يوم التأسيس - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2025-02-22 - 1446/08/23
التصنيفات:

اقتباس

فبالإيمان والتوحيد وإقامة الشريعة، ثم بالسمع والطاعة لولي الأمر، ثم بالعدل والقسط، ثم بالاتحاد والوحدة... تدوم النعمة ويكثر الخير، ونظل نحتفل بيوم التأسيس السعيد عامًا بعد عام وجيلًا بعد جيل وقرنًا بعد قرن...

داعية وقائد؛ إذا جمع الله -تعالى- بين داعية فقيه مخلص، وبين قائد مسدد جسور، فقد أذن الله -عز وجل- لدولة رشيدة شديدة الأركان مرفوعة العماد أن تقوم وتتأسس... وقد جمع الله -تعالى- في شبه الجزيرة العربية ذلك القائد مع ذاك الداعية فأنتج -تعالى- من لقائهما بذرة المملكة العربية السعودية، حفظها الله ورعاها وبلاد المسلمين أجمعين.

 

وصدق من قال: "رجل ذو همة يحيي الله به أمة"؛ ففي عام: 1139 من الهجرة النبوية، الموافق لعام: 1727ميلادية، أذن الله -عز وجل- بالتقاء الداعية الخريت والعالم المخلص محمد بن عبد الوهاب مع القائد المظفر الإمام محمد بن سعود -رحمهما الله- لتقوم وتنشأ وتتأسس بلقائهما الدولة السعودية الأولى، دولة الحرمين الشريفين.

 

وإن القلب ليمتلئ بهجة وحبورًا وفرحًا وسرورًا في يوم ذكرى تأسيسها، وكيف لا نفرح بتأسيس دولة ما قامت إلا على الهدى والحق والصلاح والإصلاح! كيف لا نفرح بتأسيس دولة ما أسست إلا على التوحيد الصافي الخالص من كل شائبة! (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 58].

 

إنك إذا تأملت في ذلك التأسيس لتلك الدولة الشريفة التي قامت على التقوى لتتذكر به تلك الدولة الإسلامية الأولى التي قامت في المدينة المنورة على الإيمان والتوحيد والتقوى، قامت المملكة العربية السعودية فأزال الله -عز وجل- بها سحائب الشرك التي خيمت على شبه الجزيرة العربية حينًا من الدهر، فهُدمت الأضرحة التي كانت تُقصد من بعيد وتقام حولها أنواع من المعاصي والشركيات... ووُحِّدت القبائل العربية التي كانت متناحرة متقاتلة متفرقة متشرذمة... وصارت دولة موحدة قوية شعارها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، دولة تتبرأ من كل ما يخل بالتوحيد، وتعود بجذورها عميقًا إلى المنبع الصافي الزلال؛ منبع القرآن والسنة بفهم سلف الأمة -رضي الله عنهـم أجمعين-... دولة تحتضن الحرمين الشريفين في مكة والمدينة وتقوم على خدمتهما حتى لقد سُمي قائدها وملكها: "خادم الحرمين الشريفين"... فهي دولة حري أن يبارك الله -تعالى- فيها وفي أهلها: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج: 41].

 

***

 

نعم؛ بهذا القيام على التقوى، وبهذا التأسيس على التوحيد الخالص يُبارك في القرى والدول ويوسَّع عليها في أرزاقها: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الأعراف: 96]، وفي المقابل يُمحق ويزول كل ما قام على غير ذلك من الترهات والأباطيل: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[التوبة: 109].

 

وذلك هو العامل الأساسي الحاسم في قيام الأمم والدول وانهيارها؛ فمن أقاموا دين الله -تعالى- على أرضهم أقام الله -عز وجل- لهم دولتهم، ومن جحدوا دين الله وتنكروا له وأداروا له ظهورهم أدار الله -تعالى- عليهم الدوائر حتى يمحقهم محقًا، ولنا فيما حدث لبني إسرائيل حين اتخذوا دينهم وراءهم ظهريًا العظة والعبرة: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)[الأعراف: 165-166]، وذلك العذاب والخراب هو سنة الله الجارية على كل أمة تنكرت لدين ربها: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هود: 102].

 

وعامل آخر من عوامل قيام الدول وهو: العدل، فمن أول أيام قيام المملكة العربية السعودية رفعت راية القسط والعدل، ونفت عن الناس الجور والظلم، ممتثلة لأمر ربها: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)[النساء: 165].

 

ولقد تحقق في قيام مملكتنا السعودية ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قائلًا: "ولهذا قيل: "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة"، ويقال: "الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام""(الاستقامة، لابن تيمية).

 

وبالعدل -بعد التوحيد والإيمان والتقوى- وسَّع الله -عز وجل- على المملكة بالرزق الغزير الرغيد، فتفجرت من تحت أقدامهم آبار الذهب الأسود؛ ذاك هو النفط الذي جعله الله -تعالى- سببًا في رخائها، وقد قيل أنه "وجد في خزائن بني أمية حبة حنطة مثل نواة التمرة في صرة مكتوب عليها: هذا كان ينبت في زمن العدل"... ثم إن عوامل قيام الدول بعد ذلك كثيرة.

 

***

 

ولقد استمرت هذه الدولة الفتية القوية لأكثر من ثلاثة قرون كاملة بل يزيد، وما استمرت إلا بفضل الله -تعالى- ورحمته ومنته وهداه، بارك الله في مملكتنا لأنها رفعت راية دينه وحكَّمت الشريعة الإسلامية في كل شئون حياتها ووقفت عند حدود الله -عز وجل-، وكذلك لن يستمر خيرها وبركتها ويدوم إلا بهذا.

 

نعم، إلا بهذا ثم بالاتحاد بين جميع أهل هذا البلد الكريم الذي يحوي الحرمين الشريفين، ولقد أنذر القرآن الكريم من تفرقوا وتنازعوا بالضعف والذلة والمهانة بعد العزة: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 46].

 

نعم، ولن تدوم على أهل المملكة النعمة إلا بالوقوف صفًا واحدًا خلف قيادتها الراشدة التي تقودها بكتاب الله -تعالى-، ففي صحيح مسلم: "إن أمر عليكم عبد مجدع.. أسود، يقودكم بكتاب الله -تعالى-، فاسمعوا له وأطيعوا"، وفي لفظ لابن ماجه: "إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع، فاسمعوا له وأطيعوا، ما قادكم بكتاب الله".

 

فبالإيمان والتوحيد وإقامة الشريعة، ثم بالسمع والطاعة لولي الأمر، ثم بالعدل والقسط، ثم بالاتحاد والوحدة... تدوم النعمة ويكثر الخير، ونظل نحتفل بيوم التأسيس السعيد عامًا بعد عام وجيلًا بعد جيل وقرنًا بعد قرن... يؤازرني ويؤيدني في هذا الأمر خطباؤنا الكرام، وهذي بعض خطبهم:

 

يوم التأسيس - الشيخ هلال الهاجري.

 

 

يوم التأسيس - حسين بن حمزة حسين.

 

 

يَوْمُ التَّأْسِيس: دَعْوَةٌ لِلأُلْفَةِ وَاللُّحْمَةِ - أ.د عبدالله الطيار.

 

 

القول النفيس في ذكرى يوم التأسيس  - محمد بن سليمان المهوس.

 

 

تأسيس وطن - الشيخ هلال الهاجري.

 

 

دولة وتأسيس على منهاج الكتاب والسنة

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات