المخدرات والمسكرات
موسى السلامي
المخدِّرات والمسكرات
الخطبه أعدها الشيخ حسن الخالدي جزاه الله خير الجزاء
الحمد لله، أمر بالتحلِّي بالفضائل، ونهى عن الوقوع في النقائص والرذائل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلَّم تسليما كثيراً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ).
أيها المسلمون: في سنن النسائي وصحيح بن حبان أن عثمان رضي الله عنه قام خطيباً يوماً من الأيام فقال: كان رجل من العباد فيمن كان قبلكم، فلقيته امرأة سوء فقالت لجاريتها: أدخليه المنزل، فلما دخل المنزل أغلقت الباب، فقالت له المرأة: لا تخرج من هذا البيت، حتى تشرب كأساً من الخمر، أو تفعل بي كذا وكذا ( يعني: يزني بها ) أو تقتل هذا الصبي الصغير، وإلا صحت بأعلى صوتي وقلت للناس: رجل غريب دخل عليَّ بيتي ويريد أن يفعل بي كذا وكذا، ففكَّر الرجل وقال: أمّا الفاحشة فلا، وأمّا قتل الصبي فلا، ثم تناول كأس الخمر وشربها، فلما سَكِر قال للمرأة زيديني، فزادته، فقام وقتل الصبي، وفعل الفاحشة بالمرأة.
أيها المسلمون: إنها المخدِّرات، إنها المسكرات، إنها أمُّ الخبائث، إنها المفسدة للعقل والمزاج، والمال والصحة والعافية، قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ )
أيها الشباب: لقد قام الأعداء، بزجِّ كميات كبيرة من المخدرات إلى بلادنا حسداً من عند أنفسهم، يريدون للناس بعامة، والشباب بخاصة، أن يتورَّطوا بهذه السموم، فلا يتخلَّصوا منها إلا بتعب شديد وتوبة صادقة، لقد ظهرت منها أنواع كثيرة، وبمسميات مختلفة، كلّ ذلك تغرير لشبابنا وأطفالنا ليقعوا فيها، فمنها قوارير الخمور، ومنها الحبوب المخدِّرة، كالحبة البيضاء، وما تسمّى بالكوكايين والكبتاجون، وما يسمّونه بالقشطة، وما تسمّى بالحشيشة، إلى غير ذلك من المسمَّيات، إنهم يسمونها بغير اسمها الحقيقي، والجامع لهذه المسميات: أنها أمُّ الخبائث.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إنَّ الحشيشة حرام، يُحدّ متناولها كما يُحدّ شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد، وأنها تصد عن ذكر الله. انتهى كلامه.
أيها المسلمون: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته) إن من ورائنا رعايا لا بدّ أن نستشعر المسؤولية عنها، إنهم إخواننا، إنهم أولادنا، إنهم قراباتنا، إنهم طلّابنا، إنها أنفسنا قبل كلِّ شيء.
أيها الآباء: إنَّ الشابّ إذا ذاق طعم المخدِّر أو الخمرة، وتعلَّق قلبه بها، وتشرَّب جسده بها، فعند ذاك فلا بدَّ له من الحصول عليها، إن كان عنده مال اشترى به، وإلا لجأ إلى السرقة والنصب والاحتيال والكذب، حتى يجمع ما يمكن أن يشتري به ذلك المخدِّر، بل قد يصل الأمر إلى ما هو أشدّ من ذلك، فقد يُسلِم نفسه لمن يفعل به السوء والمنكر، حتى يحصل منه على المال، ليشتري به المخدِّر أو يعطيه الفاعل ما يشاء من المخدرات والمسكرات، فواجب عليك يا أيها الأب أن تكشف هذا الأمر للولد، وتجلّيه تجلية واضحة، فلا يأخذ المال من غيرك، ولا يأخذ من أحد شيئاً مهما كان، فربما كان فيه هلاكه وهو لا يشعر.
أيها الشباب: احذروا أشدّ الحذر، من المخدرات والمسكرات، واعتبروا بغيركم، فغيركم ممن وقع فيها يعاني منها، وهو إمّا يعيش معذباً بها، أو يرقد في مستشفيات الأمل، أو يقبع في زنازين السجون، أو مصيره إلى القتل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونقول للشاب المبتلى بها: الشاب الذي وقع في المخدِّر وتناول المخدِّر، وضحك عليه الأصحاب حتى تعاطاها، احذر من التمادي فيها، واتجه إلى من تراه مأموناً ناصحاً أميناً ، وهو يدلُّك على الحل إن أردت الخلاص منها.
أيها المسلمون: لقد فتحت هذه الدولة المباركة، أبوابها لعلاج المدمنين وعلاج الواقعين في المخدّرات، ففتحت مستشفيات الأمل، وفتحت الجمعيات الخيرية لمكافحة التدخين والمخدرات، ومن هذه الجمعيات: الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والمخدرات بمحافظة القنفذة، وهي فرصة لمن أراد أن ينجو بنفسه، لمن أراد التخلص من المخدِّر، لمن عرف أن الأصحاب ضحكوا عليه، لمن عرف أن الشباب ورَّطوه، عليه بالتوجه إلى الجمعية، وسيجد من يستقبله ويزرع الأمل في حياته، ويساعده على التخلص مما هو فيه.أسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم إلى صراطه المستقيم، وأن يجنبنا الشرور ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع قريب مجيب الدعاء، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
.....................................................................................................
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد: لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلُّ مسكر خمر، إنَّ على الله عهداً لمن يشرب المسكر، أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله: وما طينة الخبال؟ قال:عرق أهل النار أو عصارة أهل النار ) رواه مسلم.
أيها المسلمون: لقد قرَّر النظام في هذه الدولة المباركة، عقوبات لمن يقع في رذيلة المخدرات والمسكرات، فصدر الأمر السامي رقم 4/ ب / 966 وتاريخ 10/ 7 /1407هـ وفيه ما يلي: أولاً: المهرِّب للمخدِّرات، وهو الشخص الذي يأتي بها من الخارج، أو الذي ينتقل بها من منطقة إلى منطقة، أو من محافظة إلى محافظة، فيهرِّبها لغيره، لبيعها وشرائها، فقد قرَّر له النظام، عقوبة القتل قصاصاً، لأنه من المفسدين في الأرض. ثانياً: المروِّج للمخدِّرات، وهو الشخص الذي يقوم بترويحها وتوزيعها بين الأصحاب وبين الشلل وبين الشباب هنا وهناك فقد قرَّر له النظام، عقوبة السجن لعدة سنوات حسب ما يراه القضاء، وقرر له عقوبة الجلد أيضاً، وقرر له ثالثا: دفع الغرامة المالية، أو حسب ما يراه القاضي من هذه العقوبات، وقد تصل العقوبة إلى حد القتل قصاصاً لأنه أصبح من المفسدين في الأرض. ثالثا : المتعاطي، وهو الشخص الذي يتعاطى المخدِّر، فقد قرَّر له النظام، عقوبة السجن لمدة سنتين أو أكثر حسب ما يراه القضاء، وقد يصدر في حقّه عقوبة التعزير، وقد يصل به الأمر إلى عقوبة القتل قصاصاً، خاصة إذا كان شرُّه مستطيراً على أهله بخاصة، والناس بعامة.
أيها الآباء: اتقوا الله في أولادكم، لا تكونوا من الغافلين عنهم، حذِّر الولد من أن يقع في ورطة المخدرات، وحذِّره من أصدقاء السوء، الذين يريدون به شراً وسوءاً.
أيها الشاب: لا تقل سأجرِّب، آخذها للتجربة، فإنها سموم سرعان ما تسري في الجسد، واحذر من أصدقاء السوء، من الذين يريدون مالك، يريدون حياءك، يريدون رجولتك في يوم من الأيام، فلا تكن فريسة لهم.
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالّين ولا مضلّين. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداءك أعداء الدين، إنك أنت القوي العزيز،
المرفقات
1633687505_المخدرات والمسكرات.docx
1633687515_المخدرات والمسكرات.pdf