أيامُ ذكرِ اللهِ-2-12-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري

محمد محمد
1443/12/01 - 2022/06/30 15:01PM

أيامُ ذكرِ اللهِ-2-12-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري

(مناسبة للجوال مقاس الخط 40)

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)، وبعدُ:

فعندما أخبرَ النبيُ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-عن فضلِ عشرِ ذي الحِجةِ فقالَ: "ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ، ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ، مِنْ هذِهِ الأيَّامِ العَشرِ"، أوصى أمَّتَه فيها بأمرٍ عظيمٍ مَجيدٍ، فقالَ: "فأكثِروا فيهنَّ من التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ"، وقد يسألُ سائلٌ فيقولُ: ما هو السِّرُ في وصيتِه-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-بذكرِ الله -تعالى-؟ وهو الذي وصفَ اللهُ-سُبحانَه-حُبَّهُ لأمَّتِهِ بقولِه: (حَرِيصٌ عَلَيْكُم، بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).

ربما وصاهم بذكرِ اللهِ لأنَّهُ-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-أرادَ لأمَّتِه أن يزدادوا من الخيراتِ، فأوصاهم بذِكرِ اللهِ الذي يُعينُ على سائرِ العباداتِ، فعندما جاءَ رَجلٌ إلى رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-فقَالَ: "يا رسولَ اللهِ، إنَّ شرائعَ الإسلامِ قدْ كثُرتْ عليَّ، فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به، فقالَ: لا يزالُ لسانُكَ رطبًا من ذكرِ اللهِ"، فَدَلَّهُ عَلى شَيءٍ إذا فَعَلَه هَانَتْ عَليهِ جميعُ العباداتِ، وأَصبَحَ مبادِرًا بالصَّالحاتِ، حريصًا على الخيرِ والطَّاعاتِ.

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ لسهولةِ هذه العبادةِ ويُسرِها على الجميعِ، الصَّغيرِ والكبيرِ، الذَّكرِ والأنثى، العَالمِ والجَاهلِ، الفَارغِ والمشغولِ، المريضِ والصَّحيحِ، الغَنيِّ والفَقيرِ، فذكرُ اللهِ لا يحتاجُ إلى طَهارةٍ، ولا اسَتقبالِ للقِبلةِ، ولا مكانٍ مُخصَّصٍ، ولا زمانٍ محدودٍ، ولا هيأةٍ مُعيَّنةٍ، (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، فكانَ من رحمةِ رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-بأمتِّه أنْ وصاهم بأسهلِ العباداتِ، حتى لا يفوتَ عليهم فَضلُ هذه الأيامِ المُباركاتِ.

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ لأنَّ عشرَ ذي الحِجةِ هي موسمٌ للمسابقةِ إلى الصَّالحاتِ، واللهُ-تعالى-قد وصى عبادَه بقولِه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)، فمن هو السَّابقُ في هذهِ الأيامِ المباركةِ؟ قَالَ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-لأصحابِهِ: "سَبَقَ المُفَرِّدُونَ، قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ"، كلماتٌ يسيراتٌ مُباركاتٌ، يسبقُ بها الصَّالحونَ والصَّالحاتُ، في زَمنِ التَّنافسِ والخيراتِ.

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ لأنَّ العملَ الصَّالحَ في هذه العشرِ هو أحبُّ إلى اللهِ من غيرِها، وذكرُ اللهِ من خيرِ الأعمالِ وأحبِّها إلى اللهِ، قَالَ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٍ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ-الفضةِ-، وخيرٍ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟ قالوا: بَلَى، قال: ذِكْرُ اللهِ".

فلكَ المحامدُ والمدائحُ كُلُّها*

بخَواطِري وجَوانحي ولِساني

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ ليتدربَ العبدِ على الذِّكرِ في هذه الأيامِ، حتى يعتادَ لسانُه هذه العبادةَ على الدَّوامِ، فذكرُ اللهِ-تعالى-هو العلامةُ الفارقةِ بين المؤمنِ والمنافقِ، فالمؤمنُ يذكرُ اللهَ كثيرًا طاعةً للهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، والمنافقُ-إنْ ذكرَ اللهَ-لا يذكرُه إلا قليلًا: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)، فانظرْ إلى حالِك من ذكرِ اللهِ، تَعرفْ قَدرَكَ ومنزلتَكَ عندَ اللهِ.

أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فربما وصاهم النَّبيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-بذكرِ اللهِ في عشرِ ذِي الحِجةِ لأنَّه أرادَ أن يَدُلَّ أمَّتَهُ على شفاءِ القلبِ من الشُّبهاتِ والشَّهواتِ، ووسيلةِ الثَّباتِ على الحقِّ حتى المماتِ، لأنَّ القلبَ يتقلَّبُ أشدَّ من تقلُّبِ القدورِ، ولا يسكنُ ويطمئنُ إلا بذكرِ العزيزِ الغفورِ، قالَ-سبحانَه-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وكم نحتاجُ اليومَ إلى ما تَسكنُ به القلوبُ، وتطمئنُ إلى أقدارِ علَّامِ الغيوبِ.

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ لأنَّه-عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-أرادَ ربطَ أمتِّه بربِّهم-عزَّوجلَّ-، قالَ-تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)، تَذكرُ اللهَ في الأرضِ، فيذكرُك في السَّماءِ، قالَ اللهُ-تعالى-في الحديثِ القُدسيِّ: "وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ"، يقولُ يَحيى بنُ مُعاذٍ الرازي-رحمه اللهُ تعالى-: "يا غَفولُ يا جَهولُ، لو سَمعتَ صَريرَ الأقلامِ في اللَّوحِ المحفوظِ وهيَ تَكتبُ اسمَكَ عِندَ ذِكرِكَ مَولاكَ، لمِتَّ شَوقًا إلى مَولاكَ".

واذكُرْهُ يذكُرْكَ واستغفِرْهُ من زَللٍ*

واشكُرْ يزدْكَ من الخَيراتِ والنِّعَمِ

وربما وصاهم بذكرِ اللهِ لأنَّ كثرةَ الذِّكرِ في الرَّخاءِ، سببٌ لاستجابةِ الدُّعاءِ في البلاءِ، قال-تعالى-عن يونسَ-عليه السلامُ-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ*لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).

فُزْ بالثَّـوابِ ووافِـرِ الحسـناتِ*

بيسيرِ ذِكرٍ واغنَمِ اللحـظَـــاتِ

سبِّحْ بحمدِ اللهِ واستغفرْ وتُبْ*

وعلى النبـيِّ فأكثِـرِ الصَّــلواتِ

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنَّا من الظالمينَ، أسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى.

اللهمَّ اجعلنا من الذَّاكِرِينَ لك كَثِيرًا، واجعلْ ذِكرَكَ أَحَبُّ إلينا من المَاءِ البَاردِ عَلى الظَّمأِ.

يا مصرفَ القلوبِ ثبتْ قلوبنا على دينِك وطاعتِك.

اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّي أسألك لي وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، وأَسْأَلُكَ لي ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، والدينِ والأهلِ والمالِ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيلُ لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ والظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ.

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ اللهِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1656607752_أيامُ ذكرِ اللهِ-2-12-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx

1656607756_أيامُ ذكرِ اللهِ-2-12-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf

المشاهدات 1153 | التعليقات 0