عناصر الخطبة
1/ شكر الله تعالى على نعمة صيام رمضان 2/ أخلاق الأمة تظهر في أعيادها 3/ خطر القنوات الفضائية 4/ قبول الطاعات في رمضان 5/ العيد وواقع الأمة 6/ نصائح للنساءاقتباس
ما أعظمك يا ربنا وما أرحمك يا ربنا، أبقيتنا أحياء حتى أدركنا رمضان، وأبقيتنا حتى أتممنا صيامه، وغيرنا في بطن الأرض يتمنى أن يسجد لك سجدة، ما أرحمك يا ربنا، فتحت أبواب الجنان، وأغلقت أبواب النيران وكتبت من كتبت في سجل العتق من النار، فلك الحمد على الصيام، ولك الحمد على القيام، ولك الحمد على الدعاء، ولك الحمد على تلاوة القرآن.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره...
أما بعد:
أيها المسلمون: إن يومكم هذا يوم عظيم، وعيد كريم، فأقول لكم: كل عام وأنتم بخير، تقبل اللهم مني ومنكم، أسأل الله -جل وتعالى- أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وكانوا من عتقاءه من النار.
أيها المسلمون: إن هذا اليوم يوم عظيم من أيام المسلمين، يوم كله برٌ وإحسان، خرج المسلمون إلى مصليات الأعياد متطهرين مكبرين شكرًا لله تعالى على إتمام شهر الصيام، وعونه على القيام.
لقد حضر المسلمون وقصدوا مصلاهم وقد أدوا زكاة فطرهم للفقراء والمساكين فرحين مكبرين مهللين: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: يقول الله -جل وتعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، أما العدة -أيها الأحبة- فأكملناها، والتكبير كبّرنا، أو قُل: كبّر بعضنا، لكن بقي علينا جميعًا: (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عباد الله: بما نبدأ شكر الله، أنبدأ بالشكر على نعمة الإسلام، أم نبدأ بالشكر على نعمة إتمام رمضان.
ما أعظمك يا ربنا وما أرحمك يا ربنا، أبقيتنا أحياء حتى أدركنا رمضان، وأبقيتنا حتى أتممنا صيامه، وغيرنا في بطن الأرض يتمنى أن يسجد لك سجدة، ما أرحمك يا ربنا، فتحت أبواب الجنان، وأغلقت أبواب النيران وكتبت من كتبت في سجل العتق من النار، فلك الحمد على الصيام، ولك الحمد على القيام، ولك الحمد على الدعاء، ولك الحمد على تلاوة القرآن.
إذا كان شكري نعمة الله نعمة *** عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف وقوع الشكر إلا بفضله *** وإن طالت الأيام واتصل العمر
إذا مس بالسراء عم سرورها *** وإن مس بالضراء أعقبها الأجر
وما منها إلا له فيه منّة *** تضيق بها الأوهام والبر والبحر
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إن شكر الله تعالى -أيها المسلمون- درجات، تبدأ بالاعتراف بفضله، والحياء من معصيته، وتنتهي بتجريد الشكر له -جل وعلا-، وذلك بأن نترجم الشكر إلى أقوال وأعمال، فتكون أعمالنا كلها دالة على شكره؛ قال الله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) [سبأ: 13].
أيها المسلمون: قال ربكم -جل جلاله-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7]، فإن كنا حقًّا نحرص على شكر الله فلنري الله من أنفسنا خيرًا بعد شهر الصيام والقيام.
يا حسرتا على دموع سكبت في المساجد، ويا حسرتا على دعوات رفعت من أجلها الأيدي إلى السماء، ويا حسرتا على حضور مع الجماعة وتلاوة للقرآن طوال الشهر، فأعقب ذلك كله عودة إلى المعاصي، وتفريط في الصلوات، وهجر للقرآن واستهانة بالمحرمات وإهمال للمسئوليات، اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ونعوذ بك من أن نبدل نعمتك كفرًا ونحن نستقبل أيام العيد.
وقد قيل: من أراد أن يعرف أخلاق الأمة فليراقبها في أعيادها؛ إذ تنطلق فيه السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول والعادات على حقيقتها، والمجتمع السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة.
ولقد رأى أحد السلف قومًا يعبثون في يوم العيد بما لا يرضي الله فقال: إن كان هؤلاء تُقُبِّل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كانوا لم يُتقَبّل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين.
أيها المسلمون: إننا نعيش زمن فتن، والسالم من سلّمه الله، وإن من أعظم فتن هذا الزمان التي فتنت الصغير والكبير والرجل والمرأة، والتي ما تركت بيتًا إلا دخلته، إلا من رحم الله وهم قليل، ألا وهي فتنة الفضائيات والتي حقيقتها فضائحيات، قَلّ من لم يُدخل من المسلمين في بيته صحن الدش الذي من خلاله تستقبل هذه المحطات، وقد تحدثت مرارًا وتحدث غيري حول هذا الموضوع الخطير، ومع الأسف قل من يستجيب، فلعلي أستغل جمعكم هذا وقد خرجتم لتوّكم من شهر الصيام، شهر التوبة والرجوع إلى الله، فأقول لك يا أخي صاحب الدش: اُنجُ بنفسك من النار، خلّص رقبتك من نار جهنم، مما أدخلته على أولادك وأهل بيتك، وأنت تعلم جيدًا ما تبثه هذه القنوات من مواد، لم تعد حجة متابعة أخبار العالم مقبولة ولا مستساغة حتى عند من يحتجون بها؛ لأن ما فيها من الشر والدمار والهلاك لدين المرء وخلقه مئات أضعاف ما فيها من أخبار، لقد تعوّد أولادكم -أيها المصلون- أن يشاهدوا الدعارة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، أليس ظلمًا منك لولدك أن تعوده على رؤية المرأة والرجل في وضع الزوجين، وتعوده على مشاهدة القُبَل المحرمة بل وفي ليالي رمضان، ألا تظن أنك لن توقف بين يدي الله وتُسأل عن تعليمك لولدك وبنتك طرق المعاكسات وأساليب ارتكاب الفاحشة، بالطبع ستقول: لم أفعل هذا، لكنك قد فعلت شئت أم أبيت عن طريق إدخال الدش في بيتك.
كنت أُقلّب أحد الأعداد من مجلة أصداف، وهي إحدى المجلات السيئة التي تباع عندنا، فتعجبت مما تنشره المجلة بكل جرأة وصراحة وإن كان هذا أمرًا معلومًا من قبل وليس سرًّا، لكن الغريب كما قلت لكم هو الجرأة والصراحة والنشر، فبالخط العريض: مدير محطة "إل بي سي" يعترف علنًا بأن المحطة تركز على الجنس، وأن هذا هو الذي يجذب المشاهد العربي. وفي نفس العدد وفي أحد الحوارات التي أجريت مع مالك إحدى المحطات الفضائية المعروفة في الوطن العربي اعترف علانية وبصراحة بأن محطته تستخدم المذيعات الجميلات اللواتي يجدن الإثارة والإغراء والبرامج ذات الطابع الجنسي لاستقطاب المشاهدين وخاصة من دول الخليج.
فيا أولياء أمور البنين والبنات: لا أظن بأن خطر القنوات الفضائية لم يعد واضحًا لكل عاقل، فإني أخاطب الإيمان الذي في قلوبكم، وأخاطب الإسلام الذي تعتنقون، وأنتم أعلم مني بأن ما يعرض في بيوتكم عبر هذه الدشوش أنه يخالف إسلامكم الذي تعتنقون، ويضاد إيمانكم الذي تحملون.
فاتقوا الله -أيها المسلمون- نصيحة مشفقٍ عليكم أقولها لكم مرة أخرى: انجوا بأنفسكم من النار، انجوا بأنفسكم من النار، فوالله إنها نارٌ محرقة، سوداء مظلمة، أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، وأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، وأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة.
