(خطبة) وداع رمضان ، وزكاة الفطر

خالد الشايع
1443/09/24 - 2022/04/25 10:01AM

الخطبة الأولى ( وداع رمضان ، وزكاة الفطر) 28/9/1443

الحمد لله المتوحد بالعز والبقاء ، قضى على كل مخلوق بالزوال والفناء فكل نازل راحل وكل مولود ميت ، وكل موجود على وجه البسيطة معدوم ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أهل علينا شهر الصوم يغفر فيه الذنوب ويعظم الأعطيات ثم حكم بانتقاله ورحلته وقد حمل بما حمل من الخيرات والسيئات ذهب شاهد لنا أو علينا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله خير من صلى وصام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا

أما بعد فيا أيها الناس : اتقوا الله واستمسكوا من الدين بالعروة الوثقى واعلموا رحمكم الله أن أجسامكم على النار لا تقوى فطوبى لعبد قدم لنفسه فنجا والخسارة والندامة على من أعرض عن دين ربه فهلك ولا يهلك على الله إلا هالك

أيها المؤمنون هذا شهر رمضان أزف على الرحيل وقوض خيامه مودعا لأهل هذه الأرض حتى العام المقبل ولئن تقضى شهر رمضان بأيامه ولياليه إلا أن رحمة الله واسعة فمن كان محسنا فليحمد الله ومن كان مقصرا فليحسن فإن الأعمال بالخواتيم.

أيها الناس : إن انقضاء شهر رمضان بهذه السرعة آية للمعتبرين ، وليس الأمر فقط في رمضان بل في أيامنا كلها ، فنهاية الأمر تلوح قبل بدايته وإن ذلك من حكم الله  حتى يعلم المسلم أنه راحل ومنتهي كما انتهى ورحل غيره بل وعلى وجه العجلة فهذا شهر رمضان تصرم وانقضى في أسرع وقت ، فبهذا يوقن العبد أن عمره منتهٍ بهذه السرعة وهو لا يشعر فرمضان صورة مصغرة لعمرك الذي تراه طويلا لا نهاية له فيا سعادة من عمره بالطاعة

 أيها المسلمون: إن رمضان مدرسة عظيمة يتعلم فيها المسلم كلَ خلق كريم ، و يتجنب كل خلق سيء ذميم ، فيخرج الموفق من هذا لشهر كاملا في الخير ،  فإن من حكم الصيام تحصيل التقوى ( يأيها الذين........) فمن حصل التقوى من صيامه فليبشر بالخير ومن خرج من هذا الشهر الكريم كما دخل فيه فإنه في عداد المخذولين أعاذنا الله وإياكم من ذلك .

إن من جملة العبادات التي تقرب بها الصالحون إلى ربهم في هذا الشهر الكريم المحافظة على الصلاة جماعة فإننا قد رأينا الكثير على الصلاة جماعة والتبكير إليها ، والمكث في المساجد وقد ظهرت على محياها أنوار الطاعة جاءوا إلى المساجد بعد أن هجروها ما يقارب العام الكامل جاءوا إلى ربهم مخبتين طائعين وقد أطروا أنفسهم على الحق أطرا .

ومن العبادات كذلك  عطف الأغنياء على إخوانهم الفقراء فالموائد ممدودة والصدقات مبذولة والعطف شامل للمسلمين في أنحاء المعمورة كيف لا ؟

وقدوتنا النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود من الريح المرسلة فكثير من عباد الله يخرجون من هذا الشهر وقد خلصوا أنفسهم من أدران الشح والبخل ألا  فلا تقبض اليد التي امتدت بالخير في رمضان .

 ومن العبادات التي يتخرج بها العبد المؤمن في هذا الشهر العظيم محبة الصوم ومعرفة فضله وأنه يصفي النفوس ويسهل الطاعة ويحط الخطايا ، ومنها كذلك كثرة ذكر الله عز وجل فلا ترى في هذا الشهر إلا داعيا أو ذاكرا ومنها كذلك لزوم المساجد لتلاوة القرآن فلا تكاد تجد مسجدا مغلقا فالناس فيه بين مصل وتال للقرآن وذاكر له تعالى قد هاجرت أفئدتهم إلى ربها ترجوا ثوابه وتخشى عقابه والله غفور رحيم

أيها المؤمنون إن من القبيح من المسلم أن يهجر هذا الطاعات بعد رمضان فالمساجد تهجر من كثير ممن كان يصلي في رمضان والقرآن يهجر حتى  رمضان الآخر وقيام الليل   والصيام   والصدقة كلها تهجر لم كل هذا يا عباد الله أفليس رب رمضان هو رب بقية الشهور أوليست أعمالك تعرض علي ربك صباح مساء وهو الذي لاتخفى عليه خافية

معاشر الصائمين :لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا قال بعض السلف بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ولهذا قال أهل العلم إن علامة قبول العمل الصالح اتباعه بالعمل الصالح بعده لأن الحسنة تجلب الحسنة فمن رجع إلى   معاصيه بعد رمضان فحري به أن يكون من المحرومين فإياك يا عبد الله أن تكون منهم

أيها المسلمون إن الحياة كلها عبادة سئل الإمام أحمد متى الراحة ؟ قال عندما تضع قدمك في الجنة ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )

فعلينا جميعا إنسا وجنا أن نواصل الأعمال الصالحة من صلوات وصيام وصدقة وذكر وقراءة للقرآن وسائر القربات ولنبادر بالعمل قبل حلول الأجل ولنغتنم شبابنا وحياتنا وفراغنا وصحتنا وغنانا قبل حصول أضدادها

اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ......

أما بعد فيا أيها المؤمنون : إن الله افترض عليكم صدقة في نهاية شهركم طهرة لصيامكم من اللغو والرفث ولتعم فرحة العيد جميع المسلمين أغنياء وفقراء وهي واجبة على كل مسلم فضل له من قوته وقوة عياله وحوائجه الأصيلة ليلة العيد صاع ٌ يخرجه المسلم عن نفسه ، فرضها الله طعمة للفقراء والمساكين تخرج قبل العيد بيوم أو يومين والأفضل إخراجها قبل الصلاة من يوم العيد ، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد ومن أخر إخراجها إلى ما بعد الصلاة بغير عذر فهو آثم ويجب عليه إخراجها وهي صدقة من الصدقات لا صدقة فطر وتخرج من طعام البلد صاعا أي ما يعادل كيلوين وأربعين جراما من البر وهي واجبة على من غربت عليه شمس آخر يوم من رمضان وهو حي من المسلمين ثم اعلموا عباد الله أن الله شرع لكم صلاة العيد وهي فرض عين على الرجال على الصحيح من أقوال أهل العلم أخرج البخاري ومسلم من حديث أم عطية قالت أمرنا أن نخرج الحيض يوم العيد وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهم قالت امرأة يارسول الله أحدانا ليس لها جلباب قال لتلبسها اختها من جلبابها

فالحرص الحرص عباد الله على صلاة العيد مع المسلمين ثم إن مما شرعه الله لعباده كثرت الاستغفار بعد الفراغ من العبادة ( ولتكملوا لعدة .....) كما ينبغي للمسلم اظهار شعيرة التكبير ليلة العيد من غروب شمس آخر يوم من رمضان حتى يخرج الإمام للمصلى ويكبر الناس بقولهم الله أكبر الله ......

ويكبر كل مسلم بمفرده لأن التكبير الجماعي من البدع المحدثة

عباد الله اختموا شهركم بالتوبة النصوح والإقبال على الله بالأعمال الصالحة بعد رمضان والمسارعة بقضاء ما فات من صيام شهر رمضان فإن الأعمار محدودة والأنفاس معدودة والقبور ملحودة ولا يهلك على الله إلا هالك

عباد الله إننا بحاجة إلى وقفة صادقة في ختام شهرنا ووقفة صادقة مع أنفسنا لخلع الذنوب والمعاصي حتى يخرج رمضان ونحن صفر من الذنوب والمعاصي فليعد كل منا على شكله وجسمه فليراجع ما فيه من المعاصي وليعد كل منا إلى منزله وليطهره من آلات اللهو ووسائل الإعلام الفاسدة فما أفسدت البيوت بمثلها وما دمرت الأخلاق بمثلها وليعلم أن الرحلة من هذه الدار قريبة جدا فلنستعد لها فقد أوشك الداعي أن يدعوك ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم .......)

اللهم اختم لنا شهر .....  اللهم تقبل منا الصيام والقيام .. اللهم أعز الإسلام والمسلمين ....

اللهم أمنا في دورنا وأوطاننا .... اللهم فرج ....ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ...

 

 

 

المرفقات

1650880864_وداع رمضان وزكاة الفطر.doc

المشاهدات 25746 | التعليقات 0