خطبة عن أهمية بر الوالدين وثمرات
خالد خضران الدلبحي العتيبي
خطبة جمعة : أهمية بر الوالدين وثمراته الجمش الدوادمي كتبه : خالد بن خضران العتيبي
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
عباد الله إن من الأعمال التي فيها أجورٌ عظيمة في الدنيا والآخرة بِر الوالدين وفي المقابل في قطيعتها عقوباتٌ عظيمة في الدنيا والآخرة والعياذ بالله .
الأبُ والأمُ ما أعظمَ حقَهما فالله سبحانه وتعالى قَرَن حقهما بحقه العظيم وهو توحيده فقال ((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) .
بر الوالدين عبادَ الله من أسباب دخول الجنة ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ»، قِيلَ: مَنْ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ»
وحسن صحبة الوالدين أجرهما عظيم جاء في صحيح مسلم عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا»
برُ الوالدين عبادَ الله من أسباب البركة في الأوقات والأرزاق جاء في صحيح مسلم عن
أَنَسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»
وأعظمُ رحمٍ توصل هي الأم والأب .
برُ الوالدين عبادَ الله من أسباب إجابة الدعاء جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أويس القَرَني وهو من التابعين : له والدةٌ هو بها بَر لو أقسم على الله لأبره [ يعني لو أقسم على الله أن يفعل الله الشيء أو لا يفعله لا أبره الله في يمنيه ] ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل وفي لفظ لمسلم ( فمن لقيه منكم فليستغفر لكم ) وفي لفظ ( فمروه فليستغفر لكم ) أي يدعو الله أن يغفر لكم .
برُ الوالدين من الأسباب العظيمة في صلاح الأولاد وبرهم لك عند الكِبر فالجزاء من جنس العمل .
كما أن عقوقَ الوالدين عبادَ الله من أسباب العقوبات العاجلة في الدنيا من قلة التوفيق وتعسر الأمور والمصائب وغيرِ ذلك جاء عند الترمذي من حديث أبي بكرة رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ البَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ.
فاحرصوا عبادَ الله على برِ والديكم ويتأكد بر الوالدين عند الكبر وليس لك فضلٌ فأنت ترد شيئاً من إحسانهما عليك وأنت صغير فاحرص على حسن الكلام معهما ولا تشعرهما بأنك متضجر منهما واكثر الدعاء لهما .
ولنعلم عباد الله أن الجزاء من جنس العمل فما كان رحيماً شفيقاً بكبار السن فإن الله سبحانه وتعالى سيسخر له من يرحمه عند كبره ويعتني به والجزاء من جنس العمل يقول تعالى (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن : 60 )
قال تعالى ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (الإسراء : 23 ) (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفرَ لآبائنا وأمهاتنا ومن كان منهم حياً أن يطيل الله عمره على طاعته ومن كان ميتاً أن ينور له في قبره ويجعله روضةً من رياض الجنان .
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
عبادَ الله برُ الوالدين يكون بالإحسانِ إليهما بالقول والفعل وحثهم على ما يقربهم إلى الله فربما يكونُ الأب أو الأم عندهُ شيء من التقصير في طاعة الله فدعوتهما من أعظم الأعمال الصالحة .
والطاعةُ عبادَ الله إنما هي بالمعروف فلو أمرا بشيء فيه معصية لله فلا طاعة لهما ويستمر في حسنة الصُحبةِ لهما يقول تعالى ((وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )
ومما أريد التنبيهِ عليه عبادَ الله أن بر الوالدين ينبغي أن يحتسب المسلم الأجر فيه ولا يفعله على أنه عادة فإذا لم يتحسب الأجر عند الله في برهما فإنه لا ينال الأجر وقد جاء في الحديث الصحيح في قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار وسقطت صخرةٌ فأغلقت الغار أنهم كُلَ واحدٍ منهم توسل إلى الله بعمل صالح فقال البار لوالديه ( اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ففرج عنا هذه الصخرة فانفرجتْ ...)
والبرُ عبادَ الله لا ينقطع بموت الوالدين بل بعد موتهما يستمر البر ومن ذلك الدعاء لهما فهو من أعظم البر لهم بعد الموت يقول صلى الله عليه وسلم : إذا ماتَ الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاث صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ يُنتفعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له .
فاللهَ اللهَ عبادَ الله ببر الوالدين فحقهما عظيمٌ جداً إذا جلستم عندهم فاحسنوا الانصات إليهم ولا تنشغلوا بجوالاتكم أو بشيءٍ آخر ادخلوا السرورِ إليهم ومهما فعلنا فنحنُ مقصرون جاء في الأدب المفُرد للبخاري أن ابن عمر رضي الله كان عند الكعبة فرأى رجلاً يمانياً يَطُوفُ بِالْبَيْتِ - حَمَلَ أُمَّهُ وراء ظهره - يقول:
إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلُ ... إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرِ
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ أَتُرَانِي جَزَيْتُهَا؟ قَالَ: لَا وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ.
فاليماني يسأل ابن عمر رضي الله عنه وهو يطوف بأمه على ظهره بالكعبة ويقول أنا لأمي بعيرٌ مذللٌ لا أسقطها عن ظهري أتراني يا بن عمر أديت حقها فقال له ما فعلتَ لا يُقابل نَفَساً من أنفاسها عندما كانت تتولد بك !!
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لوالدينا وأن يوفقنا لبرهم في الحياة وفي الممات ...
المرفقات
1734008852_خطبة عن بر الوالدين.docx