فضل الله واسع

يحيى بن إبراهيم الشيخي

2024-07-19 - 1446/01/13 2024-07-22 - 1446/01/16
عناصر الخطبة
1/من ثمرات العمل الصالح وبركته 2/من مظاهر سعة فضل الله ورحمته 3/إرسال الرسل وإنزال الكتب من رحمة الله بالناس

اقتباس

ومن رحمته لعباده أن يسَّر لهم طرق الخير التي تسهِّل لهم طريق الجنة من غير مشقة، وبارَك لهم في أعمال الخير بمضاعفة الحسنات وتكفير السيئات بقليلٍ من العمل، قال ابن حجر -رحمه الله-: "ينبغي للمرءِ ألا يزهَدَ في قليلٍ من الخيرِ أن يأتيَه، ولا في قليلٍ من الشرِّ أن يَجتنِبَه...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حقَّ التقوى؛ فمن اتقَى ربَّه ارتَقَى درجات، وطابَ مآلُه بعد الممات.

 

أيها المسلمون: إذا أراد الله بعبده خيرًا شرح صدره لعمل الخير، وجعل قلبه يشعر بالسعادة مطمئنا بذكره، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرعد: 28].

 

ومن أكبر المصائب التي يُبتلى بها العبد أن يكون في قلبه شعث، وفي عقله شتات؛ فيسرح ويمرح في هذه الدنيا هائمًا على وجهه، لا يدري أين يجد راحته ومستقر سعادته؟ ولا يدري أن السعادة كلها في ذكر الله والعمل الصالح.

 

وكلما زاد الإنسان من العمل الصالح، كثُرت حسناته وذهبت سيئاته، قال -تعالى-: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)[هود: 114]، ومن بركة العمل الصالح مضاعفة الأجر وتكفير السيئات، والله رحيم بعباده غفور شكور.

 

عباد الله: فضل الله واسع ورحمته وسعت كل شيء، ومن رحمته لعباده أن يسَّر لهم طرق الخير التي تسهِّل لهم طريق الجنة من غير مشقة، وبارَك لهم في أعمال الخير بمضاعفة الحسنات وتكفير السيئات بقليلٍ من العمل، قال ابن حجر -رحمه الله-: "ينبغي للمرءِ ألا يزهَدَ في قليلٍ من الخيرِ أن يأتيَه، ولا في قليلٍ من الشرِّ أن يَجتنِبَه؛ فإنه لا يعلَم الحسنةَ التي يرحمُه الله بها، ولا السيئةَ التي سخَطُ عليه بها".

 

وخصَّ -سبحانه- أعمالًا يسيرةً بثوابٍ جزيلٍ مُضاعَفٍ عنده، فالتوحيدُ دينُ الفِطرة، وجزاءُ أهله الجنة، قال - عليه الصلاة والسلام -: "من لقِيَ اللهَ لا يُشرِكُ به شيئًا؛ دخلَ الجنةَ"(رواه مسلم)، ومن كان آخرَ كلامِهِ من الدنيا: لا إله إلا الله؛ دخلَ الجنةَ، وأثابَ - سبحانه - على فروعٍ في العباداتِ يتكرَّرُ عملُها في اليوم والليلة بتكفيرِ الخطايا، وفتحِ أبوابِ الجِنان، فجعلَ الطُّهورَ شطرَ الإيمان، والسِّواكَ مرضاةً له -سبحانه-.

 

ومن توضَّأَ فأحسنَ الوضوءَ خرجَت خطاياهُ من جسدِهِ، حتى تخرُج من تحت أظفاره، ومن فرَغَ من الوضوءِ وقال: "أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبدُ الله ورسوله؛ إلا فُتِحَت له أبوابُ الجنةِ الثمانية يدخُلُ من أيِّها شاء"(رواه مسلم)، و"من توضَّأَ فأحسَنَ الوضوءَ، ثم صلَّى ركعتين يُقبِلُ عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ؛ وجبَتْ له الجَنَّة"(رواه النسائي).

 

وجعلَ خُطوات الماشِي إلى الصلاة إحداهما تحُطُّ خطيئةً، والأخرى ترفَعُ درجةً، والمُنادِي بالأذان يُغفَرُ له مدُّ صوته، ويشهدُ له كلُّ رَطبٍ ويابِسٍ، ومن سمِعَ المُؤذِّنَ وقال مِثلَ قوله كان له كأجرِه، "وإذا قال المُؤذِّن: أشهدُ أن محمدًا رسول الله، فقال من سمِعَه: وأنا أشهدُ، رضِيتُ بالله ربًّا، وبمُحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلام دينًا؛ غُفِرَ له ذنبُه"(رواه مسلم).

 

ولفضلِ الصلاةِ وعُلُوِّ منزلتها، كان ثوابُ الأعمال فيها عظيمًا، فـ"مَن غدَا إلى المسجدِ وراحَ؛ أعَدَّ اللهُ له نُزُلَه من الجنَّةِ كلَّما غدَا أوْ راحَ"، و"صَلاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"، و"من صلَّى الصُّبحَ فهو في ذِمَّةِ الله".

 

ومن حافَظَ على صلاةِ العصر ضُوعِفَ له أجرُه مرتين، قال -عليه الصلاة والسلام-: "إن هذه الصلاةَ عُرِضَت على من كان قبلَكم فضيَّعُوها، فمن حافَظَ عليها كان له أجرُه مرتين"(رواه مسلم)، و"من صلَّى العشاءَ في جماعةٍ، فكأنَّما قامَ نصفَ الليل، ومن صلَّى الصبحَ في جماعةٍ فكأنَّما صلَّى الليلَ كلَّه".

 

وركعتان قبل الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها، و"من صلَّى اثنتَي عشرة ركعة في يومٍ وليلةٍ؛ بنَى الله له بيتًا في الجنة"، وركعتان في الضُّحَى تُؤدِّي شُكرَ نعمةِ جميع مفاصِلِ الإنسان.

 

هذه فضائل -يا عباد الله-، غير الأذكار التي شُرعت صباحًا ومساءً وبعد الصلوات وغيرها.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

 

أيها المسلمون: من رحمةِ الله بعباده أن أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ لهداية الناس إلى الحق، وليتبيَّنوا الطريق المستقيم، وليحصلوا على ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، يقول -تعالى- في كتابه العزيز عن القرآن الكريم: (هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[الأعراف: 203].

 

ومن رحمته بهذه الأمة أن بعث فيهم رسولًا منهم، فما وجَد خيرًا إلا دل الأمة عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرها منه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الهداة المهتدين-.

 

فاتقوا الله -عباد الله-، وصلوا وسلموا على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

 

 

المرفقات

فضل الله واسع.doc

فضل الله واسع.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات