عناصر الخطبة
1/ تأملات في قدوم قوافل الحجيج 2/ هدي النبي –صلى الله عليه وسلم- في المناسك 3/ أحوال النبي –صلى الله عليه وسلم- في الحجِّ مع ربِّه 4/ نعمة الأمن في البلد الحرام وخطورة الإلحاد فيه 5/ من أعظمِ الإلحادِ في البلدِ الحرام 6/ الحث على اغتنام عشر ذي الحجة.اقتباس
إنَّ الحجَّ من أوضحِ عباداتِ الإسلام، التي يتجلَّى فيها اتباعُ قُدوةِ الأنام - صلى الله عليه وسلم -، والتأسِّي به في أقوالِه وأفعالِه وأحوالِه. ومن أعظمِ الأحوال التي يُتأسَّى فيها برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أحوالُه في الحجِّ مع ربِّه، وقد أخذَ ذلك صورًا وألوانًا شتَّى، من أبرزِها: تحقيقُ التوحيدِ والعنايةُ به. فمن أمثلةِ ذلك: التلبِيَة، وهي شعارُ الحجِّ التي تتضمَّنُ إفرادَ الله وحدَه بالعبادة، وما زال - صلى الله عليه وسلم - يلهَجُ بها إلى أن أتَى جَمرةَ العقبةَ يومَ النحرِ ليرميَها.
الخطبة الأولى:
إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوُصيكم - أيُّها الناس - ونفسي بتقوى الله؛ فإنَّ التقوى خيرُ ما يَتزوَّد به العبدُ ليومِ المعاد، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].
عبادَ الله: ها هي قوافلُ الحَجيج، وجُموع الوَافدين قد تقاطَرَت على البيتِ العَتيق من كل فجٍّ عَميق، استجابةً للنداءِ الكَّريم: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: 27].
فما أكرمَهم عند ربِّهم، وقد وفَدوا عليه، يدفعُهم الإيمان، ويحدُوهم الشوقُ والحَنين، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ اللهِ، دعاهم فأجابُوه، وسألُوه فأعطاهم».
أيُّها المسلمون .. حُجَّاج بيتِ اللهِ الحرام:
إنَّ الواجبَ علينا أن نُتابِع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في أعمالِنا كلِّها، ومن ذلك: الحَجُّ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - أكََّدَ ذلكَ فقال: «خُذُوا عنِّي مناسِكَكم».
ولمعرفةِ ما يُشرَعُ من المناسِكِ من يومِ غَدٍ وحَتى نهاية أيامِ التَّشريق، نَذكُرُ مُجملَ هَديِه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك:
لما كان اليوم الثامن "يومُ التروية"، اتَّجَه - صلى الله عليه وسلم - إلى مِنى، وصلَّى بها الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعِشاءَ، وفجرَ يوم عرفة، كلَّ صلاةٍ في وقتِها، يقصرُ الرباعية.
وفي اليومِ التَّاسِع خرج من مِنى بعد أن أشرَقَت الشمسُ، مُتوجِّهًا إلى عرفة، وصلَّى بها الظهرَ والعصرَ جمعًا وقَصرًا، وتفرَّغ للدعاء والذِّكرِ حتى غَرَبَت الشمس، ثم دفَع إلى مُزدلِفة، فجمَعَ بها المغربَ والعِشاءَ، وقَصرَ العشاء، وبات بمُزدلِفة وصلَّى فيها الفجرَ، وذكرَ الله حتى ظهَرَ النورُ وانتَشَر، وأفاضَ منها قبل أن تُشرِقَ الشمسُ.
وفي يومِ النَّحر "يومِ العيد"، رمَى جمرةَ العَقبة، ونحرَ هديَه، وحلقَ رأسَه، وطافَ بالبيت.
وفي أيام التشريق باتَ بمِنى، وكان يرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس.
عباد الله:
إنَّ الحجَّ من أوضحِ عباداتِ الإسلام، التي يتجلَّى فيها اتباعُ قُدوةِ الأنام - صلى الله عليه وسلم -، والتأسِّي به في أقوالِه وأفعالِه وأحوالِه.
ومن أعظمِ الأحوال التي يُتأسَّى فيها برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أحوالُه في الحجِّ مع ربِّه، وقد أخذَ ذلك صورًا وألوانًا شتَّى، من أبرزِها: تحقيقُ التوحيدِ والعنايةُ به.
فمن أمثلةِ ذلك: التلبِيَة، وهي شعارُ الحجِّ التي تتضمَّنُ إفرادَ الله وحدَه بالعبادة، وما زال - صلى الله عليه وسلم - يلهَجُ بها إلى أن أتَى جَمرةَ العقبةَ يومَ النحرِ ليرميَها.
ومنها: عنايتُه بإخلاصِ العمل، فقد كان يقولُ في إحرامِه: «اللهم حجَّةٌ لا رياءَ فيها ولا سمعةٌ».
ومنها: دُعاؤُه على الصَّفا والمروةِ بالتوحيد؛ إذ كانَ يقول: «لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، له المُلْكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيٍء قديرٌ، لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه»، قال مثلَ هذا ثلاثَ مرات.
ومنها: دُعاؤُه في عرفةَ بالتوحيد، كما جاء في الحديث: «خيرُ الدعاءِ: دعاءُ يومِ عرفَةَ، وخيرُ ما قلْتُ أنا والنبيونَ من قبلي: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ».
وفي هذا كلِّه - عبادَ الله - دلالةٌ واضِحةٌ على وجوبِ تحقيقِ التوحيد في نفسِ كلِّ مسلم، وكما أنه لا يجوزُ للعبدِ أن يسجُدَ لغيرِ الله، فإنَّه لا يجوزُ له أن يدعُوَ غيرَه من الأولياءِ والصالحين، ولا يَطُوفَ بالقبورِ مُتقرِّبًا إلى أصحابِها، ولا يستغيثَ بهم ويطلبَهم الشِّفاء والمَدد، وقضاءَ الحوائجِ وتفريجَ الكُرُبات.
ولا يجوزُ أيضًا أن يَنذُرَ لمخلوقٍ، أو يذبَحَ له، أو يسألَه الشفاعةَ ويتوكَّلَ عليه، أو يعتقِدَ فيه القدرةَ على الضرِّ والنَّفع، والعطاءِ والمنع، والتصرُّفِ في الكون، كل ذلك مما يَحذَرهُ المسلم، فهو من الشركِ الأكبرِ المُخرجِ من الملَّة.
كما يَحذَرُ المسلمُ من إتيانِ السَّحَرةِ والكُهَّان، فهو أمرٌ مُحرمٌ لا شكَّ في تحريمِه، وسؤالُهم وتصديقُهم، وفعلُ ما يطلُبون من الذبحِ ونحوه شركٌ أكبر.
أيها الإخوة في الله:
ومن صُورِ أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربِّه في الحج: إظهارُ البراءة من المشركين، وتعمُّدُ مُخالفتِهم، وقد بلغَ الأمرُ غايتَه حين تبَرَّأ - صلى الله عليه وسلم - من أعمالِ المشركين في خطبتِه يومَ عرفة، وأخبرَ أن كل شيءٍ من أمرِ الجاهلية فهو موضوعٌ تحتَ قدمَيه.
والشعائِرُ التي بَانَ تعمُّدُه المخالفةَ فيها كثيرة، من أهمِّها: التلبِيَة، وقد كان المشركون يُضمِّنُونها الشركَ بالله، ويقولون فيها: "إلا شريكًا هو لك، تملِكُه وما مَلَك"، فأخلَصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيها التوحيد، ونبَذَ الشركَ وتبرّأ منه.
ومنها: وقُوفه مع الناسِ بعرفة، ومُخالفتُه لكفار قريشٍ الذين كانوا يقِفُون في مُزدلِفة، ويقولون: لا نُفيضُ إلا من الحرَم.
ومنها: إفاضَتُه من عرفةَ بعد مَغِيبِ الشمس، ومن مُزدلِفَة بعد طلوعِ الشمس، مُخالِفًا المشركينَ في ذلك.
عباد الله:
لقد قرَّرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُخالفتَه للمشركين بقوله: «هَديُنا مخالفٌ لِهَديِهِم»، ولم يكن ذلك مُجردَ دعوَى ولا شِعار؛ بل كان يُخالفهم في كلِّ شيءٍ من هَديِهم، ويُحذِّرُ من التشبُّه بهم في أقوالِهم وأفعالِهم.
ومن صُورِ أحوالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع ربِّه في الحجِّ: كثرةُ تَضرُّعه ومُناجَاتِه، وإلحَاحِه في الدُّعاء، مُتلبِّسًا بالخشوع والسَّكِينة؛ فقد دعَا ربَّه في الطواف، وعند الوقوف على الصَّفَا والمروة، وأطالَ في الدعاءِ يومَ عرفة وهو على نَاقَتِه، رافعًا يدَيه إلى صدرِه، كاستطعامِ المِسكين، منذ أن استقرَّ في مقامِه الذي وقف فيه بعد الصلاة، إلى أن غَربَت الشمس.
