تَذكُّر الْمَوْتُ والاسْتِعْدَادُ لَهُ

سلطان الحصين
1442/12/06 - 2021/07/16 12:19PM
تَذكُّر الْمَوْتُ والاسْتِعْدَادُ لَهُ

الحمد لله رب العالمين، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [سورة الملك:2]، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتقوا الله تعالى فإنّ تقواه أقوى ظهير وأوفى نصير،  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[ سورة الحديد:28]

عباد الله: الدنيا قنطرةٌ لمن عَبَر، وعبرةٌ لمن استبصَر واعتبر، ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [سورة آل عمران:185

.فطوبى لمن فرَّ من مَواطِن الرِّيَب ومواقِع المَقْتِ والغَضَب، مستمسِكًا بدينه، ويا خسارَ من اقتَحَم حِمى المعاصي والآثام

.وما أقبحَ التفريطَ في زمن الصِّبا، فكيـف به والشيبُ نازل؟! ترحّل عن الدنيا بزادٍ من التُّقى فعُمرك أيّـام تُعَدّ قلائـل

أيها المسلمون: الموتُ في كلّ حين ينشُر الكَفَنا، ونحن في غفلةٍ، كم شيّعنا من الأقران، كم دفنّا من الإخْوان، كم أضْجَعْنا من الجيران، كم فَقدْنَا من الخِلاّن، أين مَن بلَغوا الآمال؟! أين من جمَعوا الكنوز والأموال؟! فاجأهم الموتُ في وقتٍ لم يحتسبوه، وجاءهم هولٌ لم يَرْتقِبوه، تفرّقَت في القبورِ أجزاؤُهم، وترمَّلَ من بعدهم نِسَاؤهم، وتيتَّم خلفَهم أولادُهم، واقتُسِم مالهم، وكلُّ عبدٍ ميّت ومبعوث، وكلُّ ما جمَّع متروك وموروث، ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾[ سورة الفجر:23-24]

يا مُبارزًا مولاكَ بالخطايا تمهَّل، فالكلام مكتوب، والقولُ محسوب،  ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [سورة الانفطار:10-11]

يا مُطلِقًا نفسَه فيما يَشْتهي ويُريد، الملِكُ يرى والملَك شهيد، ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[ سورة ق: 18]

يا مشغولاً بالدنيا، أنسيتَ الموتَ وسَكْرَتَه وصعوبتَه ومرارتَه؟! أنسيتَ القبر وضمَّتَه ووحْشَته وظلمتَه والحساب وشدّتَه؟! يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: «إنّ أحدَكم إذا مات عُرِض عليه مقعدُه بالغداةِ والعشيّ، إن كان مِن أهل الجنّة فمِن أهل الجنة، وإن كَانَ من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدُك حتى يبعثَك الله يومَ القيامة» متفق عليه، أرواحٌ في أعلى علِّيِّين، وأرواح في أسْفلِ سافلين، أرواح في حواصِل طيرٍ خُضرٍ تَسْرح في الجنّة حَيث شاءت، وأرواحٌ في تنُّور يَتَوَقَّد، فيا خجَلَ العاصين، ويا حَسرةَ المُفَرِّطِين، ويا أسفَ المقصِّرين، فأينَ الباكي على ما جَنى؟! أين المستغفِر قبل الفَنا؟! أين التائب ممّا مضى؟! فالتَّوبُ مقبول، وعفو الله مأمول، وفضله مبْذول، فيا فوزَ من تاب، ويا سعادةَ من آب، والرب يدعو إلى المتاب: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾[سورة طه:82]

فإن تك بالأمسِ اقترفتَ إساءةً       فثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ

ولا تُرجِ فعلَ الخير منك إلى غدٍ      لعلّ غدًا يأتي وأنت فقيدُ

.بارك الله لي ولكم في القرآنِ والسنّة، ونفَعني وإيّاكم بما فيهما من البيّنات والحِكمة، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

.الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أمّا بعد

أيّها المسلمون: إنّ ثمرةَ الاستماع؛ الاتّباع، فكونوا من الذينَ يستمعون القولَ فيتّبعون أحسنَه، واعلموا أنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبّحة بقدسه، ثمَ بكم أيّها المؤمنون من جنِّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[سورة الأحزاب:56]

.اللهمّ صلّ وسلّم على نبيّنا محمد، وارض اللهمّ عن الخلفاء الراشدين

.عبادَ الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [سورة النحل:90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيْمَ يَذْكُرْكُم, وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم

___

 

المرفقات

1626437941_تذكر الموت والاستعداد له.docx

1626437950_تذكر الموت والاستعداد له.pdf

المشاهدات 744 | التعليقات 1

كتب الله أجرك وبارك في علمك  وعملك

خطبة جميلة , مؤثرة ومختصرة