جمهورية جنوب السودان الصليبية

جُمْهُورِيَّةُ جَنُوبِ السُّودَانِ الصَّلِيبِيَّةِ
14/8/1432

الحَمْدُ للهِ المَلِكِ الحَقِّ المُبِينِ، مَالِكِ المُلْكِ، يُؤْتِي المُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ المُذْنِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ العَظِيمِ؛ فَكَمْ مِنْ عَيْبٍ سَتَرَهُ! وَكَمْ مِنْ ذَنْبٍ غَفَرَهُ! وَكَمْ مِنْ تَوْبَةٍ قَبِلَهَا! وَكَمْ مِنْ دَعْوَةٍ اسْتَجَابَ لَهَا! وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الغَلَبَةَ وَالتَّمْكِينَ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَقَضَى بِالعَاقِبَةِ لِلْمُتَّقِينَ؛ [وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ
] {الأنبياء:105}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى التَّوْحِيدِ وَالمِلَّةِ، وَأَقَامَ لِلْإِسْلامِ دَوْلَةً، وَأَرْسَاهَا عَلَى القُوَّةِ وَالعِزَّةِ، فَخَاطَبَ مُلُوكَ الأَرْضِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَيُخْبِرُهُمْ بِسَلامَتِهِمْ إِنْ أَسْلَمُوا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِحَبْلِهِ، وَأَقِيمُوا شَرِيعَتَهُ؛ فَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ تَعَالَى، وَلاَ نَصْرَ وَلا عِزَّةَ لِأَهْلِ الإِسْلامِ إِلاَّ فِي دِينِهِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ [/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {فاطر:10}.
أَيُّهَا النَّاسُ: لاَ شَيْءَ أَضَرُّ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَلاَ أَوْهَنُ لِقُوَّتِهِمْ، وَلاَ أَذْهَبُ لِرِيحِهِمْ؛ مِنْ تَعَلُّقِهِمْ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، وَحُبِّهِمْ لِلدُّنْيَا، فَبِسَبَبِهَا تَدُبُّ الفُرْقَةُ بَيْنَهُمْ، وَيَجِدُ العَدُوُّ مَدْخَلاً عَلَيْهِمْ، فَيَخْضِدُ شَوْكَتَهُمْ، وَيُزِيلُ سُلْطَانَهُمْ، وَيَحْتَلُّ بُلْدَانَهُمْ.
وَمَا تَعَلَّقَتِ القُلُوبُ قَطُّ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى إِلاَّ خَابَ سَعْيُهَا، وَاضْمَحَلَّ أَمْرُهَا، وَأُدِيلَ لِعَدُوِّهَا عَلَيْهَا؛ إِذْ كَيْفَ لِقُلُوبٍ حَيَّةٍ بِالإِيمَانِ تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، فَتَرْجُو سِوَاهُ وَتَخَافُ غَيْرَهُ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَة[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا وَلَا نَصِير[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الأحزاب:17}.
وَمَا تَعَلَّقَتِ القُلُوبُ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى إِلاَّ مِنْ حُبِّهَا لِلدُّنْيَا، وَغُرُورِهَا بِزِينَتِهَا؛ فَيَنْعَقِدُ الوَلاءُ وَالبَرَاءُ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ القُلُوبِ عَلَى مَكَاسِبِ الدُّنْيَا وَمَصَالِحِهَا، فَفِيهَا يَتَنَافَسُونَ، وَعَلَيْهَا يَقْتَتِلُونَ، وَيَبِيعُ أَكْثَرُهُمْ دِينَهُ وَأَخْلاقَهُ لِأَجْلِهَا، وَقَدْ عَاتَبَ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ؛ فِرَارًا مِنْ طُولِ السَّفَرِ وَشِدَّةِ الحَرِّ، وَمَيْلاً إِلَى الظِّلالِ وَالثِّمَارِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: [يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم
بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
] {التوبة:38}.
وَالتَّعَلُّقُ بِالدُّنْيَا يُسَبِّبُ الاخْتِلاَفَ عَلَيْهَا، وَالفُرْقَةَ مِنْ أَجْلِهَا، وَطَاعَةَ الأَعْدَاءِ فِي تَحْصِيلِ لَعَاعَتِهَا؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَوَ اللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَمَنْ قَرَأَ تَارِيخَ سُقُوطِ الأَنْدَلُسِ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ التَّحْذِيرَاتِ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ تَعَلُّقِ القُلُوبِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، وَمِنَ الفِتْنَةِ بِالدُّنْيَا، وَالفُرْقَةِ مِنْ أَجْلِهَا سَبَبٌ لِسُقُوطِ الدُّوَلِ، وَاضْمِحْلالِ الأُمَمِ.
دَوْلَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الأَنْدَلُسِ الخَضْرَاءِ فَتَحَهَا المُسْلِمُونَ فِي أَوَاخِرِ المِئَةِ الأُولَى، وَشَيَّدُوهَا فِيمَا تَلاهَا مِنَ القُرُونِ حَتَّى كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ حَضَارَاتِ التَّارِيخِ البَشَرِيِّ فِي عُلُومِهَا وَرُقِيِّهَا، وَتَنْظِيمِهَا وَعُمْرَانِهَا، إِلَى أَنْ دَبَّتِ الفُرْقَةُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ فِيهَا، وَتَنَافَسُوا عَلَى المُلْكِ وَالدُّنْيَا، وَاقْتَتَلُوا لِأَجْلِ ذَلِكَ، حَتَّى حَارَبَ الابْنُ أَبَاهُ، وَالأَخُ أَخَاهُ، وَقُطِعَتِ الأَرْحَامُ، وَانْفَصَمَتْ عُرَى الإِيمَانِ، فَكَانَ الوَاحِدُ مِنْهُمْ فِي سَبِيلِ المُلْكِ يُوَالِي الصَّلِيبِيِّينَ عَلَى أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، وَيَتَبَدَّلُ وَلاؤُهُمْ بِتَبَدُّلِ المَصَالِحِ؛ فَسَقَطَتْ مَمَالِكُ الأَنْدَلُسِ وَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى إِلَى أَنْ بَلَغَ الصَّلِيبِيُّونَ عَاصِمَةَ الأَنْدَلُسِ، وَحَاضِرَتَهَا العَظِيمَةَ غِرْنَاطَة، فَاسْتَلَمُوا مَفَاتِيحَهَا مِنْ آخِرِ مُلُوكِهَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّغِيرِ، وَتَذْكُرُ كُتُبُ التَّارِيخِ أَنَّهُ أُخْرِجَ مِنْهَا ذَلِيلاً صَاغِرًا، فَصَعِدَ رَبْوَةً تُطِلُّ عَلَى غِرْنَاطَةَ وَحَمْرَائِهَا، وَزَفَر زَفْرَةَ أَلَمٍ وَحَسْرَةٍ عَلَى مُلْكِهِ الَّذِي ضَاعَ، وَعَلَى انْقِرَاضِ دَوْلَةِ الإِسْلامِ فِي الأَنْدَلُسِ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «ابْكِ كَالنِّسَاءِ مُلْكًا لَمْ تُدَافِعْ عَنْهُ كَالرِّجَالِ»، وَمَا زَالَتْ هَذِهِ الرَّبْوَةُ تُسَمَّى إِلَى اليَوْمِ: (زَفْرَةَ الرَّجُلِ العَرَبِيِّ)!
وَمِنْ حِقْدِ الصَّلِيبِيِّينَ عَلَى المُسْلِمِينَ وَتَشَفِّيهِمْ فِيهِمْ: أَنَّهُمْ رَسَمُوا آخِرَ مُلُوكِهِمْ فِي الأَنْدَلُسِ بِصُورَةٍ مُهِينَةٍ، وَالسِّلْسِلَةُ تُطَوِّقُ رَقَبَتَهُ، وَجَعَلُوهَا شِعَارًا لَهُمُ اسْتَمَرَّ العَمَلُ بِهِ خَمْسَةَ قُرُونٍ بَعْدَ سُقُوطِ غِرْنَاطَة!
وَمِنْ يَوْمِهَا وَدُوَلُ الإِسْلامِ تُنْتَقَصُ أَرْضًا أَرْضًا، وَتَسْقُطُ فِي قَبْضَةِ الأَعْدَاءِ دَوْلَةً دَوْلَةً، حَتَّى تُوِّجَ ذَلِكَ بِالْقَضَاءِ عَلَى دَوْلَةِ بَنِي عُثْمَانَ، وَفُتِّتَ الْعَالَمُ الإِسْلامِيُّ إِلَى دُوَيْلاتٍ صَغِيرَةٍ فِيمَا عُرِفَ بِاتِّفَاقِيَّةِ (سَايِكس بِيكُو)، وَمَا زَالَتْ دُوَلُهُ تُنْتَقَصُ وَتُجَزَّأُ، وَيُزْرَعُ فِيهَا مَنْ يَكِيدُ لِلأُمَّةِ المُسْلِمَةِ، وَيَكُونُ عَيْنًا لِلْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ، وَرَاعِيًا لِمَصَالِحِهِ، وَسَاعِيًا لِمَزِيدِ تَفْتِيتٍ وَتَجْزِئَةٍ؛ حَتَّى لا تَقُومَ لِلْمُسْلِمِينَ قَائِمَةٌ، وَلَنْ يَكُونَ آخِرُ ذَلِكَ الإِعْلانَ هَذَا الأُسْبُوعَ عَنْ قِيَامِ (جُمْهُورِيَّةِ جَنُوبِ السُّودَانِ)، بَعْدَمَا بُتِرَتْ رُبُعُ أَرْضِ السُّودَانِ المَلِيئَةِ بِالثَّرَوَاتِ؛ لِتُسَلَّمَ لِلنَّصَارَى وَهُمُ الأَقَلُّ، وَالمُسْلِمُونَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْهُمْ! كَمَا أَنَّ الوَثَنِيِّينَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنَ النَّصَارَى، لَكِنَّ الدُّوَلَ الرَّاعِيَةَ لِهَذَا الانْفِصَالِ هِيَ الدُّوَلُ النَّصْرَانِيَّةُ المُتَغَلِّبَةُ فِي هَذَا العَصْرِ، مَعَ رَبِيبَتِهَا الدَّوْلَةِ اليَهُودِيَّةِ.
وَلَكِنْ هَذِهِ المَرَّةُ لَمْ يَزْفَرْ زَفْرَةَ أَلَمِ وَحَسْرَةِ مَنْ فَرَّطُوا فِي جَنُوبِ السُّودَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ كَمَا زَفَرَ آخِرُ مُلُوكِ الأَنْدَلُسِ، وَلَمْ يَبْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانُوا سَبَبًا فِي فَصْلِهَا عَنْ أَرْضِ الإِسْلامِ كَمَا بَكَى العَرَبِيُّ فِي الأَنْدَلُسِ، بَلْ سَارَعُوا إِلَى الاعْتِرَافِ بِهَا ذَلِيلِينَ مَدْحُورِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَقَاطَرُوا عَلَيْهَا لِحُضُورِ احْتِفَالِ الفَصْلِ المُهِينِ، يُظْهِرُونَ بَهْجَتَهُمْ وَسُرُورَهُمْ، وَاللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَإِلاَّ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَحْتَفِلُ بِمَوْتِ حُكْمِ الإِسْلامِ فِي بَلَدٍ مِنَ البُلْدَانِ، لَوْلاَ تَعَلُّقُ القُلُوبِ بِالدُّنْيَا، وَالفِتْنَةِ بِهَا، وَتَقْدِيمِ المَصَالِحِ الشَّخْصِيَّةِ الآنِيَةِ عَلَى المَصَالِحِ العَامَّةِ لِلإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ، وَكَمْ مِنْ بَلَدٍ مُسْلِمٍ يَتَرَبَّصُ الأَعْدَاءُ بِهَا، وَفِيهَا مَنْ يُحَرِّضُ عَلَى الانْفِصَالِ، وَفِيهَا مَنْ يُكايِدُ الأَعْدَاءَ عَلَى أَهْلِهَا، وَفِيهَا مَنْ هُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِبَيْعِهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ، بَلْ فِيهَا مَنْ هُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِبَيعِهَا بِالمَجَّانِ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ انْتِقَامٌ مِمَّنْ يَرَوْنَهُمْ أَعْدَاءَهُمْ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ!
وَهَكَذَا قُسِّمَتِ الأَنْدَلُسُ حَتَّى ضَاعَتْ، وَأَضْحَى الإِسْلامُ فِيهَا أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ، وَتُرَاثًا يَحْكِيه القَصَّاصُونَ، وَهَكَذَا أَيْضًا سَقَطَتْ دَوْلَةُ بَنِي عُثْمَانَ، وَقُسِّمَتْ دُولُ الإِسْلامِ، وَهَكَذَا أَيْضًا ضَاعَتْ دُولُ البُلْقَانِ، وَهَكَذَا فُصِلَتْ سِنْغَافُورَةُ عَنْ مَالِيزْيَا، وَفُصِلَتْ كَشْمِيرُ عَنْ بَاكِسْتَانَ، وَهَكَذَا بُتِرَتْ تَيْمُورُ الشَّرْقِيَّةُ عَنْ إِنْدُونِيسْيَا، ثُمَّ بُتِرَ جَنُوبُ السُّودَانِ، وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ آخِرَ المَطَافِ، فَلِلْأَعْدَاءِ مَآرِبُ أُخْرَى فِي دُوَلِ الإِسْلامِ كُلِّهَا؛ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهَا دَوْلَةٌ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ تَعَالى؛ [يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ
أَوۡلِيَآءُ بَعۡض
ٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ] {المائدة:51}.
وَتَنْزِلُ هَذِهِ النَّازِلَةُ العَظِيمَةُ بِأَهْلِ الإِسْلامِ فِي أَعْسَرِ وَقْتٍ وَأَشَدِّهِ، فِي وَقْتٍ تَضْطَرِبُ فِيهِ أَحْوَالُ الدُّوَلِ، وَتُلْهِى ثَوَرَاتُ الشُّعُوبِ عَنْ هَذَا الحَادِثِ الجَلَلِ؛ وَلِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الوَقْعِ عَلَى القُلُوبِ كَمَا لَوْ كَانَتِ الأَحْوَالُ هَادِئَةً وَالأَوْضَاعُ مُسْتَقِرَّةً.
وَالقُلُوبُ المُؤْمِنَةُ الحَيَّةُ تَتَأَلَّمُ لِهَذِهِ المُصِيبَةِ الَّتِي دَهَتِ الإِسْلامَ بِفَصْلِ جَنُوبِ السُّودَانِ، وَقَبْلَ تِسْعَةِ قُرُونٍ مِنَ الآنَ سَارَ التَّتَرُ مِنْ بِلادِهِمْ فَابْتَلَعُوا مَمَالِكَ الإِسْلامِ مِنْ بُخَارَى إِلَى قَزْوِينَ، وَقَضَوْا عَلَى المُسْلِمِينَ فِيهَا، وَكَانَ المُؤَرِّخُ الكَبِيرُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الأَثِيرِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- يَرْقُبُ ذَلِكَ، وَيَسْتَطْلِعُ أَخْبَارَهُ، وَيَعْتَصِرُ قَلْبُهُ بِالأَلَمِ، وَلَمْ يَكْتُبْ شَيْئًا عَنْهُ، حَتَّى فَاضَ سِرُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَطَفَحَ أَلَمُهُ مِنْ قَلْبِهِ، وَبَلَغَتْ بِهِ الحَسْرَةُ مَبْلَغَهَا عَلَى مَا أَصَابَ مَمَالِكَ الإِسْلامِ، فَكَتَبَ فِي تَارِيخِهِ يَقُولُ:«لَقَدْ بَقِيتُ عِدَّةَ سِنِينَ مُعْرِضًا عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الحَادِثَةِ؛ اسْتِعْظَامًا لَهَا، كَارِهًا لِذِكْرِهَا، فَأَنَا أُقَدِّمُ رِجْلاً وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى، فَمَنِ الَّذِي يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ نَعْيَ الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ؟! وَمَنِ الَّذِي يَهُونُ عَلَيْهِ ذِكْرُ ذَلِكَ؟! فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَيَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، إِلاَّ أَنِّي حَثَّنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الأَصْدِقَاءِ عَلَى تَسْطِيرِهَا وَأَنَا مُتَوَقِّفٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لا يُجْدِي نَفْعًا فَنَقُولُ: هَذَا الفِعْلُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الحَادِثَةِ العُظْمَى، وَالمُصِيبَةِ الكُبْرَى الَّتِي عَقَّتِ الأَيَّامُ وَالَّليَالِي عَنْ مِثْلِهَا، عَمَّتِ الخَلائِقَ وَخَصَّتِ المُسْلِمِينَ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ العَالَمَ مُذْ خَلَقَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آدَمَ إِلَى الآنَ لَمْ يُبْتَلُوا بِمِثْلِهَا لَكَانَ صَادِقًا؛ فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتَضَمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا وَلا مَا يُدَانِيهَا»، ثُمَّ مَضَى رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يَسْرُدُ أَفْعَالَ التَّتَرِ بِالمُسْلِمِينَ وَمَبْدَأَ خُرُوجِهِمْ إِلَى وَقْتِهِ.
هَذَا؛ وَابْنُ الأَثِيرِ وَهُوَ يَكْتُبُ ذَلِكَ بِدَمْعِهِ وَأَلَمِهِ لَمْ يُدْرِكْ سُقُوطَ بَغْدَادَ فِي أَيْدِي التَّتَرِ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَمَاذَا كَانَ سَيَكْتُبُ لَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ؟! وَمَاذَا كَانَ سَيَقُولُ لَوْ أَدْرَكَ انْتِهَاءَ الإِسْلامِ فِي الأَنْدُلُسِ بِسُقُوطِ غِرْنَاطَة؟! وَمَاذَا سَيُسَطِّرُ فِي تَارِيخِهِ لَوْ أَدْرَكَ مَمَالِكَ الإِسْلامِ وَهِيَ تُنْتَقَصُ مِنْ أَهْلِهَا وَتُجَزَّأُ وَتُفَتَّتُ، فَرَحِمَ اللهُ ابْنَ الأَثِيرِ، وَرَحِمَ اللهُ تَعَالَى كُلَّ قَلْبٍ حَيٍّ يَتَأَلَّمُ لِلإِسْلامِ وَمَا أَصَابَهُ، وَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَ أُمَّةِ الإِسْلامِ فِي جَنُوبِ السُّودَانِ الَّذِي انْتُقِصَ مِنْهَا، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْرِفُوا حَقِيقَةَ أَعْدَائِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {النساء:71}، وَلا يَثِقُ فِيهِمْ إِلاَّ مَغْرُورٌ مَخْدُوعٌ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيل[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الأحزاب:48}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: يَنْطَوِي هَذَا الحَدَثُ الجَلَلُ بِفَصْلِ جَنُوبِ السُّودَانِ عَنْهَا عَلَى مَخَاطِرَ عَلَى أُمَّةِ الإِسْلامِ لاَ تَكَادُ تُحْصَى؛ فَهُوَ لَبِنَةٌ فِي مَشْرُوعِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ الجَدِيدِ، الَّذِي أَعْلَنَتْ عَنْهُ القُوَى المُسْتَكْبِرَةُ مِنْ دَاخِلِ الدَّوْلَةِ اليَهُودِيَّةِ.
وَبَعْدَمَا كَانَتْ جَنُوبُ السُّودَانِ تُحْكَمُ بِالإِسْلامِ سَتُحْكَمُ الآنَ بِغَيْرِهِ، وَسَيُضَيَّقُ عَلَى الدَّعْوَةِ فِيهَا إِنْ لَمْ تُمْنَعْ، وَسَتَزْدَادُ حَرَكَةُ التَّنْصِيرِ فِيهَا، مَعَ اضْطِهَادِ أَهْلِهَا مِنَ المُسْلِمِينَ، وَلَنْ يُدَافِعَ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ، وَقَدْ تَمَّ تَنْصِيرُ الأَنْدَلُسِ بِأَكْمَلِهَا وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ مُسْلِمَةً ثَمَانِيَةَ قُرُونٍ، وَمَا قَادَتِ الكَنَائِسُ التَّمَرُّدَ فِي الجَنُوبِ، وَلاَ دَعَمَتْهُ الدُّوَلُ الكُبْرَى، إِلاَّ لِتَنْفَرِدَ بِهِ إِرْسَالِيَّاتُ التَّنْصِيرِ!
وَجَاءَ فِي تَقْرِيرٍ لِإِحْدَى أَكْبَرِ الْإِرْسَالَيَّاتِ التَّنْصِيرِيَّةِ فِي جَنُوبِ السُّودَانِ: أَنَّ عَدَدَ النَّصَارَى فِي السُّودَانِ قَبْلَ مِئَةِ سَنَةٍ كَانَ عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ فَقَطْ، وَتَجَاوَزَ الْيَوْمَ أَرْبَعَةَ مَلَايِينَ، وَلَهُمْ طُمُوحٌ وَخُطَطٌ فِي تَنْصِيرِ الشَّمَالِ انْطِلَاقًا مِنَ الْجَنُوبِ بَعْدَ فَصْلِهِ؛ لِيَبْتَلِعُوا السُّودَانَ بِأَكْمَلِهِ.
وَمِنْ مَخَاطِرِ هَذَا الْحَدَثِ: أَنَّ نَجَاحَ فَصْلِ الْجَنُوبِ سَيُغْرِي مَنَاطِقَ أُخْرَى بِالْفَصْلِ، وَسَيَدْفَعُ أَقَلِّيَّاتٍ أُخْرَى فِي بَقِيَّةِ دُوَلِ الْإِسْلَامِ لِلْمُطَالَبَةِ بِالانْفِصَالِ تَحْتَ ذَرِيعَةِ تَقْرِيرِ الْمَصِيرِ الَّتِي يَمْنَحُهَا الْغَرْبُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْنَعُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَيَتَخَلَّى الْمُتَخَاذِلُونَ عَنْ بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ؛ تَأَسِّيًا بِمَا حَصَلَ فِي السُّودَانِ.
وَمِنْ مَخَاطِرِ هَذَا الْفَصْلِ: تَقْوِيَةُ الدَّوْلَةِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي خَطَّطَتْ لِهَذَا الْفَصْلِ مُنْذُ احْتِلَالِهَا لِلْقُدْسِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ، وَدَعَمَتْهُ مَالِيًّا وَسِيَاسِيًّا وَعَسْكَرِيًّا إِلَى أَنْ تَمَّ لَهَا ذَلِكَ، وَلَهَا أَطْمَاعٌ فِي ثَرَوَاتِ جَنُوبِ السُّودَانِ، وَفِي مِيَاهِ النِّيلِ، وَفِي السَّيْطَرَةِ عَلَى مَنَابِعِهِ لَخَنْقِ مِصْرَ وَتَطْوِيعِهَا، وَمَخَاطِرُ أُخْرَى تَعُزُّ عَلَى الْحَصْرِ.
وَلَكِنْ رَغْمَ قَتَامَةِ الْمَشْهَدِ، وَتَأَزُّمِ الْمَوْقِفِ، وَضَعْفِ الْأُمَّةِ، وَشِدَّةِ مَا يُحِيطُ بِهَا مِنْ مَخَاطِرَ، وَمَا يُحِيكُهُ الْأَعْدَاءُ لَهَا مِنْ مَكَايِدَ؛ فَإِنَّ الْأَمَلَ فِي اللهِ تَعَالَى عَظِيمٌ، وِإِنَّ نَصْرَهُ قَرِيبٌ، وَمَا تَكَالَبَ الْأَعْدَاءُ عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَا لِقُوَّتِهِ وَسُرْعَةِ انْتِشَارِهِ فِي الشُّعُوبِ، وَمَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْعَمَلُ لِدِينِ اللهِ تَعَالَى، وَتَبْيِلغُ رِسَالَتِهِ، وَكَشْفُ مَكَايِدِ الْأَعْدَاءِ لِلْحَذَرِ مِنْهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {إبراهيم:46} /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا ١٥ وَأَكِيدُ كَيۡدٗا ١٦ فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا ١٧[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الطًّارق:15-17}
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ.
المرفقات

جمهورية جنوب السودان الصليبية.doc

جمهورية جنوب السودان الصليبية.doc

المشاهدات 4825 | التعليقات 8


شيخنا الكريم هذه خطبة مهمة جداً في وقتها لنظرة شرعية في الأحداث الجارية .. بارك الله فيك ونفع بعلمك ..
وهي وإن كانت أليمة على القلب بما فيها من حقائق إلا أنها تنطوي على إحباط شديد !!
ومع أنك - شيخنا الكريم - قد تركت ضوءاً يسيراً في آخر مقطع من الخطبة يتنفس منه المكلوم ويتعزى به إلا أنه في نظري لو تلاه مقطع أخير يكون كالخاتمة لكان حسناً ..
ما المطلوب من هذا المتلقي للخطبة ؟
هل مجرد معرفة للحدث ؟
أو يتألم فقط ؟
أو يعمل وينطلق للدعوة إلى الله ؟
أو يحذر عدوه ؟
أظن أن إجابة مثل هذه الأسئلة وغيرها وختمها بخطوات عملية واقعية وشرعية هو مهم جداً لتحفيز المتلقي وعدم تثبيطه ..
أتمنى أن تكون ملحوظتي واضحة ..
وفقك الله شيخنا الفاضل ونفع بك ..


شكر الله لكم شيخ إبراهيم هذه الخطبة النافعة التي تلح الحاجة لمثلها هذه الأيام .. وجزاك عنا خير الجزاء .

وإن كنت مع أخينا أبي العنود في إضافة شيء ولو يسيرا في تفاؤل النظرة، وإفادة المتلقي بدوره تجاه القضية ..

وبارك الله فيكم


ملاحظتكما جيدة -أبا العنود وأحمد السويلم- وندعوكما -وندعو أعضاء المنتدى- إلى طرح ما عندكم من حلول لعل الله ينفعنا بها.


شكر الله تعالى لكم أجمعين يا أبا العنود ويا أخ أحمد ويا شيخ مازن مروركم وتعليقاتكم ونفع الله تعالى بكم..
وبالنسبة لملاحظتك أبا العنود وتأييدك يا أحمد لها فلست أوافقكما عليها لأن لكل شيء مقامه فمقام العتاب واللوم لا يلزم منه فتح أبواب الأمل، ولا سيما إذا كان في مناسبة كهذه.. وذلك مثل من خصص خطبة عن النار والوعيد بها لا يقال له لا بد أن تقرن ذلك بالترغيب بالجنة، والعكس كذلك..
إنما اللوم على الخطيب أن يكون تشاؤميا ومحبطا في خطبه كلها بحيث يزرع اليأس في قلوب الناس ويكون هذا دأبه..
لا بد للناس من هز لقلوبهم ولو بشيء من الشدة لتتيقظ وإذا توقف قلب الإنسان عن الحركة صعقه الأطباء بالكهرباء ليتحرك ويكون صعقهم له قويا مع خطورة الكهرباء على الإنسان..
أما تساؤلاتك أخي الكريم فهاك جوابها:

ما المطلوب من هذا المتلقي للخطبة ؟
المطلوب كل ما ذكرته بعد هذا السؤال من أسئلة,,

هل مجرد معرفة للحدث ؟
معرفة الحدث مقصد شرعي لمن لم يعلم به وعدد ممن حضروا الخطبة معي ما علموا بفصل الجنوب إلا من الخطبة حتى قال بعض طلبة العلم لي: لقد غُيبنا تماما عن هذا الحدث. وقد أخبر الله تعالى المسلمين في أول الإسلام وهم قلة في قرآن يتلى عن انتصار الفرس على الروم وأن الروم سينتصرون عليهم مع بعدهم عن المسلمين آنذاك فكيف بالإخبار عن بلد ينتقص من الإسلام؟!

أو يتألم فقط ؟
الألم مطلوب، وهو دافع للعمل، ودليل على حياة القلب، وأن صاحبه يشعر بمصاب المسلمين، والأعداء يسعون بكل الوسائل لإماتة أحاسيس المسلمين، وإذا كان ما يصيب المؤمن من هم وغم وحزن يؤجر عليه بنص الحديث، وهو قد يكون مهموما في أمر دنيوي خاص به، فكيف بمن يتألم لمصاب المسلمين في أمر عام؟! لا شك أنه يؤجر أكثر من الأول، فصار من المقاصد الشرعية إحياء الألم في قلوب الناس لمصائب أمتهم.

أو يعمل وينطلق للدعوة إلى الله ؟
وهذا أيضا مقصد شرعي، وإذا تألم سينطلق للعمل، ومن العمل الدعوة إلى الله تعالى..

أو يحذر عدوه ؟
وهذا أيضا مقصد شرعي لتجتمع كلمة المسلمين وتفوت الفرصة على الأعداء الذين ما نالوا من الأمة إلا بسبب التفرق والاختلاف والشقاق..

وكل هذه المقاصد التي ذكرتها في تعقبك موجودة في الخطبة ومستدل عليها، ففيها إخبار عن الحدث وتوصيف له، وفيها تقليب للمواجع والآلام بسياق الأحداث التي تشبهها في التاريخ القديم والمعاصر.. وفيها طلب العمل لدين الله تعالى والدعوة إليه وهو في آخر الخطبة الثانية، وفيها وجوب الحذر من الأعداء وهوز في أول الخطبة الثانية..
شكر الله تعالى لك أبا العنود تعقبك.. وقد اتضح لي مرادك، وأرجو أن يكون جوابي موضحا لما في الخطبة ومزيلا لاستشكالاتك..
وفقني الله تعالى وإياك للخير والنصح للمسلمين..


شكر الله لكم ياشيخ إبراهيم فقد أبلغتم وأوضحتم ..

وإن أردنا إلا رأيكم لا الاعتراض عليكم ..

وأسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء وينفع بكم وبخطبكم ..


جزى الله الشيخ المفضال على خطبته القيمة ، ولقد جاءت بكل مفيد وأهمها أن المسلمين لا بد أن يعوا خطورة الانفصال ، فليس الأمر مختصاً بالسودان فحسب ، الأمر له أبعاده الخطرة ومن هذه الابعاد أن دول الكفر همها وشغلها الشاغل تفتيت الدول الإسلامية .. أما سمعنا اليمن الجنوبي والشمالي ، ومصر ودور الأقباط ، والعراق ودور إيران ، فهل نسمع أن انفصالاً آخر لدولة أخرى سيحدث ؟ . لا نستغرب .


جزاك الله تعالى خيرا يا شيخ أحمد على روحك الطيبة، وتقبل الله تعالى دعواتك..
وجزاك الله تعالى خيرا يا شيخ ناجي على مرورك وتعلقيك، وأسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.. آمين