عناصر الخطبة
1/ أهمية النصيحة 2/ بعض منكرات الخطبة 3/ من منكرات الأعراس الغناءاقتباس
وإذا كان المنكر لا يخلو منه مجتمع، ومهما كان المجتمع من الطهر والعفاف والالتزام بالدين، فإنه لابد وأن يوجد مفسدون في الأرض، فإن واجب النصح يملي على المسلم أن يبين للناس ما هم واقعون فيه من المنكرات والمخالفات الشرعية .. فقد اعتاد كثير من الناس في زماننا هذا أن يقيموا أفراح الزواج بعيدًا عن شرع الله، وأن يقيموها حسب العادات التي تعارف عليها الناس اتباعًا لأهوائهم ..
فقد اعتاد كثير من الناس في زماننا هذا أن يقيموا أفراح الزواج بعيدًا عن شرع الله، وأن يقيموها حسب العادات التي تعارف عليها الناس اتباعًا لأهوائهم وصدودًا عن شرع الله.
وإن الواجب على المسلم أن يسأل عن حكم دينه، ولا يقدم على شيء إلا بعد أن يعرف موقف الشرع منه، فإن كان مما يرضي الله -عز وجل- أقدم عليه، وإن كان مما يغضب الله ابتعد عنه.
وإذا كان المنكر لا يخلو منه مجتمع، ومهما كان المجتمع من الطهر والعفاف والالتزام بالدين، فإنه لابد وأن يوجد مفسدون في الأرض، فإن واجب النصح يملي على المسلم أن يبين للناس ما هم واقعون فيه من المنكرات والمخالفات الشرعية، فعن تميم بن أوس الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة"، قلنا: لمن؟! قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". رواه مسلم. وعن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- قال: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم". متفق عليه.
وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم ويذكر بعضهم بعضًا، وأن يقوموا بتغيير المنكرات التي متى ما عمت وفشت بين الناس، فإن المسؤولية يتحملها الجميع، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم.
وإن الواجب على المسلمين إنكار هذه المنكرات التي تحدث في الأفراح والأعراس، وأن يتناصحوا فيما بينهم، وأن يتعاونوا على تغيير تلك المنكرات.
ومن هذه المنكرات العزوف عن ذات الدين في الزواج، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". متفق عليه.
ومن منكرات الزواج أيضًا رفض تزويج صاحب الدين، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". رواه الترمذي بإسناد حسن.
ومن هذه المنكرات كذلك التي شاعت في الزواج مسألة الخطبة ونظر الخاطبة إلى خطيبته، والناس في الخطبة طرفان ووسط، فالطرف الأول هم الذين تعصبوا ومنعوا الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمغيرة بن شعبة حين خطب امرأة: "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه.
والطرف الثاني وهم على النقيض من الطرف الأول، وهم الذين تركوا الحبل على الغارب للخاطب ومخطوبته، فيخلو بها ويتفسح معها، وقد يقع المحذور الشرعي بعد ذلك، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم". متفق عليه.
ومن المنكرات أيضًا لبس الدبلة من الذهب من قِبل الرجال، والذهب زينة النساء وهو حرام على ذكور أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى رجل وفي يده خاتم من ذهب فنزعه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده". فقيل للرجل: خذ خاتمك وانتفع به، فقال: والله لا آخذ شيئًا وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. رواه مسلم.
وأما ما اعتاده الناس من أن يُلبس الخاطب خطيبته الدبلة يوم إعلان الخطبة أو يوم إعلان النكاح أو الزواج فإنه من التشبه بالنصارى -لعنهم الله-، وقد أشار الشيخ محمد ناصر الدين الألباني إلى ذلك في كتابه آداب الزفاف ص212، فقال: ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم ما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الأب، ثم ينقله واضعًا له على رأس السبابة ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول: باسم الروح القدس، وعندما يقول: آمين، ويضعه أخيرًا في الخنصر حيث يستقر.
فهذه -مع كونها بدعة خبيثة أحدثها الفساق بين المسلمين- هي أيضًا تشبه بالكفار، وقد نهينا عن التشبه بهم في الاعتقادات والعبادات والعادات.
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله ولا تتشبهوا بالكافرين في عاداتكم وتقاليدكم، والواجب عليكم أن تجعلوا العادات موافقة لشرع الله، واعلموا أن مخالفة شرع الله نذير شؤم على المسلمين، وما حلت المصائب بالمسلمين إلا لمخالفتهم شرع الله في كثير من أمور دينهم ودنياهم.
أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، ادعوا الله واستغفروه.
الخطبة الثانية:
إن من منكرات الأفراح كذلك ما سموه: إحياء الأفراح، واستضافة المطربين والمطربات والمغنين والمغنيات، ومن الناس من يتباهى بذلك، وقد عمت البلوى بالأغاني في هذا الزمان حتى صار ديدن كثير من الناس.
ومن المعلوم شرعًا أن الأغاني حرام ولا يجوز سماعها، قال الله -تبارك وتعالى-: (وَسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء: 64].
قيل: هو الغناء، قال مجاهد: باللهو والغناء، أي استخفهم بذلك. [تفسير ابن كثير (3/70)].
وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [لقمان: 6]. فهذه الآية بيان لـ(حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)، قال: هو والله الغناء، وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن بذيمة، وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) في الغناء والمزامير. [تفسير ابن كثير (3/583)]؛ فالغناء يورث النفاق في القلب، وهو بريد الزنا.
والواجب على المسلمين إنكار هذه المنكرات التي شاعت بينهم في هذه الأزمنة؛ فإنك لا تدخل محلاً ولا بيتًا إلا وتسمع فيه الطرب واللهو والغناء.
والعجب من هؤلاء الذين يستفتحون أول أيام حياتهم بمعصية الله، فيرضون الشيطان الرجيم، ويغضبون الرحمن الرحيم.
ولذلك ما تفاقمت الشرور بين المسلمين إلا بسبب هذه المعاصي التي جاهروا بها، ولما كان الغناء والمزمار صوت الشيطان، ترى انتشار حالات الطلاق بشكل مذهل، ومن أراد أن يعلم صدق ما أقول فلينظر إلى المحاكم والدعاوى المرفوعة فيها؛ فإن أكثرها في المنازعات الزوجية، وسبب ذلك كله يكمن في هذه المعاصي والمنكرات التي يستفتح بها الناس حياتهم الزوجية في أول ليلة من ليالي حياتهم.
فيا أيها المسلمون: احذروا هذه المنكرات، واتقوا الله في سركم وعلانيتكم، واعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- حرّم عليكم الوقوع في المنكرات والمعاصي، فاقترافها وفعلها والمجاهرة بها سبب من أسباب الشقاء في الدارين، قال تعالى: (وَتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). [الأنفال: 25].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم