موارد المغفرة الكبرى

صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ الخطيئة ملازمة للآدمية 2/ سعة مغفرة الله 3/ أسباب مغفرة الذنوب

اقتباس

إذا صار أحدنا منسوب إلى الآدمية فإن الآدمية تقارنها الخطيئة، والمدنسون بالخطيئات الملطخون بالسيئات مفتقرون أشد الافتقار إلى مغفرة الرحيم الغفار، فحقيق بمن أصاب الذنوب، وتلطخ بأنواع العيوب أن يستعين بأسباب المغفرة التي تبلغه مغفرة الله -سبحانه وتعالى- ذنوبه، وتكفير...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].

 

أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المؤمنون: إن الخطيئة مقارنة للآدمية، فكل بنو آدم خطاء، وكل بنو آدم قسم له حظه من الذنوب، وفي الحديث القدسي: أن الله -سبحانه وتعالى- قال: "يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار"، فإذا صار أحدنا منسوب إلى الآدمية فإن الآدمية تقارنها الخطيئة، والمدنسون بالخطيئات الملطخون بالسيئات مفتقرون أشد الافتقار إلى مغفرة الرحيم الغفار، فحقيق بمن أصاب الذنوب وتلطخ بأنواع العيوب أن يستعين بأسباب المغفرة التي تبلغه مغفرة الله -سبحانه وتعالى- ذنوبه وتكفير خطيئاته.

 

وإن من أوسع أودية المغفرة ومواردها للعصاة والبررة الذي أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلمَ- لذا قال: "قال الله -تعالى-: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة".

 

فذكر الله -سبحانه وتعالى- ثلاثة أسباب عظيمة من أسباب المغفرة:

 

أولها: دعاء الله -عز وجل-، وهو دوام سؤاله وطلبه لما في دوام ذلك من إظهار الافتقار والحاجة إليه عز وجل؛ فإن حقيقة العبودية في كمال افتقار العبد ظاهرا وباطنا لله –عز وجل-، ومن مشاهد ذلك: الافتقار أن يديم العبد سؤال الله ودعائه، والطلب منه؛ لأن الملك ملكه، والأمر أمره.

 

وقرن الدعاء هنا بالرجاء في قوله تعالى: "دعوتني ورجوتني" للإعلام بأن حال الداعي هي الرغبة فما عند الله والطمع فيما أعده فهو يدعو من قلب مقبل عليه لا من قلب ساهي لاه، فالسائل بهذه السبب هو الذي يدعو الله -عز وجل- مقبلا عليه راجيا ما عنده موقنا تمام الإيقان بأن مفاتيح الأمر ومبادئها وخواتمها هي بيد الله -سبحانه وتعالى-.

 

وثاني تلك الأسباب: سؤال الله -عز وجل- المغفرة بالاستغفار، ويندرج في ذلك التوبة وهي النزوة عن كل المعاصي والذنوب، وترجمة ذلك بما يدل عليها باللسان، بقول العبد: استغفر الله، فإن المستغفر الله -سبحانه وتعالى- يعلن لله توبته، ويطلب من الله -سبحانه وتعالى- مغفرته، ولو بلغت تلك الذنوب التي يطلب العبد فيها المغفرة عنان السماء، أي السحاب المرتفع في السماء فإن العبد إذا صدق في سؤال الله مغفرته باستغفاره فإن الله يغفر له جميع تلك الذنوب.

 

وثالث تلك الأسباب: توحيد الله –عز وجل- المذكور في قوله: "ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا"؛ لأن المراد من التوحيد هو إعدام الشرك وإزالته، فإذا لقي العبد ربه موحدا فإنه قد جاء بسبب عظيم من أسباب المغفرة ولو بلغت ذنوب العبد قراب الأرض أي ملئ الأرض.

 

ولو قدر أن أحدهم قدم على الله –عز وجل- بذنوب تملأ ما بين الخافقين، وترتفع ما بين السموات والأرض كما وقدرا، وكان موحدا كمال التوحيد لله –عز وجل-، فإن الله –عز وجل- يغفر له ذنوبه.

 

فهذه ثلاثة أسباب عظيمة للمغفرة من الله -عز وجل-.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدا حمدا، والشكر له تعالى سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلمَ بكرة وأصيلا، وعلى آله وصحبه ومن اتخذه إماما ودليلا.

 

أما بعد:

 

أيها المؤمنون: إن الحديث المتقدم تضمن ثلاثة أسباب عظيمة من أسباب المغفرة هو: دعاء الله المقترن بالرجاء، واستغفار العبد ربه، وقدومه عليه بالتوحيد، فهذه ثلاثة أسباب عظيمة، والمحروم من حرم الخير، والعاجز من عجز عن  ما فيه منفعة العاجلة والآجلة، فاغتنموا فسحة أعمالكم، واطلبوا من أنفسكم من هذه الأسباب ما تحصل به مغفرة ذنوبكم.

 

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.

 

 

المرفقات

المغفرة الكبرى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات