عناصر الخطبة
1/من فضل الله تسخيره من يخدم زوار بيت الله وعماره 2/كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى 3/بعض فضائل الله تعالى على بلاد الحرمين الشريفين 4/الأمة الإسلامية محسودة على النعم 5/الواقع المؤسف للعالم الآن لبعدهم عن كتاب اللهاقتباس
الأمة الإسلامية محسودة بهذه النعمة بصفة عامَّة، وبخاصة هذه البلاد المباركة، التي جعلت القرآنَ الكريمَ، والسنةَ النبويةَ الشريفةَ المطهرةَ دستورًا لها؛ لذلك فإنَّ الحاسدينَ يعملون بكل جِدٍّ ونشاطٍ، وبكلِّ أسلوبٍ وإغراءٍ، وبكلِّ إرجافٍ وتخويفٍ، وبكلِّ شيطانٍ مريدٍ، لتفريق الكلمة، وشقّ العصا، وتصديع الصف...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، الحمد لله الذي تمَّت كلماتُه صدقًا وعدلًا، لا مبدلَ لكلماته، وهو السميع العليم، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.
أما بعدُ: فاتقوا الله -أيها المسلمون-، وراقِبوه في السر والعلانية؛ فإنه -سبحانه- لا تخفى عليه خافية، واعرفوا لربكم تحقيقَه ألوهيتَه، وشمولَ ربوبيته، وكمالَ أسمائه وصفاته، واعلموا أنكم في قبضته، وتحت قهره، وتمسَّكوا بكتاب الله وسُنَّة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ففيهما السعادة، والعزة، والنجاة، والتمكين.
عبادَ اللهِ: إن الله -تبارك وتعالى- من لطفه بأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- تسخيره للحرمين الشريفين مَنْ يخدمهما، ومن رحمته ولطفه بهم، تسخيره للبقاع المقدَّسة مَنْ يعتني بها وبروادها من كل مكان، وبتوفير كافَّة الخدمات ووسائل الراحة، وبذل المال بكل سخاء من غير منة، على أحد، وكل ذلك انطلاقا من المسؤولية الشرعية، والواجب الإسلامي تجاه الحرمين الشريفين، ومن منطلق الأخوة الإسلامية، والعناية بشؤون الأمة الإسلامية، فجزى الله هذه البلاد المباركة، حكومةً وشعبًا، أحسن الجزاء وأوفاه.
أيها المسلمون: استمَع الجميعُ إلى كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -نصَرَه اللهُ وأيَّدَه بتوفيقه- في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، لعام أربعة وأربعين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية الشريفة (1444هـ)إلى كلمة توجيهية ضافية شاملة؛ حملت في طياتها النصحَ للرعية، والتوجيهَ للشعب، وهي دليلٌ على حرصه -أيَّدَه الله-، وقد لفَت الأنظارَ -حفظه الله- إلى أنَّ ركائزَ الحُكم في المملكة العربية السعودية تقوم على "كتاب الله -عز وجل-، وعلى سُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- تسليمًا قولًا وفعلًا، وأن التاريخ الحديث سجَّل أعظمَ وأنجحَ وحدةٍ؛ جمعَتِ الشتاتَ، وأرستِ الأمنَ والاستقرارَ، ووجهَتِ المقاصدَ إلى بناء دولة عصرية، دستورُها "كتاب الله -تبارك وتعالى-، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أساسها المواطن، وعمادُها التنميةُ، وهدفُها الازدهارُ، وصناعةُ مستقبلٍ أفضلَ للوطن وأبنائه وبناته، فلله الحمد من قبلُ ومن بعدُ.
عبادَ اللهِ: قد منَّ اللهُ -سبحانه وتعالى- على هذه البلاد المباركة، بقائد مُلهَم وحَّد صفوفها، وطهَّر عقيدتها من شوائب الشرك، المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه-، ثم أبناؤه البررة من بعده، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، فكان ما نَرفُل فيه من الأمن والرخاء، والدَّعة والسكون، والهدوء والعز، وجَمْع الشمل، وتوحيد الكلمة، وإخلاص العبادة لله وحدَه، واتّباع سُنَّة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا-، غضَّة طرية، كما جاء بها حبيبنا وقُرَّة عيوننا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.
