آفة الكسل !
يوسف العوض
الخطبة الأولى
عباد الله : سببُ النَّجاحِ تَـرْكُ التَّواني، ودواعي الحِرْمَانِ الكَسَلُ؛ لأنَّ الكَسَلَ عدوُّ المروءةِ، وعذابٌ على الفُتُوَّةِ، ومِن التَّواني والعَجْزِ أُنتجت الهلكةُ ، والكسلُ من أكبرِ العوائقِ التي تعيقُ الإنسانَ عن النجاحِ والفوزِ في الدنيا والآخرةِ ، ومن أفتك الأمراضِ التي تصيبُ النفسَ وتضعفُ العزمَ وتعيقُ عن الإقدامِ على النافعِ من الأعمالِ ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثرُ من التعوذَ منه أَنَّه كَانَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ ..".
عبادَ اللهِ : يقول الله حاكياً عن حالِ الكسالى المنافقين : " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً " ، وقال تعالى : " وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ" يقول الإمامُ البغويُّ: " وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى " أي متثاقلون؛ لأنَّهم لا يرجون على أدائها ثوابًا، ولا يخافون على تركها عقابًا " .
عباد الله :ويقولُ النَّبي صلى الله عليه وسلم : (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طيب النَّفس وَإِلَّا أصبح خَبِيث النَّفس كسلانَ " قال الإمامُ النَّوويُّ : "وقوله صلى الله عليه وسلم -وإلَّا أصبح خبيث النَّفس كسلانَ- معناه: لما عليه مِن عُقَدِ الشَّيطانِ وآثارِ تثبيطهِ واستيلائهِ مع أنَّه لم يزلْ ذلك عنه، وظاهرُ الحديثِ أنَّ مَن لم يجمع بين الأمورِ الثَّلاثةِ -وهي الذِّكرُ والوضوءُ والصَّلاةُ - فهو داخلٌ فيمن يصبحُ خبيثَ النَّفسِ كسلانَ" .
عباد الله : من مظاهر الكسل في واقعنا :
1- كثرةُ النَّومِ.
2- التَّثاقُلُ في أداءِ الفرائِضِ والواجِباتِ، ومِنها النَّومُ عن صَلاةِ الفجرِ.
3- التَّكاسُلُ عن أداءِ السُّنَنِ والنَّوافِلِ.
4- التَّكاسُلُ في الوظيفةِ والعَمَلِ عن أداءِ الواجِباتِ.
5- البَطالةُ والاتِّكالُ على الغَيرِ في أُمورِ المَعيشةِ.
6- التَّكاسُلُ في الدِّراسةِ والتَّعَلُّمِ والمُذاكَرةِ والمُطالعةِ.
7- تَكاسُلُ المَرءِ عن تَنميةِ مَهاراتِه وتَطويرِ نَفسِه.
8- التَّكاسُلُ عن إصلاحِ النَّفسِ ومُعالجةِ آفاتِها.
9- تَضييعُ الأوقاتِ فيما لا فائِدةَ فيه.
10-عَدَمُ الشُّعورِ بالمَسؤوليَّةِ مِن مَظاهرِ الكَسَلِ والفُتورِ.
ولذلك يقول الإمامُ ابنُ القَيِّمِ : " وأمَّا الكَسَلُ فيتَولَّدُ عنه الإضاعةُ والتَّفريطُ والحِرمانُ وأشَدُّ النَّدامةُ "ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ..
الخطبة الثانية
عبادَ اللهِ : كيف يتخلصُ المسلمُ من داءِ الكسلِ؟!
دونكم بعضٌ من الوسائلِ المعينةِ:
1- اللُّجوءُ إلى اللهِ بالدعاءِ والاستعاذةِ، كما ورد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك مِن العَجْز والكَسَل).
2- اتِّباعُ الوسطيَّةِ: فإنَّ الوسطيَّة منهج حياة، لذا وُصِفَت بها الأمَّة، قال تعالى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا " وذُمَّ المتشدِّدون كما في حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون).
3- المسارعةُ إلى الخيراتِ والمسابقةُ إليها، وقد أثنى الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين الذين يسارعون في الخيراتِ، وأمرَ بالمسابقةِ والمسارعةِ، وقال سبحانه : " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ " وأثنى على الأنبياءِ فقال: " إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " .
4- التعودُ في بعضِ النَّهارِ على المشي والحركةِ والرِّياضةِ حتى لا يغلبَ عليه الكَسَلُ ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ. احْرِصْ على ما يَنفعُكَ، واسْتَعنْ باللهِ ولا تَعجزْ".
المرفقات
1724301334_الكسل.docx