بنيانٌ مرصوصٌ-7-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز بن محمد(مختصرة/للجوال)

محمد بن سامر
1445/03/06 - 2023/09/21 12:47PM

بنيانٌ مرصوصٌ-7-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز بن محمد

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

مُجْتَمَعٌ مُسْلِمٌ أَقَامَ وَجَهَهُ لَلدِّيْنِ، كِتَابُ اللهِ دُسْتُورٌ لَه، وَرَسُوْلُ اللهِ إِمَامٌ لَهُ، وأُمَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ، لَهَا صَرْحٌ شَامِخٌ وأَسَاسٌ رَاسِخٌ، عُنْوانُها مَسْطُورٌ فِي كِتَابِ اللهِ (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ كَالْبُنْيَانِ، قَدْ شُدَّ أَصْلُهُ وَرُصَّ بِإِحْكَامٍ، فَقامَ لهُ شأنٌ.

أُمَّةٌ واحِدَةٌ عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَدِيْنٍ قَوِيْمٍ، لا تَتَفرَّقُ في مَتَاهَاتِ الضَّلالِ، ولا تَتَشَعَّبُ في مَسَالِكِ الهوَى، اعْتِصَامٌ بِالعُرْوةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لها، وَاسْتِمْسَاكٌ بِـحَبْلِ اللهِ لا تَخَلِيَ عَنْهُ، تَتَوَحَّدُ كَلِمَتُها عَلى التوْحِيْدِ، فَلا تَـخْتَلِفُ ولا تَتَنازَعُ ولا تَنْحَرِفُ ولا تَحِيْدُ.

إِنْ اتَّحَدَتْ الأُمَّةُ عَلَى التَّوْحِيْدِ، واسْتَقَامَتْ عَلَى الإيمانِ، ارتقتْ إِلى أَرْقَى مَرَاقِي العُبُوْدِيَّةِ، وَاعتلتْ أَعْلَى قِمَمِ المَجْدِ.

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلاؤُهَا للهِ وَعَدَاؤُها فِيْه، وَعُبُوِدِيَّتُها لَه وَتَحَاكُمَها إِلَيْه، لا تَتَقَاتَلُ ولا تَتَنَاحَرُ، ولا تتقاطَعُ ولا تَتَدَابَرُ.

وإِنْ تَنَازَعَتْ يَوْمًا فَلا تَفْزَعُ إِلى قَوْمِيَّة أو عَصَبِيَّةٍ، ولا تَتَحَاكَمُ إِلى جَاهِلِيَّة أو حَمِيَّةٍ، بل تَنْحَنِي مُتَوَاضِعَةً لحُكْمِ اللهِ وَرَسُوْلِه، صَادِقَةً في تَحَاكُمِها، تَطْلُبُ الحقَّ الذي فِيهِ تَخْتَلِفُ، فَلا تتحايلُ على الشَّرْعِ ولا تَتَحَوَّلُ، ولا تَتَلاعَبُ بالنُّصُوصِ ولا تَتَأَوَّلُ، ولا تُزَوِّرُ الحقائقَ أو تَفْتَرِي الكَذِبَ أو البُهْتانَ لتُهَيْمِنَ.

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، تَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ اللهِ وَرَسُوْلِه صَادِقةً مُسْتَجِيْبَةً لِرَبِها فِيْمَا أَمَرَ (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)

تِلْكَ هِيَ الأُمَّةُ الواحدةُ، أَمَةُ خَيْرِ الأَنامٍ محمدٍ-عليهِ الصلاةُ والسلامُ-إِنْ قَامَتْ بِما أُمِرَتْ بِه كَتَبَ اللهُ لَها الرِّيَادَةَ والقِيَادَةَ، والرِّفْعَةَ وَالتَّمْكِيْنَ (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).

إخواني: إِنَّ أمْرَ الأُمَّةِ سَيَبْقَى ظَاهِرًا، ووِحْدَتَها قَائِمَةً، ورِدَاءَهَا طَاهِرًا، وعَاقِبَتَهَا رَاضِيَةً، وَلَنْ تُؤْتَى الأُمَّةُ مِنْ عَدُوٍ عَنِيْدٍ أو مَاكِرٍ بَعِيْدٍ، وَإِنَّما تُؤْتَى مِنْ عُمْقِ دَارِها إِنْ تَخَلَّلها خَلَلٌ، وَسُوْءِ حَالِها إِنْ حَلَّ بِها زَللٌ.

تَهُونُ الأمةُ إِنْ اتجهتْ شَرْقًا وغربًا، تَنشُدُ رِيًّا لظَمَأٍ صَنَعَته، والماءُ فَوْقَ ظُهُوْرِهَا حَمَلَتْهُ (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).  

تَهُونُ الأمةُ إِنْ انحرفتْ عَنْ شرعِ اللهِ وكتابِهِ وسُنَّةِ نبيِهِ، وتجرأتْ وجاهرتْ بمعصيتِه، فسامها اللهُ ضَّعْفًا وذُّلًّا وهوانًا، وأذاقها مِنَ العذابِ أشكالًا وألوانًا (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

قالَ الرسولُ-عليهِ وآلِهِ الصلاةُ والسَّلامُ-: "إِنَّ اللهَ زَوَى-طوَى وجَمَعَ-لِيَ الأَرْضَ، فَرَأيتُ مَشَارِقَها ومَغَارِبَها، وإنًّ أُمْتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها مَا زُوِيَ لي مِنْها، وأُعْطِيْتُ الكنْزينِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ، وإِنِّيْ سَألتُ رَبِي لأُمَّتِي أَلَّا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وأَلَّا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ؛ وإِنَّ رَبِي قَالَ: يَا مُحَمَّدْ، إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، وَإِنِّيْ أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَلَّا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، و أَلَّا أُسَلِّطَ عَلَيهم عَدُوًا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ ولو اجْتَمَعَ عَلَيْهِم مَنْ بأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُوْنَ بَعضُهم يُهْلِكُ ويَسْبِي بعضًا".

وأَخْطَرُ طَرِيْقٍ تَنْجَرِفُ بِهِ الأُمَةُ إِلى هَذَا الخَطَرِ طَرِيْقُ قومٍ يَمْتَهِنُونَ النَّمِيْمَةَ والتَّفَرِيِقَ بَيْنَ المؤُمِنِيْنَ، لَيْسَ لَهُمْ في سَبِيْلِ الإِصْلاحِ سَعْيٌ، ولا إِلى تَأْلِيفِ القُلُوْبِ طَرِيْقٌ، لا تَقُوْمُ للأمةِ قَائِمَةُ صَفاءٍ إِلا شَوَّشُوها، ولا تَلُوْحُ لَهُم بَارِقةُ صَلاحٍ إلا خَدَشُوها، كَفُّوا عَنْ أَهْلِ الضَّلالِ أَلْسِنَتَهُم وأَقْلامَهُم، وَصَوَّبُوا نَحْوَ أَهْلِ الإِيْمَانِ عَدَاءَهُم وسِهَامَهُم، أَلا سَاءَ مَا يَزِرْوُن. 

 يَلْتَمِسُوْنَ المعاذِيْرَ لِكُلِّ مُنْحَرِفٍ غَوِيٍّ، ويَخْتَلِقُونَ الْمَعايبَ لكُلٍ مُؤمِنٍ تَقِيٍ، رَفَعُوْا رَايةَ الشَّيْطَانِ، فَهُمْ لَه جُنْدٌ وأَعْوَانٌ، قالَ الرسولُ-عليهِ وآلِهِ الصلاةُ والسَّلامُ-: "إنَّ الشَّيْطانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ".

أقْبَلَ رَجُلٌ إِلى إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ-رحمه الله-فَقَالَ لَهُ: "يَا إِيَاس، إِنَّ فُلانًا قَدْ ذَكَرَكَ بِسُوء!، فَنَظَرَ إِلَيْهِ إِيَاسٌ وَقَال: أَغَزَوْتَ فَارِسَ؟ قال: لا، قَالَ: فَالرومَ والسِّنْدَ والهِنْدَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: لا، قَالَ: أَسْلَمُ مِنْكَ فَارسُ والرُّوْمُ والسِّنْدُ والهندُ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْكَ أخوكَ المسلمُ؟!" ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ إِيَاس.

دَرْسٌ بَلِيْغُ، مِنْ رَجُلٍ مُلِيءَ حِكْمَةً وورَعًا وعَقْلًا. ولَنْ يَفْهَمَ الدَّرْسَ مَن انْتَكَسَ خُلُقُه، وقَلَّ ورَعُهُ، وغابَتْ مُرُوءَتُهُ، وضَعُفَ إِيْمانُهُ، فجَعَلَ التَّفْرِيْقَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ شَرِيْعَةَ لَهُ وَمَنْهَجًا (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فإنَّ أمةً جَمَعَ اللهُ كلِمَتَها على التوحيدِ، وأَلَّفَها على القرآنِ، لَحَرِيَّةٌ أَنْ تكونَ شاكرةً لربِها، صادقةً في إقامَةِ صَفِّها، مُسْتَأْسِدَةً في حمايةِ حُرَمِها ومقدساتِها، ليدومَ عزُها، وينموَ خيرُها، ويستمرَ تمكينُها.

تَحْرسُ عَقِيْدَةً ونُفُوْسًا، وتَحمِي أَمْوَالًا وَحُقُوْقًا، وَتَصُوْنُ أَعْرَاضًا، وتَنْشُرُ فَضِيْلَةً، تَقُومُ بأَشْرَفِ وِسَامٍ تُوِّجَتْ بِهِ، وأَكْرَمِ شِعارٍ وُصِفَتْ بِهِ (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

تَرْفَعُ شَعارَ الشَّرِيْعَةِ، فَيَشِعُّ لَها نُورٌ لا يَنْطَفئُ، وتَعْلُو لَها رايَةٌ لا تُنَكَّسُ.

وتَبْقَى قَوِيَّةً آمِنَةً، إنْ هِيَ قَامَتْ بِالعَدْلِ وحَفِظَتْهُ، وَحَجَزَتِ الظَّالِمَ ورَدَعَتْهُ.

حِمايَةُ الأُمَةِ، بِحِمايَةِ عَقِيْدَتِها، وحِفْظِ عِفَّتِها، وصِيانَةِ أَخْلاقِها، وبَقاءُ عِزِّها بِتَناصُرِها وتَآزُرِها وتَآخِيْها.

وكُلُّ فَرْدٍ مِنَ الأُمَّةِ يَقِفُ عَلى ثَغْرٍ مِنْ ثُغورِها، فإنْ قامَ فيهِ بأمرِ اللهِ واجتنابِ نهيِهِ فهو من المفلحينَ.

وإنْ خَرَقَ في سَفِيْنَةِ الأُمَةِ خَرْقًا لِيُغْرِقَها؛ بإِشاعَةِ فاحِشَةٍ، أَو إِفْشاءِ مَعْصِيَةٍ، أَو مُجاهَرَةٍ بـمُنْكَرٍ، أَو سَعْيٍ بفسادٍ فهو من الخاسرينَ.

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ أنتَ حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1695289920_بنيانٌ مرصوصٌ-7-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز بن محمد.docx

1695289920_بنيانٌ مرصوصٌ-7-3-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز بن محمد.pdf

المشاهدات 715 | التعليقات 0