ويا ليت أن خطورة الفضائيات كانت مقتصرة على النواحي الأخلاقية، إنها تهدد أيضًا أمن البلاد من خلال بث الأفكار المنحرفة الدخيلة على مجتمعنا، ومن خلال تعليم الناشئة طرق ارتكاب الجريمة، وطرق الاغتصاب، وإتقان عمليات السطو والسرقة والقتل، بل وحتى كيفية صنع المتفجرات من بعض المواد المتاحة، وغيرها من الأشياء التي تعرض على أنها أفلام وهي في حقيقتها بث لهذه السموم ومحاولةٌ لزرعها في المجتمعات الآمنة والمحافظة، فمن المستفيد من ترويج هذه الأفلام ومن المغبون؟! وليت المسألة وقفت عند فلم أو مسلسل وانتهى الأمر، لكن الواقع الذي نشاهد أن الأمر لا ينتهي، بل هناك من يحاول أن يطبق في النهار ما تعلّمه في الليل من هذه القنوات، ويكفينا بعض الجهات المسئولة التي تشتكي من زيادة نسبة الجرائم الأخلاقية والجنائية، من هيئة الأمر بالمعروف والشرطة والمحاكم وغيرها.
لماذا تأخر عنّا المطر -أيها الأحبة-؟! كم مرّة صلينا الاستسقاء ومع ذلك لم نُجب؟! هل لكثرة أعمالنا الخيرية؟! أم لزيادة في نوافل الخير والطاعات؟! إنه لا تفسير لهذه الظاهرة كما نعلم جميعًا من ديننا إلا المعاصي، بسبب ما نرتكب من معاصٍ بأيدينا وأرجلنا ليل نهار، وهل هناك معصية أعظم من معصية الفضائيات؟!
أسألكم -أيها الأحبة-: من منّا جاءه علم من ربه أنه قبل صيامه وقيامه؟! من جاءه علم من ربه أنه كتب من العتقاء من النار؟! إن الله تعالى يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27]، فهل من صفات المتّقين أن نرجع إلى الوراء ونحرق الحسنات بلهيب السيئات؟! لقد أثبت الواقع العملي لدى بعض المسلمين، أنهم ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم؛ ذلك أن علامة قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها، ومن أعظم الطاعات فعل الواجبات والكف عن المعاصي التي لا مرية فيها، فانظر أين موقفك -يا عبد الله-؟! شهر كامل وأنت تجاهد النفس وتصّبرها، وتجمع الحسنات وتحسبها، فهل بعد هذا تراك تنقضها؟! إن الله تعالى يقول: (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً) [النحل: 92].
أيها المسلمون: لقد جاءنا العيد وواقع الأمة مؤلم والله المستعان، أعداء الأمة يسومونها سوء العذاب، اليهود من جهة، والنصارى من جهة، والملاحدة والباطنيون من جهة، وكلهم من الخارج، ومنافقون من داخلها، من بني جلدتها ويتكلمون بلسانها، لكن قلوبهم معلقة ومتجهة نحو الغرب أو الشرق، إن واقع الأمة اليوم، لا يخفى على عاقل، أراضيها من أوسع بلاد الله، خيراتها من أغنى بلاد الله، شعوبها من أكثر الشعوب عدداً، وفي المقابل، أراضيها مسلوبة، خيراتها منهوبة، شعوبها مظلومة، الفقر يقتلها، والجهل ينهكها، وفوضى لا أول له ولا آخر، عقولها محجّمة، طاقاتها معطّلة، أموالها مبددة، واليوم هناك حروب ضروس موجه خنجرها في صدر العالم الإسلامي والعربي، وهي الحرب الاقتصادية التي من خلالها يلعب الغرب -وفي مقدمته دولة عاد الكبرى ومن ورائها عملائها من اليهود- يلعبون في ميزانيات كثير من الدول، فأغرقوا معظم دول العالم -إلا من رحم الله- في ديون خارجية تصب فوائدها في جيوبهم، وتدفعها الدول المدينة بل وأجيال متعاقبة تكتوي بنار هذه الفوائد الربوية، ومن خلال هذه الحرب الباردة سيطر الغرب على معظم الدول، بل ووجهت سياساتها الخارجية والداخلية.
