقربًا إلى الله –تعالى-، وسميت بذلك -والله أعلم-؛ لأن أفضل زمن لذبحها ضُحَى يوم العيد. (انظر: أحكام الأضاحي، للعلامة محمد بن صالح بن عثيمين، ص5).  

 

حكم الأضحية: الأضحية مشروعة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة؛ فأما الكتاب؛ فلقول الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2]، وأما السنة؛ فلحديث أنس t قال: "ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحهما". وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية (المغني لابن قدامة، 13/360).  

 

والأضحية سُنَّة مؤكدة لا ينبغي تركها لمن يقدر عليها، وعلى هذا أكثر أهل العلم. ورجَّح وجوبها على القادر شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: "وأما الأضحية فالأظهر وجوبها فإنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته". (فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/162).   والأحوط للمسلم أن لا يترك الضحية إذا كان موسرًا له قدرة عليها؛ اتباعًا لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-: القولية، والفعلية، والتقريرية، وبراءة للذمة، وخروجًا من الخلاف عند من قال بالوجوب.  

 

سبب مشروعية الأضحية: تشرع الأضحية اتباعًا لسُنَّة الخليلين؛ إبراهيم ومحمد –عليهما الصلاة والسلام- في الأضحية واتخاذها وسيلةً وقربةً إلى الله –تبارك وتعالى-؛ فهي سُنَّة أبينا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ثبت عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "ضَحَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"(أخرجه البخاري 5553، ومسلم 1966).  

 

فضل الأضحية وثوابها: ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة تبيِّن فضل الأضحية، وإن كان في سند بعضها مقال، إلا أن بعضها قد يعضد البعض، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله -عز وجل- من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها. وإن الدم ليقع من الله -عز وجل- بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً"(رواه ابن ماجه 3126 والترمذي وحسنه).  

 

وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذبح الأضحية وعدم تركها للقادر عليها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحِّىَ فَلَمْ يُضَحِّ؛ فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا"(أخرجه أحمد والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الترغيب 1087).   وقد ضحَّى النبي -صلى الله عليه وسلم- واختار أفضل الأضاحي تقربًا إلى الله –تعالى-؛ فعن عائشةَ -رضي الله عنها-: "أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به"(صحيح مسلم 1967).  

 

وعن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- قال: "ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمَّى وكبَّر، ووضع رِجْله على صفاحهما"(صحيح البخاري 5565).   ولذا فإن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن الذبح وإراقة الدم تقربًا لله –تعالى- عبادة مشتملة على تعظيم الله –تعالى-، وإظهار شعائر دينه، وإخراج القيمة تعطيل لذلك (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ). [الأنعام: 162 - 163].  

 

كما أن ذبح الأضحية وعدم التصدق بثمنها هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل المسلمين، ولم ينقل أحد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصدق بثمنها، ولا أحد من أصحابه –رضي الله عليهم-، وهذا ما فهمه علماء الأمة، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والأضحية، والعقيقة، والهدي، أفضل من الصدقة بثمن ذلك"(مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 6/304).   الصفات التي تجب وتستحب في الأضحية: الأضحية عبادة لله -تعالى- لا تقبل إلا إذا كانت خالصة لله –تعالى-، وأن تكون على سُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا لم تكن خالصة وعلى هدي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فهي غير مقبولة بل مردودة، ولا تكون الأضحية على هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا باجتماع شروطها، وانتفاء موانعها.   ومن أهم شروط الأضحية أن تكون الضحية ملكًا للمضحِّي ملَكها بطريق حلال، فلا تصح الأضحية بمغصوبٍ، أو مسروقٍ، أو مملوك بعقد فاسد، أو ما كان ثمنه خبيثًا محرمًا: كالربا وغيره؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا"(رواه مسلم 1015).  

 

وينبغي للمسلم أن يختار الأضحية التي تجتمع فيها الصفات المستحبة؛ لأن ذلك من تعظيم شعائر الله؛ لقول الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]، وتعظيم البدن من تعظيم شعائر الله، وعن مجاهد في قوله: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله)؛ قال استعظام البدن: استحسانها، واستسمانها"(فتح الباري، لابن حجر، 3/536، والمغني لابن قدامة، 13/367).   وكلما زاد ثمن الأضحية صارت أفضل؛ ففي صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: "أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها"(البخاري: 2518).  

 

ومنها: أن تكون الأضحية من الجنس الذي عيَّنه الشارع وهو: الإبل، والبقر، والغنم: ضأنها ومعزها، وهي بهيمة الأنعام فقط، قال الله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ الله عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)[الحج: 34]، وذكر الإمام النووي الإجماع على أنه لا يجزئ في الأضحية إلا الإبل، والبقر، والغنم. (شرح النووي على صحيح مسلم، 13/125).   ومنها: أن تبلغ الأضحية السنّ المعتبرة شرعًا، فلا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني من غيره: والجذع من الضأن: ما له ستة أشهر ودخل في السابع، وثني المعز إذا تمت له سنة ودخل في الثانية، والبقر إذا صار لها سنتان ودخلت في الثالثة، والإبل إذا صار لها خمس سنين ودخلت في السادسة.  

