خطبة عيد الفطر-1-10-1442هـ
محمد بن سامر
خطبة عيد الفطر-1-10-1442هـ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ وصحبه صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.
"وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ".
وبعد: فيا إخواني الكرام:
هذا هو يومُ عيدِ الفطرِ المباركُ، تقبلُ اللهُ منا ومنكم ومن المسلمين، وجعلنا اللهُ وإياكم ووالدينا والمسلمينَ من أهلِ الجنةِ، ومن عتقائه من النارِ.
ماذا يعني لنا العيدُ؟
هذا اليومُ العظيمُ يعني لنا كوكبةً من المعاني الجميلةِ، للعيدِ معنىً دينيٌ، وإنسانيٌ، وزمانيٌ، واجتماعيٌ.
أما العيدُ في معناهُ الدينيِ فهو شكرٌ للهِ على تمامِ العبادةِ، وفرحٌ بفضلِهِ ورحمتِهِ، بإكمالِ الصيامِ والقيامِ والعملِ الصالحِ، "قلْ بفضلِ اللهِ وبرحمتِهِ فبذلكَ فلْيفرحوا هو خيرٌ مما يجمعونَ".
وأما العيدُ في معناه الإنسانيِ، فهو يومٌ تلتقي فيه قوةُ الغنيِ، وضعفُ الفقيرِ، على محبةٍ ورحمةٍ وعدالةٍ من وحيِ السماءِ، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعةُ.
وأما العيدُ في معناه الزمانيِ، فهو قطعةٌ من الزمن خُصصَت لتناسي الهمومِ، والتبسطِ، والتيسيرِ على النفسِ والأهلِ والناسِ بالمباحِ.
وأما العيدُ في معناه الاجتماعيِ، فهو:
يومُ الأطفالِ يفيضُ عليهم بالفرحِ والمرحِ.
ويومُ الفقراءِ يلقاهم باليسرِ والسعةِ.
ويومُ الأرحامِ يجمعُهم على البرِ والصِّلةِ.
ويومُ الأصدقاءِ يجددُ فيهم أواصرَ الحبِّ ودواعي القُرْبِ.
ويومُ النفوسِ الكريمةِ تتناسى فيه أضغانَها، فتجتمعُ بعدَ افتراقٍ، وتتصافى بعدَ كدرٍ، وتتصافحُ بعدَ انقباضٍ.
عن أمِّنا عائشةَ-رضيَ اللهُ عنها-قالتْ: "دخلَ عليَّ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلِهِ وسلمَّ-وعندي جاريتانِ تُغَنِّيانِ-تُنْشِدانِ--وليستا بمغنيتين-، فاضطجع-نام-على الفراشِ وحوّلَ وجهَهُ، ودخلَ أبو بكرٍ-رضيَ اللهُ عنه-فانْتَهَرَني، فأقبل عليه رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلِهِ وسلمَّ-فقالَ: دَعْهُما، يا أبا بكرٍ، إِنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدُنا".
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
إخواني: كونوا يومَ عيدِكم فرحينَ بفضلِ اللهِ ورحمتِهِ، شاكرينَ لنعمتِهِ، مجتنبينَ ما يُسْخِطُهُ، وإياكم أن تكونوا كالذي يَهدِمُ ما بنى، ويـُخَرِّبُ ما عمَّرَ، بئسَ القومُ قومٌ لا يعرفونَ اللهَ إلا في رمضانَ، فإذا انسلخَ رمضانُ، كان عيدُهم إضاعةً للواجباتِ، ونومًا عن الصلواتِ، ومقارفةً للمعاصي والمنكراتِ، وتضييعًا للأوقاتِ في المحرماتِ، أو الإسرافِ في المباحاتِ، إنْ كانَ اللهُ تَقَبَّلَ فليس هذا بفعلِ الشاكرينَ! وإنْ كانَ اللهُ لم يقَبَّلْ فليس هذا بفعلِ الخائفينَ.
ليسَ العيدُ لـمَنْ لبسَ الجديدَ، إنما العيدُ لـِمَنْ خافَ يومَ الوعيدِ، ليسَ العيدُ لـِمَنْ تـَجَمَّلَ باللباسِ والمركوبِ، إنما العيدُ لـِمَنْ غُفِرتْ له الذنوبُ، ليسَ العيدُ لـِمَنْ جمعَ الدِرْهَمَ والدينارَ، إنما العيدُ لـِمَنْ أطاعَ العزيزَ الغَفَّارَ.
لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا اللهُ ربُ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُ السماواتِ وربُ الأرضِ وربُ العرشِ الكريمِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ، وأصلحْ بطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّا نسألُك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهمَ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1620787368_خطبة عيد الفطر-1-10-1442هـ.docx
1620787369_خطبة عيد الفطر-1-10-1442هـ.pdf