عناصر الخطبة
1/ فضائل شهر رمضان 2/ كثرة أبواب الخيرات في شهر رمضان 3/ ثمرات الصيام 4/ وجوب الحذر من لصوص رمضان 5/ تذكُّر مصائب المسلمين في كل مكان.اقتباس
ضيفُكم الكريمُ هو الفرصةُ السانِحة، والصفقةُ الربَّانيَّةُ الرابِحة للتزوُّد للدار الآخرة بالأعمال الصالِحة، وليس إلى مرضاةِ الرحمن كبيرُ مشقَّةٍ واقتِحامُ عناءٍ، إن راقبَ المُسلمُ نفسَه وأولاها الحزمَ والاعتِناء، وبادرَ إلى الطاعة دون تلكُّؤ أو وَناء، مُعتبِرًا بمن كانوا بيننا في العام الماضِي وقد سرَت بهم المنايا القواضِي. فالبِدارَ البِدارَ إلى فضلِ الله الممنُوح، قبل فواتِ الرُّوح. أجهِدوا أنفسَكم أن يكون عهدُ التوانِي منسُوخًا، وزمنُ التسويفِ مفسُوخًا؛ فمن أخلدَ للتوانِي حصَدَ الأوهامَ والأماني...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، المُنعِم على عبادِه بما هداهم إليه من الإيمان، والمُتِمِّ إحسانه بما بلَّغهم به من شهر رمضان، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، جعلَ الأوقاتَ مكنزًا للقُرُبات ومفازًا، وفوزًا لمن استبَقَ الطاعات ومتابًا.
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ العباد صيامًا وقيامًا وأسماهم جنابًا، صلَّى الله وباركَ عليه، وعلى آله وصحبِه الذين بلغوا من الزكاءِ أمرًا عُجابًا، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مُستطابًا.
أما بعد .. فيا عباد الله:
إن خيرَ ما استكَنَّ في الجَنان، وثَرَّ به اللسان: الوصيةُ بتقوَى الرحيم الرحمن؛ فبتقوَى الله تحصُلُ البركات، وتندفِعُ الفوضَى والهلَكَات، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
من يتَّقِ الرحمنَ حفَّه الفرَج *** وأمرُه يُسرٌ فلا يخشَى الحرَج
فاهنَأْ بفوزٍ أيها التقيُّ *** فأنت بالعيشِ الهنِي حرِيُّ
معاشر المسلمين:
هذا موسِمُ الصوم قد أشرقَت ولادتُه، وتألَّقَت بين الأنام إطلالتُه، وقد كانت الأعناق ترقُبُه، وأشواقُ أهل الإيمان تستشرِفُه .. كيف لا، وهو شهرُ رمضان دُرَّة الأزمان.
جاء الصيامُ فجاء الخيرُ أجمعُه *** ترتيلُ ذكرٍ وتحميدٌ وتسبيحُ
فالنفسُ تدأَبُ في قولٍ وفي عملٍ *** صومُ النهارِ وبالليلِ التراويحُ
فكم لله من نفَحَاتِ خيرٍ *** بمقدَمِك السعيدِ أخَا السَّناءِ
وكم خشَعَت قلوبُ ذوِي صلاحٍ *** وكم دمَعَت عيونُ الأتقياءِ
أمة الإسلام:
ها هي أمَّتُنا الإسلاميةُ تنعَمُ بعبَقِ شهرها الخالِد، وأيامِها الفيحَاءِ التوالِد، وتتفيَّؤُ خيرَه الوارِف المُزدانِ بأسنَى المطارِف، وترشُفُ رحيقَه، وتنهَلُ ريَّاه، وتستلِي أنوارَه، وتتملَّى بديعَ مُحيَّاه.
فهو شهرٌ تبلَّجَ بيُمنِه الصباح، وتأرَّجَت الأمصارُ بعبَقِه الفوَّاح .. ربيعُ الذاكرين .. وأُنسُ العابِدين .. وروضةُ القاصِدين .. معينٌ ثرَّارٌ للمُتنافِسين .. ومنهَلٌ بالتُّقَى عذبٌ يرِدُه العُبَّادُ المُتسابِقُون. تفيضُ أيامُه بالقُرُبات والسُّرور، وتُنيرُ ليالِيه بالآيات المتلُوَّات والنور.
رمضانُ بالحسناتِ كفُّك تزخَرُ *** والكونُ في لألاءِ حُسنِك مُبحِرُ
هتَفَت للُقياكَ النفوسُ وأسرَعَت *** من حُوبِها بدمُوعِها تستغفِرُ
أمة الإيمان:
ضيفُكم الكريمُ هو الفرصةُ السانِحة، والصفقةُ الربَّانيَّةُ الرابِحة للتزوُّد للدار الآخرة بالأعمال الصالِحة، وليس إلى مرضاةِ الرحمن كبيرُ مشقَّةٍ واقتِحامُ عناءٍ، إن راقبَ المُسلمُ نفسَه وأولاها الحزمَ والاعتِناء، وبادرَ إلى الطاعة دون تلكُّؤ أو وَناء، مُعتبِرًا بمن كانوا بيننا في العام الماضِي وقد سرَت بهم المنايا القواضِي.
فالبِدارَ البِدارَ إلى فضلِ الله الممنُوح، قبل فواتِ الرُّوح. أجهِدوا أنفسَكم أن يكون عهدُ التوانِي منسُوخًا، وزمنُ التسويفِ مفسُوخًا؛ فمن أخلدَ للتوانِي حصَدَ الأوهامَ والأماني، وخيرُ الدُّرَر ما صحَّ عن سيِّد البشر - عليه الصلاة والسلام -.
عن أم المُؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيرِه" (رواه مسلم).
فصيامُ نهاره، وقيامُ ليلِه طريقُ السعادة والسُّرور، والبهجَة والحُبُور.
في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «للصائِمِ فرحتَانِ يفرحُهما: إذا أفطرَ فرِحَ، وإذا لقِيَ ربَّه فرِحَ بصومِه».
وما دعا عبدٌ ربَّه إلا أجابَه، ولم يُوصِد دونَه بابَه.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: «إن للصائِمِ عند فِطرِه لدعوةً ما تُردُّ» (أخرجه ابنُ ماجَه).
شهرٌ حبَاهُ إلهُ العرشِ مكرُمةً *** فيرحمُ الله من ضاقَت به السُّبُلُ
هو الرءوف بنا هل خابَ ذو أملٍ *** يدعُو رحيمًا بقلبٍ ذلَّه الخجَلُ
فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل .. يا باغِيَ الخيرِ! أقبِل .. حيَّهلاً بمن اختارَ الخيرَ من نواحِيه وأطرافِه، ولزِمَ المعروفَ من قواصِيه وأكنافِه، وكان ديدَنُه الذكرَى والترتيلَ والصدقةَ، والاستغفارَ والتوبةَ والنفقةَ.
أمة الصيام والقيام:
ألا فلتجعَلوا لجوارِحكم زِمامًا من العقل والنُّهَى، ورقيبًا من الورَع والتُّقَى، حِفظًا للصيام عن النقصِ والانثِلام. فأيُّ غناءٍ في أن يدَعَ بعضُ المسلمين طعامَه وشاربَه، ثم يركَبُ الصعبَ والذَّلُولَ للآثام والمُوبِقات، والمعاصِي والمُنكَرات، لا يرُدُّه من الدينِ وازِع، ولا ينزِعُ به من حُرمةِ الشهر نازِع.
وتحذيرًا للوالِغين في هذا المكرَع الآسِنِ وتنبيهًا: يقولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رُبَّ صائِمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوعُ والعطَش، ورُبَّ قائِمٍ ليس له من قيامِه إلا السهرُ والتعَب» (أخرجه النسائي وابن ماجه).
وهل مقاصِد الصيام العِظام - يا أمة خير الأنام - عليه الصلاة والسلام - إلا تهذيبُ النفوس وترقِيَتُها، وزمُّها عن أدرانِها وتزكِيَتُها؟! وذلك هو المُرادُ الأسمَى، والهدفُ الأسنَى من شِرعَة الصيام، إلا وهو: التقوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
يقول الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: "الصيامُ لِجامُ المُتقين، وجُنَّةُ المُحارِبين، ورياضةُ الأبرار والمُقرَّبين".
فالصيامُ تُرسٌ للمُسلم من الخطايا والأوزار، ولأَمَةٌ دون التلطُّخ بالأدران والأكدار، وجُنَّةٌ واقِيةٌ من لهيبِ النار، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «الصيامُ جُنَّةٌ يستجِنُّ بها العبدُ من النار» (أخرجه الإمام أحمد في "مسنده").
ولكن مع شديدِ الأسَى والأسَف، ضلَّ أقوامٌ عن مسالِكِ الرشاد، في هذه الأيام الغُرِّ المُبارَكة، فصامُوا عن الطعام والشرابِ، وما صامُوا عن فضائيات الفسقِ والمُجُونِ، ومُشاهَدة فُنون الفُتُون، ومجالسِ الغِيبَة والنميمةِ والبُهتان، ومُنتديَات ومواقِعِ الشائِعات، والطُّعون والاتهامات.
فيا معشرَ الصائمين:
أين آثارُ الصيام الهَتُون؟! أين أنوارُ القيام في مُقَل العيُون؟! أما حلَّقَت بكم أشواقُ الأرواح إلى سِماكِ الإخباتِ والسَّكينة، وقُنَنِ الطُّهر والطُّمأنينة؟! أين اغتِنامُ الشهر بأيامهِ وليالِيه؛ بل بدقائقِه وثوانِيه؟! إنكم لن تبلُغُوا من رمضان مُرامَكم إلا إن أولَيتُم فضائلَه ومقاصِدَه اهتمامَكم.
إنها مُناشَدةٌ جهيرَة في مطلَع هذا الشهر العظيم، أن يتنادَى المُسلمون جميعًا إلى التواصِي بالحقِّ والخيرِ والتعاوُن على البرِّ والتقوَى.
ويا حملَة الأقلام .. ورجال الإعلام! هلمُّوا إلى عقدِ ميثاقٍ أخلاقيٍّ مهنيٍّ، يصُونُ المبادئَ والقيَم، ويحرُسُ المُثُل والشِّيَم، ويُعلِي صرحَ الفضيلَة التي انتحَبَت من الوأد غِيلَة، ويصُونُ هيبَة أيام الصيام وليالِيه العِظام.
هلُمُّوا إلى التصدِّي للحملات الإعلاميَّة المُغرِضَة ضدَّ دينِكم وبلادِكم، وضدَّ الإسلام ونبيِّه وكتابِه وبلادِه، ورموزِه ورجالاتِه، وأن يُفعَّلَ الإعلامُ الإسلاميُّ من حيِّز التنظيرِ والنجوَى إلى واقعِ الحِراكِ والجدوَى.
والتوجيهُ موصولٌ إلى الآباء والأمهات كرامِ الأصول أن يتَّقوا الله في تربيةِ البنين والبنات، فيُجلُّوا عن صفَحات عقولِهم ومرائِي قلوبِهم الانهِزاميَّةَ والتبَعيَّة، ولوثَات المشارِبِ الفكريَّة، والمآربِ الأخلاقيَّة والسلُوكيَّة، والإرهابِ والأعمال التطرُّفيَّة. ويغرِسُوا فيهم الفضائل الدينية، والآداب الإسلاميَّة، والسُّنَّة السنيَّة.
وأن يصُونوهم عن تمزيقِ الأوقاتِ المُبارَكات في ذَرعِ الأسواقِ والطُّرُقات، والتسمُّر أمامَ القنوات والفضائيَّات.
ألا فاتَّقوا الله - عباد الله -، وخذُوا من مدرسَةِ الصيام دروسًا خيِّرة، وعِبَرًا نيِّرة، وأكثِرُوا من تلاوةِ القرآن وتدبُّره، ففيه الهُدى والبيان.
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
باركَ الله لي ولكم في الوحيَين، ونفَعني وإياكم بهديِ سيِّد الثَّقَلَين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائر المُسلمين والمُسلمات من كل الذنوبِ والآثامِ والخطيئاتِ، فاستغفِرُوه وتوبوا إليه، إن ربي غفورٌ حليم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله خصَّنا بأعظَم شهرٍ مشهُود، تنامَت فيه البركاتُ والسُّعود، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى اليوم الموعود.
أما بعد:
فاتَّقوا الله - عباد الله -، وزكُّوا أعمالَكم وأقوالَكم في شهرِ صومِكم بالصدقِ والإخلاص، واغتنِمُوا أوقاتَكم الشريفةَ قبل أن يُؤخَذَ بالنواصِ، ولاتَ حين مناص.
إخوة الإيمان:
ولئن كان شهرُ الصيام رافِدًا أساسيًّا لصدقِ الانتِماء، وحقيقةِ الالتِزام؛ فإن أمَّتَنا لا تزالُ عطشَى إلى الوعيِ النافِذِ بمكائِدِ الأعداء، وتحديَات الألِدَّاء، الذين يتقحَّمون الزُّورَ والبَهيتَة، والفِرَى العفِنَةَ المقيتَة، ولا يتورَّعُون عن الأكاذِيب العِظام، ولو كانت في حقِّ صفوَة الأنام.
لذلك فإنه يجدُرُ بكل مُسلمٍ غيُورٍ - ونحن في شهر الصيام - ألا ينساقَ خلفَ الشائِعات، وخصوصًا ممن ألِفَها وجعلَها من العادات، وأن يعملَ ليلَ نهار ممن يعمَلُوا ليلَ نهار على زرعِ الإرهابِ والطائفيَّة في الأمة الإسلاميَّة، ويستغِلَّ الشعائِرَ الدينية لتحقيقِ أطماعٍ سياسيَّة، ومآرِبَ دُنيويَّة.
وإنه لجديرٌ بنا أن نُترجِمَ مقاصِدَ هذا الشهر العظيم بإخلاصِ العبادةِ لله وحدَه لا شريكَ له، وتحقيقِه في كلِّ عباداتنا وشعائِرِنا، وأن تجتمِعَ كلمتُنا، وتتوحَّدَ صفوفُنا، وتتآلَفَ قلوبُنا، وأن ننبُذَ الفُرقةَ والاختلافات والانقِسامات لتحقيقِ الأُمنِيات، وتجاوُز الأزمَات والتحديَات.
فيا أمةَ المِليار! يا من تجمعُها شِرعةُ الإمساكِ والإفطار! إنه لحَرِيٌّ بنا أن نحُلَّ قضايا أمَّتنا، ونُعالِجَ آلامَنا، وأن نستشرِفَ مصائِرَنا وآمالَنا، في عزَّةٍ وإباء، وشُموخٍ وإعلاء. فرمضانُ شهرُ النصر والعزَّة والتمكين.
لاسيَّما قضيَّة فلسطين والمسجِدِ الأقصَى الحزين، والحدُّ من استِمرار العُدوان الصهيونيِّ الغاشِمِ على الأرض المُبارَكة وأكنافِها.
وكذا ضرورةُ إحلالِ الأمن والوَحدَة في بلاد الرافِدَين وبلاد الشامِ التي زادَ التقتيلُ فيها والإجرام، والحِصارُ والرَّزايا العِظام، من قِبَل جحافِلِ البطشِ والاستِبداد، وكواسرِ الطُّغيان والإفساد، في أبشَع انتِهاكٍ للحقوق الإنسانيَّة، وأوضَع انتِهاكٍ للأعرافِ الدوليَّة.
وفي اليمن السعيد وما أدراك ما اليمنُ السعيدُ الذي يتجرَّعُ أهلُه مُرَّ المذاق، وأحوالُه تُهيجُ عبَرَاتِ الأحداق، فإلى دروبِ التحريرِ والنصر والعِزِّ، يا أهلَ اليمن وتعَزّ!
وأين نحن من مُسلمِي بُورما وأراكان الذين استقبَلُوا شهرَ القرآن بالإبادة والتشريد، والطُّغيان والتهجيرِ ومزيدِ الوعيد.
وإخوةُ الدينِ في الأمصارِ يمحَقُهم *** بطشُ الطُّغاةِ على مرأَى من الأُمَمِ
والمُسلمون على شُعَبٍ مُمزَّقةٍ *** الله أكبرُ كم في النفسِ من ألَمِ
ولكنَّ الله ناصِرٌ أولياءَه، ومُتبِّرٌ أعداءَه، وإن طالَ الدُّجَى زمنًا فارفَعوا أكُفَّ الضراعَةِ لكم ولأهلِيكم وأمَّتِكم، وألِحُّوا عليه - سبحانه - بالدعاء، وارفَعوا إليه الشكوَى والنداء أن ينصُرَ إخوانَكم المُستضعَفين والمُشرَّدين والمنكُوبين والمُحاصَرين والمأسُورين والمُضطهَدين في كل مكان، وأن يُفرِّج كروبَهم وهُمومَهم، ويكشِفَ شدائِدَهم وغُمومَهم.
كما نتذكَّرُ - بحمدِ الله وفضلِه - نعمةَ الله علينا في هذه البلادِ المُبارَكة بالأمنِ والأمانِ، وما ينعَمُ به المُعتمِرُون والزائِرون من أجواءٍ إيمانيَّةٍ وأمنيَّة، وتسهيلاتٍ خدميَّةٍ وتنمويَّةٍ، كلُّ ذلك بفضلِ الله، ثم ما تبذُلُه هذه الدولةُ المُبارَكة في خدمةِ الحرمين الشريفين وقاصِدِيهما. جعلَه الله في موازين أعمالهم الصالحة.
هذا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على إمام المُرسَلين، وقُدوة الصائِمين القائِمين: النبيِّ الأميِّ الأمين، كما أمرَكم بذلك ربُّ العالمين في مُحكَم الكتابِ المُبين، فقال تعالى قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
يا فوزَ من صلَّى عليه فإنه *** يحوِي الأمانِي بالنعيمِ السرمَدِ
صلَّى عليه الله جلَّ جلالُه *** ما لاحَ في الآفاقِ نجمٌ فرقَدِ
وارضَ اللهم عن خلفائِه الراشِدين: الأربعة الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعَل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورِنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبرِّ والتقوَى، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم وفِّقه ونائبَيه وأعوانَه إلى ما فيه صلاحُ البلاد والعباد.
اللهم وفِّق جميعَ ولاة المُسلمين للحُكم بشريعتِك، واتِّباع كتابِك وسُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، واجعَلهم رحمةً على عبادِك المُؤمنين.
اللهم ادفَع عنَّا الغلا والوبَا والرِّبا والزِّنا، والزلازِلَ والمِحَن، وسُوءَ الفتن ما ظهرَ منها وما بطَن.
اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكرُوبين، واقضِ الدَّينَ عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين.
اللهم مُنَّ علينا بحُسن الصيام والقيام، واكتُبنا من عُتقائِك من النار في هذا الشهر الكريم يا ذا الجلال والإكرام.
يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتِك نستغيثُ، فلا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه.
اللهم انصُر إخوانَنا المُجاهِدين في سبيلِك والمُضطهَدين في دينِهم في كل مكان، اللهم كُن لهم في فلسطين، اللهم أنقِذ المسجِدَ الأقصَى من براثِنِ اليهود المُحتلِّين، والصهايِنة المُعتَدين، اللهم اجعَله شامِخًا عزيزًا إلى يوم الدين.
اللهم أصلِح أحوالَ إخوانِنا في العراق، اللهم أصلِح أحوالَ إخوانِنا في بلاد الشام، اللهم إنهم مظلُومون فانصُرهم، اللهم عجِّل بفرَجِك ونصرِك لهم يا قويُّ يا عزيز، اللهم أصلِح حالَ إخوانِنا في اليمَن، اللهم اجمَعهم على الكتابِ والسنَّة، اللهم وفِّق المُسلمين في مشارِق الأرضِ ومغاربِها إلى الاعتِصام بالكتابِ والسنَّة يا ذا الجلال والعظمةِ والمنَّة.
اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا المُحافِظين على ثُغور بلادِنا وحُدودنا، والمُرابِطين بها يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّق رجالَ أمنِنا الذين يبذُلُون جهودًا عظيمةً في خدمةِ المُعتمِرين والزائِرين.
اللهم كُن لكل من قدَّم خدمةً لبيتِك الحرام، ومسجدِ نبيِّك - صلى الله عليه وسلم - وقاصِديهما، يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
ربَّنا تقبَّل منَّا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالدِينا ووالدِيهم وجميعِ المُسلمين والمُسلِمات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم