ورجل تصدق بصدقة فأخفاها

الخطبة الأولى : وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا

الْـحَمْدُ للـهِ الذِي يَجْزِي الْـمُتَصَدِّقَيْنَ، وَيَخلُفُ عَلَى الْـمُنْفِقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِّيُّكَ لَهُ، الْـجَوَادُ الْـمُحْسِنُ الْكَرِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدَا عَبْدُ اللـهِ وَرَسُولُهُ، النَّبِيُّ الْأَمينُ، وَالرَّسُولُ الْكَرِيمُ، صَلَّى اللـهُ وَسُلَّمُ وَبَارُّكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آله وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْـخَيْرَاتِ، وَيَتَنَافَسُونَ فِي الطَّاعَاتِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرَا.             

أَمَّا بعدُ: فأوصيكم ...

فعن أبي هريرةَ t قال: قال النَّبِيُّ ﷺ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّـهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: ... وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ.." خ. م.

معاشرَ المسلمين: عبادةُ السِّرِّ بَعيداً عن رؤيةِ الخلْقِ فيها عظيمُ إيمانٍ، وكمالُ أدبٍ مع اللـهِ وتعظيمٍ له، وفيها حضورُ قلبٍ وابتعادٌ عن الهمومِ، وثقةٌ باللـهِ تعالى، وأُنْسٌ به واطمئنانٌ إليه، ومراقبةٌ له ومخافةٌ منه، وتَطلْعٌ لمحبتِه وثوابِه وحدَّهُ، وتخليصٌ للنَّفسِ من الطمعِ بثناءِ الخلْقِ وحبِّهم، والسلامةُ من رياءٍ وسمعةٍ وتَصنُّعٍ؛ فذلك أبلغُ في التضرعِ والـخُشوعِ،

 وأمكنُ في التذلّلِ والخضوعِ (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ)

عباد الله: لقد جاءَ التوجيهُ النبويُّ الكريمُ بحثِّ العبدِ المؤمنِ على أن يكونَ له عبادةٌ في السِّر فكان من السبعةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللَّـهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ:"وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ"

قال النَّوَويُّ :«وَفِي هَذَا الْـحَدِيثِ فَضْلُ صَدَقَةِ السِّرِّ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، فَالسِّرُّ فِيهَا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْإِخْلَاصِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ،

وَأَمَّا الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ فَإِعْلَانُهَا أَفْضَلُ، وَهَكَذَا حُكْمُ الصَّلَاةِ، فَإِعْلَانُ فَرَائِضِهَا أَفْضَلُ، وَإِسْرَارُ نَوَافِلِهَا أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْـمَرْءِ فِي بَيْتِهِ؛ إِلَّا الْـمَكْتُوبَةَ»، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَذَكَرَ الْيَمِينَ وَالشِّمَالَ؛ مُبَالَغَةً فِي الْإِخْفَاءِ وَالِاسْتِتَارِ بِالصَّدَقَةِ، وَضَرَبَ الْـمَثَلَ بِهِمَا؛ لِقُرْبِ الْيَمِينِ مِنَ الشِّمَالِ، وَمُلَازَمَتِهَا لَهَا، وَمَعْنَاهُ: لَوْ قَدَّرْتَ الشِّمَالَ رَجُلاً مُّتَيَقِّظاً لَـمَا عَلِمَ صَدَقَةَ الْيَمِينِ؛ لِمُبَالَغَتِهِ فِي الْإِخْفَاءِ» اهـ .

وقال ابنُ رَجَبٍ:«رَجُلٌ تصدَّق بصدقةٍ، فاجتهد في إخفائِها غايةَ الِاجتهادِ؛ حَتَّى لَمْ يعلمْ به إلَّا اللَّـهُ.

وضَربَ المِثَالَ لذلك على طريقِ المُبالغةِ: «حَتَّى لا تعلمَ شمالُه ما تنفقُ يمينُه».

وهذا دليلٌ على قوَّةِ الإيمانِ، والِاكتفاءِ باطِّلاعِ اللَّـهِ على العبدِ، وعلمِه به، وفيه مخالَفَةٌ للهَوَى، ومجاهدةٌ للنَّفْسِ، فإنها تُحِبُّ إظهارَ الصدقةِ، والتَّمَدُّحَ بها عندَ الخَلْقِ، فيُحْتَاجُ في إخفاءِ الصدقةِ إلى قوَّةٍ شديدةٍ، تُخالِفُ هَوَى النَّفْسِ» اهـ .

عبادَ اللَّـهِ: إنَّ في إخفاءِ الصدقاتِ على الفقراءِ فوائدَ، عدَّدَها ابنُ القَيِّم، فقال: «ففي إخفائِها من الفوائدِ: السَّتْرُ عليه، وعدمُ تَخْجِيلِه بين النَّاسِ،

 وإقامتِه مَقامَ الفضيحةِ، وأن يرى النَّاسُ أنَّ يدَه هى اليدُ السُّفْلى، وأنه فقيرٌ لا شيءَ له؛ فيزهدون فى معاملتِه ومُعَاوَضَتِه، وهذا قَدْرٌ زائدٌ من الإحسانِ إليه بمُجَرَّدِ الصدقةِ، مع تَضَمُّنِه الإخلاصَ، وعدمَ المُرَاءَاةِ، وطَلَبِهمُ المَحْمَدَةِ من النَّاس» اهـ .

معاشرَ المُسلمين: قد أثنى اللَّـهُ في كتابِه العزيزِ على من أخفى صدقتَه؛ فقال جلَّ وعلا: "إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُـخْفُوهَا وَتُؤتُوهَا ٱلفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُم وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سيئاتِكُم)،

فبيَّن اللَّـهُ أنَّ إخفاءَ الصدقةِ أفضلُ من إِبْدَائِها، ووعد مَن أخفاها أن يُكَفِّرَ عنه من سيِّئآتِه.

ومن فضائلِ صدقةِ السرِّ: أنَّها تقيكَ الحرَّ في موقفِ القيامةِ، كما في حديثِ السبعةِ السابقِ الذكر. وقال r : مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ " م.

وعنه r  قال: كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ". فكَانَ أبُو مَرْثَدٍ راوي الحديثِ: لا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إلَّا تَصَدَّقَ فيهِ بِشيءٍ، ولَوْ كَعْكَةً أوْ بَصَلَةً من البيتِ ". أحمدُ وغيرُه

ومن فضائلِ صدقةِ السرِّ: أنَّها سببٌ من أسبابِ حبِّ اللـهِ للعبدِ :

فعنه r قال: ثلاثةٌ يُحِبُّهم اللـهُ ، وثلاثةٌ يُبغِضُهم اللـهُ ، أمَّا الَّذين يُحِبُّهم اللـهُ: فرجلٌ أتى قومًا فسأَلهم باللـهِ ولم يسأَلْـهُم بقرابةٍ بينهم وبينه فتخلَّفَ رجلٌ بأعقابِهم فأعطاه سرًّا لا يعلَمُ بعطيَّتِه إلَّا اللـهُ والَّذي أعطاه ...". أحمدُ وغيرُه .

أيها المؤمنون: تصدقوا بما تستطيعون، ولو كان جُهدَ مُقِلٍّ، ولا يَحتقرُ المرءُ صدقتَه، فربَّ درهمٍ سبقَ ألفَ درهمٍ، وإنِّ اللـهَ عزَّ وجلَّ، لُيدْخِلُ بلقمةِ الُخبزِ، وقبضةِ التمرِ، ومثلِهِما مما ينتفعُ به المسكينُ الجنَّـةَ،

 قَالَ r :(مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ، مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّـهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّـهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ) خ. م.

وجاءت امرأةٌ من الأنصارِ إلى رسول اللـهِ r فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللـهِ، إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقُومُ عَلَى بَابِي، فَمَا أَجِدُ لَهُ شَيْئًا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللـهِ r: إِنْ لَمْ تَجِدِي لَهُ شَيْئًا تُعْطِيهِ إِيَّاهُ، إِلاَّ ظِلْفًا مُحْرَقًا، فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ). الترمذي

ألا فاتقوا اللـهَ عبادَ اللـهِ وادخروا لأنفُسِكم عندَ بارِئِـكُم، وابتغوا بأموالِكُمُ الضعفاءَ والمساكينَ والمحتاجينَ والـمُعْوزينَ، فارحموهم تُرحموا، وارزقُوهم تُرزَقُوا، وسارعوا بالأعمالِ الصالحةِ قبلَ أن تَموتُوا، وصِلوُا ما بينَكُم وبينَ اللـهِ بالصدقةِ في السرِّ والعلانيةِ تُرزقوا وتُنصروا وتُجبروا؛ وهل تُرزقونَ وتُنصرونَ إلا بضعفائِكُم ؟

 قَالَ رَجُلٌ للنبيِّ r : يا رَسولَ اللَّـهِ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: أنْ تَصَدَّقَ وأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الغِنَى، وتَخْشَى الفَقْرَ، ولَا تُمْهِلْ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، ولِفُلَانٍ كَذَا، وقدْ كانَ لِفُلَانٍ . خ.

فاللَّهُمَّ أَعِذْنا من أهواءِ نفوسِنا الأَمَّارَةِ بالسُّوءِ، بارك الله...

 

 

 

 

الخطبةُ الثانيةُ

الحمدُ للَّـهِ ...أما بعد : فمعاشرَ المُؤمنين:

عن جريرِ بنِ عبدِ اللـهِ t قال: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللـهِ r في صَدْرِ النَّهَارِ، قالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ العَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِن مُضَرَ- بَلْ كُلُّهُمْ مِن مُضَرَ- فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللـهِ r لِما رَأَى بهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فأمَرَ بلَالًا فأذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ- وفيه أنه قال -:...تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرْهَمِهِ، مِن ثَوْبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ، مِن صَاعِ تَمْرِهِ، حتَّى قالَ: ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، قالَ:

فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسولِ اللهِ r يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقالَ رَسولُ اللـهِ r: مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ ".م.

 

إنَّ إخفاءَ صدقةِ التَّطَوُّعِ ليس هو الأفضلَ دائماً؛ بل قد يكونُ إظهارُها أفضلَ لمَصلحةٍ راجِحَةٍ، كمن يصنعُ ذلك ترغيباً للنَّاسِ في الِاقتداءِ، وقد حَرَس سِرَّه عن دَاعِيَةِ الرِّياءِ. والأمرُ لا يخلو من أحوالٍ ثلاثةٍ:

الأُولى: أن تكونَ المَصلحةُ في الإخفاءِ، فيكونُ هو الأفضلَ.

والحالُ الثانيةُ: أن تكونَ المَصلحةُ في الإظهارِ، فيكونُ هو الأفضلَ.

والحالُ الثالثةُ: أن تستوي مصلحةُ الإخفاءِ والإظهارِ، فيكونُ الإخفاءُ -عندَئِذٍ- أفضلَ؛ لأنه هو الأصلُ في إخراجِ صدقاتِ التَّطَوُّعِ.

عباد الله: لقد سَطَّرَ لنا سلفُنا الصالحُ أَمْثِلَةً عظيمةً في إخفاءِ الصدقاتِ، ومن ذلكم ما كان يصنعُه زينُ العابدين: عليُّ بنُ الحسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رحمه اللَّـهُ، ورضي عن أبيه وجَدِّه-: فقد كَانَ يَحْمِلُ جِرَابَ الْـخُبْزِ عَلَى ظَهْرِهِ بِاللَّيْلِ، فَيتَصَدَّقُ بِهِ، وَيَقُولُ: «إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ-». وأنه كان يُبَخَّلُ، فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَقُوتُ مِئَةَ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْـمَدِينَةِ.

وأنه لَـمَّا مَاتَ، فَغَسَّلُوهُ، جَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى آثَارٍ سَوْدَاءَ بِظَهْرِهِ، فَقَالُوا: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: كَانَ يَحْمِلُ جِرَابَ الدَّقِيقِ لَيْلاً عَلَى ظَهْرِهِ، يُعْطِيهِ فُقَرَاءَ أَهْلِ الْـمَدِينَةِ.

وكَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْـمَدِينَةِ يَعِيشُونَ، لَا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ كَانَ مَعَاشُهُمْ، فَلَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْـحُسَيْنِ فَقَدُوا مَا كَانُوا يُؤْتَوْنَ بِهِ فِي اللَّيْلِ. أخرجَه أبو نُعَيمٍ في الحِلْيَةِ.

ثم صلوا وسلموا ...

 

المرفقات

1726129883_رجل تصدق بصدقة فأخفاها.pdf

1726129886_رجل تصدق بصدقة فأخفاها.docx

المشاهدات 374 | التعليقات 0