تسأل: وإلى متى سيبقى المسلمون هكذا، وإلى متى وواقع الأمة مظلم أسود؟! لقد تاقت نفوس المخلصين إلى منقذ للأمة من واقعها، أسأل الله -جل وعز- أن يكون عاجلاً غير آجل. وكلّنا أمل أن يبارك الله في هذه الصحوة المباركة، وفي هذا الشباب المقبل على دينه بأن يكون فاتحة الخير على يديه، أمّا عن واقع الأمة الحالي وفي أثناء أيام العيد، فقد أحسن ذلك الشاعر حين وصف حالها فقال:
قتل وتعذيب وتشريد *** فمتى سيغمر كوننا العيد
ومتى متى يا أمتي فرحي *** ومتى متى ستزغرد الغيد
في كل أرض صرخةٌ لفم *** دوّت فدوّت بالصدى البيد
لكننا نلهو فلا غضب *** نبدي ولا الإيثار موجود
وكأن وقرًا قد تغلغل في *** آذاننا فالسمع مسدود
صرب وصهيون تمزقنا *** وسلاحنا في الصدر تنديد
والمجلس المأمول في شغل *** عنا يماطل فوقه الهود
والنخوة القسعاء صادرها *** متفرد في الرأي نمرود
وإذا العروبة تنبري شيعًا *** عادت إليها الأزمن السود
يا أمة شاخ الزمان بها *** وعلت محياها التجاعيد
عاث الخلاف بها وفرقها *** بعدٌ عن الإسلام مشهود
الهدي فيها وهي ضائعة *** يقتادها القيثار والعود
قد خدّرت بفم منغمة *** شغلت بها والسيف مغمود
في كل يوم يستباح بها *** دم يقامر فيه عربيد
يا أمتي ما ضاع يُرجعه *** سيف به الايمان معقود
يا أمتي هذا الكتاب لنا *** ولنا به عز وتسويد
فإذا به سرنا سيغمرنا *** نصر من الرحمن موعود
فنسأل الله -جل وتعالى- أن يفرج عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم فرج عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فرجًا عاجلاً غير آجل.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، واتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أقول هذا القول وأستغفر الله…
الخطبة الثانية:
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، ومبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المفضّل على جميع العباد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أما بعد: فيا أيتها الأخوات الحاضرات معنا في هذا المشهد العظيم، الممتثلات أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهود الخير ودعوة المسلمين، أسال الله -جل شأنه- بكل اسم هو له، أن يجعلنا وإياكنّ ممن قال فيهم سبحانه: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 35].
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن خطب الرجال، في مثل هذا اليوم الأغرّ، مشى متوكئًا على بلال -رضي الله عنه-، وخطب النساء، وكان من خطبته أنه تلا عليهنّ آية مبايعة النساء في سورة الممتحنة، ثم أمرهنّ بالصدقة وقال لهنّ: "تصدّقن فإن أكثركنّ حطب جهنم"، فقالت امرأة من وسط النساء: لماذا يا رسول الله؟! فقال: "لأنكنّ تكثرن الشكاية وتكفرن العشير"، فجعلن -رضي الله عنهنّ- يلقين من قروطهنّ وخواتيمهنّ وقلائدهنّ في ثوب بلال -رضي الله عنه- صدقةً لله.
فيا أيتها الأخوات ويا أيتها الأمهات: اتقين الله تعالى، وكنّ خير خلف لخير سلف.
أيتها النساء: إن عليكنّ أن تتقين الله في أنفسكنّ، وأن تحفظن حدوده وترعين حقوق الأزواج والأولاد، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله.
أيتها النساء: إن المرأة في هذا الزمان وفي هذا العصر بالذات تعاني أكثر مما كانت تعاني منه المرأة من قبل، ولا يخفاكنّ الهجوم الشرس الذي يوجه في هذا الوقت، في كل بلاد العالم بشكل عام وفي بلدان المسلمين بشكل خاص من قبل أعداء الشريعة وخصوم الملة من الخارج والداخل، ممن تربَّوا على فكر الغرب العفن، وتشربوا زبالة إنتاجه، فهناك محاولات كثيرة في إخراج المرأة من بيتها بأية حجة، وقد نجحوا في كثير من الجوانب لتحقيق ما يريدون، وهناك نداءات مباشرة تارة، وغير مباشرة تارات، حول قيادة المرأة للسيارة وهناك وهناك أشياء وأشياء يُكاد فيها للمرأة، والمتتبع للصحف والمجلات يدرك ذلك، لكن أملنا كبير بعد الله تعالى بكنّ -أيتها النساء- أن تكنّ على مستوى هذا التحدّي، وأن لا تُفتنّ مع من انزلق في هذا التيار.
أيتها النساء: إياكنّ والخروج إلى الأسواق بالتبرج والطيب، وربما كشف الوجه واليدين أو وضع ساتر رقيق لا يستر، فلقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، وذكر نساءً كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها".
أيتها النساء: إياكنّ ثم إياكنّ من لبس البنطلون؛ فإنه حرام ولا يجوز للمرأة لبسه، وإن كان أمام النساء، ومع الأسف انتشرت هذه الظاهرة عندنا، ولم تكن معروفة من قبل، وهذا أحد الأمثلة فيما نجح فيه المفسدون إدخاله على مجتمعنا وإلباسه لنسائنا.
أيتها النساء: لا تدخلن المطاعم بحجة أنها من قسم العوائل، فإن هذه عادة قبيحة، وهو مما أدخله المفسدون علينا أيضًا، فكم تحزن عندما ترى بعض الأسر المحافظة والمعروفة، يرتادون هذه المطاعم دون أية غضاضة أو حرج.
أيها المسلمون والمسلمات: إن كان من وصية جامعة خاتمة أوصي بها نفسي أولاً ثم أوصيكم جميعًا ذكورًا وإناثًا ونحن في هذا اليوم العظيم من أيام الله تعالى، خصوصًا بعد انقضاء شهر رمضان، فإنها تقوى الله تعالى في السرّ والعلن، ثم أوصيكم بوصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ جعل يقول وهو يجود بنفسه: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم"، إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من تركها فعليه لعنة الله، من تركها خرج من دين الله، من تركها انقطع عنه حبل الله، من تركها خرج من ذمة الله، من تركها أحل دمه وماله وعرضه، تارك الصلاة عدو لله، تارك الصلاة عدو لرسول الله، تارك الصلاة عدو لأولياء الله، تارك الصلاة مغضوب عليه في السماء، ومغضوب عليه في الأرض، تارك الصلاة لا يؤاكل ولا يشارب ولا يجالس ولا يرافق، ولا يؤتمن، تارك الصلاة خرج من الملة، وتبرأ من عهد الله، ونقض ميثاق الله، إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
اللهم إن هؤلاء عبادك، خرجوا إلى هذا المكان، يرجون ثوابك وفضلك، ويخافون عذابك وسخطك، اللهم حقق لنا ما نرجو، وأمنّا مما نخاف.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا من الذين قبلتهم في رمضان، وأعتقتهم من النيران.
اللهم اجعلنا ممن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، فغفرت له ما تقدم من ذنبه، اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا فغفرت له ما تقدم من ذنبه.
اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، فغفرت له ما تقدم من ذنبه، اللهم إنا نسألك أن تفرج عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فرجًا عاجلاً غير آجل، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، أن تحقن دماء المسلمين في كل أرض يراق فيد دم مسلم.
اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن على طاعة واستقامة يا رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العلمين. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم