اللعن

سالم بن عبد الكريم الغميز

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/التحذير من إطلاق اللسان 2/تساهل الناس في اللعن 3/المقصود باللعن والتحذير منه 4/ذكر الملعونين في القرآن والسنة

اقتباس

إن المسلم مسئول عن كل تصرفاته وألفاظه وأفعاله، لذا وجب علينا -أيها المسلمون-: أن نحاسب أنفسنا وأن نحسب لتصرفاتنا ألف حساب، فما كان منها موافقا لأمر الله ورسوله أمضيناه، وسرنا فيه، وما كان منها مخالفاً لأمر الله ورسوله توقفنا عنه، وتركناه و...

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

 

 

أما بعد:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه وراقبوه ولا تعصوه.

 

أيها المسلمون: يقول تبارك وتعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[الإسراء: 36].

 

نعم -أيها المسلمون-: إن المسلم مسئول عن كل تصرفاته وألفاظه وأفعاله، لذا وجب علينا -أيها المسلمون-: أن نحاسب أنفسنا وأن نحسب لتصرفاتنا ألف حساب، فما كان منها موافقا لأمر الله ورسوله أمضيناه، وسرنا فيه، وما كان منها مخالفاً لأمر الله ورسوله توقفنا عنه، وتركناه وراء ظهورنا.

 

أيها المسلمون: لقد أصبح كثير من المسلمين اليوم لا يبالون بتصرفاتهم وما يصدر عنهم من أقوال، وقد يكون في هذه الأقوال ما فيه خسارة دينهم ودنياهم؛ روى الإمام الترمذي والنسائي وغيره من حديث بلال بن الحارث أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله -تعالى- ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله -تعالى- ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة".

 

فكان علقمة أحد رواة هذا الحديث يقول: "كم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث".

 

عباد الله: ولقد أصبح اللعن والقذف عادة عند كثير من الناس في هذا الزمان، حتى أصبح وكأنه تحية عند البعض مع أن اللعن كبيرة من كبائر الذنوب.

 

ذلك أن اللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله -عز وجل-، فما بالك فيمن يكون هذا دأبه مع أبنائه وإخوانه؟!

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش والبذيء"[رواه الإمام الترمذي].

 

بل إن اللعانين يحرمون في الآخرة من الشفاعة لغيرهم؛ روى الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه: "إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شفعاء ولا شهداء".

 

ولعن المؤمن كقتله؛ لأن القاتل يقطع من قَتَله عن منافع الدنيا، والذي يلعن المؤمن يريد أن يقطعه عن نعيم الآخرة وعن رحمة الله التي وسعت كل شيء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لعن مؤمناً فهو كقتله".

 

كما أنه لا يجوز اللعن بالتعيين؛ لأنه إذا لعن المرء رجلاً مسيئاً زاده شراً على ما هو عليه.

 

أما من يجوز لعنهم على العموم، وليس على وجه التخصص فهم كثير، ولكن نذكر منهم أنواعاً حتى نحذر المسلمين، وأن لا يقعوا فيما يقعون فيه من الأعمال التي توجب لعن الله ورسوله، فهذه اللعنة لمن عمل هذا العمل.

 

وقد ورد في السنة والقرآن اللعن على من يعمل أعمالاً معينة، فالكفار والعصاة والظالمون بشكل عام ملعونون؛ روى ابن ماجة والحاكم في مستدركه عن عقبة بن عامر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ هو المحِلل. فلعن الله المحل والمحلل له".

 

والمحلل، هو الذي يتزوج المرأة المطلقة ثلاث مرات ليحلها لزوجها الأول ليس إلا.

 

روى البخاري ومسلم وغيرهما، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده".

 

وممن ورد لعنهم في السنة: شارب الخمر وساقيها وعاصرها وبائعها ومشتريها.

 

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل، فقال: يا محمد! إن الله -عز وجل- لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها، وشاربها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها، وساقيها ومسقيها".

 

وممن لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من سب والديه؛ روى الإمام أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه يلعن أبا الرجل فيلعن أباه، ويلعن أمه فيلعن أمه".

 

وروى الإمام مسلم وأحمد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غير منار الأرض".

 

وممن لعنهم الله -عز وجل-: من أتى امرأة في دبرها ومن عمل قوم لوط.

 

روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة: "ملعون من أتى امرأة في دبرها".

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ملعون من سب أباه، ملعون من سب أمه، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غير تخوم الأرض، ملعون من كمه أعمى عن طريق، ملعون من وقع على بهيمة، ملعون من عمل بعمل قوم لوط".

 

وممن ورد لعن في السنة: من حال بين الحق وأهله؛ روى الإمام النسائي وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "ومن قتل عمداً فقود يديه، فمن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

 

وممن لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه؛ فعن أبي مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، هم فيه سواء"[رواه أحمد والترمذي وابن ماجة].

 

وممن ورد لعنه في السنة: من سب الصحابة؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله من سب أصحابي" [رواه الطبراني].

 

ومن الملعونين أيضاً: من وسم حيواناً في وجهه؛ رواه الطبراني عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله من وسم في الوجه".

 

وكذلك ممن لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قذف المؤمنات المحصنات.

 

وممن ورد لعن في السنة: الراشي والمرتشي؛ روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي".

 

فاتقوا الله -عباد الله- واعملوا بطاعة الله: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)[الأحزاب: 57].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وتاب علي وعليكم..

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له...

 

أما بعد:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه وراقبوه ولا تعصوه.

 

وممن ورد لعنه في السنة؛ من النساء حتى نحذر أهلينا، وممن تحت أيدينا من النساء، وحتى لا يقعن في هذا الفعل: الخامشة وجهها، والشاقة جيبها.

 

فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الخامشة وجهها، والشاقة ثوبها، والداعية بالويل والثبور".

 

ومنها أيضاً: الواشمة والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة، والهاجرة لفراش زوجها.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: واحذروا لعنة الله ورسوله، ولا تقعوا فيمن يفعل هذه الأفعال، وقوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة.

 

فاتقوا الله -عباد الله-: وصلوا على رسول الله؛ كما أمركم بذلك مولاكم.

 

اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً، اللهم عليك بالطغاة.

 

اللهم عليك باليهود والنصارى...

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].

 

عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل:90].

 

 

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات