خطبة الجمعة 8 ذو الحجة - يوم عرفة

محمد عبدالعزيز
1445/12/08 - 2024/06/14 00:05AM

(هذه الخطبة مستفادة من بعض الخطب في الموقع)

الْحَمْدُ لِلَّهِ، يَذكرُ مَنْ ذَكرهُ، وَيزيدُ مَنْ شَكَرَهُ، أحمَدُهُ وَأشكرُهُ، وأتوبُ إليِهِ وأستغفرهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، تولّى مَنْ تولاهُ وَنَصَرَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرُسُولُهُ، أعلى اللهُ شأنهُ، وَرَفعَ ذِكْرَهُ، وَجَعَلَ الذِلةَ وَالصغَارَ عَلى مَنْ خَالفَ أمرَهُ، صلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَصحبِهِ، وَأتباعِهِ المُقتفينَ أثرَهُ، وَسلمَ تسليمَاً مَزيدَاً إلى يومِ الدِينِ.

فاتَّقُوا اللَّهَ -مَعَاشِرَ المُؤمنينَ-، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

أيها المسلمون:

هَا أنتُم غدا تَستَقبلُونَ يَومَاً مِنْ أفضلِ الأيامِ اليوم الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ببطن عرنة فخطبَ الناسَ خطبةً عظيمةً بمعانيها ، موجزة بمبانيها ، بالغة بتأثيرها ، بيّن فيها معالمُ الدينِ، وأساسُ الحنيفيةِ، وأبطلَ ظلمَ الجاهليةِ ، وأوضعَ الربا فقال  "أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ".

ومنع الدّماء من أن تراق، والأموال من أن تؤخذ بغير استحقاق؛ والظّلم في البلد الحرام حرام فقال «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا"

 وأعلن حقوق المرأة بدون هضم أو استعلاء فقال:"فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ"

 ثم عمم فأعلن حقوقَ الإنسانِ ومبادئَهُ فقال "ألا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عجميٍّ، ولا لِعَجَمِيٍّ على عَربيٍّ، ولا لأَحْمرَ على أسْوَدَ، إلا بِالتقْوى"

 وأصّلَ في هذا اليومِ العظيم أنّ المرجعَ والتحاكمَ والاعتصامَ إنما هو لكتابِ اللهِ ولأمرِ اللهِ ولشرعِ اللهِ فقال:"وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ"

وفي هذا اليومِ العظيمِ وبينما رسولُ اللهِ r واقفٌ عشيةَ عرفةَ أنزل الله عليه قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} فقرأها على الناسِ معلناً كمال الدينِ وتمام النعمةِ، فلما سمعها عمر رضي الله عنه فَقِهها ، واستشعر من معناها أنّ مهمةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد انتهت، فاستعبر باكياً وقال: ليس بعد الكمال إلا النقصان.

يومُ عرفة، وما أدراكَ ما يومُ عرفة؟!

اليوم الذي أكمل اللهُ فيهِ الدِّين؛ 

ولا صومَ يُكفّر ذنوبَ سنتين؛ إلا صيامُ يومِ عَرفة.

وخيرُ الدُّعاءِ؛ دعاءُ يومِ عَرفة.

وما رُئي الشيطانُ أدحرَ منه؛ ما رُئي في يومِ عَرفة.

ولا ينزلُ اللهُ -سبحانه وتعالى- في نهار يوم؛ إلا في نهارِ يومِ عَرفة.

وما أعتقَ اللهُ -عز وجل- مِن عباده من النَّار؛ أكثرَ مِن أن يُعتقَ في يومِ عَرفة.

قال النبيِّ ﷺ: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ، ثم يباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء؟!) أي: أيُّ شَيءٍ أَرادَ هَؤلاءِ حيثُ تَركوا أهْلَهم وأَوْطانَهم وصَرَفوا أَموالَهم وأَتعَبوا أَبْدانَهم؟ والجوابُ محذوفٌ، تَقديرُه: ما أرادوا إلَّا المَغفرةَ والرِّضا، فيقول سبحانه :( اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم )
 

عباد الله :

يقول النبيى صلى الله عليه و سلم : (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي؛ لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)

      فابتهلوا فيه إلى ربكم، وتضرعوا إلى مولاكم، ولاتشغلوا أهليكم بتجهيز الافطار وفرغوهم للقرب من الملك القهار ، وادعوا لأنفسكم وأهليكم وللمستضعفين والمنكوبين والمأسورين من المسلمين والمسلمات، ولتعج البيوتُ والمساجدُ، وليجأرَ الصغيرُ والكبيرُ ، فإنّ الله يُحب فقر عباده وحاجتَهم إليه.

ولا تهنوا في الدعاء ولا يحقرنّ أحدُ في هذا اليومِ نفسَه فكمٍ من أَشْعَث أغبر ذِي طمرين ، لَو أقسم على الله لَأَبَره)

فكم من دعوةٍ كُتبَ لصاحبِها سعادةٌ لا يشقى بعدها أبداً! وكم من دعوةٍ كُتبَ لصاحبِها رحمةٌ لا يعذبُ بعدها أبداً!

 " فأقبل عبدالله على ربك من كل قلبك .. فكم أشرقت شمس هذا اليوم على أشقياء فغابت وهم سعداء! و كم أشرقت على أقوام مذنبين مسيئين فغابت وهم مطهرون مرحومون مغفور لهم!

فلله نفحات ولله رحمات، وخزائنه ملأى، بيده سبحانه وتعالى الخير كله، فناده وأنت موقنٌ برحمتهِ، وأنك أفقر العباد إليه، وأغناهم به سبحانه وتعالى.

بارك الله ....

الخطبة الثانية:

هذه التوبة قد شرعت أبوابها ، و حل زمانها فأفيقوا من رقدة الهوى و امحوا سوابق العصيان بلواحق الإحسان و لتكن مواسم الخيرات و العشر المباركات بداية عودتكم و انطلاقة رجوعكم

لبيك يا الله يا الله  ،لبيك ما فاهت لك الأفواه

لبيك إن الجمع من أعماقه  ، لبى فلبى بعد ذاك صداه

لبيك إن الذنب يورث وحشة  ، و القلب يا رحمان ما أقساه

لبيك ربي فالذنوب ثقيلة ، من ذا يقيل الذنب إلا الله

لبيك من كل الفؤاد نقولها  ، رحماك يا الله يا الله

لبيك ربي فالجموع غفيرة ، كل أقر بما جنته يداه

لبيك و اجعل كل عرق نابض  ، عونا لنا في كل ما نلقاه

لبيك ربي و الحياء يهدنا  ، العفو منك اليوم ما أرجاه

لبيك ندعو و الدعاء وسيلة  ، ما خاب عبد قد سمعت دعاه

لبيك و اجعل من مدامعنا التي  ، نبكي بها غسلا لما خضناه

لبيك و ارزقنا أعالي جنة  ، نسلوا بجيرة أحمد و نراه

لبيك زدنا من نعيمك رؤية  ، أواه لو فزنا بها أواه

عباد الله:

اعلموا أنه من فجر يوم غد يبدأ التكبير المقيد عقب الصلوات المكتوبات حتى عصرآخر أيام التشريق

فكبروا و ارفعوا الأصوات كبروا عقب الصلوات و في كل الأوقات. كبروا في الأرجاء و الأنحاء ، كبروا في البنيان و الخلاء ، كبروا في العُمران و الفضاء ، كبروا في الصباح و المساء ، كبروا حتى يبلغ تكبيركم عنان السماء ، كبروا فإن عظيم يستحق الثناء

الله أكبر الله أكبر......

المرفقات

1718312696_- يوم عرفة - خطبة الجمعة 8 ذو الحجة.docx

المشاهدات 65 | التعليقات 0