والأمة الإسلامية محسودة بهذه النعمة بصفة عامَّة، وبخاصة هذه البلاد المباركة، التي جعلت القرآنَ الكريمَ، والسنةَ النبويةَ الشريفةَ المطهرةَ دستورًا لها؛ لذلك فإنَّ الحاسدينَ يعملون بكل جِدٍّ ونشاطٍ، وبكلِّ أسلوبٍ وإغراءٍ، وبكلِّ إرجافٍ وتخويفٍ، وبكلِّ شيطانٍ مريدٍ، لتفريق الكلمة، وشقّ العصا، وتصديع الصف، وبلبلة الأفكار، من هنا تقع المسؤوليةُ على كل مسلم، ويتأكَّد على القيادات الدينية، ويتعيَّن على القيادة العامة، أن تُحافِظ على كيانها، ومقدَّساتها، ومُقوِّماتها، وعزها ونصرها، اللهم اجعلنا وإمامنا وولي عهده وحكومته ممن قلت فيهم: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الْبَقَرَةِ: 1-5]، واجعلنا ممن قلت فيهم: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الْحَجِّ: 41]، ذكَر ابنُ كثيرٍ -رحمه الله- في تفسيره عن ابن سوادة الكندي قال: سمعتُ عمرَ بنَ عبد العزيز -رحمه الله- يخطب وهو يقول: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ)[الْحَجِّ: 41] قال : ألَا إنها ليست على الوالي وحدَه، ولكنَّها على الوالي والمولَّى عليه، ألَا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم، وبما للوالي عليكم منه؟ إن لكم على الوالي مِنْ ذلكم أن يأخذ بحقوق الله عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعض، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع، وإنَّ عليكم من ذلك؛ الطاعة غير المبزوزة ولا المستكرَه بها، ولا المخالِف سرُّها علانيتَها، فاتقوا اللهَ أيها المسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، والزَمُوا كتابَ ربكم الذي يهديكم للتي هي أقوم، وتمسَّكُوا بسُنَّة نبيكم فيما لكم وعليكم، تفلحوا وترشدوا، وأطيعوا ذا أمركم بالمعروف، توفقوا وتسددوا وتنصروا.
اللهم ثبِّتْنَا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، اللهم لك الحمد ربنا، أنت أهل الحمد والثناء، حفظتَ عقيدتَنا من الشوائب، وحميتَ بلادَنا من دسائس إبليس، وهديتَنا للإيمان والتوحيد، لكَ الحمد جمعتَ شملَنا على إمامنا، ووحدتَ صفوفَنا خلفَ قائدنا، ونصرتَنا وأعززتَنا، وكبتَّ عدُوَّنا، وحفظتَنا من الفتن، اللهم ارزقنا شكرَ نعمِكَ، وزِدْنَا من فضلك وإحسانكَ، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا، ولجميع المسلمين، إنك أنت الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضلَّ الضالون، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، جعَل اللهُ النصرَ والعزةَ لمن أطاعه، وجعَل الذلةَ والصَّغارَ على مَنْ خالَف أمرَه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-، وتأمَّلُوا واقعَ العالَم الآنَ، لَمَّا انصرَف الناسُ عن كتابِ الله، وتركوا ميزانَ الله، وغاب القرآنُ عن مَيدانِ الحياة، فاختلَّت الموازينُ، واضطربتِ المقاييسُ، فنرى العالَمَ في عناءٍ وشقاءٍ، وتضارُبٍ في الاتجاه والآراء، يخاف بعضُهم بعضًا، ويمقُتُ بعضُهم بعضًا، ويتربَّص بعضُهم الدوائرَ ببعض؛ ذلك لأنهم تركوا كتابَ اللهِ، ورجَعُوا إلى جاهليةٍ شرٍّ من الجاهلية الأولى، فاتقوا الله -أيها المسلمون-، اقرؤوا كتابَ ربكم، وتفهَّمُوا معانيه، وخُذُوا بتوجيهاته، واعملوا بأحكامه، وسِيرُوا على نظامه في جميع المواقف، وفي جميع شئونكم الخاصة والعامة.
هذا والحمد لله هو المنهج المتَّبَع في هذه البلاد المباركة، التي منَّ اللهُ عليها بقيادةٍ رشيدةٍ، تَحكُم بدين الله، وتَسِير على منهج الإسلام، فنسأل اللهَ أن يُثبِّتها على الحق، وأن يُديم توفيقَها، وأن يفتح الطريقَ أمامَها، وأن يدفع عنها كيدَ الحاسدينَ، وظلمَ الظالمينَ.
اللهم مَنْ أرادَ بلادَنا وولاةَ أمرنا بسوء فأَشغِلْه بنفسه، واجعَلْ كيدَه في نحره، واجعَلِ الدائرةَ عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين إلى تحكيم كتابكَ، والعملِ بسُنَّةِ نبيِّكَ محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، واهدهم إلى الرجوع إليه، وإلى تحكيم شريعتك، واملأ قلوبهم محبة وخشية منك، ورغبة فيما عندك يا الله.
ثم اعلموا أن الله -تبارك وتعالى- أمرَنا بالصلاة والسلام على رسوله فقال قولًا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا".
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارضَ الله عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قَضَوْا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعينَ، وأهل بيته الطاهرين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارضَ عنا معهم بمنكَ وإحسانك يا أرحم الراحمينَ.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشركَ والمشركينَ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنا، وأيِّدْ بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقْه لهُداكَ، واجعل عملَه في رضاكَ، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده لما تحب وترضى، وخُذْ بناصيتهما للبر والتقوى، اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين، للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ، أنتَ الغنيُّ ونحن الفقراء إليكَ، أنزِلْ علينا الغيثَ ولا تجعَلْنا من القانطينَ، اللهم اسقِنا وأغِثْنا، اللهم إنا نستغفركَ إنَّكَ كنتَ غفَّارًا، فأرسِلِ السماءَ علينا مدرارًا.
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على نعمه يَزِدْكُمْ، ولذكرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم