عناصر الخطبة
1/ التكبير يوم العيد 2/الاجتماع والألفة يوم العيد 3/ضرورة التفاؤل الإيجابي بنصرة الإسلام 4/تميز أعياد المسلمين عن أعياد غيرهم 5/سر الفرح في العيد 6/من أسرار العيداهداف الخطبة
1/بيان بعضاً من أسرار العيد 2/ التذكير بالألفة والاجتماع والتواصل بين المسلميناقتباس
العيد في الإسلام فهو معان عظيمة، ومثل كريمة، ومنافع كبيرة، ومصالح عاجلة وآجلة، والإسلام له عيدان لا ثالث لهما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما يكونان عقب عبادة عظيمة، وبعد ركن من أركان الإسلام يؤدى كل ركن في أفضل زمان، فعيد الأضحى يعقب الوقوف بعرفات ويكون يوم الحج الأكبر، وعيد الفطر يكون بعد صيام شهر رمضان وقيامه، وبعد اجتهاد في العبادة وتشمير في الطاعة في أيام وليالٍ فاضلة شريفة، وساعات منيفة يضاعف فيها الثواب ويتقي فيها المسلم العقاب، يسابق فيها المسلم الزمن، ويبادر ساعات العمر بصالح العمل...
الخطبة الأولى:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد, الله أكبر كبيرًا نشيدنا الخالد، فالله أكبر من كل قوة، والله أكبر من كل سلطة، والله أكبر من كل هيئة، والله أكبر من كل كيان, الله أكبر له البقاء والرفعة، الله أكبر له الثناء والمجد، الله أكبر له البقاء أبدا سرمديا، الله أكبر الله أكبر.
والتكبير يوم العيد سنة سنها رسول الله في المناسبات وغيرها، فكأنما تقول للناس: يا من تكبر وتجبر إن الله أكبر منك، ويا من غفل وسها وتمرد على الله, الله أكبر منك.
في العيد نلبس الجديد، ونظهر النعمة التي أنعم الله بها علينا، فنقول بلسان الحال: يا رب هذه نعمك علينا، يا رب هذا اللباس الذي ألبستنا، ونقول للناس: انظروا لنعم الله علينا، انظروا لفضل الله، انظروا لكرم الله علينا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" وقال: "إذا أتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته". وقد خرج -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد ليصلي بالناس وليقود الجماهير لخطبة عظيمة، فلبس حلة حمراء من أحسن الحلل ليظهر جمال الإسلام وكماله.
أيها الإخوة: في يوم العيد نتوضأ ونغتسل لأن ذلك سنة، ونخرج ونقول: يا رب طهرنا الأجساد فطهِّر القلوب، طهرنا الظاهر فطهِّر الباطن، طهرنا ما ظهر للناس فطهر ما خفي عنهم.
أيها الإخوة: ها هي الملائكة تصافح الناس في الطرقات فرِحةً سعيدة فاليوم عيد, وها هي شمسنا تشرق باسمةَ الثغر مستبشرة بيوم جديد فاليوم عيد, وها هم أحبابنا وأهلونا، قلوب تتصافح، ونفوس تتصافى، ودّ وإخاء، اجتماع وتراحم، وعهد إخاء يتجدّد، تعاونا على البر والتقوى، وتواصيا بالحق والصبر، وأحلاما لغد مشرق تلوح تباشيره في الأفق القريب، وابتسامة أمل وتفاؤل، تفاؤل إيجابي ذلك التفاؤل الذي يساهم في تجاوز المرحلة التي تمر بها أمتنا اليوم؛ مما يشد من أزرها ويثبّت أقدمها في مواجهة أشرس الأعداء وأقوى الخصوم؛ ليتحقق لها النصر بإذن الله.
والتفاؤل الإيجابي هو التفاؤل الفعال المقرون بالعمل المتعدّي حدود الأماني والأحلام, والتفاؤل الإيجابي هو المتمشي مع السنن الكونية، أما الخوارق والكرامات فليست لنا ولا يطالَب المسلم بالاعتماد عليها أو الركون إليها، وإنما نحن مطالبون بالأخذ بالأسباب وفق المنهج الرباني, والتفاؤل الإيجابي هو التفاؤل الواقعي الذي يتّخذ من الحاضر دليلا على المستقبل دون إفراط أو تفريط أو غلو أو جفاء, والتفاؤل الإيجابي هو المبنيّ على الثقة بالله والإيمان بتحقّق موعوده.
أيها الإخوة: لنتفاءل فاليوم عيد، فلنتفاءل فالمستقبل للإسلام، لهذا الدين العظيم، ولنفرح بهذا العيد كما أمرنا بذلك قائدنا وسيدنا ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي عندما قدم المدينة مهاجرا فوجد لهم يومين يلعبون فيهما فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" رواه أبو داود.
فتبيّن لنا أولا: أن العيد تأكيد لتميز المسلم عن المشرك والكافر، واستغنائه بالشرع المبارك عن عادات الشعوب البائرة وتقاليد الأمم الماضية، "قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر هذا عيدنا".
نعم، هذا عيدنا خيرٌ مما هم فيه من اللهو واللعب والغفلة والإعراض والفواحش الإباحية، أما عيدنا فهو مزيد اتصال بالله، وهو نفحة قدسية ورحمة إلهية، نفتتحه بالتكبير والذكر والصلاة والشكر لله على تمام عدة الصيام، قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
والعجيب أنه -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الكلام بعدما قدم مباشرة من مكة إلى المدينة مهاجرا متخفيا مجروحًا مطاردا، لكنه لم يشأ أن يقتل البسمة أو يطبق الأفواه، بل أعلن فرحة العيد وأظهر سروره، مع أنه يلاقي ما يلاقي من كيد الأعداء ومكرهم، لكنها العزائم القوية والنفوس الكبيرة حيث تجد متَّسعا للفرح برحمة الله وفيضه وإن عظمت فيها الجراح وتتابعت عليها الضربات.
أيها الإخوة: لقد مضى رمضان، مضى بخيره وبركته، لقد مضى رمضان بصيامه وقيامه، وانقضت أيامه بروعة أنوارها، وذهبت لياليه بحلاوة أسحارها، ولقد مضى سريعا مثل طبق عابر وكوكب غابر، كأننا لم نلبث في دنيا رمضان إلا ساعة من نهار, مضى رمضان بالأمس، واليوم يفرح المسلمون بأداء العبادات كلها عن التمام والكمال، ويستبشرون بأجرهم عند ربهم كما قال الله -عز وجل- عن المجاهدين: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ) [آل عمران: 170]. ففي عيد الفطر يفرح الذين زينوا وكمّلوا القيام وكفّوا الألسن وصفّوا القلوب من الأكدار، فعادوا كيوم ولدتهم أمهاتكم، فطوبى لكم معاشر الأخيار.
أيها الإخوة: إن سرّ فرحتنا اليوم هو نجاح الإنسان في عبودية ربه تعالى وانطلاقه من أسر الشكوى إلى عالم الانقياد الحقيقي لربه، هذا هو المعنى الكبير الذي يجتال قلوبنا، فيسرح بها في عالم الأفراح والمسرات، قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الخطبة الثانية:
من حقنا وحقّكم أن نفرح ونبتهج ونسرّ فهذا يوم عيدنا, من حقنا أن نفرح ونحن نرى الجميع مستبشرين فرحين مسرورين صغارا كبارا رجالا ونساء, من حقنا أن نفرح لأن قلة مؤمنة في أرض فلسطين استطاعت رغم الحصار والتجويع والكيد والتآمر من القريب والبعيد، استطاعت الصمود أمام عدو الله وذلك بتوفيق الله، ثم بإيمان رجالها وهمة أبطالها, من حقنا أن نفرح وأهل السنة العزّل بالعراق قد أثبتوا لأمم الأرض أن القوة الحقيقية ليست في السلاح ولا العتاد، كلا، لكنها في الإرادة الصلبة وفي العزيمة القوية التي وقفت أمام الجبروت الغربي والإرهاب الفارسي، وأجبرتهم على إعادة النظر في سياستهم وسلوكهم. من حقنا أن نفرح لأن الغرب المعتدي يقف ذليلا حقيرا اليوم مع كل ما يملك، وأبانت له الشعوب المسلمة أن الأمة لا تموت بموت رجالها، وإنما تموت بموت قيمها ومبادئها، يكفينا هذا المعنى فرحا ويجعلنا نخرج متألقين بهذه الإنجازات التي سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب.
أيها الإخوة: من أجَلِّ أسرار العيد أن نتواصل فيما بيننا ونتزاور، فحينما يأتي العيد وتزور أقرباءَك وأرحامك وجداتك وتدخل على الجميع السرور والفرح، فاعلم أنك تقوم بأعظم عبادة تتقرب بها إلى الله -سبحانه وتعالى-: "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
فقم، قم واذهب وأدخل السرور حتى على مَن بينك وبينه قطيعة أو عداء، وكن البادئ، فخيرهما الذي يبدأ بالسلام، واعف واصفح، (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) [النور: 22]، بادر أنت وهذا لن ينقص من قدرك، بل إن الله سيرفع قدرك ويعلي ذكراك؛ لأنه ما ازداد عبد بعفو إلا عزا.
ومن أسرار العيد أن تعودَ إلى صفّ المسلمين في الجمَع والجماعات، في المناسبات، في الأعطيات، في التبرعات، وأن تقف معهم صفّا واحدا، فأنت عضو حساس من أعضائهم، وأنت مضغة في جسمهم، وأنت ذرة من هذا الكيان الخالد، فبادر رحمك الله، ولا تؤخّر عمل الخير إلى غد.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، اللهم صلّ على من بلغ البلاغ المبين نبينا محمد صلى الله وسلم وعليه وعلى آله وأصحابه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الأئمة البررة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أتم علينا نعمتك، واجعلنا شاكرين لها ولفضلك، واجعلنا بها سعداء كرماء أوفياء لإحسانك علينا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم