عناصر الخطبة
1/ إدراك شباب السلف الصالح لمعنى العبودية لله 2/ تغيير شباب السلف بعلوِّ همتهم العالَمَ والتأريخ 3/ قعود شباب الخلف بسفول همّتهم بنهضة أمّتهم 4/ انعقاد الآمال على الشباب ليهبُّوا ويستعيدوا الأمجاداقتباس
فهبّوا يا شباب الإسلام للذود عن دينكم وصيانة أعراضكم؛ فمن يحمل هم هذا الدين ويرفع راية التوحيد إذا توليتم؟ ومن ينصر الدين ويعلي شأنه إذا أعرضتم؟ ومن يحمي الأعراض إذا فسقتم؟ ومن يصد كيد الأعداء إذا جبنتم؟ ومن يعيد للأمة عزها إذا أهنتم ورضيتم؟ أما نخشى يا شباب أن يصدق فينا...
الخطبة الأولى:
إن من القضايا المصيرية القضيةَ التي انحرفت فيها الأمة؛ فهوت من عليائها لتستقر في غبرائها، وهبطت من مقام الريادة والقيادة لتصبح ذلك الغثاء الذي تتداعى عليه الأمم من كل جانب.
هذه القضية هي التي من أجلها خلقت الخلائق، وهي أعظم غاية يُسعى إليها، إنها قضية العبودية لله، والتذلل له، والخضوع لأوامره ونواهيه، والتسليم لجنابه وحكمه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56].
لقد برز جيل الصحابة، ذلك الجيل الفريد، عندما أدركوا هذه القضية غاية الإدراك، ورسخت في قلوبهم كرسوخ الجبال الشامخات، فحملوا أعباء هذا الدين، ودعوا الناس إليه، واستعذبوا في سبيله أسمى آيات الصبر والعذاب والتضحية، وواصلوا ليلهم بنهارهم، حتى حققوا لهذا الدين انتشاره، وحققوا لهذا الدين انتصاره.
وقامت للمسلمين دولة، وتأسست لهم قيادة في فترة قصيرة، وأخضعوا لحكمهم المملكتين العظيمتين: فارس والروم، وامتد ظلهم إلى بلاد السند شرقاً وبلاد الروس شمالاً، ودخلت في عهدهم بلاد مصر والشام وإفريقيا الإسلام، وذلك كله في خمس وثلاثين سنة!.
وفي عهد بني أمية استقر ملكهم، وامتد سلطانهم؛ وقد استطاع خليفة من خلفاء المسلمين أن يصور للعالم بسطة العالم الإسلامي، فلم يجد غير سحابة تمر به ولا تمطره ليخاطبها بقوله: "أمطري حيث شئتِ؛ فسيأتيني خراجك!".
أيها المسلمون: مَن هم أبناء ذلك الجيل؟ ومن هم أبناء جيلنا؟ ومن هم شباب السلف؟ ومن هم شبابنا؟.
شباب السلف هم: عبد الله بن رواحة، وجعفر الطيار، وأسامة بن زيد، ومصعب بن عمير، وابن عباس، وابن عمر، وعقبة بن نافع، وقتيبة بن مسلم، وغيرهم كثير!.
حالهم كما قيل :
عُبَّادُ ليلٍ إذا جـَنَّ الظـلامُ بهِمْ *** كم عـابدٍ دمعهُ في الخـدِّ أجْرَاهُ
وأُسْدُ غابٍ إذا نادى الجهادُ بهِمْ *** هَبُّوا إلى الموتِ يَسْتَجْدُونَ رؤياهُ
يا ربّ فابْعَثْ لَنَا مِن مِثْلِهِم نَفَراً *** يُشَـيِّدُونَ لنـا مَجْـدَاً أضعنـاهُ
لقد كان شباب السلف مضرب المثل في شتى المجالات؛ فهل عرفت الدنيا أرأف منهم وأرحم؟ وهل عرفت الدنيا أشجع منهم وأكرم؟ وهل عرفت الدنيا أعبد منهم وأزهد؟ وهل عرفت الدنيا أجل منهم وأعظم؟.
تعالوا بنا -يا عباد الله- نسائل ديار الشام وسواد العراق ورياض الأندلس وفيافي الجزيرة وبطاح إفريقيا وربوع العجم وبلاد الهند وأرجاء الصين ومعالم الدنيا كلها عن أخبار أولئك البواسل الذين تربوا في المدرسة المحمدية، فعندهم خبر أكيد عن مفاخرهم وقيمهم ومبادئهم وبطولاتهم وتضحياتهم.
فهم الذين هذبوا النفوس، وهدوا القلوب بنور الله، ونشروا العلم، وطمسوا معالم الوثنية، وأشاعوا على العالم نور الحق والهداية، ومبادئ التوحيد والعدل والإخاء.
أعلنوا الحرية يوم كانت الأمم ترسف في قيود العبودية لغير الله، ونشروا التوحيد يوم كانت العقول مصفدة بأغلال الجاهلية، ونشروا العدل يوم كانت فارس والروم تسخّران الشعوب لمطامعهما الحربية، وبذلوا الأموال في المكارم يوم كان يجمعها غيرهم من المكوس والمظالم، وصانوا الأعراض والحرمات يوم كان غيرهم يئد البنات ويبيع الأمهات والأخوات.
جباههم تخضع لله، وتعلو على من سواه، وعقولهم تؤمن بالحق وترفض الباطل، وأيديهم يدان: يد مع الله وأخرى مع الناس.
آمنوا بالدين ليرفعوا به الدنيا، وعملوا للدنيا ليخدموا بها الدين والدنيا، وليكونوا في الدنيا أعزاء، وفي الآخرة من السعداء.
حكموا الدنيا فملؤوها أمنا وسلاما، وعصفت بهم البلايا والنكبات والمحن فاستقبلوها بصبر وابتسام.
مَن اعتدى عليهم جعلوا الأرض فوقه أطلالا وركاما، حالهم كما قيل:
ملكْنا هذهِ الدُّنيا قُرُوناً *** وأخضَعَها جُدُودٌ خالدونا
وسطَّرْنا صحائفَ من ضياءٍ *** فما نسِيَ الزَّمانُ وما نسِينا
إذا خرجَتْ من الأغْمادِ يوماً *** رأيتَ الهولَ والفَتْحَ المُبِينا
وكُنّا حين يأخذُنا ولِيٌّ *** بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا
تفيضُ قلوبُنا بالهَدْيِ بأساً *** فما نُغْضي عن الظلم الجُفونا
بَنَيْنَا حِقْبَةً فِي الأَرْضِ مُلْكَاً *** يُدَعِّمُهُ شبابٌ طامحونا
شبابٌ ذلَّلوا سُبُلَ المعالي *** وَمَا عَرَفُوا سوى الإسلامِ دينا
تعهَّدهم فأنْبَتَهُمْ نباتاً *** كريماً طابَ في الدنيا غُصُونا
همُ وردوا الحياضَ مباركاتٍ *** فسالتْ عندهم ماءً مَعِينَا
إذا شَهِدُوا الوَغَى كانُوا كُمَاةً *** يَدُكُّونَ المعاقلَ والحُصُونا
وإنْ جَنَّ المساءُ فَلَا تَرَاهُمْ *** مِن الإشفاقِ إلَّا ساجدينا
شبابٌ لَمْ تُحَطِّمْهُ الليالي *** ولم يُسلِمْ إلى الخَصْمِ العرينا
ولَم تشهدهُمُ الأقداحُ يوماً *** وقَدْ ملؤوا نواديه مُجونا
وما عَرَفُوا الأغَانِي مائعاتٍ *** ولكنّ العُلَا صِيغَتْ لُحُونا
وما عَرَفُوا الخلاعةَ في بناتٍ *** ولَا عرَفوا التخنُّثَ في بنينا
ولَم يَتَشَدَّقُوا بِقُشُورِ عِلْمٍ *** ولَم يتقلَّبُوا في الْمُلْحِدِينا
ولَم يتبجَّحُوا فِي كُلِّ أَمْرٍ *** خطيرٍ كي يقالَ مُثَقَّفُونَا
كذلك أخرجَ الإسلامُ قومي *** شباباً مخلصاً حُرَّاً أمينا
وعلَّمَهُ الكرامة كيف تُبْنَى *** فيأْبَى أَنْ يُقيَّدَ أو يهونا
أيها المسلمون: قلبوا صفحات التاريخ، ستشرق وتتلألأ لكم في سماء المجد أسماءُ أناس غيروا وجه التاريخ، لقد كان الرجل منهم عن ألف، بل عن أمة!.
فهذا أسامة بن زيد يقود جيشا فيه أمثال الصديق وعمر، وعمره تسعة عشر عاما! وذاك جعفر الطيار يأتي مؤتة مجاهدا، ويحمل الراية فتقطع يده اليمنى فيأخذها بيساره، ثم تقطع يسراه فيضم الراية بين عضديه، حتى تكسرت الرماح في صدره وهو يقول:
يا حبَّذا الجنةُ واقترابُها *** طيِّبَةٌ وباردٌ شرابُها
والرومُ رومٌ قد دنا عذابها *** كافرةٌ بعيدةٌ أنسابها
عليَّ إنْ لاقَيْتُها ضِرابُها
يقف على شواطئ المحيط الأطلسي غربا فاتحٌ، ثم يدخل بجواده في الماء، ثم يقول: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم وراء هذا البحر أرضا تطؤها الخيل لخضته مجاهدا في سبيلك لإعلاء كلمتك! اللهم فاشهد!.
وذاك قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي توغل في أواخر بلاد المشرق، وأبى إلا أن يدخل الصين، وأقسم بالله ليطأن أرض الصين بقدميه، فقال له أحد أصحابه محذرا مشفقا: لقد أوغلت في بلاد الترك يا قتيبة، والحوادث بين أجنحة الدهر تقبل وتدبر؛ فأجابه والإيمان يملأ صدره: بثقتي بالله توغلت، وإذا انقضت المدة لم تنفع العدة.
فلما رأى صاحبه عزمه وتصميمه لإعلاء كلمة الله قال له: اسلك سبيلك حيث شئت يا قتيبة، فهذا عزم لا يفله إلا الله!.
فلما سمع ملك الصين بعزم قتيبة وقسَمه، أدرك أنه لن يتراجع عن قراره، أرسل إليه بكيس مملوء بالتراب ليطأ عليه برجله إبرارا بقسمه، وتعهد بدفع الجزية، ولا يقدم عليه قتيبة بجيشه!.
الله أكبر! إنهم في الحقيقة رجال متميزون لا كالرجال، وجيل فريد لا كالأجيال، وأمة قائدة رائدة لا كالأمم؛ فهل يشبههم شباب جيلنا؟.
إننا نقول بكل حرقة وأسف وحسرة كما قال الله: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم:59].
خلف من بعدهم خلف استبدلوا السواك بالسيجارة، واستبدلوا المصحف بالمجلة، واستبدلوا تلاوة القرآن وسماعه بسماع الغناء والموسيقى وآلات الطرب والمزامير، واستبدلوا مجالس العلم والذكر بمجالسة الأفلام والمسلسلات ومتابعة المباريات، واستبدلوا المساجد وساحات والوغى بساحات الاستراحات والملاعب، واستبدلوا التهجد بالأسحار بالسهر على فساد الدشوش والأفلام ووسائل الاتصال المباشر، واستبدلوا رايات الجهاد برايات النوادي، حتى صدق فينا قول القائل :
تحتلُّ صدْرَ حديثِنا *** وحديثُها في كُلِّ فَمْ
النَّاسُ تسهَرُ عندها *** مبهورةً حتى الصباحْ
وإذا دعا داعي الجها *** دِ وقال: حيَّ على الفلاح
غطَّ الجميعُ بنومِهِمْ *** فَوْزُ الفريقِ هو الفلاح!
فوز الفريق هو السبيـــ *** ــلُ إلى الحضارةِ والصَّلَاحْ
صارت أجلَّ أمورنا *** وحياتِنا هذا الزَّمَنْ
ما عاد يشغلنا سوا *** ها في الخفاءِ وفي العَلَنْ
أيها المسلمون: إن من شبابنا من بلغ الثلاثين أو أزيد وهو لا يعرف: لماذا أتى؟ ولا: لماذا جاء؟ ولا: كيف يعيش؟ ولا: إلى أين يسير؟ غاوٍ لاهٍ لا يعرف رسالته في الحياة! غير أنه خلق ليأكل ويشرب، ويلهو ويلعب، وينام ويصخب!.
إن من شبابنا من لا تتجاوز همته شهوة بطنه وفرجه، إن من شبابنا من لا تتجاوز همته إشباع رغباته وشهواته في الحرام! فإلى متى تبقى الهمم متضائلة، والعزائم متقاصرة؟.
ولله در القائل:
أَوَّاهُ يا أبَتِي عـَلَى أمجـادِنا *** يختالُ فوقَ رُفَاتِهَـا الجـلَّادُ
يا وَيْحَنَا! ماذا أصـاب رجالَنا؟ ** أوَما لنا سعـدٌ ولا مقدادُ؟
نامت ليالي الغافلينَ وَلَيْلُنَـا *** أَرَقٌ يُذِيبُ قُلُـوبَنَا وسهـادُ
سُلَّتْ سُيُوفُ الْمُعْتَدِينَ وَعَرْبَدَتْ *** وَسُيُوفُنَا ضَاقَتْ بها الأغْمَادُ
أهُوَ القُنُوطُ يهُدُّ رُكْنَ عزيمَتي *** وبه ظـلامُ مَخَـاوِفِي يزدادُ؟
أَهُوَ القُنُوطُ؟ فأيْنَ إيماني بِمَنْ *** خَلَق الوجودَ وما له أنـدادُ
أجدادُنا كتبوا مآثِرَ عِزِّهَا *** فَمَحَا مآثرَ عِزِّهَـا الأَحْفَـادُ
يا ليلَ أمَّتِنا الطويل متى نرى *** فجْـَراً تُغَرِّدُ فوقَهُ الأمجـادُ؟
ومَتَى نرى بوَّابَةً مَفْتُوحَةً *** لِلْحَقِّ تَقْصُرُ عِنْدَهَـا الآمادُ؟
دَعْنَا نُسَافِرُ فِي خُطَى آبائنا *** وَلَنَا مِن الْهِمَمِ العَظِيمـَةِ زَادُ
فيا شباب الأمة! ويا أمل المستقبل! عَوْدَاً حَمِيداً إلى الله، فالأمة تنتظركم، وتتطلع إلى مآثركم، وتطمح أن يكون عِزُّهَا على أيديكم، وأنتم لذلك أهل.
شباب الجيلِ للإسلامِ عُودُوا *** فَأَنْتُمْ رُوحُهُ وَبِكُمْ يَسُودُ
وأَنْتُم سِرُّ نَهْضَتِهِ قديماً *** وأنتمْ فَجْرُهُ الباهي الجديدُ
اللهم أعد هذه الأمة إليك، وخذ بنواصي شبابها إلى رحابك، ووفقنا جميعا لمرضاتك يا أرحم الراحمين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام الغُرِّ الْمُحَجَّلين، وآله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق:2-3].
يا شباب الإسلام، يا من رضيتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، إنكم أصحاب قضية كبرى، فأنتم أكبر من أن تكون قضيتكم في الحياة أن تأكلوا وتشربوا وتلهوا وتلعبوا!.
أنتم أكبر من أن تكون همومكم حول شريط غنائي أو سفرة للخارج، أنتم أكبر من أن تكون حياتُكُم لهواً وغفلة، أنتم أكبر من أن تقضوا أوقاتكم مع الدشوش الفاسدة المدمرة، والأفلام الهابطة.
أنتم أكبر مِن أن تدور همومكم حول الأكل والمتعة، فذلك كله ليس من شأنكم؛ بل شأن غيركم ممن قال الله فيه: (وَالَّذِين كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) [محمد:12].
يجب أن تعيشوا لقضية أكبر، إنها قضية هذا الدين الذي تتعبدون لله به، هذا الدين الذي من أجله خُلقْتم: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
فهل تذكرتم أنكم جزء من هذه الأمة التي يجب أن تكون في المقدمة في زمن تتسابق فيه الأمم في صنع المستقبل؟.
إننا في عصر ينبغي أن نقتحمه متَّحِدِين، فهل فكرتم في إسهام حقيقي منكم في ذلك؟ هل استشعرتم أن دينكم الذي تدينون لله به مستهدف بعداء مرير، ومكر أكيد طويل، مِن قِبَل أعدائكم؟ أعني اليهود والنصارى والملحدين والشيوعيين والعلمانيين والليبراليين والرافضة المجوس الحاقدين!.
واقرؤوا إن شئتم قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام، أبيدوا أهله؛ لتقفوا على طرف من هذا العداء. فهل فكرتم في مواجهة هذا العداء؟.
أيها الشباب: ألم تؤلمكم مجازر المسلمين ورخص دمائهم؟ فإذا هي أرخص من ماء البحر! وهل تحركت فينا روح الجسد الواحد!.
إني سائلكم، وأخصكم بالسؤال يا شباب: كم تبلغ مساحة الإسلام من خارطة اهتماماتكم؟ وكم تبذلون في سبيل هذا الدين؟ وكم تهتمون للدين؟ وهل هو القضية التي تتراءى لكم في حياتكم وتؤرقكم؟ أسئلة كثيرة أترك الإجابة عليها لكم.
أيها الشباب: استشعروا عظم المسؤولية الملقاة على عواتقكم؛ فإنكم رجال المستقبل، وسوف تتحملون أعباء الدين والدنيا، وستحال إليكم مسؤولية القضاء والإدارة والتجارة والأسرة والتعليم والجهاد والنضال، فكونوا رجال عمل وخشونة، ورجال شجاعة وكرم وعبادة، ورجال حياء وخلق وغيرة وشهامة، فأعداؤكم يستهدفون دينكم وأعراضكم.
فهبّوا يا شباب الإسلام للذود عن دينكم وصيانة أعراضكم؛ فمن يحمل هم هذا الدين ويرفع راية التوحيد إذا توليتم؟ ومن ينصر الدين ويعلي شأنه إذا أعرضتم؟ ومن يحمي الأعراض إذا فسقتم؟ ومن يصد كيد الأعداء جبنتم؟ ومن يعيد للأمة عزها إذا أهنتم ورضيتم؟ أما نخشى يا شباب أن يصدق فينا قول الحق -سبحانه-: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد:38].
فعليكم يا شباب معقد الآمال بعد الله، فانصروا الله في أنفسكم بفعل أوامره وترك نواهيه وزواجره ينصركم الله، وعودوا إلى الله وتوبوا إليه توبة نصوحا، عجّلوا قبل انقطاع الأمل وفجأة الأجل، عجلوا قبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، واعلموا أن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه، ويحبه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222].
يا معشر العاصينَ جودٌ واسعٌ *** عِنْدَ الإلهِ لِمَنْ يَتُوبُ ويندما
يا أيُّهَا العَبْدُ الْمُسِيءُ إلى متى *** تفني زمانك في عسى ولربما؟!
بادِرْ إلى مولاك يا مَن عُمْرُهُ *** قد ضاع في عصيانه وتَصَرَّما
واسأله توفيقاً وَعَفْوَاً ثُمَّ قُلْ *** يا ربِّ بَصِّرْنِي وزل عَنِّي الْعَمَى
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم