زلازل العيص قوارع إلهية أم حوادث طبعية ( حوار مفتوح بين الخطباء )
بلال الفارس
معشر الخطباء والمصلحين أحييكم بتحية أهل الجنة فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسأل الله جلت قدرته أن يجعل التوفيق حليفكم وأن يسددكم في أقوالكم وأعمالكم وأن يجعلكم مباركين أينما كنتم .. وقد حللتم هنا أهلا ووطئتم سهلا .. في ملتقاكم الحواري ملتقى الخطباء حيث يكرم الحوار ويشمخ صرحه ..
أيها الفضلاء .. وأول موضوع للحوار هو حديث الساعة والأخبار إنه زلزال منطقة العيص وما جاورها والبركان المحتمل ولا شك أن هذا الخبر ليس كغيره من الأخبار خاصة عند الخطيب .. فلا بد أن يوجه الدفة ويقود المسار ويستغل الحدث فيما يصلح القلوب ولتحقيق هذه الأهداف قام الحوار على ساقه :
سأرقم بعض العناوين لتكون مفتاحا للحوار وأحب من كل خطيب أن يدلي بدلوه فالمؤمن قوي بإخوانه .. والخطبة التي تبنى بعقول كثيرة أجزل من ذات العقل الواحد .. وأرغب من كل محاور أن يكتب في مستهل مشاركته العنوان الذي يتحدث عنه ليكون الحوار أ كثر تنظيما .. ومفاتيح الحوار كما يلي :
1- أفكار عامة لتوجيه الناس في ظل هذا الحدث أسأل الله أن يلطف بعباده
2- الزلازل وأشراط الساعة .. علاقة قائمة ونصوص متواترة .
3- تاريخ الزلازل في منطقة العيص .. وهل هي المنطقة التي ظهرت منها النار التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى كما في الحديث .
4- سؤال يدور في ذهن كل متابع : ما سبب الزلازل ؟؟ وما سبب ضعف الآلة الحديثة عن اكتشافها قبل حدوثها .
5- ما ذا تقترح لخطباء منطقة الزلازل أن يوجهوا به الناس ( عناصر مفترضة للخطبة )
6- ما ذا تقترح للخطباء في المناطق الأخرى أن يوجهوا به الناس ( عناصر مقترحة للخطبة )
وبعد .. فليشمر كل خطيب عن ساعده وليشرع في الحوار فرب فكرة تطرحها وأنت في بيتك يخطب بها خطباء الشمال والجنوب والشرق والغرب ..
سدد الله الجهود وبارك في العمل .[/align]
المشاهدات 7881 | التعليقات 15
تجاوبا مع دعوة مدير الملتقيات الحوارية الشيخ بلال الفارس جزي بالخير، وبارك الله في جهوده.
أقدم بعض المقترحات المتعلقة بالعنصر الخامس الذي أورده في أسئلته الضافية.
ماذا تقترح لخطباء منطقة الزلازل أن يوجهوا به الناس ؟
الجواب :
أقترح لخطباء منطقة الزلزال تذكير الناس بالآتي (ساذكر أفكاراً وعلى الخطيب الشواهد والأساليب):
1/ التوكل على الله ، والإيمان بقضائه وقدره، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم.
2/ الصبر على أقدار الله واحتساب الأجر، فهي إما أن تكون من تكفير الذنوب أو من الابتلاء الذي فيه رفعة الدرجات، وكلاهما يحتاج إلى الصبر والرضا.
3/ حث الناس على فعل الأسباب وعدم التقصير والتفريط.
وأرى التعاون مع المديرية العامة للدفاع المدني بذكر بعض التعليمات الهامة التي تتعلق بالزلازل والبراكين.
إعداد : المديرية العامة للدفاع المدني
إذا رأيت الأرض ترجف والأشياء تتساقط من حولك فتيقن بأن هذه هي هزة أرضية وعليك التصرف بهدوء وعدم الارتباك وحاول أن تطبق هذه التعليمات:
1- إذا كنت في المنزل أو المدرسة أو في المكتب فاخرج إذا كانت المسافة لا تزيد عن (50 متر) وإلا فأبق في مكانك ولا تحاول اخذ أي شيء من ممتلكاتك الشخصية.
2- إذا كنت في المدرسة فاحتمى تحت الطاولة مباشرة وابتعد عن النافذة أو أستند تحت أو إلى حائط أساسي (صبه).
3- إذا كنت في فناء المدرسة أو في الشارع فعليك الابتعاد عن حواف المبنى.
4- إذا كنت في حافلة المدرسة أو في السيارة ابق في مكانك حتى يقف السائق وإذا كنت تقود السيارة فبادر إلى الوقوف واستمع إلى المذياع.
5- إذا بقيت في المنزل فاستند إلى حائط أساسي (تحت الأعمدة) ويجب تحديد هذا الموقع مسبقاً لك ولأسرتك .
6- إذا كنت خارج المنزل أو المدرسة أو المكتب فابتعد عن المباني العالية وتوجه إلى المناطق الفسيحة.
7- حاول ما أمكن قطع الكهرباء والغاز عن المنشأة حتى لا تكون سبباً في حدوث حريق .
8- لا تحاول التجول بعد الهزة مباشرة فقد يعقبها هزات أخرى تابعة والأفضل أن تبقى هادئ لفترة بعد الهزة الأولى.
9- استمع إلى إرشادات الدفاع المدني ونفذها وتعاون معه لسلامتك ولا تجعل الخوف والفزع والهلع يسيطر عليك لكي لا تحدث إرباكا قد يؤدي إلى إصابتك .
10- لا تحاول البحث في الأنقاض عن أغراض شخصية فقد يتسبب ذلك في إصابتك نتيجة انهيارات لاحقة.
تحذير من مخاطر البراكين
• الشعور بها : عن طريق الاهتزازات الأرضية الناتجة عن محاولة الصهير البركاني النفوث إلى خارج سطح الأرض.
• سماعها : عن طريق الانبعاثات البركانية (صوت مدوي مصاحب في بعض الحالات باهتزازات نتيجة تحرر الصهير الجوفي من الضغط وكذلك تحرر الغازات الذائبة) .
• رائحتها : عن طريق استنشاق أو شم رائحة نفاذه هي عبارة عن مركبات عنصر الكبريت الذي يصاحب الانبعاثات البركانية .
1- غادر منزلك فورا أو مكان عملك أيا كانت طبيعته عندما تشعر بالاهتزاز أو تساقط الأثاث فهذه مقدمة لثوران البركان .
2- لا تحمل أيا من أغراضك أو مقتنياتك الشخصية أو العائلية لان الوقت لا يتسع إطلاقا لذلك وابتعد حتى عن حواف المباني والأعمدة والجسور .
3- انظر إلى الفضاء في مستوى نضرك أو أعلى قليلاً لكي تلاحظ سحابة الدخان أو الرماد والغبار المنبعث من موقع البركان ولا تتجه إليها إطلاقا.
4- سارع في الابتعاد عن المكان إذا كنت قريبا من مصدر البركان أو كنت في الاتجاه الذي يمتد إليه الرماد والغبار البركاني بفعل الرياح (واستخدم وسائل النقل لان عامل الوقت مهم).
5- احم جهازك التنفسي من الغبار البركاني (لأنه دقيق ويعلق في الهواء ويمكن أن يصل إلى أماكن ابعد) باستخدام أي وسيلة أو قناع واقي من القماش .
6- اتبع تعليمات الدفاع المدني عند سماع نغمات الإنذار أو مكبرات التوجيه الصوتي التي تطلب منك الإخلاء واتجه إلى مواقع الإيواء ولا تترد أو تتأخر لحماية نفسك وأسرتك .
7- إن منزلك ومتجرك ومقتنياتك هي في مأمن فلا تقلق وستعود إليها فور استقرار الوضع لذا لا تبدد الوقت في هذه اللحظات.
إن هذه التعليمات هامة جدا ومبسطة في ذات الوقت وهي تعليمات احترازيه فقط نهدف من خلالها إلى حمايتك وحماية أسرتك ومجتمعنا فلا تقلق .
[align=center]أفرد أخي الحبيب عبد الملك الجاسر مشرف نافذة الأحداث التاريخية موضوعا في النار التي خرجت فأضاءت له أعناق الإبل ببصرى .. ولبعده عن الشبكة أنابني في نقل موضوعه ليكون ردا هنا في هذا الموضوع الحواري وهو جواب على أحد المحاور أعلاه ..
قال وفقه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي البشير وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد :
فما خبر النار الذي أضاءت له أعناق الإبل ببصرى !!
إنه حدث عجيب وغريب ، فهو وإن كان عظيما في ذاته فالأغرب هو وقوعه كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .. ولا عجب فكل ما أخبر به الشارع حتما واقع لا محالة ...
سأقف على الأحاديث الواردة في ذلك ، وننظر كلام أهل العلم والمؤخرين في هذه الحادثة العجيبة ...
وتبقى مسألة القياس على ما ورد من خبر وحدث ، على آراء علماءنا فيما يحدث هذه الأيام ..
فأقول مستعينا بالله :
جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى )..
وجاء في المسند من حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله :
أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ ، فَتَعَجَّلَتْ رِجَالٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِتْنَا مَعَهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُمْ ، فَقِيلَ : تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ . فَقَالَ :
" تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَالنِّسَاءِ !! أَمَا إِنَّهُمْ سَيَدَعُونَهَا أَحْسَنَ مَا كَانَتْ " ، ثُمَّ قَالَ : " لَيْتَ شِعْرِي مَتَى تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ الْيَمَنِ مِنْ جَبَلِ الْوِرَاقِ تُضِيءُ مِنْهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بُرُوكًا بِبُصْرَى كَضَوْءِ النَّهَار " .
وفي المستدرك نحو هذه الرواية وفيه : " ليت شعري متى تخرج نار من جبل الوراق فتضيء لها أعناق البخت بالبصرى سروجا كضوء النهار".
وقد تابع الذهبي الحاكم في تصحيحه .
وجاء في المعجم الكبير من حديث بشير السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" يوشك أن تخرج نار تضيء أعناق الإبل ببصرى تسير سير بطيئة الإبل تسير النهار وتقيم الليل تغدو وتروح يقال : غدت النار أيها الناس فاغدوا ، قالت النار أيها الناس فقيلوا راحت أيها الناس فروحوا من أدركته أكلته " .
قال الحافظ في الفتح :
" وهذا ينطبق على النار المذكورة التي ظهرت في المائة السابعة وأخرج أيضا الطبراني في آخر حديث حذيفة بن أسيد الذي مضى التنبيه عليه وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رومان أو ركوبة تضيء منها أعناق الإبل ببصرى ) ، قلت : وركوبة ثنية صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام ، مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ذكره البكري ،
ورومان : لم يذكره البكري ولعل المراد رومة البئر المعروفة بالمدينة ، فجمع في هذا الحديث بين النارين وأن إحداهما تقع قبل قيام الساعة مع جملة الأمور التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم والأخرى هي التي يعقبها قيام الساعة بغير تخلل شيء آخر وتقدم الثانية على الأولى في الذكر لا يضر والله أعلم "..
و قال القرطبي في التذكرة : خرجت نار بالحجاز بالمدينة وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة ترى في صور البلد العظيم عليها سور محيط بها عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن ويرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي فاجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم وانتهت النار إلى قرب المدينة ومع ذلك فكان يأتي ببركة النبي المدينة نسيم بارد وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها وقال بعض أصحابنا لقد رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام من المدينة وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى.."
وقال النووي : " تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام " .
وقد جاء في بعض الكتب شرحا لما حصل في تلك الحادثة كما ذكر العيني قال : " ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد وفي كتاب آخر سال منها واد مقداره أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال يجري على وجه الأرض يخرج منها مهاد وجبال صغار وفي كتاب آخر ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة ...".
وأما بصرى : فهي مدينة معروفة وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل ، كما ذكر ذلك شرّاح الأحاديث ..
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة أربع وخمسين وستمائة من الهجرة خبر النار التي ظهرت من أرض الحجاز مما ذكره أبو شامة عنها.. ونظرا للوصف والتفاصيل المذكورة في ذلك فسأنقله بطوله فقال رحمه الله :
" وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال : وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام بخروج نار عندهم في خامس جمادي الآخرة من هذه السنة ، وكتبت الكتب في خامس رجب والنار بحالها ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان .
ثم قال - أي في كتابه - : بسم الله الرحمن الرحيم ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ) . فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب !!
قال : وكنا في بيوتنا تلك الليالي وكان في دار كل واحد منا سراج ، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها !! ، إنما كانت آية من آيات الله عز و جل .
قال أبو شامة وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب الواردة فيها :
لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادي الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ظهر بالمدينة النبوية دوي عظيم ثم زلزلة عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان والسقوف والأخشاب والأبواب ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور ، ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة قريبة من قريظة نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا وهي نار عظيمة إشعالها أكثر من ثلاث منارات ، وقد سالت أودية بالنار إلى وادي شظا مسيل الماء وقد مدت مسيل شظا وما عاد يسيل - والله - ، لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانا وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة فوقفت بعد ما أشفقنا أن تجيء إلينا ورجعت تسيل في الشرق فخرج من وسطها سهود وجبال نيران تأكل الحجارة فيها أنموذج عما أخبر الله تعالى في كتابه : ( إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر ) ، وقد أكلت الأرض ، وقد كتبت هذا الكتاب يوم خامس رجب سنة أربع وخمسين وستمائة والنار في زيادة ما تغيرت ، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق عير الحاج العراقي إلى الحرة كلها نيران تشتعل نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل الحاج !!
وأما أم النار الكبيرة : فهي جبال نيران حمر والأم الكبيرة التي سالت النيران منها من عند قريظة ، وقد زادت وما عاد الناس يدرون أي شيء يتم بعد ذلك والله يجعل العاقبة إلى خير ، فما أقدر أصف هذه النار !!!.
قال أبو شامة : وفي كتاب آخر نظهر في أول جمعة من جمادي الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ووقع في شرقي المدينة المشرفة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذي جبل أحد ثم وقفت وعادت إلى الساعة ، ولا ندري ماذا نفعل ؟!
ووقت ما ظهرت دخل أهل المدينة إلى نبيهم عليه الصلاة و السلام مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى ، وهذه دلائل القيامة .
قال : وفي كتاب آخر لما كان يوم الاثنين مستهل جمادي الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وقع بالمدينة صوت يشبه صوت الرعد البعيد تارة وتارة ن أقام على هذه الحالة يومين ، فلما كانت ليلة الأربعاء ثالث الشهر المذكور تعقب الصوت الذي كنا نسمعه زلازل ، فلما كان يوم الجمعة خامس الشهر المذكور انبجست الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي برأي العين من المدينة نشاهدها وهي ترمي بشرر كالقصر كما قال الله تعالى ، وهي بموضع يقال له : ( أجيلين ) ، وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربع فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمقه قامة ونصف ، وهي تجري على وجه الأرض ويخرج منها أمهاد وجبال صغار ، وتسير على وجه الأرض وهو صخر يذوب حتى يبقى منك الآنك ، فإذا جمد صار أسود ، وقبل الجمود لونه أحمر ، وقد حصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات ، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها .
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : ومن كتاب شمس الدين بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة الحسيني قاضي المدينة إلى بعض أصحابه لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادي الآخرة حدث بالمدينة بالثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة ، أشفقنا منها وباتت باقي تلك الليلة تزلزل كل يوم وليلة قدر عشر نوبات والله لقد زلزلت مرة ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن أوجسنا منه إذ سمعنا صوتا للحديد الذي فيه ، واضطربت قناديل الحرم الشريف وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى ولها دوي مثل دوي الرعد القاصف ، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة في رأس ( أجيلين ) نار عظيمة مثل المدينة العظيمة وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها وخفنا خوفا عظيما ، وطلعت إلى الأمير كلمته وقلت له : قد أحاط بنا العذاب ارجع إلى الله تعالى ، فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم ، فلما فعل ذلك قلت : اهبط الساعة معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فهبط وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنسوان وأولادهم وما بقي أحد لا في النخيل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم سال منها نهر من نار وأخذ في وادي ( أجيلين ) وسد الطريق ، ثم طلع إلى بحرة الحاج وهو بحر نار يجري وفوقه جمر يسير إلى أن قطعت الوادي وادي الشظا وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حضرته نحو قامتين وثلث علوها ، والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة والمدينة قد تاب جميع أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب ، وتمت النار تسيل إلى أن سدت بعض طريق الحاج وبعض بحرة الحاج وجاء في الوادي إلينا منها يسير وخفنا أنه يجيئنا فاجتمع الناس ودخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وتابوا عنده جميعهم ليلة الجمعة ، وأما قتيرها الذي مما يلينا : فقد طفىء بقدرة الله وأنها إلى الساعة وما نقصت إلا ترى مثل الجمال حجارة ولها دوي ما يدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب ، وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الأهوال ، وأبصرها أهل ينبع وندبوا قاضيهم ابن أسعد وجاء وعدا إليها ، وما صبح يقدر يصفها من عظمها ، وكتب الكتاب يوم خامس رجب وهي على حالها والناس منها خائفون والشمس والقمر من يوم ما طلعت ما يطلعان إلا كاسفين ، فنسأل الله العافية .
قال أبو شامة : وبان عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نورها على الحيطان ، وكنا حيارى من ذلك : إيش هو ؟! إلى أن جاءنا هذا الخبر عن هذه النار .
قلت - أي الذهبي - : وكان أبو شامة قد أرّخ قبل مجيء الكتب بأمر هذه النار ، فقال : وفيها في ليلة الاثنين السادس عشر من جمادي الآخرة خسف القمر أول الليل وكان شديد الحمرة ثم انجلى وكسفت الشمس ، وفي غده احمرت وقت طلوعها وغروبها وبقيت كذلك أياما متغيرة اللون ضعيفة النور والله على كل شيء قدير ، ثم قال : واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده أهل النجامة .
ثم قال أبو شامة : ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني بالمدينة يقول فيه : وصل إلينا في جمادي الآخرة نجابة من العراق وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى طفح الماء من أعلى أسوار بغداد إليها وغرق كثير منها ، ودخل الماء دار الخلافة وسط البلد وانهدمت دار الوزير وثلثمائة وثمانون دارا ، وانهدم مخزن الخليفة ، وهلك من خزانة السلاح شيء كثير ، وأشرف الناس على الهلاك وعادت السفن تدخل إلى وسط البلدة وتخترق أزقة بغداد ،
قال : وأما نحن فإنه جرى عندنا أمر عظيم لما كان بتاريخ ليلة الأربعاء الثالث من جمادي الآخرة ومن قبلها بيومين عاد الناس يسمعون صوتا مثل صوت الرعد فانزعج لها الناس كلهم وانتبهوا من مراقدهم وضج الناس بالاستغفار إلى الله تعالى وفزعوا إلى المسجد وصلوا فيه وتمت ترجف بالناس ساعة بعد ساعة إلى الصبح ، وذلك اليوم كله يوم الأربعاء وليلة الخميس كلها وليلة الجمعة وصبح يوم الجمعة ارتجت الأرض رجة قوية إلى أن اضطرب منار المسجد بعضه ببعض ، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم وأشفق الناس من ذنوبهم وسكنت الزلزلة بعد صبح يوم الجمعة إلى قبل الظهر ، ثم ظهرت عندنا بالحرة وراء قريظة على طريق السوارقية بالمقاعد مسيرة من الصبح إلى الظهر نار عظيمة تنفجر من الأرض فارتاع لنا الناس روعة عظيمة ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء ينعقد حتى يبقى كالسحاب الأبيض فيصل إلى قبل مغيب الشمس من يوم الجمعة ، ثم ظهرت النار لها ألسن تصعد في الهواء إلى السماء حمراء كأنها القلعة وعظمت ، وفزع الناس إلى المسجد النبوي وإلى الحجرة الشريفة واستجار الناس بها وأحاطوا بالحجرة وكشفوا رؤوسهم وأقروا بذنوبهم وابتهلوا إلى الله تعالى واستجاروا نبيه عليه الصلاة و السلام وأتى الناس إلى المسجد من كل فج ومن النخل ، وخرج النساء من البيوت والصبيان واجتمعوا كلهم وأخلصوا إلى الله وغطت حمرة النار السماء كلها حتى بقي الناس في مثل ضوء القمر وبقيت السماء كالعلقة وأيقن الناس بالهلاك أو العذاب ، وبات الناس تلك الليلة بين مصل وتال للقرآن وراكع وساجد وداع إلى الله عز وجل ومتنصل من ذنوبه ومستغفر وتائب ، ولزمت النار مكانها وتناقص تضاعفها ذلك ولهيبها ، وصعد الفقيه والقاضي إلى الأمير يعظونه فطرح المكس وأعتق مماليكه كلهم وعبيده ورد علينا كل ما لنا تحت يده وعلى غيرنا ، وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهابا وهي كالجبل العظيم ارتفاعا وكالمدينة عرضا يخرج منها حصى يصعد في السماء ويهوى فيها ويخرج منها كالجبل العظيم نار ترمي كالرعد ، وبقيت كذلك أياما ثم سالت سيلانا إلى وادي
( أجيلين ) تنحدر مع الوادي إلى الشظا حتى لحق سيلانها بالبحرة بحرة الحاج والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العريض ، ثم سكنت ووقفت أياما ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها حتى بنت لها جبلين وما بقي يخرج منها من بين الجبلين لسان لها أياما ، ثم إنها عظمت وسناءها إلى الآن وهي تتقد كأعظم ما يكون ، ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة ، ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال وإنما هذا طرف يكفي . والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن .وكتب هذا الكتاب ولها شهر وهي في مكانها ما تتقدم ولا تتأخر .
وقد قال فيها بعضهم أبياتا :
يا كاشف الضر صفحا عن جرائمنا ... لقد أحاطت بنا يا رب بأساء
نشكو إليك خطوبا لا نطيق لها ... حملا ونحن بها حقا أحقاء
زلازل تخشع الصم الصلاب لها ... وكيف يقوى على الزلزال شماء!
أقام سبعا يرج في الأرض فانصدعت...عن منظر منه عين الشمس عشواء
بحر من النار تجري فوقه سفن ... من الهضاب لها في الأرض أرساء
كأنما فوقه الاجبال طافية ... موج عليه لفرط البهج وعثاء
ترمي لها شررا كالقصر طائشة ... كأنها ديمة تنصب هطلاء
تنشق منها قلوب الصخر إن زفرت ... رعبا وترعد مثل السعف أضواء
منها تكاثف في الجو الدخان إلى ... أن عادت الشمس منه وهي دهماء
قد أثرت سفعة في البدر لفحتها ... فليلة التم بعد النور ليلاء
تحدث النيرات السبع ألسنها ... بما يلاقي بها تحت الثرى الماء
وقد أحاط لظاها بالبروج إلى ... أن كاد يلحقها بالارض إهواء
فيالها آية من معجزات رسو ... ل الله يعقلها القوم الألباء
فباسمك الأعظم المكنون إن عظمت ... منا الذنوب وساء القلب أسواء
فاسمح وهب وتفضل وامح واعف وجد ... واصفح فكل لفرط الجهل خطاء
فقوم يونس لما آمنوا كشف ال ... العذاب عنهم وعم القوم نعماء
ونحن أمة هذا المصطفى ولنا ... منه إلى عفوك المرجو دعّاء
هذا الرسول الذي لولاه ما سلكت ... محجة في سبيل الله بيضاء
فارحم وصل على المختار ما خطبت ... على علا منبر الأوراق ورقاء"
البداية والنهاية (13/199)
والله المستعان وعليه التكلان ، اللهم اصرف عنا المصائب ، ورد عنا رد المعائب ، ولا تؤخذنا بما فعلنا ، ولا تعذبنا بذنوبنا ...
نستغفر الله ... نستغفر الله ...
نستغفر الله ... نستغفر الله مما كان ، من الذنوب والعصيان ، اللهم اعف عنا فإنا ظالمون ، " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا " ...
في الختام أقول :
ألا فالنتذكر دوما " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ...
فنداوم على الاستغفار في كل الأوقات لاسيما أوقات الأسحار ، علّ ربنا أن يعفو عنا ويكفينا شر المصائب ..
هذا ما أمكن جمعه في هذه العجالة ، فأسأل الله أن يكشف عنا ما نحن فيه ...[/align]
وذلك على الرابط التالي :
https://khutabaa.com/forums/موضوع/134726
[align=centerبالنسبة للقنوت في الزلازل واعتبارها من النوازل فهو رأي بعض الفقهاء كالشافعية ويستدلون له بعموم الأدلة كقوله تعالى : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .. وغيرها
وقد أفتى سماحة المفتي العام عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بالقنوت لإخواننا في العيص وما جاورها وقد نقلت ذلك عنه بعض الصحف الاليكترونية .. ومن باب التثبت أرسلت لأحد أخص طلابه مستفسرا عن فتواه بالقنوت فأجابني بقوله : نعم صحيح
اللهم ارفع الغمة والطف بإخواننا
[align=center]بالنسبة للقنوت في الزلازل واعتبارها من النوازل فهو رأي بعض الفقهاء كالشافعية ويستدلون له بعموم الأدلة كقوله تعالى : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .. وغيرها
وقد أفتى سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بالقنوت لإخواننا في العيص وما جاورها وقد نقلت ذلك عنه بعض الصحف الاليكترونية ..
ومن باب التثبت أرسلتُ لأحد أخص طلابه مستفسرا عن فتواه بالقنوت فأجابني بقوله : نعم صحيح
اللهم ارفع الغمة والطف بإخواننا[/align]
[align=center]فضيلة الشيخ د . عبد الله الزايدي أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام أرسل لي هذه الرسالة بعد دعوته للمشاركة في الحوار ولعل سببها بعد الشيخ عن الشبكة .. يقول حفظه الله :
" أفضل ما يقال : إنها آيات يخوف الله بها عباده , وليس بالضرورة أن تكون عقوبة لأهل تلك الديار فغيرهم من المدن الكبرى أكثر معصية ومخالفة وقد حدثت في أفضل القرون بعد قرن النبي صلى الله عليه وسلم زلزلة وبركان " انتهت الرسالة[/align]
خطبة جمعة بتاريخ 27 / 5 / 1430 للشيخ المنجد عن زلزال العيص
زلزال العيص
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعـــد:
فإن الله تعالى يقول: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً ) (الإسراء : 59).
وإن الله تعالى يخوف عباده، ويرسل عليهم ما يشاء من جنده؛ لعلهم يرجعون، لعلهم يتقون، لعلهم يتذكرون ..
وقال تعالى:{ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ [بالصيحة أو الحجارة] أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ [بالرجفة الزلازل والخسف] أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ }
فهو قادر على ذلك كله، فاحذروا من الإقامة على معاصيه، فيصيبكم من العذاب ما يمحقكم.
وهذه المصائب والمحن والزلازل والآيات من سنن الله تعالى في الكون، وهي من آيات الله ، ودليل من أوضح الدلالات على قدرته وقوته وعظيم جبروته, وضعف أهل الأرض مهما أوتوا من قوة... كيف لا وهي في بضع ثواني تدمر كل شيء أتت عليه ؟.
وما حدث لإخواننا المسلمين في منطقة العيص هو من هذه الآيات الربانية التي يبعثها الله لتذكير البشر ..
ماذا حدث في العيص ؟
لقد بدأ النشاط الزلزالي في منطقة العيص بهزات خفيفة، ثم أصبحت قوية حتى شعر بها السكان ،وصاروا يسمعون أصواتاً من باطن الأرض مفزعةً مدويةً مثل الرعد ويشعرون بالأرض وهي تهتز من تحتهم.
ووصلت أقوى الهزات التي تم تسجيلها إلى 5,5 درجة على مقياس ريختر.
ـ وقد سجلت أجهزة رصد الزلازل على مدى أيام مضت أكثر "15 ألف" هزة" 23/05/1430 هـ http://news.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=314773
ـ وطلب المسئولون من المقيمين هناك إخلاء منازلهم والتوجه مباشرة إلى مقار “الإيواء".
وقد تضررت أسقف المنازل الشعبية في بعض القرى وتم إخلاء سكانها.
وبدأ النزوح الفعلي من العيص بكثافة كبيرة، فوصلت نسبة إشغال الشقق والفنادق في بعض المدن القريبة 100% .
والناس يخرجون من منازلهم مذعورين مع عوائلهم خوفاً من إصابتهم بأضرار.
وارتفعت درجات الحرارة الجوفية وحرارة الآبار بشكل مفاجئ فزاد القلق، مما يجعل السكن في الخيام أمراً عسيراً.
وانبعثت الغازات المؤذية وروائح الكبريت قرب الجبل البركاني وشوهدت صدوع أرضية جديدة.
وبدأت عمليات الإجلاء الإجباري.
وقد بدأت الهزات تدريجيا، ضعيفة ثم اشتدت، وهذا رحمة وإنذار مبكر للناس، بخلاف ماحصل في بعض البلدان التي أخذ أهلها فجأة.
ومع ذلك كان الخوف شديداً.
ويقول أحدهم: " إن بعض الأهالي عند صلاة العشاء يتوادعون بالبكاء ".سبق الإلكترونية.
وقال أحد السكان: " لقد خفت خوفًا لن أنساه بحياتي".جريدة المدينة.
- حركة غير طبيعية للجمال والأغنام !!
بعض الإبل ترفض البروك، وتظل واقفة طيلة الوقت، لأن الأرض تهتز تحتها.
والعجب أن أول من يشعر بالزلزلة هو الحيوان، فتكون حركتها كالإنذار المبكر للإنسان ، فتطير الطيور، وتفر البهائم وتصرخ الحيوانات في حدائق الحيوان، وتهز الأقفاص لأنها تريد الهروب، والإنسان لا يشعر بشي؟!!
وقد حصل نتيجة الهزات تصدعات في المباني وتعطلت الوظائف وأغلقت المدارس. والمصالح والمزارع والمصانع توقف العمل بها.
إنهم يعيشون في فزع ورعب، وتخيل نفسك الآن في البيت، والبيت يهتز، والنوافذ تذهب يمنة ويسرة، والأبواب تتحرك، والجدران تتصدع أمام ناظريك .. والمكتب يسقط عليك ولا تثبت الأواني في مكانها.
الأهالي داخل الخيام والنساء مذعورات والأطفال يبكون.
ومنظر الطرق المزدحمة بالسيارات، والناس المجتمعين في الطرقات والحدائق، وأماكن الإخلاء، يذكر المؤمن باليوم الآخر، ويذكر العبد بحشر الناس يوم الحشر الأكبر.
الزلازل خْلقٌ من خلق الله ، وقدرة الله في الزلازل.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده، كما يخوفهم بالكسوف، وغيره من الآيات ".
فمن الخطأ أن يقال: إن الوضع تحت السيطرة، لأنه زلزال، وهو من الآيات الكونية التي ليس للإنسان قدرة في دفعها.
وهذه الزلازل تري العباد ضعفهم وقدرة الله عليهم.
وفي زلازل الدنيا حكمٌ وعبر وعظات:
وكون الزلازل لها أسباب يشرحها الجيولوجيون لا ينفي كون هذه الزلازل آيات يخوف الله بها عباده، مثل الكسوف، فإن له سبباً وحكمةً، فالحكمة أنه يخوف الله بها عباده، فينبغي ألا يخلط المسلم بين السبب والحكمة، وينبغي ألا يشغله السبب عن الحكمة.
فيجب ألا تلهينا التحليلات العلمية والجيولوجية عن الاعتبار والاتعاظ بهذه الآية العظيمة.
وأما التفسيرات المادية التي تقول: بأن هذه المنطقة منطقة زلازل منذ القدم، ومواضع لبراكين خامدة منذ الأزل، وأن لها تاريخاً في ثوران البراكين والهزات، وأنها أمر طبيعي... فهذا تفسير من ابتعد عن نور الوحي.. وهو من تزيين الشيطان.
ومن الحكم الإلهية في إيقاع الزلازل: أنها من رحمة الله بعباده المؤمنين في هذه الدنيا:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ) سنن أبي داود (4278) وصححه الألباني.
" فهي مخصوصة بمزيد الرحمة, وإتمام النعمة, وتخفيف الإصر, والأثقال التي كانت على الأمم قبلها " عون المعبود (11/240ـ 241).
قَالَ الْقَارِي: بَلْ غَالِب عَذَابهمْ أَنَّهُمْ مَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِالْمِحَنِ وَالْأَمْرَاض وَأَنْوَاع الْبَلَايَا كَمَا حُقِّقَ فِي قَوْله تَعَالَى ( مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) . اهـ . مِرْقَاة المفاتيح.
بالإضافة لما في الزلازل من التخويف والتذكير، والعقوبة للعصاة، وهي تنبه الإنسان للعودة إلى الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30).
ومن حكم المصائب: عدم الركون إلى الدنيا:
فلو خلت الدنيا من المصائب لأحبها الإنسان أكثر وركن إليها وغفل عن الآخرة، ولكن المصائب توقظه، وتجعله يعمل لدار لا مصائب فيها.
قال ابن القيم: " وقد يأذن الله سبحانه للأرض أحياناً بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه، والندم كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض: "إن ربكم يستعتبكم ".
والمصائب إذا أصيب بها أهل الإيمان فهي ابتلاء ورفعة للدرجات وزيادة في الحسنات.
أما إذا أصيب بها أهل الكفر والموبقات وشرب الخمور، وأكلوا الربا فهي عقوبة.
وإن من أكبر العظات في الزلازل التذكير بيوم القيامة وبأهوال الآخرة:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ )
ذلك بأنها إذا وقعت الساعة، رجفت الأرض وارتجت، وزلزلت زلزالها.
وقال عز وجل: ( إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً ) ورجُّ الأرض: زلزلتها.
وقال تعالى مذكراً بيوم الدين: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا [أي: تحركت من أسفلها]* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا [أي: ألقت ما فيها من الموتى]* وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ] ؟ فاستنكر أمرها بعد أن كانت قارةً ساكنةً ثابتة، وهو مستقرٌ على ظهرها، فانقلب حالها فصارت متحركةً مضطربة، قد جاءها من أمر الله ما قد أُعد لها من الزلزال الذي لا محيد لها عنه. فلمثل هذا اليوم أعدوا !.
التذكير بنعمة ثبات الأرض .
يا أيها الذين تمشون عليها ساكنين آمنين مطمئنين، اذكروا أن ثبات الأرض واستقرارها نعمة من الله، فهو الذي أرساها، وهو الذي ثبتها، وهو يذكر عباده ببعض الزلازل بهذه النعمة.
وإن كثرة الزلازل التي نراها اليوم لهي من أشراط الساعة :
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ ،وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ ) البخاري (1036).
فكم نرى هذه الأيام من قلة العلم وقبض العلماء وبروز الجهال، وكثرة الزلازل والأعاصير وظهور الفتن وكثرة الْقَتْل.
" وقَدْ وَقَعَ فِي كَثِير مِنْ الْبِلَاد الشَّمَالِيَّة وَالشَّرْقِيَّة وَالْغَرْبِيَّة كَثِير مِنْ الزَّلَازِل وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِكَثْرَتِهَا شُمُولهَا وَدَوَامهَا". فتح الباري.
فثبت من السنة الصحيحة أن الخسف والمسخ وكثرة الزلازل من علامات الساعة الصغرى، وأيد ذلك ما أثبته العلم الحديث " من أنه يقع في الأرض مليون زلزال كل عام " مجلة اليمامة (1427) 1416هـ.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
" ومن تأثير معاصي الله في الأرض ما يحل بها من الخسف والزلازل ، ويمحق بركتها ".
وقال الشيخ ابن باز: " لا شك أن ما يحصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها سبحانه عباده، وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل فكله بسبب الشرك والمعاصي، كما قال الله عز وجل: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).
• ومن أهم الزلازل التي وقعت في القديم والحديث.
زلزال بومبي أو Pompeii تلك المدينة الرومانية التي كان يعيش فيها (20,000) نسمة، على عهد نيرون الحاكم الروماني، دمرت بومبي في يوم 24 أغسطس 79 بعد أن ثار بركان فسيوفيوس ; ذلك اليوم كان معدا لعيد إله النار عند الرومان.
وتمكن بعض السكان من الهرب إلى الميناء واختبأ آخرون في المنازل والمباني فتحولوا بعدها إلى جثث متحجرة عثر منها على حوالي (2,000) جثة.
وكثير منهم سحق تحت الصخور المتساقطة التي أسقطت أسقف المباني.
زحفت الحمم الملتهبة إلى المدينة فأنهت كل أشكال ومظاهر الحياة فيها.
ودفنت المدينة تحت ثلاثة أمتار من الحمم والأتربة والغبار.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق في حوادث 233هـ:
" زلزلت دمشق يوم الخميس ضحى فقطعت ربع الجامع وتزايلت الحجار العظام -يعني: عن أماكنها- ووقعت المنارة، وسقطت القناطر والمنازل وامتدت في الغوطة ".
وقال صاحب كتاب النجوم الزاهرة:
" ودخلت سنة ثلاث وستين وثمانمائة: في أولها كانت الزلزلة المهولة بمدينة الكرك أخربت أماكن من قلعتها ودورها وأبراجها ".
ومن الأحداث العظيمة التي وقعت في المدينة النبوية سنة 654هـ ثورة البركان الذي ثار في الحرة الشرقية, وقد كان ثورانه عنيفاً بعد أن سبقه زلزال تردد في يوم واحد 18 مرة واهتزت له المنابر، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم. [فصول من تاريخ المدينة المنورة].
قال ابن كثير رحمه الله :" ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة.
وفيها: كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى". البداية والنهاية (13/187)
وقال أبو شامة:" وظهر بالمدينة النبوية دوي عظيم، ثم زلزلة عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان والسقوف والأخشاب والأبواب ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور، ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهي نار عظيمة، وقد سالت أودية بالنار، ووالله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانا، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة فوقفت، ورجعت تسيل في الشرق فخرج من وسطها سهود وجبال، نيران تأكل الحجارة، فيها أنموذج عما أخبر الله تعالى في كتابه: ( إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ) البداية والنهاية (13/187).
ونقل أبو شامة عن قاضي المدينة شمس الدين سنان بن عبد الوهاب، أنه قال:" والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة والمدينة قد تاب جميع أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب".
البداية والنهاية (13/189).
************
ما هو الواجب على المسلمين ؟
أولاً الإيمان بالله ، فإنه تعالى هو الذي أرسى الأرض بالجبال والجبال أرساها أن تميد بكم.
وإن المؤمن ليألم لما يصيب إخوانه كما يألم الرأس لما يصيب الجسد، ومن حق المسلمين على إخوانهم مناصرتهم والوقوف معهم في النكبات والمصائب والزلازل وغيرها من المحن..
اللجوء إلى الله عند الكوارث والإكثار من الأعمال الصالحة وخاصة الصدقة:
فالزلازل والكوارث تنبيه من الله عز وجل لعباده .... ويجب التوبة إلى الله والإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء وقراءة القران.
وقعت رجفة في عهد عمر بن عبد العزيز فكتب إلى أهل البلدان:" إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به عباده، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل؛ فإن الله يقول: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى). فتح الباري-لابن رجب.
فينبغي الإلحاح على الله بالدعاء، والتوجه إليه بقلوب مخلصة أن يرفع عن إخواننا ما نزل بهم، وأن يخفف الله عنهم ويلطف بهم, وأن يرزقهم الصبر.
( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ) [الأنعام/43] أي هلا تضرعوا.
" وهذا عتاب على ترك الدعاء، وإخبار عنهم أنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب " القرطبي (6/425).
وكذلك فإن الاستغفار له أثر كبير في منع وقوع العذاب, وقد قال تعالى: ( وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
ولكن ليس في السنة دليل على استحباب ذكر أو دعاء معين عند حدوث الزلازل، وإنما يدعو بما فتح الله عليه مما فيه طلب الرحمة, والغوث من الله عز وجل، ليصرف عن الناس البلاء.
وأيضا تستحب الصدقة عند حلول المصائب، رحمةً للفقراء والمساكين بالصدقة عليهم:
وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) البخاري (5997), ومسلم (2318).
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ارْحَمُوا تُرْحَمُوا) أحمد (6505).
كما يجب عند المصائب والفتن, التعاون على البر والتقوى, والتواصي بالحق والصبر عليه.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة, والفيضانات؛ البَدار بالتوبة إلى الله سبحانه, والضراعة إليه, وسؤاله العافية, والإكثار من ذكره, واستغفاره, كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف: (فإذا رأيتم ذلك, فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره ) " فتاوى ابن باز (9/150ـ151).
قال الإمام الذهبي رحمه الله:
" كانت الزلزلة المهولة بـدمشق ودامت ثلاث ساعات، وسقطت الجدران وهرب الخلق إلى المصلى يجأرون إلى الله ". العبر في حوادث سنة (232 للهجرة).
وما استجلب الأمن والهدوء بمثل الإيمان والتضرع والتقوى.
• وهذه الأحداث فرصة لأهل الخير لمد يد العون لمساعدة الأسر الفقيرة هناك.
يقول مدير مستودع العيص: آلاف الأسر بانتظار المعونات.
وبعض الأسر فيها أرامل وأيتام وكبار سن، وأسر تحتاج للغذاء والمساعدات الأخرى المتنوعة كالخيام والمياه والأغطية والملابس فبعضهم من قرى وهجر فقيرة.
وقد قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ, مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) البخاري (2442) ومسلم (2580) .
وينبغي توفير سكن بديل لمن أخلوا بيوتهم، فبعضهم من الفقراء الذين لا يملكون قيمة السكن خارج بيوتهم القديمة فكيف يتدبرون أوضاعهم ؟.
• تثبيت الخائفين:
ومن واجب المسلمين مواساة إخوانهم الخائفين، وتثبيتهم وعدم إثارة الذعر فيهم.
وهذا هو دأب النبي صلى الله عليه وسلم في تثبيت الناس عند حدوث المدلهمات:
فعَنْ أَنَسٍ, قَالَ: فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ, فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ, وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُرَاعُوا, لَنْ تُرَاعُوا [أي لا تفزعوا ولا تخافوا], وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ, فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ. البخاري (6033).
" وهي كلمة تقال عند تسكين الرَّوع, تأنيساً وإظهارا للرفق بالمخاطب " عمدة القاري(32 /218).
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ ) أبو داود (1663).
والآن نقول: من كان له فضل سيارة أو "وسيلة نقل" فليعد به على من لا سيارة عنده.
وكثير من هؤلاء الذين تركوا بيوتهم ليس عندهم قدرة على استئجار الفنادق.
ومثلما انتقل المهاجرون من مكة فوسعتهم بيوت إخوانهم الأنصار في المدينة، فينبغي أن تسع بيوت المسلمين إخوانهم الذين يخرجون من مكان الهزات والخطر والهلاك.
وكثيرون من النازحين قد نزلوا على أقاربهم وإخوانهم في المدينة وما حولها.
ولله أوس آخرون وخزرج
• موعظة الناس وتذكيرهم بالله :
ومن الأمور التي تندب عند حدوث هذه الآيات: وعظ الناس وتخويفهم بالله سبحانه وتعالى:
فعن صفية بنت أبي عبيد زوجة ابن عمر قالت: [زلزلت الأرض على عهد عمر حتى اصطفقت السرر، فخطب عمر الناس، فقال: أحدثتم، لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم]. مصنف ابن أبي شيبة بسندٍ حسن. أي: ما حصل إلا بسبب ذنوب اقترفتموها.
والمربي الحاذق لا يترك مثل هذا الحدث العظيم يذهب بلا عبرة، ومن العبر التي يمكن التذكير بها في مثل هذا الحدث: التذكير بنعمة {أمن جعل الأرض قرارا} وشدة الكرب حين يتحول موضع النجاة إلى مصدر للخوف.
قال ابن القيم: " وتأمل خلق الأرض على ما هي عليه حين خلقها واقفة ساكنة؛ لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والأمتعة ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم... ولو كانت رجراجة متكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قراراً، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة، ولا تجارة، ولا حراثة، ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم، واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها كيف تصيرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا) ". مفتاح دار السعادة (1/217).
والواجب على المسلمين أيضاً أخذ العظة والعبرة مما يحصل الآن:
فعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) (الأنعام:65), قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ.
قَالَ: (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) [يعني الخسف والزلازل] قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ.
(أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا, وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا أَهْوَنُ, أَوْ هَذَا أَيْسَرُ) البخاري (4628).
صلاة الزلازل- صلاة الآيات
وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وكذلك سائر الآيات كالصواعق والريح الشديدة.
أخرج البيهقي بإسناد صحيحٍ أن ابن عباس صلى في زلزلة بـالبصرة فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه، فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع وسجد فقام في الثانية، ففعل مثل ذلك، فصارت صلاته أربع ركعات وست سجدات.
قال ابن عباس: هكذا صلاة الآيات.
وقد تكلم أهل العلم هل للزلازل صلاةٌ تخصها عند حدوثها؟
وهل يجتمع الناس للصلاة أم أنهم يصلون متفرقين ؟
فمن العلماء من قال: يصلون مثل صلاة الكسوف جماعةً.
وبعضهم قال: صلاة عادية: (إذا رأيتم الآيات فاسجدوا) رواه أبو داود بسندٍ صحيح.
وقال الشافعي رحمه الله في الصلاة للزلازل: آمر بالصلاة منفردين.
وقال أحمد رحمه الله:
يصلي للزلزلة الدائمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الكسوف بأنه آيةٌ يخوف الله بها عباده، والزلزلة أشد تخويفاً، فأما الرجفة الواحدة فلا تبقى مدةً تتسع للصلاة.
وقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:" إِذَا سَمِعْتُمْ هَادًّا[أي فزعا] مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ " سنن البيهقي (2/413).
ولكن بعض الناس ورغم الكوارث فإنه يغفل، وكل هذا التخويف وبعض الناس قلوبهم جامدة، ولا يتحدثون في الأشياء العلمية.
وقد كان المسلمون يفزعون إلى الصلاة عندما تحدث فيهم الزلازل.
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق في حوادث 233هـ:
" زلزلت دمشق يوم الخميس ضحى... فخرج الناس إلى المصلى يتضرعون إلى قريب من نصف النهار فسكنت الدنيا، وعاد الأمر إلى الهدوء ".
قال عبد الله بن الإمام أحمد:
رأيت أبي إذا كان ريح، أو أمر يفزع الناس منه، يفزع إلى الصلاة كثيرا والدعاء. [مسائل أحمد].
• ويجب الخروج من أرض الزلزال، ولا يصح الاستدلال بالبقاء فيها قياساً على الأمر بالبقاء في أرض الوباء.
فلا حرج من الانتقال عن مكان الخطر بل ينبغي على سبيل الاحتياط لسلامة الأرواح، ويتفاوت الأمر بين الجواز والوجوب بحسب نسبة الخطر.
ومن منع الخروج قياسا على الفرار من الوباء فقد أخطأ، فليس من الحكمة أن تصل القضية إلى مرحلة خطيرة والإنسان ينتظر، ويقول: حتى لو دفنت وانهدم علي منزلي فأنا جالس هنا.
قال ابن رجب:
" إن الفرار من الطاعون لا يتيقن به النجاة، بل الغالب فيه عدم النجاة، وأما الخروج من المساكن التي يخشى وقوعها بالرجفة فيغلب على الظن من السلامة، فهو كالهروب من النار والسيل ونحوهما " فتح الباري لابن رجب (6/331).
فيجب إجبار سكان المنطقة على إخلائها، والخروج من المباني بأناة ورفق وحكمة.
ومن المهم تنفيذ تعليمات المسؤولين بالإخلاء، لأنها تعليمات مبنية على تقارير علمية ...
• حفظ منازل النازحين أثناء غيابهم:
وليحذر بعض ضعاف النفوس والإيمان الذين ربما سولت لهم أنفسهم الاعتداء على ممتلكات النازحين, فلا يحل لأحد أن يعتدي على ممتلكات غيره أو ماله.
- وعلى رجال الدفاع المدني وعلى أهل النجدات والمروءات حفظ أماكن النازحين، وحراسة ممتلكات المغادرين، وينبغي معاونة كل من يقوم بالإسعاف والإخلاء، وهم مأجورون في ذلك.
- وعدم التهويل في نقل الأخبار, ووضع الأمور في نصابها, وإعطاء الواقعة حقها.
- وعدم نشر الشائعات, والتثبت قبل نقل أي خبر، خاصة الأخبار التي تمس عدداً كبيراً من الناس, أو المرتبطة بالأحداث الكبار, والمصائب العظام, كالزلازل والكوارث ونحوها.
ومن الإجراءات والنصائح عند وقوع الزلازل:
• عدم السكن قرب الشواطئ المعرضة للأمواج الزلزالية.
• الابتعاد عن الهضاب العالية المعرضة للانهيار وتساقط الصخور.
• الاحتفاظ في المسكن بمواد إسعافات أولية وطعام وشراب.
• توفير معدات إنقاذ وإطفاء بحالة جيدة.
• التهيئة النفسية وضبط النفس وتجنب الرعب.
• تسجيل أرقام الهواتف الخاصة بالمرافق الهامة في مكان بارز واضح. [المستشفيات، الدفاع المدني، الشرطة، شركات الغاز، المياه، الكهرباء ...].
• عدم ترك الأطفال أو الصغار في السكن وحدهم دون مرافق.
- وفور وقوع الهزة الأرضية يجب اتخاذ الإجراءات والاحتياطات الآتية :
• فصل التيار الكهربائي والغاز والكهرباء.
• عدم الاندفاع في الأماكن المزدحمة، والهلع في الخروج من المخارج.
• عدم استخدام المصاعد لإمكان انقطاع التيار الكهربائي أو تعرض المصعد للتلف أو السقوط.
• الابتعاد عن النوافذ لعدم التعرض للإصابة من تطاير وتناثر الزجاج.
• الابتعاد عن الشرفات والجدران الخارجية.
• وفي الطرقات: ينبغي الابتعاد عن أعمدة الإنارة والأسلاك الكهربائية.
• عدم التجمهر في أماكن الإصابات لفتح المجال أمام رجال الإنقاذ للقيام بدورهم بسهولة.
وفي السيارات: ينبغي إيقاف السيارات فورًا في أماكن آمنة بعيدًا عن المباني المرتفعة.
وتجنب الجسور والكباري العلوية والأنفاق.
إرشادات ونصائح عند احتمال وقوع البركان أو وقوعه:
- الابتعاد عن أماكن البراكين حتى وإن كانت خامدة.
- الانتقال فوراً إلى مكان آمن مع الابتعاد عن الغبار والرماد البركاني.
- استخدام الأقنعة الواقية لتغطية الأنف والفم من خطر الغبار البركاني.
- عدم لمس مخلفات البراكين مهما كان نوعها يجنب الإنسان الإصابة بالحروق.
مداخلتك تستحق الإشادة .. والناس في الزلازل بين طرفين ووسط وكلا طرفي قصد الأمور ذميم .. ومن تأمل مجموع الأدلة علم أن الزلازل آية يخوف الله بها عباده .. قد يكون سببها الذنوب وقد يكون لها سبب آخر ..
والزلازل هي نفس للأرض كما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله .. لذا فربطها بالذنوب على سبيل الوعظ وترقيق القلوب وتذكير الناس بقوة علام الغيوب أمر مندوب كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لأهل الكوفة لما رجفت بهم : إن ربكم يستعتبكم فاعتبوه
أما الجزم والعزم بأن ذنوب أهل المنطقة المتضررة كانت سببا مباشرا للزلازل .. فليس بسائغ لأن الجزم بسبب الزلازل من علم الغيب .. ولكن على الخطيب والداعية أن يذكر الناس بخالقهم عبر آية من آياته .. ويذكرهم بذنوبهم وأنها قد تكون من أسباب البلاء وأنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة .. فلا يبعد النجعة ذات اليمين ولا يحلق في أقصى الشمال .. والخير في التوسط والاعتدال في الحكم والموعظة .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
بسام النجيدي
السلام عليكم ورحمة الله
أهلا بأخي الشيخ بلال
في البداية أشكرك على هذا المجهود القيم الذي تبذله في هذا الملتقى المبارك وعلى افتتاحك لمثل هذا الموضوع المهم والذي هو حديث الساعة بمثل هذه الأسئلة التي فيها قدر من الشمولية والاستقصاء للموضوع مما يوجب مزيدا من الحراك الذهني والإعمال العقلي الذي يجعل النظر لمثل هذا الموضوع قد أتى من عدة نوافذ وأبعاد متغايرة ...
معالجة مثل هذه المواضيع الكارثية تأتي عادة من قبل الخطباء من زاوية ترهيبية تلقي مزيدا من اللوم على المسلمين وجعل المعصي والذنوب التي يقترفها جموع الناس المصلين هي الموجب الوحيد لمثل هذه الكوارث فتجد أن المصلي يخرج وقد فقد أي بصيص من أمل في رحمة الله ومغفرته وتوبته للمذنبين فتجد مسالك الشيطان عليه قد كثرت في صرفه عن طاعة الله مع أن إيمانا عميقا يحمله في قلبه وإن كان ظاهره لا يدل عليه ، وتجد فئة من استقام على طاعة الله يخرج من المسجد وقد ازداد بعدا وعزلة عن مجتمعه ورأى أن أهل الذنوب والمعصي هم سبب كل بلاء وقع على هذه الأرض ....
هذه الطريقة في المعالجة ليست بالقليلة في صفوف خطبائنا وإن كانوا لا يقصدون لوازمها التي ذكرت آنفا إلا أن جملة من الناس تأخذ بلوازم الأقول قبل ظواهرها ...
وفي نظري أن معالجة مثل هذه المواضيع لا بد أن يكون فيها شيء من الاعتدال والاتزان في الطرح ، فلا يركز الحديث على إلقاء اللوم على أفراد المسلمين وكأن هذا الحدث لم يكن ليكون لولا ذنوب الناس ومعاصيهم ونهمل النظر إلى الأسباب الطبيعية البحتة لحدوث هذا الزلزال أو غيره من الأحداث التي قد تكون كارثية من طبيعة تلك البلاد الجغرافية من جهة أرضها وجبالها وقابليتها لحدوث مثل هذه البراكين والزلازل ، وأنها ليست مرتبطة ارتباطا مطردا بذنوب الناس ومعاصيهم ،،،
وإذا نظرت إلى حال الناس في مثل هذه الحوادث تجد عند مجملهم عودة إلى الله ورجوعا إليه سبحانه ومراجعة للنفس وما اقترفته من ذنوب ومعاصي ، هذه الحالة التي تكون في نفوس المسلمين في مثل هذه المواقف من الغلط الكبير أن نواجهها بحديث مركز يلقي مزيدا من اللوم عليهم ، بل لا بد من استثمار هذه النفوس التائبة بذكر مشاريع عملية لتزكية النفس وأن هذه فرصة لجعل مثل هذا الحدث عاملا إيجابيا في زيادة الإيمان في النفوس ، والتذكير بأن مثل هذه الأحداث فيها خير وفضل كبير على الناس حيث ترجعهم إلى طريق الله وعبادته ، وتجعل المسليمن على نحو من التكافل التآخي بالدعاء لإخوانهم بأن يحفظهم الله ويقيهم من الشرور والسؤال عنهم وما يحتاجونه ...
فأدعو الخطباء إلى الاستثمار الإيجابي لهذا الحدث ، والتخفيف من سياطات الترهيب ..
خالص الشكر ،،،
تعديل التعليق