خطب عيد الفطر المبارك لعام 1436هـ

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

إن يوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته، وخلص لله نيته، والمجتمع السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة، وتمتد فيه مشاعر الإخاء، تخفقُ فيه القلوب بالحب والودِّ والبر والصفاء، لاسيما والمسلمون جميعًا كانوا بالأمس يقومون بعبادة واحدة في وقت واحد، وفي لحظة واحدة، لحظة الإفطار انتظر الجميع تكبير المؤذن، فيحمدوا الله على إتمام صومهم ويفرحوا بفطرهم، وفي الليل يقومون خلف إمام واحد يقف كلٌّ منهم إلى جانب الآخر الكتف بالكتف والقدم بالقدم حذاء بعضهم، فليكن هذا التوحيد بين القلوب كما هو في المظهر والصورة.

العيدُ في الإسلام شعيرة من شعائره، ومظهر من أجلّ مظاهره، فإنه اليوم الذي توَّج الله به شهر الصيام، وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام، عيد امتلأت القلوب به فرحًا وسرورًا وازدانت به الأرض بهجة ونورًا؛ لأنه اليوم الذي يخرج فيه المسلمون إلى مصلاهم لربهم حامدين معظمين، وبنعمته بإتمام الصيام والقيام مغتبطين ولخيره وثوابه مؤملين، راجين أن يتقبل الله منهم الصيام والقيام وسائر الطاعات والفوز بالجنة والعتق من النار.

 

إن يوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته، وخلص لله نيته، والمجتمع السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة، وتمتد فيه مشاعر الإخاء، تخفقُ فيه القلوب بالحب والودِّ والبر والصفاء، لاسيما والمسلمون جميعًا كانوا بالأمس يقومون بعبادة واحدة في وقت واحد، وفي لحظة واحدة، لحظة الإفطار انتظر الجميع تكبير المؤذن، فيحمدوا الله على إتمام صومهم ويفرحوا بفطرهم، وفي الليل يقومون خلف إمام واحد يقف كلٌّ منهم إلى جانب الآخر الكتف بالكتف والقدم بالقدم حذاء بعضهم، فليكن هذا التوحيد بين القلوب كما هو في المظهر والصورة.

 

فكم هو جميلٌ أن تظهر أعيادُ المسلمين بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها، وإننا اليوم بحاجة ماسة إلى التآلف والتناصح وتوحيد القصد والعمل والتعاون في الحق؛ لأنَّ أخوة الإسلام هي روح الإيمان القوي، التي يكنّها المسلم لإخوانه في العقيدة، حتى إنه ليحيا بهم ويعيش معهم وفيهم، فكأنهم جميعًا أغصانٌ تفرعت من دوحة واحدة؛ لأن من المبادئ العظيمة التي أرسى دعائمها ديننا الحنيف مبدأ الأخوة بين أهل الإيمان، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:١٠].

 

أخوةٌ أساسها العقيدة والإيمانُ، وقاعدتها الدِّين الخالص للواحد الديان، تتوارى معها التميزات العِرقية، وتموت العصبيات القومية، والفوارق الجنسية، لتبقى القاعدة الكبرى التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي الذي تضمه آصرةٌ خاصة، وتظله راية واحدة لا ثاني لها، إنها راية الإيمان.

 

كم هو جميل أن يقارن الفرح بالعيد وبهجته بجمع الشمل، وأن يكون هذا العيد نقطة تحول من حياة الفُرقة والاختلاف، إلى الاجتماع على كلمة التوحيد والائتلاف، فاتحاد المسلمين هو أول خطوة يخطونها في طريق العز والمجد والسؤدد.

 

ولعل الناظر يدرك أنه لم يكن لأمة الإسلام أن تجتمع لها كلمةٌ، أو يتوحد لها صف، أو تُرفع لها رايةٌ، أو تقوم لها دولة، أو يرهب منها عدو- إلا بتآخيها فيما بينها.

 

فهل نستطيع أن نجعل من العيد نقطة تحول من داء التنافر والتناحر والتشاحن والتدابر، وأن نفيء جميعًا إلى ظلال المحبة والسلام لنحقق ما نصبوا إليه من رشد وخير في الدنيا والآخرة، وأن يسعى ويبادر كل متشاحنين إلى التسامح والصفاء والتزاور والنقاء.

 

إن العيد يهل علينا بعد شهر حافلٍ بالخير والبرِّ والفضائل، فيا فوز مَن ختمَ الله شهره بعتْق رقبته، ويا سعادة مَن أصبَحَ يوم العيد وقد حُطَّتْ خطيئته، فخرج إلى المصلى نقيًّا طاهرًا، ليس عليه من السيِّئات مثقال ذرة، قد غفَرَ الله ذنوبَه وسَتَر عيوبَه، صام شهرَه إيمانًا واحتسابًا، وأحيى ليلَه سجودًا واقترابًا، تلا كتابَ ربِّه وحفظ وقتَه، وبذَلَ خيرَه وكفَّ شرَّه، لم يفرِّط في طاعة ولم يسوِّف بقُربة، ولم يُعْرِض عن عمل برٍّ، ولم يتقاعس عن بذْل معروف.

 

وإن من شعائر العيد: الفرح به، واللهو المباح، ومباسطة الأهل والولد، وإدخال السرور عليهم؛ ليجدوا فرحة العيد، ويحسوا بمنزلته عن سائر الأيام، فيكون عيدًا للصغار والكبار، والرجال والنساء، وهو فرح مشروع يتعبد لله –تعالى- به، وقد أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- نشيد الجاريتين عند عائشة في يوم العيد، ونهى أبا بكر عن منعهما، وأقر الأحباش الذي لعبوا في المسجد يوم العيد بالحراب، وسمح لعائشة أن تتفرج عليهم وكان يشجعهم في لعبهم، ويغري بعضهم ببعض للتنافس فيقول: "دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ" (متفق عليه).

 

إن أيام العيد هي أيام فرَح، فليس من المقبول أن يؤثِر البعض أن ينام، أو يُضرِب عن مقابلة الآخرين، والسلام عليهم، والبِشر في وجوههم، بل يتعيَّن على كل مسلمٍ أن يفرحَ بأن منَّ الله عليه ببلوغ هذا الشهر  وتمامه، وأن صام وقام وتدبَّر، واستزاد مِن فعْل الخير؛ حتى تغيَّرتْ نفسه وارتقت.

 

وإن الفرح بالعيد لا يكمل إلا عندما تصفو النفوس، وتأتلف القلوب، ويسود فيهم الود والمحبة، فلا يبقى عمل للشيطان في الإفساد بينهم؛ ولذا فإن من لا يجتمعون في العيد لضغينة فرّقتهم فلا يرتجى اجتماعهم في غيره من المناسبات، فالعيد دعوة للتآلف والتصافي والتسامح، وإن سلامة الصدر، وحُسن الظن بالآخرين، هي مَن تبعث السرور والفرَح في يوم العيد! وكذلك الإحسان إليهم، والتودُّد وحُسن المحيَّا والتبسُّم!

 

إن المتنبي شاعر العربية الفذ لم يكن محلقًا بعيدًا عن الواقع عندما أنشد قائلاً:

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ *** بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ؟!

 

وإن لنا -معاشر المسلمين- أن نردد هذا البيت من الشعر، ولا غرو فـ"إن من الشعر لحكمة"، ونتدبر في معانيه؛ نظرًا لما يجدده العيد –على عكس ما شُرع من أجله- من مواجع وآلام تقضّ مضاجع الغيورين من أبناء هذه الأمة.

 

والمتأمل في أحوال الأمة المسلمة في هذا العيد، يُساء ولا يُسر، ولِمَ لا؟! وقد أراد لنا ربنا -سبحانه- أن نكون أمة متميزة متحدة، متفردة في أعيادنا ومناسكنا، وشرع لنا ربنا –سبحانه- عيد الفطر بعد موسم العبادة، وكأن العيد يذكّر المسلمين باتحادهم ووحدتهم في أصل الدين والرسول والقبلة والكتاب، والهدف، والعجيب بعد ذلك كله أن ترى فُرقة واختلافًا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن على وصلت إليه أحوال الأمة الإسلامية اليوم، فمن يتابع نشرات الأخبار المحلية والعالمية، يقف على حقائق مرعبة، فلا تجد ملاجئ للمشردين، ولا قتلى بالبراميل المتفجرة، ولا تدمير عواصم، واجتياحات مسلحة إلا في بلاد المسلمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

إن الأعداء المتخاصمين في العالم كله، يجلسون على مائدة مستديرة، يتوصلون من خلالها لحلول لمشكلات معقدة، دون اللجوء للعنف والقتل والتشريد والتدمير. إنهم يبنون ويعمرون ونحن ندمر ونخرب!! ونبينا –صلى الله عليه وسلم- قال فيما صح عنه: " إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ" (أحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني).

