عناصر الخطبة
1/ صفة الميزان وبيان أنه ميزان حقيقي 2/ ماذا أعددنا للميزان؟! 3/ ميزان دقيق يزن الصغيرة والكبيرة 4/ اختلاف أهل العلم في الموزون بالميزان 5/ أعمال تثقل الميزاناقتباس
فلنسأل أنفسنا: ماذا أعددنا لهذا المشهد الرهيب والميزان الدقيق؟! وماذا معنا من الأعمال التي ستوزن فيه؟! هل هي أعمال صالحة تُثقّل موازيننا، وترفع رؤوسنا يوم القيامة، أم أنها أعمال سيئة تهوي بنا، وترجح كفة الشر على كفة الخير في ميزاننا، نسأل الله السلامة والعافية، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ)، ويقول -سبحانه وتعالى- في سورة القارعة: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ).
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي وضع الميزان، وجعل الوزن يوم القيامة هو الحق والعدل، الحمد لله الأول والآخر، الحمد لله الظاهر والباطن.
الحمد لله الذي أرسل لنا رسولنا ونبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- سراجًا منيرًا، وهاديًا وبشيرًا، الحمد لله ما حيينا وإذا متنا، وإذا من القبور بُعثنا، وإذا إلى موعد الحساب سُقْنا، وإذا عند الميزان وُزِنَّا، الحمد لله الرحيم الودود، الغفور الشكور، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.
عباد الله: يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47].
يخبرنا الله في هذه الآية عن الميزان العدل، الذي توزن به أعمال العباد يوم القيامة، والميزان حق، ونؤمن به، ونستيقن بوجوده وثبوته، ومن كذّب به فهو قطعًا مكذِّبٌ للقرآن ولسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، حيث جاء في الحديث وصف الميزان بأن له لسانًا وكِفتين، وهذا يدل على أنه ميزان حقيقي حسي مشاهد، وليس المقصود به -كما يقول بعض الضُّلال- العدل والمساواة لا الحقيقة، فهذا تأويل فاسد غير صحيح، والصحيح الذي عليه منهج أهل السنة والجماعة أنه ميزان حقيقي، ولكن لا يعلم كيفيته وطبيعته وحقيقته إلا الله -سبحانه وتعالى-.
ويكون الميزان بعد انقضاء الحساب؛ لأن الحساب يكون لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها، ليكون الجزاء بحسبها، ولذلك قال الله: (فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)، بعد أن قال: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [الأنبياء: 47].
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوزنهما، فإذا رأته الملائكة قالت: يا رب: لمن يزن هذا؟! قال: لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
فهذا حديث عظيم، يدل على عظمة الميزان وسعته، فلو وزنت فيه السماوات والأرض لوزنها، بل حينما رأته الملائكة وقفت وتساءلت، فقالت: يا رب: لمن يزن هذا؟! فيقول الله: لمن شئت من خلقي، فتعترف الملائكة بضعفها وتقصيرها فيقولون: "سبحانك ما عبدناك حق عبادتك". السلسلة الصحيحة (941).
فلنسأل أنفسنا: ماذا أعددنا لهذا المشهد الرهيب والميزان الدقيق؟! وماذا معنا من الأعمال التي ستوزن فيه؟! هل هي أعمال صالحة تُثقّل موازيننا، وترفع رؤوسنا يوم القيامة، أم أنها أعمال سيئة تهوي بنا، وترجح كفة الشر على كفة الخير في ميزاننا، نسأل الله السلامة والعافية، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) [الأعراف:8-9]، ويقول -سبحانه وتعالى- في سورة القارعة: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ) [القارعة:6-10].
إنه ميزان دقيق جدًّا، يزن كل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة، ولو كان مثقال ذرة، وكيف لا يكون دقيقًا وواضعه هو أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين -سبحانه وتعالى-، يقول الله -جل جلاله وعز كماله-: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47]، ويقول: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : 7-8].
إذا كان الناس اليوم يعرفون أن أدق ميزان هو ميزان الذهب، فإن ميزان القيامة هو أدق الموازين، فهل وقفنا مع أنفسنا وقفة نراجع فيها أعمالنا التي ستوزن في موازيننا؟! وهل علمنا علم اليقين أن خيرنا وشرنا وصالح أعمالنا وسيئها كل ذلك سيوضع في هذا الميزان الدقيق الجليل الذي ينصبه رب العالمين -جل جلاله سبحانه وتعالى- فلا تظلم نفس شيئًا؟!
إنه موقف صعب في يوم صعب، وعقبة كؤود في يوم عسير، ولهذا كان من رحمة الله بهذه الأمة أن جعل رسولها -صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي -عليه الصلاة والسلام- يحضر هذا الموقف الشديد الذي تمر به أمته عند وزن الأعمال، ويكون حاضرًا عندهم عند هذا الموقف العظيم، من مواقف ذلك اليوم العظيم، يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: "أنا فاعل"، فقلت: يا رسول الله: فأين أطلبك؟! قال: "اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط"، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟! قال: "فاطلبني عند الميزان"، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟! قال: "فاطلبني عند الحوض، فإني لا أُخطئ هذه الثلاث المواطن". رواه أحمد (12848).
عباد الله: اختلف أهل العلم في الشيء الذي يوزن في هذا الميزان، يعني في الشيء الموزون، فقال بعضهم: إن الذي يوزن هي الأعمال نفسها، وقال بعض أهل العلم: إن الذي يوزن هو العامل نفسه، وقال آخرون: إن الذي يوزن إنما هي صحائف الأعمال.
ولعل الحق والصحيح أن الذي يوزن هي هذه الثلاث كلها: الأعمال، والعامل، وصحائف الأعمال، وهذا ما دلّت عليه النصوص من الكتاب والسنة أن كل واحد من هذه الثلاثة يوزن، فيكون مقتضى الجمع بين هذه النصوص إثبات الوزن للثلاثة المذكورة جميعها، يقول الشيخ حافظ حكمي -رحمه الله-: "والذي استظهر من النصوص -والله أعلم- أن العامل وعمله وصحيفة عمله، كل ذلك يوزن؛ لأن الأحاديث التي في بيان القرآن، قد وردت في كل ذلك، ولا منافاة بينها".
ويدل كذلك ما رواه أحمد -رحمه الله تعالى- عن عبد الله بن عمرو في قصة صاحب البطاقة بلفظ: قال: قال رسول الله: "توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل، فيوضع في كفة، ويوضع ما أحصي عليه، فيميل به الميزان". قال: "فيبعث به إلى النار".
قال: "فإذا أدبر، إذا صائح من عند الرحمن -عز وجل- يقول: لا تعجلوا؛ فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله، فتوضع مع الرجل في كفة، حتى يميل به الميزان".
فهذا يدل على أن العبد يوضع هو وحسناته وصحيفتها في كفة، وسيئاته مع صحيفتها في الكفة الأخرى، وهذا غاية الجمع بين ما تفرق ذكره في سائر أحاديث الوزن، ولله الحمد والمنة". انتهى كلامه -رحمه الله-.
فلنعد -أيها المسلمون- للميزان أعمالاً صالحة، ولنكثر من عمل الصالحات التي تبيض صحائف أعمالنا، ولنكفَّ عن المعاصي والسيئات، فإن موازين القيامة تثقل بالطاعات فيسعد صاحبها، وتخف بالأعمال السيئة فيهلك صاحبها، وذلك هو الخسران المبين، تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-: "ذكرت النار فبكيت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يبكيك؟!" قلت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟! فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: عند الميزان، حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز".
فلنحذر ذنوبنا حتى لا تخذلنا عندما توزن أعمالنا، يقول الله -بحانه وتعالى- (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [النور:39]، ويقول سبحانه: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف:105].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات، والعظات، والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من جميع الذنوب والخطايا، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: اعلموا أن أعظم الأعمال الصالحة التي تثقّل الميزان يوم القيامة هي كلمة التوحيد، وشهادة الحق، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ففي الحديث المشهور بحديث البطاقة، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟! أظلمك كتبتي الحافظون؟! فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر؟! فيقول: لا يا رب، فيقول الله تعالى: بلى، إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: أحضر وزنك، فيقول: يا رب: ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقول: فإنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء". جامع الأصول (7981).
فهل حققنا التوحيد حقًّا، وشهدنا شهادة الحق بألسنتنا، وصدقنا ذلك بقلوبنا، وعملنا لذلك بجوارحنا وأركاننا؟!
كذلك من الأعمال العظيمة: التي تكون ثقيلة في الميزان قول: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، يقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-، في الحديث الصحيح المشهور: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
فهاتان كلمتان سهلتان، وخفيفتان، وهما عند الله عظيمتان، وفي الميزان ثقيلتان، فما الذي يمنعنا من قولهما دائمًا، وذكر الله -سبحانه وتعالى- بهما في كل وقت وحين، حتى ونحن نسير في طريقنا، أو نعمل في أعمالنا، فمن استشعر "ثقيلتان في الميزان"، وأعد للميزان عدته، فإن لسانه سيصبح رطبًا بذكر هاتين الجملتين الطيبتين: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
وكذلك الإكثار من "الحمد لله"، والاعتراف له بالنعمة والفضل، فإنه من أعظم ما يثقل الميزان، ففي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض". مسلم (223).
أيها الناس: ومن الأعمال التي ترفع الميزان وتثقّله يوم القيامة: حسن الخلق، والعشرة الحسنة مع الناس، وهذا ما دلّت عليه كثير من النصوص الشرعية، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من حسن الخلق". وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء". مشكاة المصابيح (5081 ).
ومما ورد ذكره مما يُثقل الميزان أيضًا: الإنفاق في سبيل الله، وإمداد المجاهدين بالعدة والعتاد، فقد روى البخاري -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من احتبس فرسًا في سبيل الله، إيمانًا بالله، وتصديقًا بوعده، كان شبعه وريه، وروثه، وبوله، حسنات في ميزانه يوم القيامة".
أيها الناس: إن الميزان عظيم، وأمره ليس بالأمر اليسير، ولن ينفعنا في تلك الساعة الحرجة إلا أعمالنا الصالحة التي عملناها في هذه الحياة الدنيا، فالعباد يوزنون في الميزان فيثقلون فيه أو يخفون بقدر إيمانهم، لا بقدر ضخامتهم وأجسامهم، ففي صحيح البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة"، وقال: اقرؤوا: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف:105]، فالوزن إذًا يكون بقدر الإيمان، والعمل الصالح، لا بقدر الأجسام، والضخامة، والشهادات الدنيوية.
وفي الأخير: أيها المسلمون: أود الإشارة إلى مسألة مهمة جدًّا، تتعلق بموضوعنا هذا، وهي مسألة أصحاب الأعراف: وأحب أن أنقل لكم كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ذلك، فيقول: "الناس إذا كان يوم القيامة انقسموا إلى ثلاثة أقسام: قسم ترجح حسناتهم على سيئاتهم، فهؤلاء لا يعذبون ويدخلون الجنة، وقسم آخر ترجح سيئاتهم على حسناتهم، فهؤلاء مستحقون للعذاب بقدر سيئاتهم ثم ينجون إلى الجنة، وقسم ثالث سيئاتهم وحسناتهم سواء، فهؤلاء هم أهل الأعراف، ليسوا من أهل الجنة، ولا من أهل النار، بل هم في مكان برزخٍ عالٍ مرتفع يرون النار ويرون الجنة، يبقون فيه ما شاء الله، وفي النهاية يدخلون الجنة، وهذا من تمام عدل الله -سبحانه وتعالى- أن أعطى كل إنسان ما يستحق، فمن ترجحت حسناته فهو من أهل الجنة، ومن ترجحت سيئاته عذب في النار إلى ما شاء الله، ومن كانت حسناته وسيئاته متساوية فهو من أهل الأعراف، لكنها -أي الأعراف- ليست مستقرًا دائمًا، وإنما المستقر: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، جعلني الله وإياكم من أهل الجنة". لقاءات الباب المفتوح (1/408).
فاتقوا الله -عباد الله-، وثَقِّلوا بالصالحات كفة الحسنات، عسى إن نحن فعلنا ذلك أن ترجح حسناتنا على سيئاتنا.
اللهم ثقِّل موازيننا بالأعمال الصالحة والحسنات الراجحة.
اللهم تقبل منا صالح أعمالنا، وثقّل لنا موازيننا، ولا تضرب بها وجوهنا، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
اللهم إنا نسألك أن تشرح صدورنا، وتنوّر قلوبنا، وتثقل يوم الموازين موازيننا.
اللهم يا سامع الصوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحمًا بعد الموت: يمِّن كتابنا، ويسِّر حسابنا، وثقِّل موازيننا، وحقِّق إيماننا، وثبِّت على الصراط أقدامنا، وأقرّ برؤيتك يوم القيامة عيوننا، واجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أيامنا يوم لقاك، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
اللهم ثبتنا على دينك، وزدنا من هداك، وارزقنا الاستقامة على طاعتك، والتمسك بسنة نبيك محمد حتى نلقاك مسلمين مؤمنين محسنين غير مبتدعين ولا مبدلين ولا مرتدين.
اللهم بيّض وجوهنا، وثقل موازيننا، وزحزحنا عن النار، وأدخلنا الجنة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201].
بطاقة تعريفية
|
|
بحثها
|
مراد باخريصة
|
أعدها
|
مراد باخريصة
|
راجعها
|
شايف المعصار
|
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم