عناصر الخطبة
1/دنيا البلاء 2/حدوث الزلازل حِكَم وعبر 3/الزلازل بين تطهير أهل الإيمان وعقوبة أرباب العصيان 4/كثرة الزلازل من علامات الساعة الصغرى.اقتباس
لا أمان على هذه الحياة الموقوتة من هجوم البلاء، ورحيل النعماء، ومصيرِ المالك بلا ملك، والقريبِ بلا أقارب، والحبيب بلا أحباب؛ فالمكارهُ لن تطلب الاستئذان بالدخول، ومتى نزلت ليس بيد الحيِّ إرغامُها على.. وإن من تلك البلايا -معشر المسلمين- بليةَ الزلازل التي تحرك الأرض...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب70-71]، أما بعد:
أيها المسلمون: إن هذه الدنيا دار لا تسلم من المنغصات، ولا تبقى آمنة من المصيبات، أفراحها مشوبة بالأحزان، وتمامها متلوٌّ بالنقصان، وأمانها غير آمن من مخاوف معكِّرة، واستقرارها غير محفوظ من أحداث مبعثِرة أو مدِّمرة.
ضاحكها يقطع ضحكَه البكاء، أو مجيءُ العزاء، وغنيُّها قد يَذهب غناه في لمحة عين، فيصبح لا شيء له، وصحيحها لا يسلم من الأسقام، وعامرها لابد أن تمر به الآلام، وحيُّها قد يبغته الموت وكان قبل لحظات منه في تمام عافيته، وكامل سروره، وزهو أمانيه الممتدة.
أفلا اتعظ عابر الدنيا بهذه المكاره، وعلم أنها ليست لحي بوطن، فأعد زاد التقوى، واستعد للقاء المولى، وترك اللهو بدار الدنيا؛ (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[العنكبوت:64].
حكمُ المنيَّة في البريَّة جارِ***ما هذه الدنيا بدار قرارِ
بينا يُرى الإنسانُ فيها مخبِراً***حتى يُرى خبراً من الأخبار
طُبعتْ على كدرٍ وأنت تريدُها***صفواً من الأقذاء والأكدارِ
ومكلِّف الأيَّامِ ضدَّ طباعها***متطلّبٌ في الماءِ جذوة نار
فالعيشُ نوم والمنيّة يقظة***والمرءُ بينهما خيالٌ سار
والنفسُ إن رضيتْ بذلك أو أبت***منقادةٌ بأزمّة المقدارِ
فاقضُوا مآربكم عِجالاً إنما***أعماركم سفرٌ من الأسفار
فالدّهر يخدعُ بالمنى ويغصُّ إن***هَنَّا ويهدم ما بنى ببوارِ
أيها المؤمنون: لا أمان على هذه الحياة الموقوتة من هجوم البلاء، ورحيل النعماء، ومصيرِ المالك بلا ملك، والقريبِ بلا أقارب، والحبيب بلا أحباب؛ فالمكارهُ لن تطلب الاستئذان بالدخول، ومتى نزلت ليس بيد الحيِّ إرغامُها على الإقلاع والرحيل؛ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ)[آل عمران:13].
وإن من تلك البلايا -معشر المسلمين- بليةَ الزلازل التي تحرك الأرض وتميد بها، فتسقط المساكن على رؤوس أهلها فيصبح الناس بين ميْتٍ وفقيد، وعالق وجريح وشريد، وتذهب الممتلكات، وتتعطل سبل الحياة، ويعظم الهول والفجيعة، وتغدو الحقيقية المرئية كأنها حلم مخيف ما كان العقل يتصور أن يجده على أرض اليقظة ماثلا.
إنها آية من آيات الله -تعالى- الدالة على عظمته، والناطقة بقوته وجبروته، وليست الطبيعة هي من تغضب فتعمل ما تريد، بل الله -تعالى- هو الذي يأمر ما في الحياة أن يصنع ما يريده جل جلاله؛ لحكم بالغة، وغايات بالحكمة ناطقة، وبالموعظة مفصحة؛ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق:37].
ثوانٍ قليلة فتصبح المدينة العامرة يبابا، والقائم فيها خرابا، فتنطفئ أنوارها، وتُقتلع أشجارها، وتخبو بهجتها، وتتقطع مسالكها، فتموت فيها الحياة، ويحيا فيها الموت، وينطق العويل، ويحكمها الحزن الطويل.
أفلا نظرت -أيها الإنسان- إلى هذه الآية فتعرف منها عظمة جهلك ولو كان لديك من العلوم والمعارف ما لديك، وتدري عظمة ضعفك مهما زعمت لنفسك القوة، وتعلم مدى عجزك مهما اتخذت من وسائل الحماية والقدرة، وأيقنت أن البشر كل البشر ليسوا شيئًا أمام قوة الجبار، وقدرة العظيم القهار -سبحانه وتعالى-، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)[الإسراء:85]، وقال -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)[الروم:54]، وقال -سبحانه-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)[فاطر:44].
في تلك اللحظة عندما يعم السكون والسلام والاطمئنان أرجاء محيطنا -نحن البشر- فتبغتها رجفة تتهاوى بها المنازل، وتتناثر الأشياء بعضها فوق بعض، وتتقطع هناك السبل، ويعظم الصوت المخيف في الأنحاء، وترجف القلوب من شدة الفزع، وتطيش الأحلام، ولا نستطيع فعل شيء يدفع عنا ما نزل بنا؛ هناك نعرف من نحن، ومن نكون أمام قوة خالقنا وقدرته، وحاجتنا الشديدة إلى لطفه ورحمته.
عباد الله: إن الزلزال آية عظيمة من آيات الله، يرسلها الله -تعالى- لحكم كثيرة، منها: التخويف للحائدين عن طريق الحق كي يرجعوا إليه، والمقصرين في حق الله أن يصلحوا حالهم معه، والشاردين أن يعودوا إلى مولاهم، قال الله -تعالى-: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا)[الإسراء:59]؛ قال بعض المفسرين: "ومنه الزلازل والمخاوف والطاعون؛ فإنه زجر لأهل الفسق، فينبغي للمؤمن أن يسارع إلى طريق التقوى، وإحياء سنة خير الورى".
وقال ابن كثير -رحمه الله-: "قال قتادة -رحمه الله-: إن الله -تعالى- يخوف الناس بما شاء من الآيات؛ لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون، ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود -رضي الله عنه-، فقال: "يا أيها الناس، إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه"؛ ومعنى يستعتبكم أي؛ يطلب منكم التوبة من الذنوب والرجوع إليه منها.
وقال المهلب-أحد شراح صحيح البخاري -رحمهما الله-: " ظهور الزلازل والآيات -أيضًا- وعيد من الله -تعالى-"؛ وتلا الآية السابقة.
وقال الله -جل جلاله-: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)[الأعراف:94].
فمن كان فيه خير اتعظ وانزجر، وأثرت فيه تلك العظات والعبر، ومن كان غير ذلك لم يزدد إلا قساوة قلب، وفساد عمل ورأي؛ قال -تعالى-: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام:43]، وقال: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)[المؤمنون:76].
قال ابن القيم -رحمه الله- -وهو يتحدث عن الأرض-: "ولما كانت الرياح تجول فيها وتدخل في تجاويفها، وتحدث فيها الأبخرة، وتخفق الرياح ويتعذر عليها المنفذ؛ أذن الله -سبحانه- لها في بعض الأحيان بالتنفس؛ فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم".
أيها الإخوة الفضلاء: إن الزلازل بلاء ينتج عن عصيان، وقلة طاعة للرحمن؛ فيكون بحصولها اصطفاء للمؤمنين، وانتقام من المسرفين المتمادين؛ فعن صفية ابنة أبي عبيد، قالت: "زلزلت الأرض على عهد عمر حتى اصطفقت السُّرر، فوافق ذلك عبد الله بن عمر وهو يصلي فلم يدر، قال: فخطب عمر للناس، فقال أحدهما: لقد عجلتم، قال: ولا أعلمه إلا قال: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم".
وعند ابن أبي الدنيا: "أخذ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعضادتي باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "يا أهل المدينة، إنكم قد رجفتم، والرجف من كثرة الربا، وإن قحوط المطر من قضاة السوء وأئمة الجور، وإن موت البهائم ونقصان الثمر من قلة الصدقة، فهل أنتم منتهون؟ أو ليخرجن عمر من بين أظهركم".
وعن كردوس الثعلبي قال: "حدثني رجل في هذا المسجد مسجد الكوفة وكان أبوه ممن شهد بدرًا قال: مررت على قرية تزلزل فوقفت قريبًا أنظر إنسانًا يخرج إلي فأسأله، قال: فخرج علي رجل فقلت: ما وراءك؟ فقال: تركتها تزلزل وإن الحائطين ليصطكان يرمى بعضها على بعض قال: قلت: وما كانوا يعملون؟ قال: كانوا يأكلون الربا".
غير أن الزلازل -معشر المسلمين- تنزل على الصالح والطالح، والمؤمن والكافر؛ فهي للطالح عقوبة على ما اقترف من الخطايا بعد الإمهال، وللصالح تطهير من الذنوب، ورفع الدرجات لدى الكبير المتعال، فلا يقال: إنها عقوبة عامة بلا تفريق، ولا أنها مصيبة مأجور عليها كلُّ من نزلت به؛ فقد عاقب الله -تعالى- بها قوم شعيب المكذبين؛ قال -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)[العنكبوت:37].
وأما المؤمنون فالزلازل وسائر البلايا لهم تطهير وتنقية؛ فقد أصاب طاعون عمواس الناس في العام الثامن عشر الهجري ومات بسببه عدد من الصحابة وخيار التابعين؛ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَا عَذَابَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، جَعَلَ اللَّهُ عَذَابَهَا فِي الدُّنْيَا الْقَتْلَ وَالزَّلَازِلَ وَالْفِتَنَ".
قال بعض أهل العلم: "هذا الحديث وارد في مدح أمته -صلى الله عليه وسلم- واختصاصهم من بين سائر الأمم بعناية الله -تعالى- ورحمته بهم وأنهم إن أصيبوا بمصيبة في الدنيا حتى الشوكة يشاكها فإن الله يكفر بها في الآخرة ذنبًا من ذنوبهم، وأن من عُذِّب منهم في الآخرة على معاص لم يخرج بها إلى الكفر فإنه لا يعذب مثل عذاب الكفار".
وقال بعضهم: "المصائب المقدرة في النفس والأهل والمال تارة تكون كفارة وطهورا، وتارة تكون زيادة في الثواب وعلواً في الدرجات، وتارة تكون عقابًا وانتقاما".
نسأل الله أن يقينا عذابه، ويرحمنا برحمته التي وسعت كل شيء.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الظاهر في عليائه، الحكيم في قدره وبلائه، والصلاة والسلام على صفوة خلقه وخيرة أنبيائه، وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار؛ أما بعد:
أيها المسلمون: إن كثرة الزلازل من علامات قرب الساعة؛ فقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه بَاب مَا قِيلَ فِي الزَّلاَزِلِ وَالآيَاتِ، وساق بسنده إلى أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ".
وبوب ابن حبان -رحمه الله- في صحيحه باب ذِكْرِ الْإِخْبَارِ عَنْ وُجُودِ كَثْرَةِ الزَّلَازِلِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وساق بسنده إلى سَلَمَةَ بْنَ نُفَيْلٍ السَّكُونِيَّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنِّي غَيْرُ لَابِثٍ فِيكُمْ، وَلَسْتُمْ لَابِثِينَ بَعْدِي إِلَّا قَلِيلًا، وستأتوني أفنادا، يفني بعضكم بضعًا، وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتَانٌ شَدِيدٌ، وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزلازل".
وفي العقود الثلاثة الأخيرة بتنا نسمع عن زلازل كثيرة، وهزات عديدة، واسمعوا اليوم هذه الإحصائية عن الزلازل التي حدثت في العالم الإسلامي بين عامي-1410-1432هـ، فقط؛ ففي عام(1410هـ) دمر زلزال شديد غيلان وزنجان شمال غرب إيران.
وفي عام(1413هـ) ضرب زلزال مدينة القاهرة وما حولها.
وفي عام(1416هـ) ضربت هزة أرضية بشدة منطقة خليج العقبة، وقد تلى هذه الهزة آلاف الهزات الارتدادية.
وفي عام(1420هـ) وقع زلزال مروع في شمال غربي تركيا وتسبب في عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
وفي عام(1425هـ) ضرب زلزال شمال المغرب.
وفي عام(1426هـ) ضرب زلزال شمال باكستان وكشمير وقتل عشرات الآلاف وشرد الملايين.
وفي العام نفسه ضرب زلزال جزيرة فلوريس شرقي إندونيسيا.
وفي عام(1427هـ) ضرب زلزال منطقة عين سمارة قرب قسنطينة شرق العاصمة الجزائرية.
وفي العام نفسه ضرب زلزال قوي جزيرة جاوا الإندونيسية.
وفي العام نفسه ضرب زلزال جزيرة سيلاويسي الشمالية الإندونيسية.
وفي عام(1429هـ) ضرب زلزال إقليم بلوشستان ببكستان.
وفي العام نفسه ضرب زلزال قوي إقليم سيلاويسي شمالي البلاد والمناطق القريبة منه بإندونيسيا.
وفي عام (1430هـ) ضرب زلزال إقليم هرمزجان الإيراني.
وفي عام (1432هـ) ضرب زلزال قوي منطقة فان في شرق تركيا.
وقبل أيام -أيها الكرام- فوجئ العالم بزلزال قوي ضرب بعض المدن التركية، وبعض المدن السورية وأدى إلى خسارات كبيرة في الأرواح والممتلكات، وقد بلغ عدد القتلى الآلاف وعدد الجرحى عشرات الآلاف؛ والصور والمقاطع التي ترد من هناك تحكي مأساة كبيرة، وهولاً عظيما، ودماراً واسعا؛ -فعزاؤنا لإخواننا المسلمين- أن يجبر الله كسر الأحياء، ويشفي الجرحى، ويعيد المفقودين، ويؤوي المشردين، ويرحم الميتين ويجعلهم من الشهداء، فقد جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، ولما كانت ميتة الهدم شديدة كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يستعيذ منها، فعَنْ أَبِي الْيَسَرِ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ".
وإزاء هذا الحدث الجلل -علينا جميعًا- أن نتعظ ونتوب إلى الله -تعالى- ففي ذلك تذكير لنا، وأن نكثر من الأعمال الصالحة ومن أعظمها بعد الواجبات: الصدقة؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السّوْءِ، وَالْآفَاتِ وَالْهَلَكَاتِ".
وعن جعفر بن برقان، قال: "كتب إلينا عمر بن عبد العزيز في زلزلة كانت بالشام: "أن اخرجوا يوم الاثنين من شهر كذا وكذا، ومن استطاع منكم أن يخرج صدقة فليفعل؛ فإن الله -تعالى- قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)[الأعلى:15]".
ألا وإن من أخص الناس بالصدقة هذه الأيام إخواننا المنكوبين اللذين أصابتهم الزلازل وحلت عليهم الابتلاءات؛ فالواجب على المسلمين في كل بقاع الأرض الوقوف إلى جانبهم وتضميد جراحهم، والتخفيف من معاناتهم بالعون المادي، وكلمات التسلية من الأحزان، والدعاء الكثير لهم في كل آن.
ختاما -أيها المسلمون- يجب علينا أن نعتبر من هذه الأحداث وأن نلجأ إلى الله -تعالى- بالتوبة والفرار من المعاصي والذنوب التي توجب العقوبات والكروب؛ وعلينا أن نحذر من الشماتة مما حل بإخواننا المسلمين، ولنعلم أنه لولا فضل الله وستره علينا ورحمته بنا لأصابنا ما أصابهم.
نسأل الله أن يرحم موتاهم، ويداوي جرحاهم، ويعافي مرضاهم، ويظهر فقيدهم، ويؤوي شريدهم؛ إن ربي سميع الدعاء.
هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير والشافع يوم المصير؛ حيث أمركم بذلك العليم الخبير؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم