إلا المجاهرين
الشيخ نواف بن معيض الحارثي
إلا المجاهرين
الخطبة الأولى :
الحَمْدُ للهِ عَلاَّمِ الغُيُوبِ، أَمَرَ بِتَزكِيَةِ القُلُوبِ وَتَطْهِيرِهَا مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ، وَنَهَى عَنْ ظَاهِرِ الإِثْمِ وَبَاطِنِ العُيُوبِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْـلٌ مِنَ الحَمْدِ وَأُثْنِي عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، يُرَاقِبُنَا وَبِمُراقَبَتِهِ أَمَرَ، يَعْـلَمُ مَا ظَهَرَ مِنَّا وَمَا استَتَرَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وَنَبِيَّنا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ أَصلَحَ قَلْبَهُ وَاتَّقَى، وَزَكَّى نَفْسَهُ فَارتَقَى rوَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ البَعْثِ وَالمُلْتَقَى. .... أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ونفسي ....
عن ابنِ مسعودٍ البدريِّ t قال ، قالr :إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ)خ .
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللـهَ تَعَالَى أَمَرَ عِبَادَهُ بِطَاعَتِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْتِزَامِ دِيـنِهِ وَشِرْعَتِهِ، وَجَعَلَ أَهْلَ الطَّاعَةِ هُمْ أَهْلَ النَّجَاةِ وَالْفَلَاحِ، وَالْقَائِمِينَ بِالْعُبُودِيَّةِ هُمْ أَهْلَ الْفَوْزِ وَالنَّجَاحِ ؛ فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
كَمَا نَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ تَعَدِّي حُدُودِهِ، وَأَخْبَـرَ أَنَّ الْعُصَاةَ هُمْ أَهْلُ الْخُسْرَانِ الْمُبِينِ، وَأَنَّ الْمُتَعَدِّينَ لِحُدُودِهِ لَهُمُ الْعَذَابُ الْمُهِينُ ؛ فَقَالَ وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ (وَمَنْ يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ )
فَالْمَعْصِيَةُ شُؤْمٌ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَهَا آثَارٌ سَيِّئَةٌ عَلَى فَاعِلِهَا، وَهِيَ سَبَبٌ لِهَوَانِ الْعَبْدِ عَلَى رَبِّهِ، وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِ خَالِقِهِ، وَذَلِكَ مُنْذِرٌ بِهَلَاكِهِ، إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ اللـهُ بِرَحْمَتِهِ، وَيَمُنَّ عَلَيْهِ بِتَوْبَةٍ مِنْ عِنْدِهِ.
عباد الله: إنَّ من الجرائمِ الكبيرةِ والجناياتِ البالغةِ والتعدِّيات الآثمةِ المجاهرةَ بالمعاصي والآثامِ والاستعلانَ بالفواحشِ والرذائلِ ؛ فإِنَّ الْمَعْصِيَةَ أَخْطَرُ مَا تَكُونُ عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا جَاهَرَ بِهَا وَأَعْلَنَهَا، وَلَمْ يَسْتَحِ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي إِظْهَارِهَا وَالتَّحَدُّثِ بِهَا، ففي ذلك من المراغمةِ والعنادِ والاستخفافِ والإفسادِ ما يستحقُّ به فاعلُه عقوبةَ اللهِ وسخطَه ونقمتَه وعِقابَه في الدنيا والآخرةِ .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ». متفق عليه.
المجاهرةُ بالمعاصي والرذائلِ والآثامِ تُعدُّ خيانةً من المجاهِر على ستر اللـهِ الذي أَسدَله عليه ، وتحريكٌ لرغبةِ الشرِّ فيمَن أَسمَعَه أو أَشهَدَه ؛ فهما جنايتان انضمَّتْ إلى جنايتهِ الأولى وهي ارتكابُ الذنبِ واقترافُ الخطيئةِ، فتغلَّظتْ معصيتُه بذلك ، فإذا انضافَ إلى ذلك -عباد الله - الترغيبُ للغيرِ في المعصيةِ وحمْلُ الناسِ عليها صارت جنايةً رابعةً وتفاحشَ بذلك الأمر.
المجاهرةُ بالرذيلةِ والمعصيةِ والاستعلانُ بالفاحشةِ والآثامِ جُرْمٌ من أعظمِ الجرائمِ وهو من أنكى ما يكونُ في الإفسادِ في الأرض (إن الله لا يحب المفسدين) .
الْمُجَاهِرُونَ: هُمُ الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهِمْ وَأَظْهَرُوهَا، أَوْ كَشَفُوا مَا سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بِتَحَدُّثِهِمْ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مُلْجِئَةٍ لِلْإِخْبَارِ عَنْهَا، أَوْ بِنَشْرِهَا فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وغيرها .
وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى النَّبِيُّ r الْمُجَاهِرِينَ مِنْ عَافِيَةِ اللهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ، وَكَرِيمِ حِلْمِهِ وَعَفْوِهِ ؛ لِأَنَّ فِي الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْإِعْلَانِ بِالْخَطِيئَةِ:
اسْتِهَانَةً مِنَ الْعَاصِي بِسِتْرِ اللهِ عَلَيْهِ، وَتَبَجُّحًا بِتَعَدِّي حُدُودِهِ، وَاسْتِخْفَافًا بِوَعِيدِهِ، وَفِيهَا ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَادِ لِلَّهِ ولرسوله ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)، وَلِأَنَّ إِظْهَارَ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّحَدُّثَ بِهَا، يُجَرِّئُ النَّاسَ عَلَى فِعْلِهَا، وَيُشَجِّعُهُمْ عَلَى ارْتِكَابِهَا، وَيُغْرِيهِمْ بِالْوُقُوعِ فِيهَا؛ فَيَنْتَشِرُ فِي الْمُجْتَمَعِ الْفَسَادُ،
وَتَشِيعُ الْمُنْكَرَاتُ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ مَنْ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الْفَاحِشَةِ وَشُيُوعَهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
وَفِي الْأَثَرِ: (إِنَّ الْمَعْصِيَةَ إِذَا خَفِيَتْ لَمْ تَضُرَّ إِلَّا صَاحِبَهَا، وَ إِذَا أُعْلِنَتْ فَلَمْ تُغَيَّرْ ضَرَّتِ الْعَامَّةَ) الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِه
وَالْمُظْهِرُ لِلْمَعْصِيَةِ الْمُسْتَعْلِنُ بِالْخَطِيئَةِ: دَاعٍ بِفِعْلِهِ إِلَى ارْتِكَابِهَا ؛ فَيَكُونُ عَلَيْهِ آثَامُ مَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا وَقَلَّدَهُ فِيهَا، زِيَادَةً عَلَى الْإِثْمِ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفِعْلِهَا ، قَالَ r «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». م.
أيها المؤمنون: الْمُجَاهَرَةُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْإِعْلَانُ بِهَا يَتَنَافَى مَعَ خُلُقِ الْحَيَاءِ؛ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللهِ فِي تَوْقِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَلَا حَقَّ خَلْقِهِ فِي الِاسْتِحْيَاءِ مِنْهُمْ وَاحْتِرَامِهِمْ . فعن معاذٍ t: لكلِّ دينٍ خُلقٌ وخلقُ الإسلامِ الحياءُ ، من لا حياءَ له لا دينَ له. ابنُ عبد البرِ .
قَالَ ابن بَطَّالٍ "فِي الْجَهْرِ بِالْمَعْصِيَةِ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ، وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَادِ لَهُمْ، وَفِي السِّتْرِ بِهَا السَّلَامَةُ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ؛ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ تُذِلُّ أَهْلَهَا".
الْمُجَاهَرَةُ بِالْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ وَإِظْهَارُ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ: سَبَبٌ لِنَـزُولِ عَذَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَنِقْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ فَقَدْ قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِلنَّبِيِّ r: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْـخَبَثُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمُرَادُ بالخَبَثِ: الْفُسُوقُ وَالْمَعَاصِي.
وعن حُميدِ بنِ عبد الرحمنِ أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بنَ أبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ علَى المِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِن شَعَرٍ، وكَانَتْ في يَدَيْ حَرَسِيٍّ، فَقالَ: يا أهْلَ المَدِينَةِ، أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟! سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْهَى عن مِثْلِ هذِه، ويقولُ: إنَّما هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ )خ. م
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ tعَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا، إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أَحْمَدُ .
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: (كَانَ يُقَالُ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْـخَاصَّةِ، وَلَكِنْ إِذَا عُمِلَ الْـمُنْكَرُ جِهَارًا اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ كُلُّهُمْ)
عباد الله: الْمُجَاهَرَةُ بِالْفِسْقِ وَالْفَاحِشَةِ سَبَبٌ لِوُقُوعِ الْأَمْرَاضِ الْخَطِيرَةِ الْمُسْتَعْصِيَةِ، وَالْأَوْبِئَةِ الْفَتَّاكَةِ الْمُمِيتَةِ؛ قَالَ r: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ .
أَلَا فَاحْذَرُوا- عِبَادَ اللهِ- مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي وَإِعْلَانِهَا، وَالتَّحَدُّثِ بِهَا وَإِظْهَارِهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَجْلَبَةٌ لِلنِّقَمِ، مَذْهَبَةٌ لِلنِّعَمِ (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) بارك الله...
الخطبة الثّانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ...أَمَّا بَعْدُ:
فاعْلَمُوا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْذَرَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي، وَارْتِكَابِ الذُّنُوبِ الَّتِي تَجْلِبُ غَضَبَ الْجَبَّارِ، وَأَنَّ عَلَيْهِ إِذَا ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُخْفِيَهُ وَلَا يُظْهِرَهُ، وَيَسْتَتِرَ بِسِتْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَكْشِفَ سِتْرَ اللهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْخَلَائِقِ ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالِقِ ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ y: أَنَّ رَسُولَ اللهِ rقَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ فَقَالَ: اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلـَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ؛ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» الْحَاكِمُ .
وَيَنْبَغِي عَلَى النَّاسِ إِذَا رَأَوْا مَعْصِيَةً أَنْ يَسْتُرُوا عَلَى صَاحِبِهَا، وَيَحْرُمَ عَلَيْهِمْ نَشْرُهَا وَالتَّحَدُّثُ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ فِي الْمُؤْمِنِينَ .
ويَنْبَغِي عَلَيْنَا تَذْكِيرُ الْمُجَاهِرِينَ بِأَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) لكن مع الإقلاعِ عن المعاصي والتوبةِ منها .
كَمَا يَلْزَمُ النَّاسَ عَدَمُ السُّكُوتِ عَنِ الْمُجَاهِرِينَ بِالْفِسْقِ وَالْمُجُونِ، الْمُعْلِنِينَ لِقَبَائِحِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، بَلْ عَلَيْهِمْ كَفُّ شَرِّهِمْ عَنِ الْمُجْتَمَعِ بالنُّصْحِ لَهُمْ وَوَعْظِهِمْ،
وَالتَّحْذِيرِ مِنْ ضَرَرِهِمْ وَإفْسَادِهِمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَرْتَدِعُوا رُفِعَ أَمْرُهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ لِلْأَخْذِ عَلَى أَيْدِيهِمْ.
قال شيخُ الإسلامِ "إنَّ المظهِرَ للمُنكرِ يجبُ الإنكارُ عليه علانيةً ولا تبقى له غيبةً، ويجبُ أنْ يُعاقَبَ علانيةً بما يردَعُه عن ذلك ، وينبغي لأهل الخيرِ أن يهجروه ميتًا إذا كان فيه ردْعٌ لأمثالِه، فيتركوا تشييعَ جَنازتِهِ "
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا
المرفقات
1694673329_إلا المجاهرين.pdf
1694673331_إلا المجاهرين.docx