وفي مُزدلِفة في المشعَر الحرام، منذ أن صلَّى الفجرَ، إلى أن أسفَرَ جِدًّا، قبل أن تطلُع الشمس.
وفي أيامِ التشريق، بعد رَميِ الجَمرَتين الأُولَيَين كان يستقبِلُ القِبلةَ ويقوم طويلاً يدعُو ويرفعُ يدَيه.
أما دعاءُ الثناءِ والذِّكر، فلم يُفارِقه - صلى الله عليه وسلم - منذ أن دَخَلَ في النُّسُك إلى أن عاد إلى المدينة.
وكان - عليه الصلاة والسلامُ - حاضرَ القلب، غير مُتشاغِلٍ بشيءٍ عن نُسُكِه، خاضِعًا لربِّه فيه، ذليلاً مُنكسِرًا بين يدَيه، كما كان - صلى الله عليه وسلم - خاشِعَ الجوارِح، يسيرُ سَيرًا ليِّنًا بسَكينةٍ ووَقار، ويؤدِّي مناسكَه بتُؤدةٍ واطمئنان، وحثَّ أصحابَه على ذلك فقال: «عليكم بالسَّكِينَةِ؛ فإنَّ البرَّ ليس بالإيضَاعِ»، والإيضاعُ: السيرُ السَّريع.
فأين غابَ هذا الهديُ النبويُّ عمَّن يُؤذُون إخوانَهم في الحجِّ، وخاصَّةً في أماكنِ الازدِحام، بالتدافُعِ والضربِ، والشِّجارِ والشَّتم، والصِّياحِ والبَذِيءِ من الكلام، وعدمِ مُراعاةِ حالِ الضُّعفاء من الناس.
أقولُ ما تسمَعون، وأستغفِرُ الله الجليلَ لي ولكم من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه وتوبُوا إليه؛ إن ربي غفورٌ رحيمٌ.
الخطبة الثانية:
الحمد لله المُتفرِّدِ بالخلقِ والاختيارِ، القائلِ في مُحكَم التنزيل: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) [القصص: 68]، أحمدُه - سُبحانه - جعلَ البيتَ الحرامَ مثابةً للناس وأمنًا، وخصَّه بأولِ بيتٍ وُضِعَ للناسِ هُدًى للعالمين ويُمنًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فيا أيُّها المسلمون .. حُجَّاج بيتِ اللهِ الحرام:
إن الأمنَ مَقصِدٌ جليلٌ، وهدفٌ نبيلٌ، كلُّ الناس يَسعَى إليه، ويجِبُ عليهم جميعًا أن يُحافِظُوا عليه.
ومن فضْلِ الله: أن جعلَ هذا البلد آمنًا، استجابةً لدعاء إبراهيم - عليه السلام -: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا) [البقرة: 126]، وقال - عزَّ مِن قائلٍ -: ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا) [البقرة: 125].
كما جعلَ كل شيءٍ فيه آمنًا؛ فلا يُصادُ صيدُه ولا يُنفَّر، ولا يُقطعُ شيءٌ من شجرِ الحرمِ ولا من نباتِه، وقال تعالى - مُمتنًّا على قريش التي كانت تعيشُ في بلد الله الحرام، في أمنٍ وأمان، والناس يُتخطَّفون من حولِها قتلاً وتشريدًا وسفكًا للدماء -، قال - سبحانه -: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) [العنكبوت: 67].
عباد الله: إنَّ الله تعالى قدْ قضى قضاءً مُحكمًا، وأمرًا مُبرَمًا، فقالَ عن بيتِه الحرام: (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) [آل عمران: 97]، فهو آمِنٌ قدَرًا وشرعًا.
والإلحادُ في البلدِ الحرام من أكبرِ الكبائر، قال تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج: 25].
قال ابنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -: "لو أن رجلاً همَّ فيه بإلحادٍ وهو بعَدَنِ أبيَن، لأذاقَه الله - عزَّ وجل - عذابًا أليمًا".
وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أبغضُ الناسِ إلى اللهِ ثلاثةٌ: مُلحِدٌ في الحرمِ، ومُبتغٍ في الإسلامِ سُنَّةَ الجاهليةِ، ومُطَّلِبُ دمِ امرئٍ بغيرِ حقٍّ ليُهريقَ دَمَه».
معاشرَ المسلمين:
ومن أعظمِ الإلحادِ في البلدِ الحرام: رفعُ الشعارات الدِّعائية الزائفة، والسعيُ للإخلال بأمن البلادِ، وإثارة الخوفِ والذُّعرِ والقلقِ بين أهلهِ وساكِنيهِ، وإرادةُ الفوضَى فيه والاضطراب، وتعكيرُ أجواءِ العبادةِ على الحجاج، وأذِيَّةُ مشاعرِهم، واستغلالُ هذا الموسِم العظيم لتصفيةِ حساباتٍ سياسية، وأحقادٍ مذهبية.
فالحذرَ الحذرَ -أخي المسلم- من إلحاق الأذَى والضَّرَر -أيًّا كان نوعُه- بحُجَّاجِ بيت الله الحرام، الذين هم وفدُ الله، وأن ترتكِبَ فِعلاً يُؤدِّي إلى انتهاك حُرمةِ أخيك المسلم، فضلاً عن أن يُؤدِّي إلى قَتلِه، وقد نهَى -صلى الله عليه وسلم - عن ترويعِ المؤمن، فكيفَ بما هو أعظمُ من ذلك؟!
قال - صلى الله عليه وسلم -: «لزوالُ الدُّنيا أَهونُ عند اللَّهِ من قتلِ مؤمنٍ بغير حق». وفي رواية: «ولو أنَّ أهلَ سماواتِه وأهلَ أرضِه اشترَكُوا في دمِ مؤمنٍ لأَدْخَلَهم اللهُ النارِ».
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يطُوفُ بالكعبةِ ويقول: «ما أطيبَكِ، وأطيبَ ريحَكِ! ما أعظمَكِ وأعظمَ حُرمتَكِ! والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ؛ لَحُرمةُ المؤمنِ أعظَمُ عندَ اللَّهِ حرمةً منْكِ، مالِهِ ودمِهِ، وأن نظنَّ بِهِ إلا خيرًا».
عباد الله:
إن من كَرمِ الله وإحسانِه، وعظيمِ فضلِه وامتِنانه: أن جعلَ لنا مواسِمَ نستكثرُ فيها من العملِ الصالح، ونتزوَّدُ فيها من القُرُبات. فحرِيٌّ بنا أن نغتَنِم ما بقِيَ من هذه العشر، وأن نُريَ الله من أنفسِنا خيرًا، ولا نَزهدَ في قليل من الخير أن نأتِيَه.
هذا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على خيرِ البريّة، وأزكَى البشرية: محمدِ بن عبد الله، فقد أمرَكم الله بذلك، فقال - عزَّ من قائلٍ -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجِه وذُريَّته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجِه وذُريَّته، كما بارَكتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكُفرَ والكافرين، واجعَل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين يا رب العالمين.
اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك - صلى الله عليه وسلم - وعبادَكَ الصالِحين. اللهم آمِنَّا في الأوطان والدُّور، وأصلِح الأئمةَ ووُلاةَ الأمور، ووفِّقهم لما فيه صلاحُ البلادِ والعباد، وارزُقهم البِطانةَ الصالحةَ، واجعَل ولايتَنا فيمن خافَك واتَّقاك، وعمِلَ برِضاكَ يا رب العالمين. اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا لما تُحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبرِّ والتقوَى، وارزُقه الرأيَ السديد، والعملَ الرَّشيد.
اللهم احفَظ حُجَّاج بيتك الأمين، واجعَلهم آمنِين مُطمئنِّين، ويسِّر حَجَّهم، ووفِّقهُم لأداءِ مناسكِهِم، وتقبَّل منهم أجمعين، واجعَل حجَّهم مبرُورًا، وسعيَهم مشكُورًا، وذنبهم مغفُورًا، وآتِهم سُؤلَهم، وحقِّق غايتَهم، وأعِدهم إلى أهليهم سالمين غانِمِين.
اللهم من أرادنا وأرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوء، فأشغله في نفسه، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا سميع الدعاء. اللهم كُن لإخوانَنا المُستضعَفين، والمُجاهدين في سبيلِك، والمُرابِطين في الثُّغور، وحُماةَ الحُدود، اللهم اربِط على قلوبِهم، وثبِّت أقدامَهم، واجمع كلمتَهم على الحقِّ، ووحِّد صفوفَهم، وانصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم، وكُن لهم مُعينًا ونصيرًا، ومُؤيدًا وظَهيرًا يا ربَّ العالمين.
عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل: 90- 91].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم