يَومٌ جَدِيد مستفادة من خطبة الشيخ عبدالعزيز النغيمشي

منصور بن هادي
1444/02/15 - 2022/09/11 22:46PM

يَومٌ جَدِيد

أ.يحيى البوليني

أيها المسلمونَ:

يُصبِحُ طلحةٌ بنُ عبيدِ الله، ذاتَ يومٍ وقد رأَى في منامِهِ رُؤيا عجيبةً, أصبحتْ حديثاً للصحابَةِ جميعاً في المدينةِ لغرابَتِهَا, جاءَ فيها أنهُ رأَى في مَنامِهِ أنهُ رأى نفسَهُ  وبعضاً من الصحابةِ يَقفُونَ على بابِ الجنةِ , معهُ صحابيانِ قد أَسلَمَا في يومٍ واحِدٍ مَعاً, وكانَ أَحدُهما أشدَّ اجتهاداً من صاحبِهِ وماتَ شهيداً, بينَمَا الآخَرُ ماتَ عَلَى فِراشِهِ بعدَه بِعامٍ كاملٍ, فأَذِنَ للذِي تُوفِّيَ الأخير منهُمَا، ثمَّ أَذِنَ للذي استُشهِدَ، فأصبحَ طلحةُ يحدِّثُ بهِ الناسَ فعَجِبُوا لذلك، فبلغَ ذلكَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وحدَّثُوهُ الحديثَ، فقال: مِنْ أيِّ ذلكَ تَعْجَبونَ؟ فقالوا: يا رسولَ الله؛ هذا كانَ أشدَّ الرجُلَيْنِ اجتِهاداً ثمَّ استُشهِدَ ودخلَ هذا الآخَرُ الجنةَ قَبلَهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَليسَ قد مَكَثَ هذا بَعدَهُ سَنَةً؟ قالوا: بَلَى، قال: وأَدْركَ رمضانَ فصامَ وصلَّى كَذا وكذا من سجدةٍ في السَّنَةِ؟ قالوا: بلى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلمَ: فَمَا بينَهُمَا أَبْعَدُ مِما بينَ السماءِ والأرضِ", رواهُ ابنُ ماجةٍ وأحمدُ، وصحَّحَهُ الألبَانيُّ.

فبِعملِهِ الصَالحِ خِلالَ أَيامِ العَامِ , وأداءِ الفرائضَ والنوافلَ، بَلَغَ بهِ هذهِ المنزلةَ, وتَقَدَّمَ على أخيهِ الذي كَانَ مُجتهداً أكثرَ منهُ بلْ وماتَ شهيداً.

فَفي كُلِ يَومٍ ، كَمْ صَلَّى؟ وَكَمْ صَام ؟ وَكَمْ قَرأَ مِنْ القُرآن؟ وكَمْ عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الخَيرِ؟, فَاغتنامُ المسلمِ لأيَّامِه في طاعةِ ربِّهِ يرفَعُ درجاتِهِ ويُكَفِّرُ سيئاتِه ويُرضِي ربَّهُ سبحانَه.   

ففِي كلِّ يومٍ جديدٍ يَنْشَقُّ فَجْرُه ويُشرِقُ نورُه ويُطِلُّ على الدُّنيا بِطَلْعَتِهِ ويُدرِكُه المسلمُ فهوَ كنزٌ مدخرٌ لهُ إذا أحسن اغتِنامَه, هو بابٌ جديدٌ  للأَمَلِ في حياتِهِ يجب أن يستَغِلَّهُ ويغْتَنِمَهُ لأنه لا يعودُ, فيقول الحسنُ البصريُّ رحمه الله"مَا مِنْ يَوْمٍ يَنْشَقُّ فَجْرُهُ إلا ويُنادِي: يا ابنَ آدَم أَنَا خَلْقٌ جَدِيْدٌ، وَعَلَى عَمَلِكَ شَهِيْدٌ، فَتَزَوّدْ مِنِّي فإِنِّيْ إذا مَضَيْتُ لا أَعُوْدُ إِلى يَوْمِ القِيَامَة"

وكلُّ يومٍ جَديدٍ هو منحةٌ من اللهِ لكَ بعدَ المَوتَةِ الصُّغرَى التي تَمُرُّ بنا كلَّ يومٍ, فلا تزالُ صُحُفُكَ مبسوطةً  فاكتُبْ فيها أعمالاً صالحةً تنفعُكَ في يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بَنونَ, فكلُّ يومٍ جديدٍ هديةٌ كُبرَى ومنحةٌ عُظمَى تُجَدِّدْ فيها الطُموحَ للمنازلِ العاليةِ والدرجاتِ الكبيرةِ, وتُبْ من ذنوبِك واطلبْ عفوَ ربِّكَ فهو غنيٌّ كريمٌ يحبُّ العفوَ, واطلبْ رضاه فإنهُ سبحانَه إذا رَضِيَ أَدْهَشَ بِعَطاءاتِهِ.

فعندمَا تَلتقِطُ أوَّلَ أنفاسِك في كلِّ يومٍ جديدٍ تذكرْ أنك في نِعْمةٍ عُظمَى يتمنَّاهَا الملايينُ ممنْ سبقُوكَ  تحتَ التُّرابِ, فيجبُ عليك شكرُ ربكَ على هذا العطاءِ الكبيرِ , فعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أَصْبَحَ قَال: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ»رواهُ البخارِيُّ.

ويؤكدُ لنا رسُولُنا صلى الله عليه وسلم استِشعَارِ هذه النعمةِ العُظمَى, فأرشدنا أنَّهُ لا يتمنَّى أحدٌ منَّا الموتَ, فزيادةُ أيامِهِ في الدنيا خيرٌ لهُ إذا أَحْسَنَ العملَ, فعن أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَتَمَنَّى أحَدُكُمُ المَوْتَ، ولا يَدْعُ به مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهُ، إنَّه إذا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وإنَّه لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إلَّا خَيْرًا) رواهُ مسلمٌ

إنهُ يومٌ جديدٌ تمَّ إِمهَالُكَ فيهِ لعلكَ تُزيدُ منْ طَاعَاتِكَ أو تتوبُ لربِّكَ من غَفَلاتِكَ, ففي صَباحِ كُلِّ يَوْمٍ جَدِيْدٍ, تَتَكَرَّرُ دعوةُ المَلَكَينِ, الَّذَيْنِ يَنْزِلانِ بِأَمْرِ اللهِ, ويَدْعُوَانِ بِدَعوةٍ أُمِرا بِها وهيَ مُستجابةٌ بإذنِ اللهِ لأنها منْ أَفْوَاهٍ لمْ تَعصِهِ قَطّ,  فعَن أَبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)متفقٌ عَلَيْه

فتَعَرَّضْ أيها المُسْلم لِدَعْوَةِ المَلَكَيْن وهُما يَدعُوَانِكِ للإنفاقِ في سبيلِ اللهِ, أَنْفِقْ مِنْ مالِك، أَنْفِقْ من عِلْمِكْ، أَنْفِقْ مِنْ مَعْرُوفِكْ، أَنْفِقْ مِنْ إِحسانِك. أَطْعِمْ جائعاً، أَعِنْ فَقِيْراً، اكْفِلْ يَتِيماً، عَلِّم جاهِلاً، أَرْشِدْ تَائِهاً، احْمِلْ راجِلاً. اشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنة، أَصْلِحْ بَيْنَ مُتَخاصِمَيْن. ابذِلْ مِن المعروفِ ما اسْتَطَعْت, و(لا تحْقِرَنَّ مِنَ المعرُوفِ شيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) رواهُ مسلمٌ.

فجدِّدْ عهدَك مع ربكَ كلَّ يومٍ مُؤدِّياً فرائضهِ مٌنتهياً عن نَواهِيهِ, فلله في كل يومٍ فرائضُ يرضَى بها عن فاعلِها ابتغاءَ مرضاتِهِ, وكذلك نَهى عن مُنكرات تغضِبُه ويسخطُ بها على مُرتكبِها , فبَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بن جَبَلٍ إلى اليَمَن, فكانَ مما قَالَ لَه: (أعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ) متفقٌ عَلَيْه.

 خَمسُ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.. ولِكُلِّ صَلاةٍ وَقَتٌ مَعْلُوم، فلا تُقَدَّمُ صَلاةٌ عَنْ وَقْتِها ولا تُؤَخَر.

فَكُل تَقِيٍّ تطيبُ حَياتهُ بالصلاةِ حِينَما يبدأَ بها يَومهُ الجَديد, يَفْزَعُ المؤْمِنُ مِنْ فِرَاشِهِ إِلى الصَّلاةِ فِي وَقْتٍ طَابَ للنَّفْسِ فِيْهِ الرُّقادُ, واسْتَسْلَمَتْ للنَّوْمِ كُلُّ جَارِحَةٍ, فعَن أَبي هريرةَ رضي الله عنه أَن رسولَ اللهِ  صلى الله عليه وسلم قال: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ.. يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) متفق عليه.

فَكلُ مُسْلمْ يبدأ يَومهُ الجَديدَ بأداء فَرِيضَةَ اللهِ في وَقتِها نَفْسُهُ طَيِّبَةٌ، وروحُهُ مُنشَرِحَةٌ, يَومُهُ يحق بالبرَكَةِ ، وَيقترن عَمَلُهُ بِالتَّوْفِيْقِ، يَغدُو ويَروح في ضَمَانِ اللهِ وأَمَانِه، فَعنْ جُندُبِ بنِ عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ..) رواه مسلم, وهكذَا في كلِّ لحظةٍ كلمَا يتعبُ المؤمنُ في حياتِهِ ويشتدُّ عليهِ عَنَاؤُها يَفْزَعُ إلى صَلاتِه.

وفي يومِه كلِّه يظلُّ مُتفائلا بالخَيْرِ ويُحسِنُ الظن بربِّهِ ومَولَاهُ, يَعْلَمُ أَنَّ له في السَّعْيَ لطَلَبِ الرزقِ أَجْراً, وأَن أخذَه بالأَسبابِ عِبادَةٌ, وأَنَّ القُعُوْدَ  بلا عُذْرٍ أو مانعٍ قاهِرٍ لا يورِثُه إلا خسارةً وخيبةً وعجزاً,  يَغْدُو مُتوكِّلا على ربِّه في جميعِ حَوَائِجِه, لا يَظْلِمْ ولا يَجهَلْ، ولا يَحسِدُ ولا يَخُوْن , نَفْعُهُ للناسِ ظَاهِرٌ وجانِبُهُ مأَمونٌ, يُحِبُّ للناسِ ما يُحِبُّهُ لِنَفسِه, ويكرَهُ لهمْ مَا يكرهُهُ لنفسِهِ.باركَ اللهُ لي ولكم..

الخطبةُ الثانيةُ:

أيُّها المسلمونَ:

فكَما في كلِّ يومٍ جَدِيْدٍ تتعدَّدُ وتَتَجَدَّدْ نِعَمُ اللهِ يلزَمُ أن نجدِّدَ لها الشكرَ لربِّ العالمينَ, فاللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}, فاشكُرُوا ربَّكُم على نِعمِهِ يَزِدْكُم, وابتَعِدُوا عن التَّبَطُّرِ والطُّغيانِ والانْهماكِ في المَعَاصِي, فالاستغناءُ بالنِّعَمِ ونسيانُ المُنعمِ سبحانَه بابٌ للطغيانِ والتَّجبُّرِ, يقولُ اللهُ سبحانه " كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى".

فكُلُّ جَارِحَةٍ في الإِنسانِ يَجِبُ شُكْرُ اللهِ عليهَا ويجبُ شكرُ اللهِ بِها, فَمَا شُكِرَتْ نِعْمَةٌ بِمْثلِ تَسْخِيرِها في طَاعَةِ اللهِ، وَحِفْظِها عَنْ مَعَاصِي الله, ومعصيةُ اللهِ بنِعَمِهِ التي متعَنَا بها لَهُوَ كفرٌ بهذه النعمة, قال الله: ( إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)

وكُلُّ سُلَامَى في جسمِ الإنسانِ, أي كلُّ مَفْصِلٍ وكُلُّ عَظْمٍ يُصْبِحُ عَلَيْهِ في كل يوم صَدَقَةٌ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى) رواه مسلمٌ.

يَوْمٌ جَدِيْدٌ هو مَشْرُوعُ رِبْحٍ لِمَنْ عَقَلَ وأَدركَ حقيقةَ الحياةِ, وأَعْقَلُ الناسِ وأعظمُهم فهُمَا للحياةِ مَنْ خَرجَ مِنها بعدَ عَنائِهِ فِيها فائِزاً ورابِحاً ، {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.

وكلُّ يَوْمٍ جَدِيْدٍ لَيسَ لَكَ فِيهِ نصيبٌ مِنَ القُرآنِ هو يوم مُتَصَحِّرٌ قَدْ حَلَّ فِيْهِ الجَفَافُ, هو يومٌ قد اتَّسَعَتْ فيه سَاعَاتُهُ للنَّومِ واللَّعِبِ، والكَدِّ والعَمَلِ, والبرامِجِ ووسائلِ التَّواصُل فحسب, ثُمَّ لم تجدْ فيه بِضعَ لحظاتٍ تقرأُ فيها القرآنَ لَهوَ يومٌ بَئِيْسٌ, ولن تُسرَّ بهِ إذا رأّيتَهُ يومَ تقرأُ كتابَكَ, إذْ كِيفَ يَطِيبُ يومٌ هُجِرَ فيه القُرآنُ.

إنه اليَوْمٌ الجَدِيْدٌ الذي سيُضافُ إلى رصيدِكَ من الأيامِ, فأعظمُ رأسِ مالٍ في حياتِك هو أيامُكَ, فكَمْ طَوَيتَ في عُمُرِكَ مَنْ أَيامٍ؟!, وكَمْ أَبْلَيتَ في حَياتِكَ مِنْ جَدِيْد؟!, (إِنَّما أَنتَ أَيامٌ إِذا ذَهَبَ يَومُكَ ذَهَبَ بَعْضُك) أَفِقْ وتَدَارَكْ وانْطَلِق.

فَلَرْبَ يَوْمٍ قريبٍ قادمٍ في الوُجُودِ وأَنت فِيهِ فَقيْد, إذا جاءَ الأجَلُ وانقطعَتْ الآمالُ وانتهتْ الفرصُ وانقَضَى وقتُ العملِ وحانَ وقتُ الحسابِ {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}

وَعَظَ الفُضَيلُ بنُ عياضٍ رَجُلاً، فَرَقَّ قَلْبُ الرَّجُلِ للمَوْعِظَةِ وقالَ: ما الحِيْلَة؟ قَالَ: يَسِيرَةٌ. قَالَ: ومَا هِيَ؟ قَالَ: (تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ، فَيُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى وَمَا بَقِي) وفي القُرآنِ قال رَبُنا {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}

فلا تُسَوِّفْ حَسَنَةً، ولا تُؤَجِلْ طاعةً، وأَدِّ كُلَّ واجِبٍ في حِيْنِه فَلستَ مُكَلفاً بأداءِ أيِّ واجبٍ لم يَحنْ وقتُه فأنتَ غيرُ مكلَّفٍ به وغيرُ مسئولٍ عنه, قَالَ أَبو بَكْرٍ في وَصِيَّتِهِ لِعُمرَ رضي الله عنهما": «وَاعْلَمْ أَنَّ للهِ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّ للهِ عَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ».

فاعزِمْ عزماً أكيداً على أنْ تُبقيَ لَكَ فيه أَثراً, وإياكَ والأَثَرَ الوَضِيعَ, فكَمْ من ميتٍ لا تزالُ ذِكراهُ حيةً في القلوبِ بِحُسنِ أَثَرِه, والدنيا كلُّها تتألمُ لِفَقدِهِ ورَحيلِهِ, وكم مِن حيٍ يُرجَى الخلاصُ منهُ لسوءِ أَثرِهِ, وتتأذَّى الدنيا ببقائِهِ وتودُّ رحيلَهُ عنهَا.

فإياكَ إياكَ مما يُوجِبُ الحَسرةَ والنَّدَمَ في يومٍ لا ينفعُ فيه الندمُ، قال ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَمِي عَلَى يَوْمِ غَرَبَتْ شَمْسُه نَقَصَ فِيهِ أَجْلِي، وَلَمْ يَزْدَدْ فِيهِ عَمَلِي».

اللهم اجعل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ..

 

 

المرفقات

1662925569_يوم جديد 1.doc

المشاهدات 786 | التعليقات 1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بارك الله فيك اخي الشيخ منصور الله يرفع قدرك يارب