الحث على المحافظة على البيئة وآداب الخروج للنزهه

عايد القزلان التميمي
1444/05/29 - 2022/12/23 07:31AM
الحمد الله الذي جعل الأرض ذلولاً نمشي في مناكبها، والأنعام حمولة نستوي في مراكبها، والسماء بناءً نهتدي في كواكبها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون،
عباد الله يكثر في  هذه الأيام  خروج الناس للبرِّ و الهدف منها المتعة والترويح عن النفس ، قال تعالى عن أولاد نبيه يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإنَّا لَهُ لَـحَافِظُونَ} ،
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «قَوْلُهُ: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإنَّا لَهُ لَـحَافِظُونَ} يَلْهُو، وَيَنْشَطْ، وَيَسْعَى»، بأن «يتنزه في البرية ويستأنس ويلعب » .
عباد الله: وللخروج للبر والنزهة، آداب وأحكام ينبغي للناس أن يراعوها ويأخذوا بها؛ لتكون رحلاتهم عبادة لربِّهم
ومن هذه الآداب ما يأتي: ذكر دعاء المنزل؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ))؛ رواه مسلم.
والحرص على أداء الصلاة في وقتها، ورفع الأذان، والتفكر في خلق السماء والأرض  والنجوم ، والجبال الراسية، والأرض المبسوطة، والشمس المشرقة، والقمر المنير وغير ذلك.
عباد الله  ومن هذه الآداب المحافظة على نظافة المكان، فكلنا يرغب الجلوس في الأماكن النظيفة، ويكره الأماكن المتسخة، وتنظيفُ المكان قبل مغادرته من الأخلاق الاسلامية وعدم الاعتداء على الأشجار فالإسلام دين المحافظة على البيئة ،
وعدم تلويثها بأي آثار ضارة .
ويحثنا ديننا إلى مكافحة تلوث البيئة ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ) متفق عليه.
وقد جعل الإسلام المحافظة على البيئة جزءاً من إيمان الفرد المسلم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ )) متفق عليه
وفي حديث آخر : " إماطة الأذى عن الطريق صدقة "
وهذان الحديثان يدلان على رعاية الإسلام واهتمامه بالبيئة ، حيث إن الإسلام ربط بين الإيمان وإبعاد الضرر عن المسلمين .
وهناك قاعدة شرعية تقول " لاضرر ولا ضرار " وهذا يدل على حرص الإسلام على منع الضرر والإضرار بالآخرين .
عباد الله ثم الحذر كل الحذر من أن تنتهي تلك النزهة بمأساة؛ وذلك كحال مَن يخوضون بسياراتهم في الأودية والشعاب أثناء جريانها أو السباحة فيها؛ فينتج ما لا تحمد عقباه قال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ}
وقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
والبعض الآخر يتهور في القيادة ونحوه، وتحويل الرمال إلى أماكن أشبه بالأرض المحروثة، فلا شك أن هذا خلاف السير الشرعي، بل هو إفساد في الأرض وقد قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا...} وقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقوله {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي بأبدانكم وقلوبكم، وتفكروا في خلق ربكم وهكذا ينبغي أن تكون رحلاتنا اعتبار ومتعة وترفيه .
ومن آداب التنزه : عدم إيذاء المتنزهين، فبعض الناس يؤذي إخوانه في المتنزهات والأماكن العامة، وذلك برمي المخلفات في الطرقات أو الظل، ونحو ذلك. قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقوا الملاعنَ الثلاثَ : البَرازُ في الموارِدِ ، و قارِعَةِ الطَّريقِ ، و الظِّلِّ))؛ رواه أبو داود، وحسنه الألباني
فالإسلامُ دينٌ يُراعي مَصالِحَ العبادِ، وما فيه نَفعُهم، وقد ربَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أمَّتَه على الحِرْصِ على ذلك، والبُعدِ عن أذيَّةِ النَّاسِ فيما يُضطَرُّون إليه في مَجالِسِهم ، وأماكِنِهم العامَّةِ.
عباد الله ومن اداب الخروج للنزهه عدم إشعال  النار إلا في الأماكن المسموح بها، وعدم تركها في المكان إلا بعد إطفائها ، ثم أنه ينبغي الالتزام والتقيد بالتوجيهات التي تصدر من جهات الاختصاص ، لما في ذلك من تحقق المصلحة العامة والتعاون على البر والتقوى ، قال تعال : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهدي سُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ
أَقُولُ ما قد سمعتم وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الخطبة الثانية
 الحمد لله على إحسانه، والشُّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ: فيا عباد الله:
اتَّقوا الله - تعالى - ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون، واعتَصِموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، واذكُروا نعمةَ الله عليكم، وتمسَّكوا بكتاب ربِّكم، فإنَّ أصدَق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي رسول الله،
واحذَرُوا البِدَع والمحدَثات، فإنَّ شرَّ الأمور مُحدَثاتها، وكلَّ بدعة ضَلالة، الزَمُوا جماعةَ المسلمين، فإنَّ يدَ الله مع جماعة المسلمين، ومَن شذَّ عنهم شذَّ في النار.
ثم اعلَمُوا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أمرَكُم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه؛ فقال - جلَّ من قائل عليمًا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾    
المرفقات

1671769861_الحث على المحافظة على البيئة وآداب الخروج للنزهه.docx

المشاهدات 899 | التعليقات 0