التفوق العلمي وأثره في تقدم الأمم

الحمد لله رب العالمين إخوة الإيمان والعقيدة ... ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ لقد رغب الإسلام في طلب العلم، وحث علي الاجتهاد والتفوق العلمي، ولا أدل علي ذلك من أن أو قضية تناولها القرآن الكريم هي قضية العلم، وأول أمر سماوي نزل به الوحي هو الأمر بالقراءة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ كما سميت سورة كاملة في القرآن الكريم باسم "القلم"، وبدأها الحق بقوله ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ تأكيدًا علي أهمية أدوات العلم ووسائله، واستهل سبحانه سورة الرحمن بقوله ﴿الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الإنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ وفي هذا تنبيه للناس كافة علي بيان فضل العلم، والحث عليه، وإشارة صريحة إلى أن الإسلام دين العلم والمعرفة، وأن الأمة الإسلامية هي أمة العلم والحضارة. ويكفي العلم شرفـًا أن الله U لم يؤمر نبيه ﷺ بالازدياد من شيء في الدنيا إلا من العلم، حيث يقول سبحانه ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ بل إن النبي ﷺ جعل الخروج لطلب العلم خروجـًا في سبيل الله U، وبين أن الجد في طلبه والتفوق فيه سبب من أسباب دخول الجنة، حيث يقول ﷺ (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة). وقد بين نبينا ﷺ أن أهل العلم هم ورثة الأنبياء في إرشاد الناس، وهدايتهم، والأخذ بناصيتهم إلى طريق الحق والنور، والتقدم والرقي، فقال ﷺ (إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ) ويقول ﷺ (وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ). علي أننا نؤكد أن التفوق العلمي الذي رغب فيه الإسلام ليس مقتصرًا على التفوق في ميدان العلم الشرعي فحسب، وإنما يشمل كل علم يتفع الناس في شئون دينهم، وشئون دنياهم؛ ولذلك فقد جاء قول الله U ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ في معرض الحديث عن العلوم الكونية، حيث يقول سبحانه ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ وفي ذلك دلالة علي اهتمام الإسلام وعنايته بالعلوم الكونية كاهتمامه وعنايته بالعلوم الشرعية، وأن التفوق العلمي في شتي المجالات من أهم عوامل بناء الحضارات واستمرارها، ولله در القائل: بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ *** فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ     الحمد لله رب العالمين معاشر المؤمنين .. لا شك أن العلم أهم سبل تقدم الأمم، فبالعلم تبني الأمم، وتستصلح الأراضي، وتعظم السلالات، وتدار التجارات، وتطور الصناعات، وتعالج الآفات، وتستخرج المعادن، والأمة العظيمة هي التي تبهر العالم بما تنتجه من علم ومعرفة، وما تتقنه من زراعة، وصناعة، وتجارة، وثقافة، وما تخرجه من الأطباء البارعين والمهندسين المتقنين، والصناع الحرفيين الماهرين. فما أحوجنا إلي أن نأخذ بأسباب التفوق العلمي في مختلف المجالات؛ فإننا إذا تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، وعلي كل منا أن يسعي لأعلي درجات التفوق في مجاله عالمـًا، أو باحثـًا، أو صانعـًا، أو حرفيـًا، حتي يسهم في تقدم وطنه ورقيه، حيث يقول الحق سبحانه وتعالي ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، فإذا كان المطلوب هو أن تنفر طائفة من كل فرقة ليتفقهوا في علوم الدين، فإن علي الباقين أن ينفروا فيما ينفع البلاد والعباد، فتنفر فرقة لطلب الطب، وأخري لطلب الهندسة، وثالثة للعمل بالزراعة، ورابعة للعمل في الصناعة، وخامسة للاشتغال بالتجارة، وهكذا في سائر الفنون والحرف والصناعات. ولقد سرَّنا ما علمنا به وشاهدناه من أبناء وبنات الوطن في حصولهم على المراكز الأولى والمتقدمة على مستوى العالم في مجال البحوث العلمية، وكان المتقدمون من مراحل قبل المرحلة الجامعية، فهؤلاء أصحاب العلو والارتقاء والتميز، هؤلاء الصفوة، هؤلاء الذين انتقوا.
المرفقات

1652996303_التفوق العلمي وأثره في تقدم الأمم.docx

1652996312_التفوق العلمي وأثره في تقدم الأمم.pdf

المشاهدات 1589 | التعليقات 0