 

إننا في هذه الأيام المباركة بحاجة ماسّة إلى أن نتدارس أسباب الخلافات والمشكلات، ونتخلص من العصبيات والقوميات، ونفيء جميعًا إلى أخوة الدين، والترابط بين المسلمين، واستشعار الأخوة الإيمانية؛ تلك الرابطة التي تجمع المسلمين في كل بقاع الأرض وتؤلف بينهم وتزيل من بينهم الشحناء.

 

وما أحوجنا إلى تدبر حكمة الله –تعالى- في تشريع الأعياد، وأهميتها في وحدة الصف، وقوة الكلمة، وصفاء النفوس، وألا يعمل المسلم إلا فيما يخدم دينه، فلا يرفع راية حزبية، ولا يقدم عصبية قومية، ولا يغالي بين نوعين من التطرف: تكفير أو إرجاء، فيرابط المسلم على ثغور الإسلام، مدافعًا عن مبادئه، معظمًّا لأوامره، متعاونًا مع الصالحين المصلحين من أبناء أمته، وعندها تتحقق لهذه الأمة الغلبة والنصر على أعدائها، وتتوحد صفوفها تحت راية دين الله رب العالمين.

 

ومن أجل بيان أهمية العيد في جمع أبناء الأمة الإسلامية على كلمة سواء، ودوره في نشر التراحم والمحبة بينهم، وضعنا بين يديك أخي الخطيب الكريم مجموعة خطب منتقاة توضح أحوال المسلمين حاليًا، وأثر العيد عليهم عندما يتمسكون بدينهم، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في الأقوال والأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
الخطبة الثانية عشر:
الخطبة الثالثة عشر:
العنوان
خطبة عيد الفطر 1436هـ.. فتن السراء وفتن الضراء 2015/07/14 6241 584 97
خطبة عيد الفطر 1436هـ.. فتن السراء وفتن الضراء

إِنَّهَا حُرِّيَّةُ الأَقَلِيَّةِ فِي اسْتِعْبَادِ الأَكْثَرِيَّةِ، إِنَّهَا لَيْسَتْ سِوَى مُصَادَرَةِ حُقُوقِ الأَكْثَرِيَّةِ لِصَالِحِ أَهْوَاءِ الأَقَلِيَّةِ، إِنَّهَا حُرِّيَةُ الأَقَلِّيةِ اللِيبرَالِيةِ الشَهْوَانِيَةِ فِي السَطْوِ عَلَى الدِينِ وَالأَخَلَاقِ والعَفَافِ؛ وَالسُخْرِيَةِ بِالإِسْلَامِ وَشَعَائِرِهِ وَحَمَلَتِهِ، إِنَّهَا حُرِّيةُ الأَقَلِّيَةِ الصَفَوِيَةِ التِي لَا تَصِلُ نِسْبَتُهَا بِكُلِ طَوَائِفِهَا وَأَذْرِعَتِهَا إِلَى عَشَرَةٍ بِالمِئَةِ لإِخْضَاعِ مِلْيَارِ مُسْلِمٍ وَنِصْفِ المِلْيَارِ لِسَحْقِهِمْ وَتَعْذِيبِهِمْ وَتَهْجِيرِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، إِنَّهَا حُرِّيَةُ أَقَلِّيَةٍ حُوثِيَةٍ لَا تَتَجَاوَزُ اثنَينِ بِالمِئَةِ لِتَتَسَلَّطَ عَلَى ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ بِالمَئَةِ مِنَ الشَعْبِ اليَمَنِيِّ، إِنَّهَا حُرِّيَةُ الصَهَايِّنَةِ وَالصَفَوِيينَ لِسَحْقِ الإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَالعَبَثِ بِدُوَلِهِ، وَنَهْبِ مُقَدَّرَاتِهِ...

المرفقات

عيد الفطر 1436هـ.. فتن السراء وفتن الضراء - مشكولة

خطبة عيد الفطر 1436هـ.. فتن السراء وفتن الضراء.doc

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life