عناصر الخطبة
1/الإسلام دين الأخلاق 2/أخطاء عامة تخالف الذوق والأخلاق.اقتباس
ترى ذلك المتأخر إذا انتهى من صلاته قام؛ ليصلي السنة البعدية, أو قام يتحدث مع بعض رفاقه ناسيًا أن سيارته قد أغلقت الطريق, وأن عشرات الأشخاص ممن انتهى من صلاة الجمعة ينتظرون داخل سياراتهم تحرك سيارته المباركة؛ لينفك الزحام، وإذا جاء إلى سيارته تحرك بكل برود...
الْخُطبَةُ الْأُولَى:
اللهم لك الحمد كله, ولك الثناء كله, ولك الفضل كله, وإليك يرجع الأمر كله, وأشهد أن لا إله إلا أنت, عز جاهك, وجل ثناؤك, وتقدست أسماؤك, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله, ما أعلى خلقه، وما أنبل شمائله, وما أرقى تعامله!, اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.
وبعد: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
ديننا -يا عباد- الله دين الجمال والجلال, ديننا حث في الأخلاق على أعلى الخصال, وأعظم في جميلها جزيل الأجر والنوال, وأعقب في قبيحها السيئات الثقال .
وإن الناظر -عباد الله- لبعض المظاهر في المجتمع وشوارعه العامة, ليرى بعض الذوقيات المخالفة عند البعض في الأخلاق والتعامل؛ تشوه وجه المجتمع, وتضيق على أهله وتؤذيهم, ومرتكزها عدم تقدير الناس ومراعاة مشاعرهم, ولكأن مخالف الذوق يعيش وحده, وكم يخجل البعض في مصارحة الآخرين بها, وتنبيههم عليها!.
فهذه إشارات لبعضها من باب التذاكر والتناصح :
إن من الأخطاء المخالفة للذوق رمي النفايات من السيارات: تتعجب من بعض سائقي السيارات حين يرمون العلب الفارغة والمناديل من نوافذ سيارتهم أثناء القيادة؛ بل وقد يفعل ذلك الأب أمام أبنائه الصغار! غير آبه بمن يسير خلفه وبجانبه, كم هؤلاء يشوهون الطرقات العامة!, ألم يعلموا أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة؟ فكيف بمن يتعمد رمي الأذى في طرق الناس؟!.
الخطأ الثاني: التدخل في شؤون الغير: فبعض الناس تراه فضولياً؛ يتدخلُ في شؤون غيره، يسأل زملاءه أسئلة شخصية محرجة، فتراه يسأل: كم راتبك؟ أو كم ربحت في بيع الأرض الفلانية؟ لماذا لم يأتك أولاد؟ وغيرها من أسئلة فيها تدخل في الخصوصيات، فلا شك أن هذا خُلُق ذميم؛ يجعل الناس ينفرون من صاحبه، فليس من الذوق إحراج الآخرين بمثل هذه الأسئلة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لا يَعْنِيهِ"(رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني.(
الخطأ الثالث: إنك ترى البعض واقفاً في طابور ينتظر دوره، فتُفاجئ من يأتي متأخراً؛ ليتقدم على كل من سبقه، بحجة أنه مستعجل، وكأنَّ الناس ليس لديهم أشغال مثله، فلا يراعي مشاعر, ولا يحترم هؤلاء الواقفين!.
الخطأ الرابع: عند انتظار دفن الميت ترى البعض يشيع جنازة, فيلتقي بصديق له لم يره منذ فترة؛ فيتضاحكان ويتحدثان بصوت مرتفع أمام أهل الميت المفجوعين بمصابهم، ولا يراعي شعورهم, ولا يحس بحرارة المصيبة التي وقعت عليهم، وإنما يضحك بحضرتهم.
إن من أعظم وأهم الأدب الغائب عند تشييع الجنائز أدب الصمت والتفكر, وعدم الخوض في أحاديث الدنيا، وهكذا كان أدب صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المقبرة، كانوا إذا دخلوها كأن على رؤوسهم الطير؛ من الصمت والتفكر بالموت, وبما يصير إليه الميت.
لقد أصبح شهود الجنائز في المقبرة لدى البعض مناسبة للقاء الأصدقاء والمعارف, والتحدث فيما بينهم في أمور الدنيا، وليس لتذكر الموت والآخرة.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: ومن الأخطاء التي تخالف الذوق:
الخطأ الخامس: عدم احترام كبار السن، فبعض الناس قد يدخل عليهم رجل طاعن في السن؛ فلا ترى من يقوم من مقعده ويؤثره به, وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-, فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا"(رواه الترمذي وصححه الألباني).
الخطأ السادس: وضع الأحذية في طرقات الناس, أو أمام أبواب المساجد وغيرها, فلا يستطيع الداخل للمسجد أو غيره أن يدخل؛ إلا وقد وطأ عليها, فبالله عليكم لأي شيء وضعت هذه الأرفف للأحذية عند أبواب المساجد, وإن كان الشخص متثاقلاً كسولاً أن يضعها فيه فلا أقل من أن ينحيها جانب الباب لا أمامه .
الخطأ السابع: الإتيان للصلاة متأخراً وتخطي رقاب الناس؛ ليصلي في الأمام, والبعض الآخر في هذه الأحوال لا يلتزم بالتباعد, فيترك العلامات الموضوعة قصداً, ويصلي بين اثنين, جاء عند أبي داود وأحمد وصححه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يتخطى الرقاب يوم الجمعة؛ يريد أن يصلي في الأمام, فقال له -صلى الله عليه وسلم- على رؤوس الأشهاد والصحابة ينظرون: "اجلس فقد آذيت", قل لي -بالله- ما شأنك لو قالها لك الخطيب؛ مقتديا برسول الله؛ وأنت تتخطى الصفوف؟!.
الخطأ الثامن: وقد جعلته في آخر الخطبة ليسمعه من جاء متأخرًا؛ ولأنه يتكرر كل جمعة في كثير من الجوامع: وهو مضايقة الناس في طرقهم, فترى بعض المتأخرين عن صلاة الجمعة، وقد فاتته الخطبة، يأتي مسرعًا يريد إدراك الصلاة، فيوقف سيارته في وسط الشارع؛ فيعيق حركة السير، ويمنع مرور بقية السيارات التي قد يكون بعضهم متأخرًا مثله، فيضطرون إلى الوقوف خلفه في وسط الشارع؛ فيُغلق ذلك الشارع تمامًا!.
وترى ذلك المتأخر إذا انتهى من صلاته قام؛ ليصلي السنة البعدية, أو قام يتحدث مع بعض رفاقه ناسيًا أن سيارته قد أغلقت الطريق, وأن عشرات الأشخاص ممن انتهى من صلاة الجمعة ينتظرون داخل سياراتهم تحرك سيارته المباركة؛ لينفك الزحام، وإذا جاء إلى سيارته تحرك بكل برود، ولا كأنه أخطأ في حق غيره!.
وقل مثل ذلك حين تبحث عن موقف لسيارتك في مكان تراصت السيارات عرضيًا وتزاحمت، فترى واحدًا من أصحاب هذه السيارات قد أوقف سيارته طوليًا مستحلاً مكان ثلاث سيارات بسوء تصرفه، ولا كأن الأمر يعنيه, وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من إيذاء الناس في طرقهم العامة؛ فقد روى حذيفةُ بنُ أسيدٍ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من آذى المسلمين في طرقهم، وجبت عليه لعنتهم"(رواه الطبراني وحسنه الألباني.(
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم