أَبْرَصٌ وأقرعٌ وأَعْمى

عبدالعزيز بن محمد
1446/05/26 - 2024/11/28 13:39PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: الحيَاةُ مُعْتَرَكُ ابْتِلاءٍ. وسَاحَةُ امْتِحانٍ، ودارُ عَمَل. كُلُّ سَبِيْلٍ يَسْلُكُهُ المرءُ في هَذِهِ الحَيَاةِ، فَإِنَّما يَكْمُنُ لَهُ فيهِ ابتِلاءٌ. ابْتِلاءٌ بِشِدَّةٍ تُوجِبُ صَبْراً، أَو ابْتِلاءٌ بِنِعْمَةٍ تُوجِبُ شُكْراً.  وهَلْ للعَبْدَ مَنْزِلَةٌ بَيْن هاتَيْنِ المَنْزِلَتَيْن؟!  وهَلْ لَهُ سَبِيْلٌ دُونَ هذَيْنِ السَّبِيْلَيْن؟ {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}

فِتْنَةُ الشِّدَةِ مُؤْلِمَةٌ، ولَولا البَلاءُ لَما امْتَازَ الأَصْفِياءُ. ابْتِلاءُ الشِّدَةِ، أَنْ يُنْزِلَ اللهُ بِعَبْدِهِ شَيْئاَ مِنْ أَقْدارِهِ المُؤْلِمَةِ التي يَكْرَهُ العَبْدُ نُزُولها. كَحُلُولِ خَوْفٍ، أَو كَنَقْصِ مالٍ، أَو كضَعْفِ حَالٍ، أَو كَشِقاقِ زَوجٍ، أَو كَمَوتِ خِلٍّ، أَو كَحِرْمانِ وَلَد، أَو كَتَسَلُّطِ ظالِمٍ، أَو كَتتابُعِ آلامٍ، أَو كَكَسادِ تِجارةً، أَو نَحوِها ذلِكَ المَكارِه التي تُنَغِّصُ على الإِنْسانِ هَناءَهُ وصَفاءَه.  

ونَوازِلُ البَلاءِ تُقَابَلُ بِجَمِيْلِ الصَّبر. والصَبْرُ أَكْرَمُ ما أَقَامَ عَلِيْهِ السَّائِرُون {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}

وفي التَّرْمِذِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ عِظمَ الجزاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاءِ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهُمْ، فمَن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ).

ذَلِكُمْ هُو ابْتِلاءُ الشِّدَةِ. وابْتِلاءُ الشِّدَةِ أَمْرُهُ لا يَخْفَى. وإِنَّما ابْتِلاءُ الرَخاءِ ذَاكَ الخَفِيُّ، ابْتِلاءُ الرَّخاءِ ذَاكَ العَسِيْرُ.  ابْتِلاءٌ بِصِحَّةٍ وافِرَةٍ، وحَياةٍ آمِنَةٍ، وعَيْشٍ رَغِيْد، 

ابْتِلاءٌ بِمالٍ مَمْدُودٍ، وعَطاءٍ مُتَوالٍ، وَبَنِيْنَ شُهُود. ابْتِلاءٌ بِفَيْضٍ مِن النِّعَمِ لا تُحْصَى.  

وتِلْكَ النِعَمُ للعَبْدِ ابْتِلاءٌ، فَإِنْ هُوَ قَابَلَها بالشُّكْرِ أَفْلَحْ، وإِنْ هُو قَابَلَها بالكُفْرانِ هَلَك.  إِنْ صَيَّرَ النِّعَمَ مَرْكَباً لِتَحْقِيْقِ العُبُودِيَةِ للهِ، يَتَكِئُ على النِعَمِ لِيَنْهَضَ إِلى القِيامِ بأَمْرِ اللهِ. فَذاكَ الشَّاكِرُ الوَفِيّ.

وإِن صَيَّرَ النِّعَمَ مَرْكَباً للهَو والغَفْلَةِ والجُحودِ والإِعراضِ. يَتَكِئُ عَلى النِعَمِ لِيَنْهَضَ إِلى مُخالَفِةِ أَمْرِ اللهِ، وَيَعْتَمِدُ عليها لِيَقُومَ بِمَعْصِيَةِ اللهِ. فَذاكَ الخاسِرُ الشَّقِي {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}

الابْتِلاءُ بالشِّدَةِ والضَّرَّاءِ، أَظْهَرُ مِن الابْتِلاءِ بالنِّعْمَةِ والسَّرَّاء. فَفِي الضَّرَّاءِ يُدْرِكُ  الْعَبْدُ مَابِهِ مِنْ بَلاءٍ ونَصَبٍ وفَاقَةٍ، فَيُنِيْبُ المُوَفَّقُ إِلى رَبِهِ، ويَتَوَجَّهُ إِلى خالِقِهِ، يَسْتَمِدُّ مِنْهُ العَونَ والعَافِيَةَ، ويَسْأَلُهُ على البَلاءِ حُسْنَ الجَزاءَ.

وأَما الابْتِلاءُ بالسَّرَّاءِ فَهُو ابْتِلاءٌ تَغِيْبُ فيهِ أَكْثَرُ العُقُولِ عَنْ رُشْدِها، وتَزِيْغُ فيه أَكْثَرُ القُلُوبِ عَنْ فِطْرَتِها، ويُعْرِضُ فيهِ أَكْثَرُ العالَمِيْن خَالِقِهِم.  يَنْغَمِسُونَ في النِّعَمِ فَيَطُولُ بِهِمُ الإِعْرَاضُ، ويَتَقَلَّبُونَ في العَطاءِ فَيَمْتَدُّ بِهِمُ الصُّدُود {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ} إِنَّ الابْتِلاءَ بِالسَّراءِ ابْتِلاءٌ مُخِيْفٌ، قَلَّ مَنْ يَنْجَوَ فيه.

دَعَا دَاعٍ رَبَّهُ وَعَاهَدَهُ {..لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} 

وفي خَبَرِ الأَبْرَصِ، وَالأَقْرَعِ، وَالأَعْمَى عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَر. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ: أبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَليَهُمْ، فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَونًا حَسنًا. فَقَالَ: فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ؟ قَالَ: الإِبلُ، فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَاركَ الله لَكَ فِيهَا.  فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعرًا حَسَنًا. قالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: البَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقالَ: بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا.  فَأَتَى الأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: الغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً والدًا، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ.

ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ــ أَي أَتاهُ في صُورَةِ أَبْرَصٍ تُشابِهُ صُورَةَ الرَّجُلِ قَبْل أَنْ يَبْرأَ مِنْ بَرَصِه ــ  فَقَالَ: رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري، فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أَعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ، والجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَالَ،  بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري، فَقَالَ: الحُقُوقُ كثِيرةٌ. فَقَالَ: كأنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فقيرًا فأعْطَاكَ اللهُ!؟  فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ.

وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ.

وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ،   شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري؟ فَقَالَ ــ الرَّجُلُ ــ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ عز وجل.  ــ أَيْ: لا أُطالِبُكَ بِرَدِّ شَيءٍ أَخَذْتَهُ اليَومَ، وإِنَّما أَهُبُهُ لكَ لأَجْلِ الله ــ فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: أَمْسِكْ مالَكَ، فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ. فَقَدْ رضي الله عنك، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ

{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نزعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}

بارك الله لي ولكم..

 

الخطبة الثانية

 

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً  أما بعد:  فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}

أيها المسلمون : مَنْ أَدْرَكَ حَقِيْقَةَ الحَيَاةِ، عَلِمَ أَنَّهُ لا مَنَاصَ لِلْعَبْدِ مِنْ ابْتِلاءٍ. فإِما مُبْتَلى بالسَّراءِ، وإِما مُبْتَلىً بالضَّراءِ، وإِما مُبْتَلىً بِهما في زَمانٍ واحِدٍ. ولا يَنْفَكُّ العَبْدُ في حَياتِهِ لَحْظَةً واحِدَةً عَنْ ابْتِلاءٍ.  فَهُو أَمامَ نِعَمِ السَّراءِ مَأَمُورٌ بِعَمَلِ الشَّاكِرِيْن،  وأَمامَ ابْتِلاءِ الضَّراءِ، مَأَمُورٌ بَعَمَلِ الصَّابِرِيْن {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}

وأَعْظَمُ ما يُعِيْنُ العَبْدَ عَلى سُلُوكِ سَبِيْلِ الشَّاكِرِيْن، إِدامَةُ نَظَرِهِ فيما هُوَ فيهِ مِن نِعَمٍ يَعْلُو بَعْضُها بَعْضاً. ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ ضَعْفَهُ أَمامَها، وأَنَّهُ إِنَّما أَدْرَكَها بِمَحْضِ فَضْلِ رَبِّ العَالَمِيْن. ومَنْ لَمْ يُشاهِدِ نِعَمَ اللهِ عليهِ، فَلَنْ يَسْعَى لِشُكْرِها، ولَنْ تَتَوالى زيادَةُ اللهِ إِليه، والزِّيادَةُ مِنَ اللهِ وَعْدٌ مِنْهُ للشَّاكِرِيْن {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}

وإِنَّ أُمَةً ابْتَلاها اللهُ بنِعْمَةِ السَّراءِ، وأَمَدَّها بِعَيْشِ الرَّخاءِ، وكَرَّمَها بَرَغِدِ العَيْشِ، بَيْنَ أُمَمٍ حَوْلَها، تَتَوالى عَلِيْهمُ البَلايا، وَتَتَتابَعُ عَلِيهمُ والرَّزايا. وتَفْتِكُ بِهِمْ الآفاتُ والمَجاعاتُ والمَخاوِفُ وَالْـحُرُوب.  لَهِيَ أُمَةٌ تُوَاجِهُ ابْتِلاءً مِنَ اللهِ بِحَقٍ. يَجِبُ عَلِيْها أَنْ تَسْلُكَ سَبِيْلَ الشَّاكِرِيْن.

وسَبِيْلُ الشَّاكِرِيْنَ اسْتِمْسَاكٌ بِعُرَى الدِيْن، واسْتِجابَةٌ لِرَبِّ العَالِمِيْن، انْكِفافُ عَنِ المُحَرَّمات، وقَيامٌ بالواجِباتِ، وصَلاحٌ وإِصْلاح، ودَعْوَةٌ إِلى دَرْبِ الفَلاح، إِقامَةُ لِلصَّلاةِ وإِيتاءٌ للزَّكاة، وَأَمْرٌ بالمعَرُوفِ ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ. ورَدٌّ للمَظالِمِ وأداءٌ للحُقُوق. بِذَلِكَ تُحْمَى النِعَمُ، وتَدْفَعُ النِقَمُ، وتَتَوَالى مِنَ اللهِ الهِباتُ. {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}  شُكْرُ النِعَمِ: إِقرارٌ بالقَلِبِ، واعْتِرافُ باللسَانِ، واسْتِجابَةٌ بالجَوارِحِ والأَرْكان.  أَصْدَقُ الشُّكْرِ ما صَدَّقَهُ حُسْنُ العَمَل {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}  اللهم طهر قلوبنا.. وأصلح سرائرنا ..

المرفقات

1732790369_أبرص وأقرع وأعمى.docx

المشاهدات 319 | التعليقات 0