فضل الاستمرار على الطاعة بعد رمضان وغيره

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/بيان ذم الرجوع إلى المعاصي بعد رمضان 2/ بيان علامة قبول الحسنات 3/ فضل صيام ست من شوال
اهداف الخطبة
التحذير من الوقوع في المعاصي / التشويق في الاستمرار على الطاعات
عنوان فرعي أول
هدم ما بنيَ!
عنوان فرعي ثاني
رب الشهور واحد
عنوان فرعي ثالث
كصيام الدهر

اقتباس

ولا تبطلوا ما أسلفتم في شهر الصيام، من القيام والأعمال. ولا تَمُنوا بعملكم على ربكم الجواد المتعال. ولا تغيروا ما عذب لكم من المناجاة والإقبال؛ فكما أن الحسنات يذهبن السيئات، فكذلك السيئات تسوِّد القلوب، وتضيع صالح الأعمال.
ألا وإن من علامة قبول الحسنات: عمل الحسنات بعدها. وإن علامة ردها: أن تبدل بقبيح الأعمال، ومحبة الفساد، وسيء الأقوال. وقد قيل: ذنب بعد توبة، أقبح من...

 

 

 

الحمد لله الذي أمرنا بصالح الأعمال، وجعل أول أشهر الحج شهر شوال، وأيقظ ذوي الهمم العالية، والأحوال الصالحة، وأخبرهم بأنهم في هذه الدار على يقين الارتحال، فيحفظون أوقاتهم عن الجهل، والكسل، والإهمال، سمْعُ كلِّ واحدٍ منهم مُصغٍ لأحسن المقال، ولسانه للحق قوال، وقلبه وفكره، حول عرش الرحمن جوال، وبصره مصروف عن النظر إلى الحرام والضلال.

فسبحان المنعم المتفضل ذي العظمة والجلال، وأشكره سبحانه على نعمٍ مع الشكر يزيدها الكبير المتعال، ومع الجحود خطيرة الزوال.

وأشهد أن لا إله الله، وحده لا شريك له، ولا ند له ولا مثال، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، وخليله الصادق المقال، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، خير صحب وآل.

أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واحذروا المعاصي كلها؛ فإنها للخزي والحيرة والإذلال، ولا تبطلوا ما أسلفتم في شهر الصيام، من القيام والأقوال والأعمال، ولا تَمُنوا بعملكم على ربكم الكريم الجواد المتعال، ولا تغيروا ما عذب لكم من المناجاة والإقبال، فكما أن الحسنات يذهبن السيئات؛ فكذلك السيئات تسوِّد القلوب، وتغضب رب العباد، وتضيع صالح الأعمال.

ألا وإن من علامة قبول الحسنات: عمل الحسنات بعدها، وترك السيئات على التوال، وإن علامة ردها: أن تبدل بقبيح الأعمال، ومحبة الفساد، وسيء الأقوال. وقد قيل: ذنب بعد توبة، أقبح من سبعين ذنباً قبلها؛ لأن الرجوع إلى المعصية، يدل على محبة القلب لها، نعوذ بالله من الخذلان، وسوء الأعمال.

فيا عباد الله مضى شهر الصيام، فماذا تكون الحال؟ فأين القلوب الخاشعة في رمضان؟ والعيون الباكية عند سماع القرآن؟ فأين القلوب الخاشعة في رمضان؟ والعيون الباكية عند سماع القرآن؟ والألسن التالية لكتاب الرحمن؟ والأيدي المنفقة على الفقراء، والأيتام، وتفطير الصوام؟ والأرواح والأجساد المقبلة على المحافظة على الصلاة والصيام؟

أليس رب رمضان، هو رب شعبان، وشوال؟ أليس هو الذي أخبر أنه يسمع النجوى من كل إنسان، في كل مكان؟ وأنه مع المتقين، والمحسنين في كل زمان؟

فحذار حذار أيها الأخوان، أن تهدموا ما بنيتم، أو تبددوا ما جمعتم من صالح الأعمال؛ متساهلين بأمر الملك العلام.

وحذار بعد أن كنتم من عباده الطائعين، وحزبه المفلحين، وأسبل عليكم حلل العفو والغفران، أن تكونوا من حربه، وأهل معصيته، ومن حزب الشيطان؛ فتندموا يوم المآل.

قيل لبشر الحافي: إن قوماً يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا. قال: " بئس القوم، لا يعرفون الله إلا في رمضان".

وقال الحسن البصري: " لا يكون لعمل المؤمن أجل، دون الموت، ثم قرأ: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]، فكأنكم بالحال، وقد تغير وزال، وبالملَك الحافظ، قد طوى صحيفة الأعمال.

وإن من المسنونات، والأعمال الصالحات، صيام ستة من شهر شوال. كما أشار إلى ذلك، خير الأنام، عليه الصلاة والسلام بقوله الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كمن صام الدهر كله".

وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، من كرم الله وجوده، وإحسانه على أهل الإسلام؛ فصيام شهر رمضان بعشر أشهر، وصيام ستة أيام من شوال، بشهرين. كما جاء في بعض الروايات، عن سيد الأنام، عليه الصلاة السلام. وهذا بالموازنة، وإلا فشهر رمضان أعظم، وأكبر وأفضل من غيره، من الليالي والأيام.

وليست بواجبة، ولا فريضة على أهل الإسلام؛ بل هي مستحبة ومرغب فيها؛ رحمة الله للأنام، وذلك من فضل الله كثير الإنعام على أهل الإسلام. فاعتبروا يا عباد الله، باختلاف الأيام.

هذا شهر شوال، مسنون فيه الصيام، وقبله شهر رمضان، واجب فيه الصيام.

ولا بأس بصيام الست متفرقة، أو متتابعة، أو من أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره. والمبادرة للعمل الصالح من صفات أهل الإسلام.

واعلموا رحمكم الله، أنه ما ذهب شهر رمضان المبارك، إلا وأعقبه الله على المسلمين بفضيلة أخرى، بحج بيته الحرام، فاتقوا الله عباد الله، واكنزوا لأنفسكم عملاً صالحاً في حياكم، تجدوه عند الله يوم معادكم، فإنما أعماركم ساعات معدودات وأيام، وسيلقى الجميع ما عملوا، من صلاح وآثام.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر:18-20].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
 

 

 

 

 

 

المرفقات

512

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات