عناصر الخطبة
1/ منزلة الزكاة في الإسلام 2/ سنة جباية الدولة للزكاة منذ العهد النبوي 3/ مسؤولية عمال الزكاة 4/ شروط زكاة الأنعام 5/ صفات الأنعام المخرجة زكاةً 6/ مسائل مهمة تتعلق بزكاة الأنعام 7/ نصائح للمزكين والجباةاقتباس
وفي هذه البلاد -حرسها الله تعالى- يقوم ولاة الأمر -وفقهم الله- كل سنة بتكليف عشرات اللجان والمجموعات لجباية زكاة بهيمة الأنعام في كافة مناطق المملكة، هذا عدا ما تقتطعه مصلحة الزكاة والدخل من كل مؤسسة وشركة عاملة في المملكة؛ عوناً للناس على إقامة الركن الثالث من أركان دين الإسلام، وإن كان هذا ليس كافياً، إذ تبقى الرقابة الذاتية جزءاً كبيراً ومهماً في هذا الشأن، لأن دخل الشركات والمؤسسات يختلف من سنة لأخرى، وغالباً ما يكون في زيادة ..
إن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، لا يتم إسلام المرء إلا بإقامته، وهي جزء من المال فرضه الله تعالى على أصحاب الأموال يجب إخراجه للمستحقين؛ طهارةً لنفس صاحبه من الشح، ونماءً وبركةً وزيادة في المال: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة:103].
ورد ذكر الزكاة في القرآن الكريم ثلاثين مرة، سبع وعشرون منها جاءت مقرونة بالصلاة؛ والسنة المطهرة زاخرة بالأحاديث عنها تأكيداً على فرضيتها؛ وانعقد إجماع علماء المسلمين في كل عصر ومصر على ذلك.
وقد كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- تكليف عدد من الصحابة بجباية الزكاة من المسلمين في البلدان والأمصار، وتبعه في ذلك خلفاؤه الراشدون، ثم من بعدهم من أئمة الهدي والصلاح.
وفي هذه البلاد -حرسها الله تعالى- يقوم ولاة الأمر -وفقهم الله- كل سنة بتكليف عشرات اللجان والمجموعات لجباية زكاة بهيمة الأنعام في كافة مناطق المملكة، هذا عدا ما تقتطعه مصلحة الزكاة والدخل من كل مؤسسة وشركة عاملة في المملكة؛ عوناً للناس على إقامة الركن الثالث من أركان دين الإسلام، وإن كان هذا ليس كافياً، إذ تبقى الرقابة الذاتية جزءاً كبيراً ومهماً في هذا الشأن، لأن دخل الشركات والمؤسسات يختلف من سنة لأخرى، وغالباً ما يكون في زيادة.
معاشر المؤمنين: أفتى أهل العلم في هذه البلاد بأن العاملين في جباية الزكاة لا يجوز لهم التصرف بأموال الزكاة، ولا أخذ شيء منها، لأنها حق لأرباب الزكاة، عملاً بقول الله تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:161].
وبقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم –أي: من العمال- منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه؛ بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر"، ثم رفع يديه، حتى رأينا عفرتي إبطيه، أي: بياضهما، ثم قال: "اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟" رواه مسلم.
إن عمال الزكاة ولجان الجباية مؤتمنة ومسؤولة أمام الله -جل وعز- عما تقوم به من أعمال، ومهمتهم تشريف لهم وليس تكليفاً فقط، وهم مأجورون -إن شاء الله تعالى- على عملهم ذلك إن اتقوا ربهم، وأخلصوا له النية؛ لأنهم يباشرون إقامة ركن من أركان الإسلام.
أيها المؤمنون: أنصبة الزكاة ومقاديرها في كل صنف من أصناف بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، مبينة بياناً تاماً في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ثم تولى شرحها وتوضيحها فقهاء الإسلام في مصنفاتهم المطولة والمختصرة، وهي شاهد فخر لهذا الدين وأهله، ليس الآن مجال بيانها وتفصيلها.
لكن؛ ثمة شروط يتعين توافرها لذلك، وهي أن تبلغ الأنعام النصاب الشرعي، وحولان الحول عليها، وأن تكون سائمة: أي ترعى الكلأ المباح أكثر العام، وأن لا تكون عاملة: أي لا تستخدم في الحرث والسقي وحمل الأثقال ونحوها.
والشرط الأخير تمام الملك، إذ لا تجب الزكاة في ماشية موقوفة مثلاً على غير معين كالفقراء والمساكين، أو الضيوف، أو أي عمل بِرٍّ كالأضحية وغيرها.
كما أن صفاتٍ يجب التأكد منها في الأنعام المخرجة زكاة، وهي سلامتها من العيوب، ومراعاة الأنوثة فيما ورد النص به،ِ كما هو الحال في الإبل، وأيضاً: مراعاة السن المحدود شرعاً، وأن يكون المــُخْرجُ وسطاً بين الأجود والرديء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:268].
الخطبة الثانية:
الحمد لله الكبير المتعال، الغني الطيب المتصف بصفات الكمال، والمستقل بالخلق والرزق، سبحانه، لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وملكه وخلقه ورزقه، وضره ونفعه...
أما بعد: هناك مسائل مهمة تتعلق بزكاة الأنعام، ويكثر السؤال عنها ومن ذلك أن اسم الشاة يشمل الذكر والأنثى من الضأن كما يشمل المعز، لهذا تضم الماعز إلى الضأن في تكميل النصاب، وتؤخذ الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين، وتقبل القيمة من المتصدق بدل دفع الشاة إذا شق عليه الإخراج من عين المال.
ثم ليعلم المسلم أن المواشي المختلطة لعدة أشخاص تجب فيها الزكاة أيضاً إذا بلغت بمجموعها النصاب، ولو كان نصيب كل شخص وحده دون النصاب، فالمعتبر مجموعها، ولكن بشروط: أن يستمر الاختلاط حولاً كاملاً، في مراح واحد -أي مبيتها ومأواها-، وكذا مرعاها ومشربها، وموضع حلبها، والفحل الذي يطرقها واحد فلا يكون لماشية كل شخص فحلٌ مستقل.
دليل كل ما سبق قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" رواه البخاري وغيره.
ومسألة سادسة وهي أن المعلوفة من الماشية كل الحول أو أكثر لا تجب فيها الزكاة، إلا أن يدفعها صاحبها متبرعاً فتؤخذ منه، وأما إن علم أنه يقصد من دفعها ليس التبرع وإنما ليستفيد من وثيقة الزكاة التي تعطى له لأغراض دنيوية فلا يجوز أخذ الزكاة منه؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.
ولكن؛ يُتنبه هنا إلى أن الاتجار بالماشية المعلوفة وإن كان يعفي صاحبها من زكاة الأنعام، إلا أنه يلزمه فيها أن يخرج زكاة عروض التجارة، بأن تقوم ماشيته عند الحول، ويخرج ربع عشر قيمتها.
أيها المؤمنون: وعلى عاملي الزكاة، وأصحاب المواشي على حد سواء أن يتقوا الله تعالى فيا أُتمنوا عليه.
وعلى صاحب الماشية أن يخرج زكاتها طيبة بها نفسه، وليحذر من الحيل التي إن انطلت على عمال الزكاة؛ فلن تخفى على الله تعالى، وليلعم أنه ما نقص مال من صدقة، بل تزيده.
كما أن على عمال الزكاة أن يتقوا الله تعالى، فلا يتهاونون ويتساهلون بأخذ الواجب بحجة الرفق والرحمة، فالله -سبحانه- أرحم وأرفق بعباده.
وعلى عمال الزكاة -أيضاً- أن يتقوا الله -تعالى- فلا يظلموا أحداً بأخذ شيء منه أكثر من الواجب إلا إن رضيت بها نفسه وعلم به.
وليحذروا الهدايا من أهل الأموال المزكاة، سواء كانت الهدية صريحة أو غير صريحة، ولا يتحرج في ردها أبداً، وليتذكروا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال -يعني عمال الزكاة- غلول"، وقولَ الله تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم