عناصر الخطبة
1/امتنان الله على عباده بنعمة الماء 2/أهمية نعمة المطر لحياة الخلق 3/إنزال المطر من آيات الله العظيمة 4/مما يسنُّ عند نزول المطر وبعده 5/توجيهات وإرشادات للاستفادة من فترة المطر.اقتباس
إن تصريف السحاب وتجميعه واحتكاكه ببعض، وصدور الرعد والبرق منه، وإنزال المطر إلى الأرض بمقادير متفاوتة من مكان لآخر، وإنزاله على أناس، وحرمان آخرين، آية من آياته العظيمة، ودليل باهر، وبرهان ظاهر على توحيد الله، وعظيم قدرته...
الْخُطبَةُ الْأُولَى:
الحمد لله القائل: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)[الشورى: 28], وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الذي جعل الغيث رحمة لعباده المؤمنين, وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، القائل في سنته الغرّاء عن المطر: "إِنّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ", صلى الله عليه وآله وصحبه, وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
عباد الله: يقول الله -جل وعلا-: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأعراف: 57], وقال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل: 10، 11].
إن من أعظم النعم نعمة الماء التي امتنّ الله بها على عباده؛ فحيث وُجِدَ وُجدت الحياة، وصدق الله العظيم: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)[الأنبياء: 30]؛ فالماء أصل النماء، وعنصر الحياة، وسبب من أسباب البقاء للبشرية جمعاء، قال -تعالى-: (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا)[الفرقان: 49].
والماء لا يتحكم في إنزاله إلا الواحد الخالق -سبحانه وتعالى-، فهو القائل: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة: 68 - 70].
إن تصريف السحاب وتجميعه واحتكاكه ببعض، وصدور الرعد والبرق منه، وإنزال المطر إلى الأرض بمقادير متفاوتة من مكان لآخر، وإنزاله على أناس، وحرمان آخرين، آية من آياته العظيمة، ودليل باهر، وبرهان ظاهر على توحيد الله، وعظيم قدرته -جل وعلا-, قال ابن القيم -رحمه الله-: "فتأمل كيف يسوقه -سبحانه- رزقًا للعباد والدواب والطير والذر والنمل، يسوقه رزقًا للحيوان الفلاني في الأرض الفلانية، بجانب الجبل الفلاني فيصل إليه على شدة الحاجة والعطش" .
عباد الله: ومما يسنُّ عند نزول المطر وبعده أن يقول المسلم: "اللَّهُمَّ صَيّبًا نَافِعًا", ويقول: "مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ", وأن يدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وأن يكشف عن بعض بدنه حتى يصيبه المطر، وأن يشرب ويتوضأ من المطر.
وإذا كثُر المطر وخِيفَ الضرر قال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ والضرابِ وبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ".
وصدق الله العظيم: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأعراف: 57].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، واستغفروا الله إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الولي الحميد، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه, وسلم تسليماً كثيرًا.
أما بعد: فاحمدوا الله واشكروه على ما أنعم به وتفضل عليكم من نزول الأمطار، ومعها الخيرات والبركات, فأكثروا من حمد الله وشكره قولًا وفعلًا.
واحذروا من تتبع مجاري السيول والدخول فيها؛ لخطورة ذلك عليكم وعلى سياراتكم, وأوصي الشباب بعدم التهور والعبث في قيادة السيارات وإيذاء الآخرين؛ فذلك ينافي شكر نعمة نزول الغيث.
ومن تمام شكر هذه النعمة العظيمة إذا خرج الناس للبر أن لا يقعوا فيما حرم الله؛ من التبرج, والتفحيط, والتطعيس, ومضايقة العوائل.
وأوصي الجميع بأن يحرصوا على نظافة المتنزهات والعناية بها، وأن يتركوا المكان أفضل مما كان حين جلسوا فيه، وأن لا يتعرضوا للأشجار؛ فالمحافظة على البيئة مسؤولية الجميع.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة، الذي أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم