في بيتنا يتيم-21-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري(مختصرة/للجوال)

محمد بن سامر
1445/03/20 - 2023/10/05 13:21PM

في بيتنا يتيم-21-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

بَعدَ يَومٍ كَانَ مِقدَارُهُ خَمسينَ أَلفَ سَنةٍ، هَا هُم أَصحَابُ الجَنَّةِ يَقِفونَ أمَامَ أَبوابِ الجَنَّةِ يَنتَظِرونَ أَنْ تُفتَحَ لَهم، يَقولُ الرسولُ-عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ، فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ، لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ"، فَتُفتَحُ الأبوابُ الثَّمَانيَّةُ، فَيَتَقَدَّمُ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-لِيَكونَ أَولَ الدَّاخِلينَ، فَإذا بِامرأةٍ تُزَاحِمُهُ في الدُّخولِ عِندَ بَابِ الجَنَّةِ، فَمَن هيَ تِلكَ المَرأةُ يا تُرى؟ قَاَل-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ تَأْتِي امْرَأَةٌ تُبَادِرُنِي-تُسابقني-، فَأَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ؟ وَمَا أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا امْرَأَةٌ قَعَدْتُ-تَرَمَّلْتُ-عَلَى ‌أَيْتَامٍ لِي"، فهَنيئًا لَها اهتِمَامُها بأَيتَامِها، فَيَا كَافلَ اليَتيمِ كَم لَكَ مِن ثَوابٍ وفَضيلةٍ وَأَجرٍ، عَلى مَا كَانَ مِن إِحسَانٍ وتَربيةٍ وَصَبرٍ، فَتَدخلُ الجَنَّةَ مَعَ أَولِ الدَّاخلينَ، ويَكونُ مَجلِسُكَ بِجِوارِ سَيِّدِ المُرسلينَ، قَالَ النبيُ-عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا"، قالَ ابنُ بَطَّالٍ: "حَقٌّ على مَنْ سَمِعَ هذا الحديثَ أنْ يَعْمَلَ بهِ، ليكُونَ رَفِيقَ النبيِّ-صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ-في الجنَّةِ، ولا مَنْزِلَةَ في الآخِرَةِ أفْضَلُ مِنْ ذلكَ".

يَا كَافِلَ الأيتامِ كَأسُكَ أَصبَحَتْ*

                         مَلأَى وَصَارَ مِزَاجُها تَسنيمًا

أَبشِرْ بِصُحبةِ خَيرِ مَنْ وَطِيءَ الثَّرى*

                           في جَنَّةٍ كَمُلَتْ رِضًا وَنَعيمًا

البَيتُ الذي يُحسَنُ فِيهِ إلى يَتيمٍ، تَتَنزَّلُ فِيهِ البَركةُ والرِّزقُ الكَريمُ، تَقولُ حَليمةُ السَّعديةُ: "قدِمتُ مكَّةَ في نِسْوةٍ مِن بَني سَعدٍ نَلْتمِسُ بها الرُّضَعاءَ في سنةٍ شَهْباءَ-جدباءَ جافةٍ-، فَواللهِ مَا علِمتُ مِنَّا امرأةً إلَّا وقد عُرِضَ عَليهَا رَسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-فَإذا قِيلَ: إنَّه يَتيمٌ، ترَكْناهُ، فإنَّما نَرْجو المعروفَ مِن والدِ الوَلَدِ، فواللهِ ما بقِيَ مِن صَواحِبي امرأةٌ إلَّا أخَذتْ رَضيعًا غَيري، فلمَّا لم نَجِدْ غَيرَه، وأجمَعْنا الانطلاقَ، قُلتُ لزَوجي: واللهِ إنِّي لأكرَهُ أنْ أَرجِعَ مِن بينِ صَواحبي ليسَ معي رَضيعٌ، لأنطَلِقنَّ إلى ذلكَ اليَتيمِ، فلآخُذَنَّه، فَذهَبتُ فأخَذتُه، فواللهِ ما أخَذتُه إلَّا أنِّي لم أجِدْ غَيرَه، فَمَا هو إلَّا أنْ أخَذتُه فجِئتُ به رَحْلي، فأقبَلَ عَليهِ ثَدْيايَ بِمَا شَاءَ مِن لَبنٍ، فَشَرِبَ حَتى رَوِيَ، وشَرِبَ أَخوهُ حَتى رَوِيَ، وَقَامَ صَاحبي إلى شَارِفٍ لَنَا-ناقةٍ مسنةٍ-، واللهِ ما تبِضُّ بقَطْرةٍ، فَإذا إنَّها لَحَافِلٌ-لبنُها كثيرٌ-، فَحِلَبَ مَا شَرِبَ وَشَرِبتُ حَتَى رَوينا، فبِتْنا بخَيرِ لَيلةٍ، فَقَالَ صَاحبي: حِينَ أصبَحْنا: يا حَليمةُ، واللهِ إنِّي لأراكِ قَد أخَذتِ نَسَمةً مُبارَكةً"، فَتَتابعَ عَليهم الخَيرُ لَمَّا رَجَعوا إلى بِلادِهم بِسَببِ هَذا اليتيمِ المُباركِ.

حَسْبُ اليَتيمِ سَعادةً أنَّ الذي*

                      نَشَرَ الهُدَى في النَّاسِ عَاشَ يَتيمًا

لَقَد أَمرَ اللهُ-سُبحَانَهُ-في كِتَابِهِ بِمُراعاةِ مَشَاعرِ اليَتيمِ اللَّطيفةِ، فَقَالَ-تَعالى-: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)، وحَذَّرَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَمَ-مِنْ حُقوقِ الضعفاءِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: حَقَّ الْيَتِيمِ، وَحَقَّ الْمَرْأَةِ-أُضَيِّقُه و أُحرِّمهُ‌ على من ظَلَمَهُمَا-"، ولِذَلكِ كَانتْ عِنايةُ السَّلفِ بالأيتَامِ مِن عَجَائبِ الأُمورِ، فَقَدَّمُوهم عَلى أَنفُسِهم لِما يَرجُونَ عِندَ اللهِ منَ الأُجورِ، قَالَتْ مَولاةٌ لِدَاودَ الطَّائيِّ-رحمهما اللهُ تعالى-: "يَا دَاودُ، لو طَبختُ لَكَ دَسَمًا، قَالَ: فَافعَلي، فَطَبَختْ لَهُ، ثُمَّ جَاءتْهُ بِهِ، فَقَالَ لَها: مَا فَعَلَ أَيتَامُ بَني فُلانٍ؟ قَالتْ: عَلَى حَالِهم، قَالَ: اِذهبي بِهِ إليهم، قَالَتْ: فَدَيْتُكَ، أَنْتَ لَمْ تَأْكُلْ أُدْمًا-إدِامًا-مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: إنِّي إذا أَكَلتُهُ كَانَ في الحُشِّ-في الخَلاءِ كرَّمَ اللهُ الجميعَ-، وإذا أَكَلَهُ الأيتامُ كَانَ عِندَ اللهِ مَذخُورًا-باقيًا-".

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فإذا كَانَ في بَيتِكَ يَتيمٌ، فَفِيهِ الدَّواءُ لأعظمِ داءِ، ألا وهوَ قَسوةُ القَلبِ، فَقَد جَاءَ رجُلٌ يَشكُو إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-قَسوةَ قَلبِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أتُحبُّ أَنْ يَلينَ قلبُكَ، وتُدرِكَ حَاجتَكَ؟ قَالَ: نَعم، قَالَ: ارْحَمْ اليَتيمَ، وامْسَحْ رَأسَهُ، وأطعِمهُ مِنْ طَعامِكَ، يَلِنْ قَلبُكَ، وَتُدْرِكْ حَاجَتَكَ".

كَانَ أَبو شُجاعٍ مُحمدُ بنُ حُسينٍ الوَزيرُ-رَحمَهُ اللهَ-كَثيرَ الإنعامِ والإنفاقِ عَلى الأَراملِ واليَتَامى، فَعُرِضَتْ عَليهِ رِقعَةٌ من بَعضِ الصَّالحينَ يَذكرُ فيها: أَنَّ امرأةً مَعَها أَربعةُ أَطفالٍ أَيتامٍ، وَهُم عُراةٌ جِياعٌ، فَقَالَ للرَّجلِ: امضِ الآنَ إليهم، واحمِلْ مَعكَ مَا يُصلِحُهم، ثُمَّ خَلعَ أَثوابَهُ في الشتاءِ، وَقَالَ: واللهِ لا لَبستُهَا ولا دَفئتُ حَتى تَعودَ وتُخبرَني أَنَّكَ كَسوتَهم وأَشبَعتَهم، فَمَضَى وَعَادَ، فَأَخبَرهُ وهَو يَرتعدُ من البَردِ.

إذا كَانَ في بَيتِكَ يَتيمٌ، فَفي بَيتِكَ عَظيمٌ مِن العَظماءِ، إذا أحسَنتَ تَربيتَهُ وَأكثَرتَ لَهُ مِنَ الدَّعاءِ، فَمنَ الأيتَامِ الشَّافعيُّ وأَحمدُ بنُ حَنبلٍ والبُخاريُّ-رحمهم اللهُ تعالى-، ومن الأنبياءِ عيسى بنُ مَريمَ-عَليهِ السَّلامُ-، وأَعظَمُ الأيتامِ نَبيُّ الأُمَّةِ وقَائدُها وإمامُها محمدٌ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-الذي نَشأَ يَتيمًا، وَكَانَ يُتمُهُ تَشريفًا لُكُلِّ يَتيمٍ، فَأدَبَّهُ اللهُ وآواهُ، قَالَ-تَعالى-: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)، وَهَكَذا عِندَمَا يَموتُ الأبُّ المسكينُ، يَتَولَّى العِنايةَ الربُّ العظيمُ.

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.

اللَّهُمَّ اجعلنا مِن المحسنينَ إلى الأَرملةِ واليَتيمِ والمِسكينِ.

اللَّهُمَّ مُنَّ عَلينا وعلى المسلمينَ بصَلاحِ الأنفسِ والأهلِ، والزوجاتِ والأولادِ، وكلِّ الشؤونِ.

اللَّهُمَّ أَقرَ العيونَ بهدايتِهم وصَلاحِهم واستقامَتِهم.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ.

اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ أنتَ حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1696580552_في بيتنا يتيم-21-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx

1696580553_في بيتنا يتيم-21-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf

المشاهدات 718 | التعليقات 0