 

فالضحية عبادة لا يشرع فيها إلا ما حدده النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تذبحوا إلا مُسِنّة، إلا أن تعسّر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن"(صحيح مسلم 1963).   قال الإمام النووي -رحمه الله-: "قال العلماء: المسنة هي الثنية من كل شيء: من الإبل والبقر، والغنم، فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال، وهذا مُجْمَع عليه على ما نقله القاضي عياض. وأما الجذع من الضأن فمذهبنا ومذهب العلماء كافة يجزئ سواء وجد غيره أم لا، قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره؛ لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه"(شرح النووي على صحيح مسلم، 13/125).  

 

ومن شروط الأضحية كذلك أن تكون سالمة من العيوب المانعة من الإجزاء، ومن هذه العيوب ما ثبت في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأصابعي أقصر من أصابعه وأناملي أقصر من أنامله، فقال: "أربع لا تجوز في الأضاحي؛ العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن عرجها، والكسيرة التي لا تُنقي"(رواه النسائي 4370، وصححه الألباني).  

ويُلحق بهذه الأربع ما كان به عيب أعظم من هذه العيوب؛ فإن عدم إجزائها أولى، كالعمياء التي لا تبصر بعينها؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراء البين عورها، ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيِّن ظلعها، وما أصابه سبب الموت: كالمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع؛ لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها، والعاجزة عن المشي لعاهة- وتسمى: الزمنى - أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيِّن ظلعها، وغير ذلك من العيوب التي هي أشد من العيوب الأربع المذكورة. (أحكام الأضاحي لابن عثيمين، ص35-36).   ما يجب على المضحي اجتنابه: إذا دخل شهر ذي الحجة ونوى المسلم ذبح الأضحية فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئًا؛ لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره"، وفي لفظ: "فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحِّي"(صحيح مسلم 1977).   وقت ذبح الأضحية: تُشْرَع الأضحية في يوم النحر، وهو أول أيام العيد، وأيام التشريق ثاني وثالث ورابع أيام العيد، فعَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يخطُبُ، فقال: "إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ"(صحيح البخاري 5560).   وعن البراء -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من ذبح بعد الصلاة تمَّ نسكُه وأصاب سنة المسلمين"(صحيح البخاري 5545).  

 

وعن جندب بن سفيان البجلي -رضي الله عنه- قال: "شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر، قال: "من ذبح قبل أن يصلي فليُعِد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح على اسم الله"(صحيح البخاري 5562) ؛ وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نسكُه، وأصاب سنة المسلمين"(صحيح مسلم 1962).   وآخر وقت ذبح الأضاحي هو غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، فيكون ذبح الأضاحي أربعة أيام: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة.   إنه لا ينبغي لمسلمٍ قادِر مستطيع أن يبخل عن التقرب بذبح أضحية عن نفسه وآل بيته؛ فإنها من شعائر الله، قال تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]؛ فإن مَن يعظِّم شعائر الله؛ يسارع في تنفيذ الأوامر الشرعية استجابة مُحِبٍّ راضٍ، فيبذل ماله في شراء أضحيته، وذبحها، ويطعم أهله وصَحْبه، ويتصدق منها، ويأكل ويشرب في أيام التشريق؛ تعبُّدًا لأنها أيام أكل وشرب؛ قال رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وذِكْرِ الله"(صحيح مسلم 1140)؛ هكذا وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.   وليعلم العبد أن المال في الأساس مال الله -تعالى-، وأنه مستخلَف فيه، فمن أنفق ماله في مرضاة ربه؛ أخلف عليه نفقته، وتقبل منه، وأجزل له المثوبة، ومَن بخل فإنما يحرم نفسه الأجر العظيم، وصدق الله؛ (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ)[محمد: 38].  

 

فينبغي أن يسارع كل قادر مستطيع إلى عقد النية على شراء الأضحية وذبحها؛ تقرُّبًا إلى الله -تعالى- وطمعًا في رضاه وحسن ثوابه.   ومن أجل أهمية هذا الموضوع جمعنا لكم -أيها الخطباء- مجموعة خطب منتقاة في فضل الأضحية وآدابها وأحكامها، والله نسأل لنا ولكم القبول والمثوبة:  

الخطبة الأولى
الخطبة الثانية
الخطبة الثالثة
الخطبة الرابعة
الخطبة الخامسة
الخطبة السادسة
العنوان
قصة الأضحية 2016/09/04 2844 499 37
قصة الأضحية

ومضَتْ سنةُ الأضاحِي علَمًا للملَّةِ الإبراهيميةِ، وسنَّةً باقيةً فِي العالمينَ، يقتدونَ بالخليلِ فيهَا إلَى يومِ الدينِ، وسنةً فِي الشريعةِ المُحمَّديةِ، تُذكِّرُ بالتضحيةِ والفداءِ، والصدقِ والوفاءِ، والصبرِ والثباتِ عندَ المِحنةِ والبلاءِ، وحُسنِ الاستجابةِ للهِ فِي السرَّاءِ والضرَّاءِ. ولتدركْ هذهِ الأمةُ أنَّ الإسلامَ هوَ أنْ تستسلمَ لأمرِ اللهِ طائعةً راضيةً واثقةً ملبيةً. يَا للهِ مَا أعظمَ هذهِ التضحيةَ منَ الأبِ؟! يَا للهِ مَا أعظمَ هذَا البرِّ منَ الابنِ؟! وهلْ هناكَ تضحيةٌ أعظمُ منْ أنْ يقدمَ أحدنَا ولدهُ فلذةَ كبدهِ وحشاشةَ قلبهِ قربانًا لربهِ؟ ...

المرفقات

الأضحية

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life