من ثمرات النفقة في سبيل الله

بسم الله الرحمن الرحيم إخوة الإيمان والعقيدة ... يقول الله تعالى ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ﴾ كان أبو طلحة t أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحاءُ، وكانت مستقبلةً المسجدَ، وكان رسول الله ﷺ يدخلها ويشرب مِن ماءٍ فيها طيِّب، فلما أنزلت الآية ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ قام أبو طلحة إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وإن أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقةٌ لله، أرجو بِرَّها وذُخرها عند الله عز وجل، فضعْها يا رسولَ الله، حيث أراك الله، فقال رسول الله ﷺ ((بَخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح)). معاشر المؤمنين ... من أراد أن ينفق في سبيل، فلتكن من حلال، وأن يحتسب الأجر من الله مخلصًا لوجهه الكريم، وأن تكون النفقة في موقعها من أعمال الخير، والبِرِّ، والإحسان، وأن يبذلها المنفِقُ بسخاء نفس، وأن تكون من أجود ما يحب المرءُ لينال البر. وعليه أن يَفرح ويُسَرَّ عند النفقة، وينشرح بها صدره، ولا يَمُنَّ بها، ولا يذكرها، ولا يستكثرها، وأن يعلم أن الفضل لله الذي أعطاه المال لينفق منه، وأن يكون قلبه ثابتًا عند النفقة، فلا يضطرب أو يخاف أن ينقص مالُه ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. وعليه أن ينفق سرًّا وعلانيةً في السرَّاء والضرَّاء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، واليُسر والعُسر، وألاَّ يرجع في نفقته؛ فإن العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه، وأن يَعلم أنه عندما يُنفِق في سبيل الله إنما يُقرض اللهَ قرضًا حسنًا ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ويَعلم أن الله سيعطيه مِن فضلِه أكثرَ مما أَنفق؛ قال ﷺ ((ما مِن يومٍ يُصبِح العباد فيه إلا ملكانِ ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا)) ويعلم أن الصدقة عندما يتقبَّلها الله يربِّيها كما يربِّي أحدُنا فَلُوَّه أو فَصيله، حتى تكون مثل الجبل؛ كما قال ﷺ ((لا يتصدَّق أحدٌ بتمرة من كسبٍ طيِّب، إلاَّ أخذها اللهُ بيمينه، فيربِّيها كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّه أو فصيله، حتى تكون مثل الجبل أو أعظم)). وعليه أن يعلم أن النفقة تقِي من عذاب النار، وتمنع ميتةَ السوء؛ قال ﷺ ((الصدقة تطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماءُ النارَ)). وعلى العبد المسلم أن يعلم أن الموت آتٍ لا شك في ذلك، فيُسارع إلى الإنفاق قبل حلوله ]وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ[ واعلموا ... أن الصدقات ترجِّح ميزانَ الحسنات، وتكفِّر الذنوب، وترفع قيمةَ العبد عند ربه ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾. واعلموا علم اليقين لا شك فيه ... أن الصدقة لا تنقص المالَ بل تزيده؛ ((ما نقصتْ صدقةٌ من مال)) فليس للإنسان شيء يبقى ((وهل لك يا ابن آدمَ مِن مالِك، إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ؟!)). إن الصدقة التي يُخرجها الإنسانُ من ماله في صحته وحياته تَلحقه بعد موته؛ قال ﷺ ((إذا مات الإنسانُ، انقطع عملُه إلاَّ مَن ثلاثة: إلا مِن صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له)). فأنفِقْ -أخي المسلم- في وجوه الخير المختلفة ما دمت على قيد الحياة، قبل أن يفاجئك الأجل المحتوم، وتصدَّقْ وأنت صحيحٌ شحيح، تخشي الفقرَ، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغَتِ الروحُ الحلقومَ، قلتَ: لفلانٍ كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلانٍ كذا. أسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله ...     الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... إن الكرم والجود من صفات الرسول ﷺ وعباد الله الصالحين، قال ﷺ ((ما يَسُرُّني أن عندي مثلَ أُحُد هذا ذهبًا، تمضي عليَّ ثلاثةٌ، وعندي منه دينار إلا شيئًا أرصد لدَينٍ، إلاَّ أن أقول به في عباد الله هكذا، وهكذا، وهكذا)). وقال ﷺ ((أحب الناس إلى الله أنفعُهم، وأحب الأعمال إلى الله - عز وجل - سرورٌ تُدخِله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دَينًا، أو تَطرُد عنه جوعًا)). أيها المؤمنون .. لم يعُد أمر الوصول للمحتاجين عمومًا والسجناء خصوصًا أمرًا صعبًا عسيرًا، مع توفر المنصات الرقمية والمؤسسات الخيرية، والتي تشرف عليها الجهات الحكومية لإيصال التبرعات والصدقات والزكوات إلى مستحقيها بطُرُقٍ آمنة ووفق آلية منظمة، تحفظ لهم كرامتهم، فهذه منصة إحسان ومنصة تيسير يقوم على الإشراف بها أهل ثقة واطمئنان، ولهما دور تُسهِم من خلال سداد ديون الفقراء والمُعسِرين، فالمنصة الالكترونية جهة موثوقة والحمد لله. وتذكروا ... أن من فرَّج عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا، فرَّج الله عنه من كرب الآخرة، ومن نفَّس عن مؤمن، نفَّس الله عنه يوم القيامة، والله في عون العبد، ما دام العبد في عون أخيه، أسأل الله أن يفرِّج هم المهمومين، وينفس كرب المكروبين، ويقضِ الديْن عن المدينين، ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين. وصل اللهم على نبينا محمد  
المرفقات

1637868933_من ثمرات النفقة في سبيل الله.docx

1637868940_من ثمرات النفقة في سبيل الله.pdf

المشاهدات 854 | التعليقات 0