عناصر الخطبة
1/أهمية الدعاء 2/آداب الدعاء وأسباب الاستجابة 3/أقرب أوقات الإجابة 4/لا يخيب الله من دعاهاقتباس
الدُّعَاءُ تِجَارَةٌ رَابِحَةٌ لا مَحَالَة؛ فاللهُ تعالى لَا يُخَيِّبُ مَنْ دَعَاه؛ فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ مَا سَأَلَ أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَه ادَّخَرَ لَهُ الثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ كَفَّ عَنْهُ بِهِ سُوءًا...
الخُطْبَةُ الأُولى:
عِبَادَ الله: إِنَّهُ أَصْلُ الأُصُول، وسَبَبٌ لِحُصُولِ المَأْمُول، إِنَّهُ عِبَادَةُ المسلم، وسِلَاحُ المؤمن؛ إِنَّهُ الدُّعَاء.
أَتَهزَأُ بِالدُعاءِ وَتَزدَريهِ *** وَما تَدري بِما صَنَعَ الدُّعاءُ
سِهامُ اللَيلِ لا تُخطِي وَلَكِن *** لَها أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ اِنقِضاءُ
والدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ؛ فَلا يَجُوزُ صَرْفُهُ لِغَيرِ الله؛ كالأمواتِ وأصحابِ القبور، (إنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُم)[فاطر:14].
ومَنْ أُلْهِمَ الدُّعَاء لَمْ يُحْرَمِ الإِجَابَة، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ)[غافر:60]، قال عمرُ -رضي الله عنه-: "إِنِّي لَا أَحْمِلُ هَمَّ الْإِجَابَةِ، وَلَكِنْ أَحْمِلُ هَمَّ الدُّعَاءِ؛ فَإِذَا أُلْهِمْتُ الدُّعاء: عَلِمْتُ أَنَّ الْإِجَابَةَ مَعَهُ".
والعَارِفُونَ بالله يَتَعَرَّفُونَ إلى اللهِ في الشِدَّةِ والرّخَاء، ويَسْأَلُونَ كُلَّ شَيءٍ بالدُّعَاء، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا؛ حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ"(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
وللدُّعَاءِ آدَابٌ، وللإِجَابَةِ أسبابٌ؛ مَنِ اسْتَكْمَلَهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الإِجَابَةِ، ومن ذلك:
أولاً: الدُّعَاءُ بأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى وصِفَاتِهِ العُلَى، قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)[الأعراف:180].
ثانيًا: حَمْدُ الله، والصَّلاةُ على رَسُولِ الله؛ فَقَدْ سَمِعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الله، وَلَمْ يُصَلِّ على النَّبي؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "عَجِلَ هَذَا"، ثُمَّ قال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ"(رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حَسَنٌ صحيح).
ثالثًا: عَدَمُ الاسْتِعْجَال، قال -صلى الله عليه وسلم-: "يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي"(رواه البخاري ومسلم).
رابِعًا: أَكْلُ الحَلال؛ فَقَدْ ذَكَرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- "الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟"(رواه مسلم).
خامسًا: الدُّعَاءُ بِـجَوامِعِ الدُّعَاء. وَهُوَ مَا كَانَ لَفْظُهُ قَلِيلًا وَمَعْنَاهُ كَثِيرًا، وكانَ -صلى الله عليه وسلم- "يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنْ الدُّعَاءِ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ"(رواه أبو داود، وصححه الألباني).
سادسًا: الإِلْحَاحُ على الله؛ فاللهُ تعالى يُحِبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعَاء؛ وهذا بِخِلَافِ الخَلْق؛ فَإِنَّكَ مَتَى احْتَجْتَ إِلَيْهِمْ -ولو في شَرْبَةِ مَاء- نَقَصَ قَدْرُكَ عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ حَاجَتِكَ إلَيْهِمْ.
وقَبِيحٌ بالعَبْدِ المُرِيد أنْ يَتَعَرَّضَ لسؤَالِ العَبِيد، وهُوَ يَجِدُ عند مولاهُ كلَّ ما يُرِيدُ.
لا تَسْأَلَنَّ بُنِيَّ آدَمَ حَاجَةً *** وَسَلِ الذَّي أَبْوَابُهُ لا تُحْجَبُ
اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ *** وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
سابِعًا: عَدَمُ الاعْتِدَاءِ في الدُّعَاء؛ كَدُعَاءِ غَيرِ الله، أو طَلَبِ ما يُخَالِفُ الشَّرْعَ والعَقْل، أو التَّكَلُّف في السَّجْعِ والطَلَب، أو رَفْعِ الصَّوْتِ وتَجَاوُزِ الأَدَب، والغَفْلَةِ والاسْتِغْنَاء في الطَلَب؛ (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)[الأعراف:55]، قال -صلى الله عليه وسلم-: "سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاء"(رواه أبو داود، وصححه الألباني).
وَهُنَاكَ أَحْوَالٌ وأَوْقَاتٌ تَكُونُ أَقْرَبَ للإِجَابَةِ مِنْ غَيْرِهَا؛ فَمِنْ ذلك: الدُّعَاءُ في السُّجُود، وبَيْنَ الأَذَانِ والإِقَامَة، وفي الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنَ الليل، وعِنْدَ نُزُوْلِ المَطَر، وفي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارِ يَوْمِ الجُمُعَة، وكذلكَ: دَعْوَةُ الصائم، والمسافِرِ، والوالِد، ودَعْوَةُ المَظْلُوْمِ لَيْسَ بَيْنَهَا وبَيْنَ اللهِ حِجَاب.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
عِبَادَ الله: الدُّعَاءُ تِجَارَةٌ رَابِحَةٌ لا مَحَالَة؛ فاللهُ تعالى لَا يُخَيِّبُ مَنْ دَعَاه؛ فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ مَا سَأَلَ أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَه ادَّخَرَ لَهُ الثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ كَفَّ عَنْهُ بِهِ سُوءًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أن يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قال: اللَّهُ أَكْثَرُ"(رواه أحمد، وصححه الألباني).
ورَمَضَانُ فُرْصَةٌ للمَزِيدِ مِنَ الدُّعَاء، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)[البقرة: 186]. وهذهِ الآيةُ ذَكَرَهَا اللهُ بينَ آياتِ الصيام؛ وَفِي هَذِهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الصَّائِمَ مَرْجُوُّ الْإِجَابَةِ، وَإِلَى أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ مَرْجُوَّةٌ دَعَوَاتُهُ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم