خطبة ما بعد رمضان: أسباب القبول
عبدالرحمن السحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَسَلُوهُ قَبُولَ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْقَبُولِ لَا عَلَى كَثْرَةِ الْعَمَلِ، فَمَنْ قُبِلَ مِنْهُ نَجَا وَفَازَ، وَمَنْ رُدَّ عَمَلُهُ خَسِرَ وَخَابَ، ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:خُتِمَ رَمَضَانُ، وَطُوِيَتْ صُحُفُهُ بِمَا أَوْدَعَ الْعِبَادُ مِنْ أَعْمَالٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْدَعَهَا عَمَلًا صَالِحًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدَعُهَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمُ الْمَقْبُولُ وَمِنْهُمُ الْمَرْدُودُ. والأيامُ خزائنُ حافظةٌ لأعمالكم، تُدعَون بها يوم القيامة وتبصرونها أمامكم (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا) ينادي ربكم: " يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه " رواه مسلم.
وَالْمُؤْمِنُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، يَرْجُو الْقَبُولَ وَيَعْمَلُ بِمُوجِبَاتِهِ، وَيَخْشَى الرَّدَّ وَيُجَانِبُ أَسْبَابَهُ.
وَقَبُولُ الْعَمَلِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى حُصُولِ التَّقْوَى كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ -تَعَالَى-: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ خَشْيَةَ اللَّهِ -تَعَالَى- فِي السِّـرِّ وَالْعَلَنِ، وَإِخْلَاصَ الْعَمَلِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ –سُبْحَانَهُ-،وَاتِّبَاعَ نَبِيِّهِﷺ،فَهِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِكُلّ مَعَانِي الْفَضِيلَةِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الرَّذِيلَةِ. فَتَمَامُ التَّقْوَى فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يُؤَدِّي إِلَى تَمَامِ قَبُولِهِ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهِ، وَنَقْصُ التَّقْوَى يجْعَلُ قَبُولَهُ بِحَسْبِ مَا فِيهِ مِنَ التَّقْوَى، وإِذَا خَلَا الْعَمَلُ الصَّالِحُ مِنْ تَقْوَى صَاحِبِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عُمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَفِي هَذَا تَوْجِيهٌ لِمَنْ فَسَدَتْ نِيَّتُهُ فِي عَمَلِهِ فَكَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ أَنْ يُبَادِرَ فِي إِصْلَاحِ قَلْبِهِ، وَإِخْلَاصِ عَمَلِهِ لِرَبِّهِ.
وَمِنْ أَسْبَابِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ: كَثْرَةُ الدُّعَاءِ والتَّضَـرُّعِ للهِ بِالْقَبُولِ؛ اقْتِدَاءً بِالْخَلِيلِ-عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ كَانَ يَبْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَيَدْعُو بِالْقَبُولِ فَيَقُولُ: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾،وَكَانَ لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ عِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْقَبُولِ، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ بِهِ، حَتَّى نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنْهُمْ.
وَمِنْ أَسْبَابِ الْقَبُولِ: تَقَالُّ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِيْ عَمِلَهَا المُسْلِمُ فِي رَمَضَانَ، وعَدَمُ اسْتِكْثَارِهَا، ثمَّ حَمْلُ هَمِّ قَبُولِها؛ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾، وَفَسَّـرَهَا النَّبِيُّﷺ بِأَنَّهُ: (الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ).كَمَا أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الرَّدِّ وَعَدَمِ الْقَبُولِ: الْغُرُورُ بِالْعَمَلِ، وَالْإِعْجَابُ بِهِ، مَعَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَصِيَامَ رَمَضَانَ وَقِيَامَهُ مَا كَانَ إِلَّا مَحْضَ تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ، وَلَوْلَا تَوْفِيقُهُ سُبْحَانَهُ لَمَا آمَنَ الْعَبْدُ وَلَا صَامَ وَلَا قَامَ،ومَنْ لَحِظَ هَذَا الْمَعْنَى صَغُرَ عَمَلُهُ فِي نَفْسِهِ، وَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى، وأَكْثَرَ مِنْ شُكْرِهِ واسْتِغْفَارِهِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾،قَالَ الْحَسَنُ: "لَا تَمْنُنْ عَمَلَكَ تَسْتَكْثِرْهُ عَلَى رَبِّكَ"، وقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: "لَا يَكْثُرْ عَمَلُكَ فِي عَيْنِكَ، فَإِنَّهُ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَعْطَاكَ قَلِيلٌ".
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ: الْبَقَاءُ عَلَى التَّوْبَةِ بَعْدَهُ، كَمَا أَنَّ مَنْ عَادَ إِلَى الْمَعَاصِي بَعْدَ رَمَضَانَ فَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ مَرْدُودًا عَلَيْهِ، وَيُحْمَدُ لِمَنْ أَقْلَعَ عَنِ الْمَعَاصِي فِي رَمَضَانَ تَعْظِيمُهُ لحُرْمَةِ الشَّهْرِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّهْرِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ يَنْتَهِكُ حُرْمَةَ رَمَضَانَ، وَيَعْصِـي اللَّهَ فِيهِ، وَخَيْرٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَنْ تَابَ وَصَدَقَ فِي تَوْبَتِهِ، وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ رَمَضَانَ إِلَى ذَنْبِهِ، بَلِ اسْتَقَامَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا﴾.
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ: زِيَادَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ اَلْمرَادُ أَنْ تَكُوْنَ حَالُ اَلْعَبْدِ بَعْدَ رَمَضَانَ كَحَالِهِ فِيْ رَمَضَانَ مِنْ اَلْعِبَادَةِ وَاَلْطَاعَةِ؛ فَهَذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ اَلْنَبِيِّﷺ، وَإِنَّمَا اَلْمُرَادُ أَنْ يَزِيْدَ عَمَلُهُ اَلْصَاَلِحُ، فتَكُوْنَ حَالُهُ بَعْدَ رَمَضَانَ خَيْرٌ مِنْ حَالِهِ قَبْلَهُ؛ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَمَضَانَ قَدْ أَثَّرَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ، وَزَادَهُ إِيمَانًا وَاسْتِقَامَةً، وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾، وقَوْلِهِ: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾.
نعم عباد الله: إنّ عمل المؤمن لينقضي بانقضاء رمضان، وإنما ينقضي بخروج روحه، قيل لبشر الحافي: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان، فقال بئس القوم قومٌ لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كُلَّها، وقال الحسن البصري رحمه الله: "لا يكون لعمل المؤمن أجل، دون الموت، ثم قرأ: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾
غَدًا تُوَفَّى النُّفُوسُ مَا كَسَبَتْ
وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا
إِنْ أَحْسَنُوا أَحْسَنُوا لِأَنْفُسِهِمْ
وَإِنْ أَسَاؤُوا فَبِئْسَ مَا صَنَعُوا
إن الاستقامة بعد رمضان سبيل للنجاة والسعادة، وسبب لنزول الملائكة عند الوفاة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَسَائِرَ الْأَعْمَالِ، وَأَنْ يَتَسَلَّمَ مِنَّا رَمَضَانَ مُتَقَبَّلًا، وَأَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْنَا بِالْعَافِيَةِ وَالْأَمْنِ وَالرَّخَاءِ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنْ اَلْآَيَاتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اَلْلهَ اَلْعَظِيْمَ لِيْ وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَأْنِهِ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وسَلّم تَسْلِيمًا كثيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ،وَاعْمَلُوا صَالِحًا، ولا تعصوه، واعلموا أنكم غدًا بين يدي الله موقوفون، وعما عملتم مسؤولون، فأعدوا للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) واعلموا عباد الله أن المرء ما دام حيًا فهو في صراع مع الشيطان، فليستعذ بالله منه ومن وساوسه، وليجتنب خطواته وخطراته.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بَعْدَ رَمَضَانَ مُتَابَعَةُ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَكَانَ ذَلِكَ هَدْيَ النَّبِيِّ ﷺ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺإِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْـرَةَ رَكْعَةً»، وَعَنْهَا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺسُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ). وَمِنْ أَوَّلِيَّاتِ الطَّاعَةِ بَعْدَ رَمَضَانَ: صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)، وَكَذَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَالتَّبْكِيرُ للمَسْجِدِ فِي كُلِّ فَرِيضَةٍ ، مَعَ الْإِتْيَانِ بِالنَّوَافِلِ، كَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَقَدْرٍ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَالْتِزَامِ الْوِتْرِ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا زَكَا بِهَا قَلْبُهُ؛ لِدَوَامِ صِلَتِهِ بِاللهِ -تَعَالَى-. وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَهْجُرَ الْقُرْآنَ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَهُوَ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَنَمَاءُ الْإِيمَانِ فِيهَا، وَلَابُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ وِرْدٍ يَوْمِيٍّ يُحَافِظُ عَلَيْهِ؛ فلو جعلت لك في كل يوم جزء فإنك ستختم القرآن في شهر، ومَا لَزِمَ عَبْدٌ الْقُرْآنَ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ أَبْوَابًا مِنَ الْخَيْرِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على النبي المصطفى فإنه من صلى عليَّه صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً. اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين..
اللهم تقبَّل منا الصيامَ والقيامَ والصالح من الأعمال، واغفر لنا التقصير والزلل، وأعد علينا رمضان أعوام عديدة وأزمنة مديدة ونحن في خير حال.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واخذل أعداء الدين. اللهم انصر إخواننا في فلسطين وفي كل مكان، اللهم اشف مريضهم وداوي جريحهم وتقبل قتيلهم وأمنّ خائفهم وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم يا قوي يا عزيز. اللهم فرِّج همَّ المهمومين ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات،
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ووفقهم لهداك، واجعل عملهم في رضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِيْ الآَخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله! اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
1712858444_خطبة ما بعد رمضان أسباب القبول.docx
1712858445_خطبة ما بعد رمضان أسباب القبول.pdf