عناصر الخطبة
1/انقضاء رمضان 2/زكاة الفطر .. آداب وأحكام 3/صلاة العيد وآداب العيداقتباس
أيها المسلمون: إن حياتكم مآلها الزوال، حياة قليلة ليس لعاقل أن يجعلها في قلبه وينشغل بها عن أمور دينه، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء. إن هي إلا سويعات وأيام، السعيد من عمر آخرته فيها، واستعد للقاء ربه بالعمل الصالح الذي يرفعه درجات عند الله، والخاسر من أضاعها في...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله وتفكروا في أعمالكم وأعماركم، ها هي الأيام تطوى وتزول، والأعمار لن تطول، وأنتم مفرطون في العمل، قد ألهاكم طول الأمل.
ها هو شهر الصيام قد قرب رحيله، وهو شاهد علينا بما أودعناه من الأعمال، فمن أودعه خيرًا فليحمد الله وليزدد من الصالحات، ومن أودعه غير ذلك فليراجع نفسه، وليخف ذنبه، وليتب إلى ربه من الخطايا والسيئات، وليقض ما بقي منه بالعمل الصالح؛ ليبدل الله سيئاته حسنات.
أيها المسلمون: إن حياتكم مآلها الزوال، حياة قليلة ليس لعاقل أن يجعلها في قلبه وينشغل بها عن أمور دينه، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء.
إن هي إلا سويعات وأيام، السعيد من عمر آخرته فيها، واستعد للقاء ربه بالعمل الصالح الذي يرفعه درجات عند الله، والخاسر من أضاعها في اللهو واللعب والانشغال بالحياة: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر: 1-3].
وشرع الله لكم زكاة الفطر، وهي صاع من طعام من قوت البلد، من بر أو رز أو تمر أو غيرها، مما يتقوته بنو آدم، قال أبو سعيد: "فرض رسول الله –صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من طعام".
وكلما كان من هذه الأصناف أطيب وأنفع للفقراء، فهو أفضل وأعظم أجرًا، فطيبوا بها نفسًا، وأخرجوها من أطيب ما تجدون، فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.
وهي -ولله الحمد- مقدار يسير لا يجب في السنة إلا مرة واحدة، فكيف لا يحرص الإنسان على إخراج الطيب مع عظم الأجر وكثرة المثوبة؟!
عباد الله: مقدار هذه الزكاة صاع من قوت البلد، تخرج عن الصغير والكبير والذكر والأنثى، وتعطى للفقراء والمساكين، ولا تنقل من البلد إلا إذا لم يوجد به فقراء، ويسن إخراجها عن الحمل ولا يجب ذلك، والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين.
ولا يجوز إخراج القيمة؛ لأن ذلك لم يرد عن رسول الله، ولا عن أحد من أصحابه، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإن أخرها أحد عن الصلاة بغير عذر لم تقبل منه.
أيها المسلمون: إن الحكمة من شرعية زكاة الفطر أنها تطهر الإنسان من اللغو والرفث الحاصل له في هذا الشهر، وشكر الله -سبحانه- على ما منّ به من إكمال الصيام والقيام، وكذا إغناء المساكين في هذا اليوم المبارك عن سؤال الناس والنظر إلى ما في أيديهم، فأخرجوها طيبة بها نفوسكم، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)[الأعلى: 14-15].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله منّ علينا بإكمال شهر الصيام، وجعله ماحيًا للذنوب والآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الفضل والإنعام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، عبد ربه حتى أتاه الحِمام، صلى الله عليه وعلى آله الكرام وأصحابه الأعلام، وسلم تسليمًا كثيرًا على الدوام.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واخشوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، فيجازي كلاً بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7-8].
عباد الله: إن مما شرع الله لكم في ختام هذا الشهر صلاة العيد، فقد أمر الله بها، وأمر بها رسوله، أمر بخروج الناس إليها حتى النساء، فاخرجوا إليها صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، اخرجوا في أحسن هيئة، اغتسلوا وتطيبوا وتجملوا، ولتخرج النساء غير متجملات ولا متطيبات.
والسنة أن يأكل الإنسان قبل خروجه إلى الصلاة تمرات وترًا، ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا ونحوها من الوتر.
امشوا وعليكم السكينة والوقار، خاشعين لله -سبحانه-، معظمين له، ترجون رحمته، وتخافون عذابه.
أظهروا شعائر الإسلام بالخروج لهذه الشعيرة العظيمة، أروا الله من أنفسكم خيرًا، غضوا أبصاركم، احفظوا ألسنتكم عن اللغو والرفث وقول الزور، احفظوا سمعكم عما حرم الله من القيل والقال وسماع الأغاني والمعازف، احذروا مما يغضب الله في أيام الأعياد، فإن الطاعة تتبع بالطاعة لا بالمعصية: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا)[النحل: 92].
وإن من علامة قبول الحسنة: الحسنة بعدها.
بروا والديكم، وأطيعوا من ولاه الله أمركم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، وصلوا أرحامكم.
وأخيرًا: لابد من النظر والتأمل في سير الصالحين من سلفنا الصالح، فهذا نبينا محمد كان يذكر الله في كل أحيانه، وطلب منه رجل الوصية فقال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله".
وأبو بكر كان يأخذ بلسانه ويبكي ويقول: "هذا الذي أوردني الموارد".
وابن مسعود يقول: "والله الذي لا إله إلا هو، ما على الأرض أحق بطول سجن من لسان".
وعمر يقول: "من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به".
ولما سأل معاذ النبي –صلى الله عليه وسلم-: "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟!" قال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!".
وفي الحديث: "لا يستقيم إيمان امرئ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه".
واعلموا أن كثرة الكلام تعمي القلب، وأبعد القلوب من الله القلب العاصي، و"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وأجارنا من زلات اللسان وعثراته، وهدانا صراطه المستقيم، وغفر لنا إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم