عناصر الخطبة
1/ الإجازة موسم الحفلات والأفراح 2/ الزواج نعمة 3/من مخالفات الأفراح: الإسراف - الغناء - النمص - الاختلاط - التصوير.اقتباس
أين غيرة أزواج النساء اللاتي يحضرن مثل هذه الحفلات؟ أما يغار هذا الرجل على نساء المسلمين؟ وكيف يجيز لنفسه النظر إلى نساء أجنبيات عنه لا يجوز له النظر إليهن في الأحوال العادية, فكيف وهن قد تزين لحضور هذا الحفل؟ وأتساءل كيف يسمح رجل لزوجته بالذهاب إلى حفل زفاف يعلم أنه سوف يحصل فيه ما لا يرضاه الله؟...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
إن مما يكثر في الإجازات -أي في مثل هذه الأيام- حفلات الزفاف حيث إن الكثير من الناس يفضل أن يكون عرسه في أيام الإجازة، وهذه ظاهرة جيدة, نسأل الله -عز وجل- أن يحصن كل شاب وشابة وأن يعفهم, وأن يجمع بين كل عروسين وزوجين على خير وأن يبارك لهما زواجهما.
ولا شك أن المسلم يجب عليه أن يقصد بزواجه هذا إعفاف نفسه عن الحرام والإكثار من الذرية الصالحة المؤمنة التي تعبد الله -عز وجل- وتقيم دين الله تعالى على الأرض, ومن قصد ذلك ونواه كان له أجر حتى في إتيانه أهله.
وينبغي على الآباء والأمهات أن يساعدوا الشباب على إعفاف أنفسهم بالحلال, وذلك بأن ييسروا ويخففوا عليهم في مطالب الزواج وتكاليفه, فإنه قد أصبحت اليوم تكاليف الزواج من أكبر العوائق أمام الشباب التي تصدهم عنه أو تؤخرهم لسنوات طويلة.
وعموماً -إخوتي الكرام, وفقني الله وإياكم لكل خير-، فليس حديثي عن ذلك الموضوع، وإنما بمناسبة كثرة حفلات الزفاف في هذه الأيام أحببت أن أنبه على بعض المخالفات الشرعية التي تحدث في كثير من هذه الحفلات, إما جهلاً من بعض الناس بأنها لا تجوز, أو اتباعاً من البعض الآخر لما رأوه في الحفلات الأخرى, بغض النظر عن حكم هذه الأفعال إن كانت جائزة أو غير جائزة. ونسأل الله -عز وجل- أن يوفق الجميع لمعرفة الحق والعمل به.
ثم اعلموا -رحمكم الله- أن من منكرات الأفراح ما يلي:
الإسراف والتبذير الذي يحصل في كثير منها حيث تنفق الآلاف المؤلفة على تلك الحفلات، وكان بالإمكان أن يكون الحفل متواضعاً، نعم لقد أمرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بالوليمة للعرس فقال -عليه الصلاة والسلام-: "أولم ولو بشاة" [رواه البخاري ومسلم]. ولكن هل يعني ذلك أن نصل إلى ما وصل إليه الحال اليوم، بذخ وإسراف، وضياع للأموال، كلا؛ فإن الله -عز وجل- نهى عن الإسراف فقال: (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31], وقال: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 26، 27].
وإنه -والله- من المصائب التي بلينا بها في هذه الأفراح تقليد الآخرين, ومحاولة الظهور على شاكلتهم, وأننا قادرين مثلهم ولسنا أقل منهم في شيء، وتلك في الغالب مقولات النساء ورغباتهن، من أمهات الأزواج وأمهات الزوجات، والكثير من الرجال يسمع ويطيع ولا يستطيع أن يرفض طلباً. وأصبحت الكلمة للنساء.
فلنعلم -عباد الله- ولنعلم نساءنا أن هذه النعمة التي نعيش فيها -ولله الحمد- إن لم نقم بشكرها والحفاظ عليها فإنها توشك أن تزول، وإن من شكر النعمة عدم الإسراف فيها.
ثم لنتذكر جميعاً إخوة لنا في الإسلام في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي لا يجدون كسرة الخبز ولا شربة الماء إلا بالجهد الجهيد، قد تلقفتهم أيدي المنصرين تمد يد العون لهم بالطعام والشراب والدواء، واليد الأخرى بالصليب والإنجيل، فأين أموالنا هذه عنهم؟!. أم أنه يهون علينا أن ننفقها في سبيل المظاهر الكاذبة ومجاراة الآخرين, بينما لا يهون أن ننفقها في سبيل الله.
فكم -والله- أنفقت الآلاف في إيجارات الفنادق ليلتين أو ثلاث أو قد تكون ليلة واحدة عند البعض, ثم تنفق الآلاف أيضاً في أنواع من الأطعمة لا تعد ولا تحصى, يكون مصير الجزء الأكبر منها في صندوق النفايات. وإذا ما طلب من بعض هؤلاء التبرع في باب من أبواب الخير تعذر لك بألف عذر؛ حتى يعفي نفسه من الإنفاق في سبيل الله، وإذا أنفق أنفق بعد تردد، وأخرج بضعة ريالات بعد صراع مرير مع النفس، ولكن إذا جاءت الشهوات وحب المباهاة فإذا بالآلاف تنفق بغير حساب.
فلنتق الله -عباد الله- ولنصن هذه النعمة بشكرها قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7] وهذا البذخ والإسراف من كفران النعمة -هدانا الله وإياكم للصواب-.
عن منصور بن صفية عن أمه صفية بنت شيبة قالت: "أولم النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض نسائه بمدين من شعير" [رواه البخاري]. وأفضل وليمة صنعها الرسول كما روى البخاري ومسلم من حديث أنس ر-ضي الله عنه- قال: "ما أولم النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من نسائه ما أولم على زينب، أولم بشاة".
ومن منكرات الأفراح أيضاً: إحياء تلك الليلة كما يسمونها بالغناء المحرم، وهي -والله- إماتة لتلك الليلة وليس إحياء، فكيف يمكن لتلك الليلة أن تحيا بمعصية الله؟, أو كيف يمكن أن تحيا بالحرام؟!.
إنه -والله- البلاء والشقاء أن تبدأ أول ليلة في حياة الزوجين بمعصية الله -عز وجل- ومخالفة أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فماذا نتوقع بعد ذلك لزواج كانت أول لياليه محادة لله ولرسوله ومعصية من المعاصي؟.
وهذه المعصية كذلك مما تصر عليها مع الأسف كثير من النساء، وترفض أن يكون زواج ابنتها أو ابنها بغير غناء محرم!! لماذا؟ لأن كثيراً من الناس يفعلون ذلك، وابنتها أو ابنها ليس أقل من غيره!.
هذا هو المبدأ الذي يحكم حفلات الزفاف عند كثير من الناس، بل هذا المبدأ يكاد أن يكون أسلوب حياة عند البعض، فتراه في كل شيء يقول: لست أقل من غيري ويفعل مثلما فعلوا، ولو كان مخالفاً لأمر الله وأمر رسوله. وإذا نصحت الزوج وأهله قالوا: "تلك رغبة الزوجة وأهلها"، وإذا نصحت الزوجة وأهلها، قالوا: "تلك رغبة الزوج وأهله".
فياأيها الآباء, والأمهات وياأيها الأزواج والزوجات: كيف رضيتم أن تكون أول ليلة في حياتكم الزوجية مخالفة لأمر الله؟ وكيف دفعتم أموالكم لمطرب أو مطربة تكسبون بذلك الإثم وتخسرون المال؟!.
نسأل الله الهداية للجميع.
الخطـبة الثانيـة:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماُ كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى.
ومن مخالفات الأفراح: ذهاب النساء إلى مصففات الشعر أو ما يسمى اليوم بـ (الكوافيرات) وارتكاب عدة مخالفات هناك؛ حيث تكشف العورة ويزال شعر الوجه عند كثير من النساء، وذلك هو النمص الذي نهى عنه -صلى الله عليه وسلم- ولعن من فعله أو فعل به. قال -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله النامصة والمتنمصة" ومع ذلك لا يمكن أن تزف عروس إلى زوجها إلا بعد الذهاب إلى الكوافيرات إلا من رحم الله، فالحذر الحذر -عباد الله- من ذلك. وقد أفتى الشيخ محمد ابن عثيمين -رحمه الله- بتحريم الذهاب إلى الكوافيرات.
ومن المنكرات الجسيمة التي تحدث في كثير من هذه الحفلات اليوم: دخول العريس على النساء والجلوس أمامهن فيما يسمى بالمنصة، فيشاهد النساء ويشاهدنه وكل في أبهى زينته فأي فتنة بعد ذلك؟ وأين الغيرة؟ أين غيرة أزواج النساء اللاتي يحضرن مثل هذه الحفلات؟ أما يغار هذا الرجل على نساء المسلمين؟ وكيف يجيز لنفسه النظر إلى نساء أجنبيات عنه لا يجوز له النظر إليهن في الأحوال العادية, فكيف وهن قد تزين لحضور هذا الحفل؟ وأتساءل كيف يسمح رجل لزوجته بالذهاب إلى حفل زفاف يعلم أنه سوف يحصل فيه ما لا يرضاه الله؟.
أيها المسلمون: إنها عادة غير إسلامية مخالفة لديننا وعاداتنا وتقاليدنا، فمن أين جاءتنا؟ وكيف حدث هذا؟ أسئلة كثيرة مريرة تطرح نفسها، ولعل إجابتها أمر منها. فالله المستعان وعليه التكلان.
وكذلك من مخالفات الأفراح: ما يحدث من بعض المدعوات من لبس ملابس غير ساترة لكثير من أجزاء الجسد، وذلك بحجة أنها وسط نساء أو قد تلبس ملابس فيها تشبه بالرجال بالإضافة إلى قصات الشعر المشابهة بالكافرات.
وكذلك من المخالفات: رقص بعض النساء على هيئة تشبه الفاسقات، وهذا غير جائز بل قد أفتى فيه علماؤنا بالتحريم.
وكذلك من المنكرات العظيمة التي تحدث في بعض هذه الأفراح: التصوير إما الصور الفوتوغرافية أو بالفيديو، فيصور الحفل وتصور الحاضرات ويحتفظ أهل الحفل بالفيلم أو بالصور، وفيه صور النساء اللاتي حضرن الزفاف، وهن في أبهى زينة وكم حصلت من مصائب بسبب هذا التصوير، فشاهد رجل زوجته في فيلم يتناقله الشباب بينهم يتفرجون عليه. فأي مصيبة بعد ذلك؟!.
ومن منكرات الأفراح كذلك: تقليد عباد النار بحمل الشموع خلف العروس ولبس اللباس الأبيض ذو الذيل الطويل تماماً كما يفعله الكفار, وذلك تشبه بهم والتشبه قال فيه رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" [رواه أبو داود]. وعند الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف".
معاشر المؤمنين: هذه بعض المخالفات والمنكرات التي تحدث في مناسبة شرعية قد أمرنا الشارع بها وهي وليمة العرس التي قال فيها -صلى الله عليه وسلم-: "أولم ولو بشاة" [رواه البخاري ومسلم]. فبدل البعض أمر الله وأمر رسوله وعصوا ربهم، وكان حالهم كحال من قال الله فيهم (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) [البقرة:59]. أفلا يخشى هؤلاء عقوبة مثل عقوبة أولئك. نسأل الله الهداية للجميع.
اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما رزقت وأعطيت، وقنا شر ما قضيت.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها أولها وآخرها، ما علمنا منها وما لم نعلم. اللهم ارحم موتانا، واهد ضالنا، ورد غائبنا، واشف مرضانا، واقض عنا ديننا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم