عناصر الخطبة
1/ مكانة بيت الله الحرام 2/ آيات الله البيِّنات في المسجد الحرام 3/ فضل الحج 4/ وصايا للحجيج.اقتباس
مشهدٌ يتكرَّرُ كلَّ عامٍ بصورةٍ فريدةٍ، تتعاقَبُ عليه الأجيال قرونًا عَديدة، وأزمنةً تَليدة، تلبيةٌ وطواف، وسعيٌ ووقوف، ومَبيتٌ ورميٌ للجِمار، وعَرَصاتٌ قصَدَها أنبياءُ الله ورسُلُه، والخُلفاء، والمُلوك، والرؤساء، والعلماء، وخلقٌ من الناس لا يُحصِي عددَهم إلا الله، كلُّهم يَفِدُون إليها، مُشرئبِّين إلى ما عندَ الله من فَضْلٍ، استجابةً لنداءِ إبراهيمَ الخليل لمَّا أمره ربُّه: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) إنها مَكّة، وبَكّة، والبيتُ الحرام الذي أُسَّسَ للعبادة والتوحيد والطاعة، (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ،..
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذي جعلَ (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ) [المائدة: 97]، جَعل أفئدةَ الناسِ تهوي إليه رجالاً ورُكبانًا، وعلى كلِ ضَامِر، أحمدُه - سبحانه - وأشكُرُه، وأتوبُ إليه وأستغفرُه.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً نرجُو بها الثباتَ على دِينِه، والنجاةَ يومَ أن نَلقاه، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، وخليلُه وخِيرتُه من خلقِه، سَيِّدُ الأولينَ والآخرين، وقائدُ الغُرِّ المحجَّلين، فصلواتُ الله وسلامُه عليه، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجِه أمهاتِ المؤمنين، ورضي الله عن الصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتَّقوا الله - عبادَ الله -، واعلَموا أن الأيامَ قُلَّب، والزمنَ يمُرُّ مَرَّ السَّحاب، ما مضَى منه فَات، والمُستقبلُ غَيْبٌ، وليس لنا إلا الساعةُ التي نحنُ فيها.
فالبدارَ البدارَ للهِ بالتقوَى، والاستِمساك بالعُروةِ الوُثقى، (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) [طه: 123].
أيها المُسلمون .. حجَّاج بيتِ الله الحرام:
مشهدٌ يتكرَّرُ كلَّ عامٍ بصورةٍ فريدةٍ، تتعاقَبُ عليه الأجيال قرونًا عَديدة، وأزمنةً تَليدة، تلبيةٌ وطواف، وسعيٌ ووقوف، ومَبيتٌ ورميٌ للجِمار، وعَرَصاتٌ قصَدَها أنبياءُ الله ورسُلُه، والخُلفاء، والمُلوك، والرؤساء، والعلماء، وخلقٌ من الناس لا يُحصِي عددَهم إلا الله، كلُّهم يَفِدُون إليها، مُشرئبِّين إلى ما عندَ الله من فَضْلٍ، استجابةً لنداءِ إبراهيمَ الخليل لمَّا أمره ربُّه: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: 27].
إنها مَكّة، وبَكّة، والبيتُ الحرام الذي أُسَّسَ للعبادة والتوحيد والطاعة، (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) [آل عمران: 95- 96]، لقد صَدق اللهُ، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [النساء: 122]، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) [النساء: 87].
لقد صدَقَ الله، فيه آياتٌ بيِّنات، نعم، إنها آياتٌ بيِّناتٌ لا يَمحُوها طولُ الزَّمن، ولا تَقادُمُ العُهود، آياتٌ بيِّناتٌ شاهدةٌ بفضلِه وقَداستِه، وشُموخه الذي يُطاوِلُ الزمان.
فيه مقام إبراهيم الذي رفع منه القواعد، يُناوِلُه ولدُه إسماعيل - عليهما السلام -، (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127].
مقامُه الذي به موطِئُه، رَطبًا حافيًا غيرَ ناعِل، شاهدًا على الهمَّة والإخلاص، والصدقِ في الاستجابةِ لأمرِ ربهِ.
فيه آياتٌ بيِّناتٌ بارزةً في السعي بين الصفا والمروة، ليستشعرَ الناسُ ما بذَلَته هذه الأسرة الصغيرة المُكوَّنةُ من أمٍ وطفلها، في وادٍ غير ذي زرعٍ، يُودِعُها فيه زوجُها، فتقولُ له: "آللهُ أمَرَك بهذا؟، فيقولُ: نعم، فتقول: إذًا لا يُضيِّعُنا".
إنه السعيُ شِعارُ القوة والبَذل والتوكُّل، إنه الاعتمادُ على الله والتوكُّل عليه، الذي غمَرَ قلبَ هاجرَ - عليها السلام - ليُكرِمَها الله بجبريل يبحَثُ بجناحَيهِ في الأرض، حتى ظَهرَ لها الماءُ فشَرِبَت منه، وأرضَعَت وليدَها.
إنه الزمزمُ الماءُ المبارك، إنه طعامُ طُعم، وشفاءُ سُقم. إنه الزمزمُ الذي لا يَغيضُ ولا يَنضَب، الماءُ المُعجزة الذي أدهَشَ العُلماءَ والخبراءَ، إنه الماء الذي قال عنه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «ماءُ زمزمَ لما شُرِبَ له»(رواه أحمد وابن ماجه).
نعم، حُجَّاج بيت الله الحرام:
إنه البيتُ الحرام الذي فيه آياتٌ بيِّنات، إنها آيةُ البركة التي وهَبَها الله بيتَه العتيق، بركةٌ في الأرض، وبركةٌ في العَيشِ، وبركةٌ في الطعام والشراب.
فقد جاء عند "البخاري" وغيره، أن إبراهيمَ - عليه السلام - لما جاء إلى زوج إسماعيل - عليه السلام - سأَلَها: "ما طعامُكم؟" قالت: اللحم، قال: "فما شرابُكم؟" قالت: الماء، قال: "اللهم بارِك لهم في الماءِ واللَّحم". قال: "فهما لا يخلُو عليهما أحدٌ بغير مكة إلا لم يُوافِقَاه"؛ أي: لا يخلُو أحدٌ فيقتصِرُ على الماء واللحم في غير مكَّة إلا اشتكَى بطنَه، (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37].
حُجَّاج بيت الله الحرام:
إن مكَّة التي حرَّمَها الله شاهِدةٌ على تلكمُ الآياتِ البيِّنات، يَستلهِمُ المؤمنون منها عظمةَ خالِقِهم - جلَّ شأنُه -، ثم قداسةَ هذا البيتِ العَتيق الذي أودَعَه الله آياتٍ بيِّنات ليعتَبرَِ أُولُو الأبصار.
إنها آياتٌ في المسجد، وآياتٌ في المشاعِرِ والعرَصَات، يُقبِلُ الحاجُّ إلى البيت ليكونَ أوّلَ ما يبدأُ به الطَّواف، وليكون أولَ ما يبدأُ به من الطوافِ: الحجرُ الأسودُ الذي جعلهُ الله من آياتِه البيِّنات في بيتهِ الحرام، إنه الحجرُ الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مسحَ الحجرِ الأسودِ والركنَ اليمانيَّ يحُطَّان الخطايا حطًّا»(رواه أحمد).
إنه لآيةٌ شاهِدةٌ على نبيٍّ كريمٍ، نبيِّ الحكمةِ والصدقِ والأمانةِ - صلواتُ الله وسلامُه عليه -، نبيٍّ يَجمعُ ولا يُفرِّق، يرحَمُ ولا يقسُو، يُصلِحُ ولا يُفسِد.
فإن القبائل من قريش لما اجتمَعَت لبناء الكعبة، وأخذَت كلُّ قبيلةٍ تجمَعُ على حِدَةٍ، فبنَوها حتى بلَغَ البُنيانُ موضِعَ الرُّكن، فاختَصَموا فيه، كلُّ قبيلةٍ تُريدُ شرَفَ رفعه إلى موضِعِه دون الأخرى، حتى تحالَفُوا وأعَدُّوا للقتال، فقال أحدُ حُكماءِ قُرَيش: اجعَلُوا بينَكم فيما تختلفون فيه أوَّلَ من يدخلُ من بابِ هذا المسجد يقضِي بينكم فيه، ففعلوا.
فكان أولَ داخلٍ عليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبَرُوه الخبر، قال: «هَلُمَّ إلَيَّ ثوبًا»، فأُتِيَ به، فأخَذَ الرُّكنَ فوضَعَه بيده، ثم قال: «لتأخُذ كلُّ قبيلةٍ بناحيةٍ من الثوبِ»، ثم رفَعُوه جميعًا حتى بلَغُوا به موضِعَه، فوَضَعَه هو - صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة، ثم بَنَى عليه.
إنه لآيةٌ بيِّنة، يمُرُّ طيفُها على كلِّ من شاهَدَ الحجَرَ، أو استلَمَه أو قبَّلَه، آيةُ نبيِّ الرحمة، البشير النذير، والسِّراج المُنير - صلواتُ الله وسلامُه عليه -، الذي قال - وهو الصادقُ المصدوقُ -: «نزَلَ الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايَا بني آدمَ» (رواه الترمذي).
قال المُحبُّ الطبريُّ: "في بقائِه أسودَ عبرةً، لمن له بصيرة؛ فإن الخَطايا إذا أثَّرت في الحجر الصلبِ، فتأثيرُها في القلبِ أشدُّ".
وقال الحافظُ ابنُ حجر: "واعترَضَ بعضُ المُلحِدِين على هذا الحديث فقال: كيف سوَّدَته خطايا المشركين، ولم تُبيِّضه طاعاتُ أهل التوحيد؟ وأُجيبَ بما قال ابن قُتَيبة: "إن الله أجرَى العادةَ بأن السوادَ يصبَغ ولا يَنْصَبِغ، على العكس من البياضِ". اهـ كلامُه.
ولا تعنِي هذه الآية البينة - حُجَّاج بيت الله الحرام - أن هذا الحجرَ له بركةٌ خاصَّة، أو أنه يَضُرُّ أو ينفَع، كما أنها لا تعنِي أن يقتَتِلَ الناسُ على تقبيله واستلامِه، فقد قال الفاروق - رضي الله عنه -: "إني لأعلَمُ أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تَنفعُ، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلُك ما قبَّلتُك".
لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للفاروق - رضي الله عنه -: «إنَّك رجلٌ قويٌّ فلا تُزاحِمْ فتُؤْذِي الضعيفَ، إنْ وَجَدتَ فُرجةً فاسْتلِمْهُ، وإِلَّا فاسْتقبلْهُ وهَلِّلْ وكَبِّرْ» (رواه أحمد).
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 95- 96].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنبٍ وخَطيئةٍ، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إن ربي كان غفورًا رحيمًا.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله على إحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتِنانِه.
وبعد .. فيا حُجَّاج بيت الله الحرام:
لقد حلَلتُم أهلاً، ووطِئتُم سهلاً، هذه مكةُ أمُّ القرى، والبلدُ الأمين، جعَلَ الله فيها هذا النُّسُك، جامِعًا فيه حُرمةَ الزمان وحُرمةَ المكان، وفي الحُرمَتَين قِوامُ الأمن المُفرِزَ للسكينة، والتواضُع، والتراحُم.
فزمنُ النُّسُك وعرَصَاتُه يلفِظَان أيَّ شعارٍ غيرَ شعارِ التوحيد: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لهُ المُلك وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، وشِعار التلبِية: لَبَّيْكَ اللهُم لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ لاَ شَرِيكَ لَكَ.
وما الحجُّ - عباد الله - إلا طوافٌ وسعيٌ، ووقوفٌ ومَبيتٌ ورميٌ، وحَلقٌ أو تقصيرٌ.
وإنَّ من فَضلِ اللهِ على عِباده: أن هيَّأَ لهذا البيت عبرَ الأزمان من يقومون بوِفادَة الحُجَّاج، فكانت قبائِلُ العرب تتقاسَمُ ذلكم؛ قومٌ بالسِّقاية، وقومٌ بالإطعام، وآخرون بالحماية، فتعاقَبَت على ذلكم الأجيالُ والدولُ، حتى هيَّأَ الله لبيتهِ بلادَ الحَرمين الشريفين، المملكةَ العربية السعودية، راعِيةً أمرَه، وهي تشرُفُ بخدمتِه، مُدلِّلةً ما من شأنه التسهيلُ على الحَجيج في غُدُوِّهم وروَاحِهم ومَرَاحِهم، باذِلةً وُسعَها في التشييد والإِعمار بما يشهَدُ به القاصِي والدانِي.
جعَلَها الله بلادًا آمنةً مُطمئنَّةً وسائرَ بلاد المسلمين.
وإن لكم على هذه البلاد - حُجَّاج بيت الله الحرام - التَّرحاب، وبذلَ العَون، والأمنَ والراحةَ، منذ قُدُومِكم سالِمين، إلى رواحِكم غانِمِين - بإذن الله -، وإن لها عليكم استِشعارَ هَيبة المشاعر، والتِزامَ الأناة والرفق، والأنظمة والتعليمات التي تصُبُّ في مصلحة الحَجِيج، وعدمَ الإخلال براحتهم وأذيَّتهم في نُسُكهم.
فلا مجالَ لمُزايَدَاتٍ بشِعاراتٍ لا صلةَ لها بالحجِّ، ولا مجالَ لشَرخِ نُسُك العبادة بما ليس منها؛ فقد كان أهلُ الجاهلية يقِفُون في المشاعِر، ويفتخِرُون بآبائِهِم وانتصاراتهِم، فأبطَلَ الإسلامُ ذلك بقوله: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 200].
هذا وصلُّوا - رحمكم الله - على خيرِ البريَّة، وأزكى البشريَّة: محمد بن عبد الله صاحبِ الحوضِ والشفاعة؛ فقد أمرَكم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المُؤمنون -، فقال - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ صاحبِ الوجهِ الأنوَر، والجَبين الأزهَر، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وجُودِك وكرمِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكرُوبِين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، وسلِّم الحُجَّاجَ والمُسافِرِين في برِّك وجوِّك وبحرِك يا أكرمَ الأكرمين.
اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمَّتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعَل ولايتَنا فيمن خافَك واتَّقَاك واتَّبعَ رِضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم كُن لإخواننِا المُرابِطِين في الحدود، اللهم كُن لإخواننا المُرابِطِين في الحدود، اللهم كُن معهم ولا تكُن عليهم، اللهم انصُرهم ولا تخذُلهم، اللهم انصُرهم على المُعتدين يا ذا الجلال والإكرام، يا رب العالمين.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
سُبحان ربِّنا ربِّ العزّةِ عما يَصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العَالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم