"مدرسة الحج والعبادة " 15 /12/ 1445هـ

د عبدالعزيز التويجري
1445/12/14 - 2024/06/20 18:14PM

 الخطبة الأولى :    مدرسة الحج والعبادة           15 / 12 / 1445هـ

 الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، وَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ خُبْرًا، نحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نَعْمَائِهِ ونزيدُهُ شُكْرًا، وَنشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ، وَنشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ إِلَى الْخَلَائِقِ عُذْرًا وَنُذْرًا، فَدَعَا إِلَى اللهِ سِرًّا وَجَهْرًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا رَبَّكُمْ حَقَّ التَّقْوَى وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَحَقِّقُوا عُبُودِيَّتَهُ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا تَرَوْنَهُ فَإِنَّهُ يَرَاكُمْ .

  للهِ أيّامٌ على الطاعات انقضتْ  **  يا حبّذا لو أنها إلينا رجعت

مَضَتْ أَيَّامٌ مَشْهُودَةٌ، وَمَوْسِمٌ مَذْكُورٌ ، فَازَ فِيهَا أَقْوَامٌ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ، وَحَازَ فِيهَا رِجَالٌ رِضَا عَلَّامِ الْغُيُوبِ ..

 مَضَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ بِخَيْرِهَا، وَخَيْرَاتِهَا، وَبِرِّهَا وَمَنَافِعِهَا.. أَغْلَقَتْ مَعَهَا مَدْرَسَةُ الْحَجِّ أَبْوَابَهَا لِيَعُودَ فِيهَا مَنْ عَادَ بِوَجْهٍ جَدِيدٍ، وَرُوحٍ مُشْرِقَةٍ، وَصَفْحَةٍ بَيْضَاءَ ، فِي رِحْلَةٍ إِيمَانِيَّةٍ مِنْ أَرْوَعِ الرِّحْلَاتِ الْعُمْرِيَّةِ.

عَادَ ضُيُوفُ الرَّحْمَنِ وَقَدْ عَجَّتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِالتَّلْبِيَاتِ، وَزَخَّتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمَعَاتِ، وَأَنِسَتْ أَرْوَاحُهُمْ بِالطَّاعَاتِ.. عَادُوا فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، مُسْتَبْشِرِينَ بِمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ مِنْ تَوْفِيقِهِ، وَحَجِّ بَيْتِهِ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).

يَقْدَمُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَعْرِضَ إِسْلَامَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِr ،فَهَشَّ لَهُ الْمُصْطَفَى وَبَسَطَ يَمِينَهُ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، لَكِنَّ عَمْرًا قَبَضَ يَدَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ r: مَالَكَ ياعَمْرُو؟ قَالَ : أرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، فَقَالَ:  تَشْتَرِطُ مَاذَا؟ قَالَ: أَشْتَرِطُ أَنْ يُغْفَرَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهr يَا عَمْرُو، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ).

ما أعظمها من بشارة لِمن ، أَتَمَّ حَجَّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ، بلا رفث ولا فسوق ولاجدال،     ويا هناء لكل مسلمٍ  قضى تلك الأيام الفاضلات متنقلا بين رياض الطاعات والقربات ؛ فَقَدْ دَعَوْتُمْ رَبًّا عَظِيمًا، وَرَجَوْتُمْ بَرًّا كَرِيمًا، لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا فَضْلٌ أَنْ يُعْطِيَهُ، فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ، وَبَالِغُوا فِي إِحْسَانِ الظَّنِّ؛ فَعَطَاءُ اللهِ أَعْظَمُ مِنْ آمَالِكُمْ، وَجُودُهُ أَوْسَعُ مِنْ مَسْأَلَتِكُمْ.

وإذا كان الحج أعظم رحلة إيمانية ومدرسته تفيض بالذكريات والدروس فلَقَدْ عَلَّمَتْنَا مَدْرَسَةُ الْحَجِّ حُسْنَ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ  فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ الْخَالِيَاتُ مَوْسِمًا يَزْدَادُ فِيهِ الْمُؤْمِنُ ارْتِبَاطًا بالهَدْيِ النبوي.

تَرَى الْحَاجَّ يَتَحَرَّى وَيَسْأَلُ، وَيَتَتَبَّعُ وَلَا يَحِيدُ؛ حَتَّى يَكُونَ حَجُّهُ كُلُّهُ وَفْقَ الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ هَذَا الِاقْتِفَاءَ، وَذَاكَ الِاتِّبَاعَ مَنْهَجَهُ فِي حَيَاتِهِ كُلِّهَا؛ فِي عِبَادَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ، فِي مَظْهَرِهِ وَمَخْبَرِهِ، فِي حَضَرِهِ وَسَفَرِهِ، وَنَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ، وَسِلْمِهِ وَحَرْبِهِ، فِي أَحْوَالِهِ كُلِّهَا يَكُون.

وَإِذَا رُزِقَ الْعَبْدُ اقْتِفَاءً حَسَنًا فَتَحَتْ لَهُ الْهِدَايَةُ أَبْوَابَهَا، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِ الرَّحَمَاتُ الْإِلَهِيَّةُ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).

عَلَّمَتْنَا مَدْرَسَةُ الْحَجِّ أَنَّ اسْتِشْعَارَ ثَوَابِ الْعَمَلِ هُوَ أَعْظَمُ مُحَرِّكٍ نَحْوَ الْعَمَلِ؛ فَمَا تَعَنَّى مَنْ تَعَنَّى، وَفَارَقَ الْأَهْلَ وَالْأَحْبَابَ ، إِلَّا رَغْبَةً فِيمَا عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ ثَوَابٍ.

لَقَدِ اسْتَحْضَرَ الْحُجَّاجُ (أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ) فَأَنْفَقُوا أَمْوَالَهُمْ، وَضَحُّوا بِأَوْقَاتِهِمْ، وَتَحَمَّلُوا مَا تَحَمَّلُوا بِنُفُوسٍ مُطْمَئِنَّةٍ، وَقُلُوبٍ رَاضِيَةٍ.

إِنَّ اسْتِشْعَارَ ثَوَابِ الْعَمَلِ يُعْلِي الْهِمَّةَ، وَيَطْرُدُ الْكَسَلَ، وَيُرَبِّي فِي الْمُسْلِمِ الْحِرْصَ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا، وَالْتِزَامَهَا طِيلَةَ الْحَيَاةِ.

أَمَا وَاللهِ لَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَنِ اسْتَشْعَرَ فِي قَلْبِهِ حَقًّا قَوْلَ النَّبِيِّ r-: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ).

أَمَا وَاللهِ لَنْ تَنْقَبِضَ يَدٌ عَنِ الصَّدَقَةِ، وَلَنْ تَشِحَّ نَفْسٌ عَنِ الْبَذْلِ إِذَا مَا اسْتَحْضَرَتْ صِدْقًا قَوْلَ النَّبِيِّ r: ( لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلَّا أَخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ ) متفق عليه.

عَلَّمَتْنَا مَنَاسِكُ الْحَجِّ تَرْبِيَةَ الضَّمِيرِ، وَتَزْكِيَةَ النَّفْسِ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْعَفَافِ (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) ،يَتْرُكُ الْعَبْدُ فِي نُسُكِهِ الْفُسُوقَ وَاللَّمَمَ؛ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِ، وَخَوْفًا مِنْ نُقْصَانِ أَجْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِ الْأَوْزَارِ، وَارْتِكَابِ الْخَطِيئَاتِ، وَلَوْ تَأَمَّلْنَا مَنْسَكًا وَاحِدًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَهُوَ الطَّوَافُ، لَرَأَيْنَا كَيْفَ يَغْرِسُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ مَبْدَأَ الْخَشْيَةِ وَالْعَفَافِ؛ فَالْحَاجُّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، لَا يُرْسِلُ طَرْفَهُ ، وَلَا يُتْبِعُ نَظَرَهُ نَحْوَ امْرَأَةٍ، مَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا تَعْظِيمٌ لِمَقَامِ رَبِّهِ، وَخَشْيَةُ تَدْنِيسِ نُسُكِهِ، وَهَكَذَا تَصْنَعُ مَنَاسِكُ الْحَجِّ فِي نُفُوسِ أَهْلِهَا مِنَ التَّرْبِيَةِ وَالتَّزْكِيَةِ.. وَهَلِ الْفَلَاحُ وَالنَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِقَدْرِ تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَتَزْكِيَتِهَا (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).

عَلَّمَتْنَا مَدْرَسَةُ الْحَجِّ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّاعَةِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ عَلَى الْخَيْرِ، يَرَى الْحَاجُّ بِعَيْنِهِ نُفُوسًا خَاشِعَةً، وَأَعْيُنًا دَامِعَةً، وَابْتِهَالَاتٍ صَادِقَةً، يَرَى الْكُلَّ مَشْغُولًا بِرَبِّهِ؛ فَهَذَا يَتْلُو، وَآخَرُ يَدْعُو، وَثَالِثٌ يُصَلِّي، وَرَابِعٌ يَتَصَدَّقُ؛ فَتَدْفَعُهُ هَذِهِ الْمَنَاظِرُ أَنْ يَتَأَسَّى بِهِمْ وَيُشَاكِلَهُمْ.

وَالْإِنْسَانُ فِي دُنْيَاهُ مَفْطُورٌ عَلَى التَّأْثُّرِ بِمَنْ حَوْلَهُ، وَمَنْ يُصَاحِبُ، وَقَدِيمًا قِيلَ: "الطَّبَائِعُ سَرَّاقَةٌ"، وَأَصْدَقُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى: (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ). والأخوةُ إِنْ كَانَتْ لِخَيْرٍ وَفِي خَيْرٍ فَنِهَايَتُهَا مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَنِهَايَتُهَا عَضٌّ عَلَى الْأَيَادِي وَزَفَرَاتٌ وَحَسَرَاتٌ (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا).

عَلَّمَتْنَا مَدْرَسَةُ الْحَجِّ: قِصَرَ الْأَمَلِ، خَرَجَ الْحَاجُّ مِنْ دِيَارِهِ مُصَبِّرًا نَفْسَهُ عَلَى الطَّاعَاتِ، حَابِسًا هَوَاهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ طِيلَةَ أَيَّامِ الحج؛ لِأَنَّهُ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهَا سَاعَاتٌ مَعْدُودَاتٌ وَيَأْتِي الرَّحِيلُ عَمَّا قَرِيبٍ.

وهذا هو مقام الأنسان في هذه الحياة، الْمُكْثَ فِيها قَلِيلٌ، وَالْبَقَاءَ فِيهَا يَسِيرٌ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ).، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ.

 الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى، أَمَّا بَعْدُ، فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:

أعظم المصارحة المصارحة مع أنفُسِنا، نُكَاشِفَ أَنْفُسَنَا وَنَسْأَلَهَا: مَاذَا بَقِيَ فِي نُفُوسِنَا مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْخَالِيَاتِ؟

إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ صَلَاحِ الْأَعْمَالِ وَقَبُولِهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْعَمَلِ، تَرَى ذَلِكَ فِي سَمْتِهِ، وَقَوْلِهِ، وَخُلُقِهِ، وَمُعَامَلَتِهِ، وَبَصَرِهِ، وَسَمْعِهِ، لَا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مُجَرَّدَ طُقُوسٍ اعْتِيَادِيَّةٍ لَا أَثَرَ لَهَا فِي وَاقِعِ صَاحِبِهَا.

فَمَا قِيمَةُ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ تَنْهَ صَاحِبَهَا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ ، مَا قِيمَةُ الصَّوْمِ إِذَا لَمْ يَكُفَّ صَاحِبُهُ عَنِ الزُّورِ وَفُحْشِ الْقَوْلِ، وَمَا قِيمَةُ الصَّدَقَةِ إِذَا اتَّبَعَهَا صَاحِبُهَا بِمَنٍّ أَوْ أَذًى، وَمَا قِيمَةُ الْحَجِّ أَيْضًا إِذَا لَمْ تُوَقَّرِ الشَّعَائِرُ وَتُعَظَّمُ الْحُرُمَاتُ.

رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: (هِيَ فِي النَّارِ)، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَأَنَّهَا تَصَّدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: (هِيَ فِي الْجَنَّةِ).

مَا أَجْمَلَ أَنْ نُتَرْجِمَ عَمَلَنَا الصَّالِحَ فِي الْحَيَاةِ إِلَى كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَابْتِسَامَةٍ، وَصِلَةٍ وَبِرٍّ وَإِحْسَانٍ، بِذَلِكُمْ نَرَى أَثَرَ طَاعَاتِنَا وَاقِعًا مَحْسُوسًا، وَشَاهِدًا مَلْمُوسًا، وَنَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الْمُتَّقِينَ الصَّادِقِينَ الْعَامِلِينَ.

 ثم أختموا أعمالكم بالاستغفار وكثرة الصلاة والسلام عَلَى خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

المرفقات

1718896440_مدرسة الحج والعبادة.docx

1718896440_مدرسة الحج والعبادة.pdf

المشاهدات 855 | التعليقات 0