عناصر الخطبة
1/خطر تهنئة الكفار بأعيادهم والتحذير من ذلك 2/استمرار العداوة بين المسلمين والكفار إلى قيام الساعة 3/بعض أوجه تحريم تهنئة الكفار بأعيادهم 4/حكم "قبول الهدية من الكفار بمناسبة أعيادهم" 5/حكم بيع المسلمين للكفار حاجات ولوازم إقامة أعيادهم 6/دور عقيدة الولاء والبراء في تحرير أراضي المسلمين 7/فتوى ابن عثيمين في حكم تهنئة الكفار بعيد "الكرسمس" وبعض المسائل المتعقلة بذلكاقتباس
أيها المسلمون: إن الحرب بين المسلمين والكفار قائم إلى قيام الساعة، وعداوة الكفار لنا بجميع أشكالهم وألوانهم من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، قدر هذه الأمة. والله -سبحانه وتعالى- أخبرنا في كتابه، في العديد من الآيات عن صراحة ووضوح هذه العداوة. لكن أين المسلمون من هذه الآيات؟ والله إني لأتعجب من...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله ...
أما بعد:
هناك بعض المواضيع من المفروض، والأصل أن لا نتكلم فيه؛ لأنه من الأمور المسلمة، ومن الأمور التي يجب أن تكون أصلاً في عقيدة المسلم.
لكن بعدما اختلط كثير من تصورات ومفاهيم ومعتقدات المسلمين، بأمور بدعية، وأشياء منحرفة عن جادة الإسلام، صار من الضروري، بل من الواجب طرق مثل هذه المواضيع، ومنه موضوعنا هذا، في هذه الجمعة، وهي قضية "تهنئة الكفار بأعيادهم ومناسباتهم، والمشاركة معهم".
هذا الموضوع -يا عباد الله- من المفروض، والأصل أن لا نتكلم فيه؛ لأنه من المفروض أن يكون من المسلمات عند المسلمين جميعاً، أنه لا يجوز، بل يحرم علينا "تهنئة الكفار بأعيادهم ومناسباتهم".
لكن -ومع كل الأسف- وبعدما تميع الإسلام في قلوب كثير من أبنائها، وبعدما رق الدين وضعف عند الكثير من أبناء هذه الأمة، رجالاً ونساءً، صرنا نرى ونسمع -مع الأسف الشديد- هذه الظاهرة -فإنا لله وإنا إليه راجعون-.
يأتي المسلم الذي أعزه الله بهذا الدين، يأتي المسلم الذي أكرمه الله بهذا الرسول -صلوات ربي وسلامه عليه- يأتي، ويُذل نفسه، وينزل نفسه من المرتبة التي جعله الله عليها، ويهنئ الكافر الحقير النجس، الذي لا يساوي عند الله -عز وجل- جيفة كلب، أو جيفة حمار، يهنئه بعيد ميلاد المسيح، أو عيد رأس السنة الميلادي، وغيرها من أعيادهم ومناسباتهم، والتي ستكون بعد أيام.
أقول -أيها الإخوة-: هذه قضية في الأصل أن لا نتحدث عنها، لو كان المسلمون مسلمون، ولو كانت عقيدة الولاء والبراء راسخة في قلوب المسلمين، لكن ما دام والأمر كما لا يخفاكم من واقعنا المهين.
هذا الواقع المر، الذي يتجرعه كل مسلم في هذا الوقت، ولأن هذه الأيام، هي أيامهم التي يقيمون فيها أعيادهم ومناسباتهم؛ ولأن الكثير من أبناء هذه المنطقة بالذات، يقع في هذا الأمر المحرم.
كان لابد من طرح هذا الموضوع، وبسط الكلام فيه، وذكر كلام أهل العلم فيمن فعل شيئاً من هذا، خصوصاً وأن منطقتنا تعج بالشركات الأجنبية التي يكثر فيها سواد الكفار -سود الله وجوههم في الدنيا قبل الآخرة-.
أيها المسلمون: إن الحرب بين المسلمين والكفار قائم إلى قيام الساعة، وعداوة الكفار لنا بجميع أشكالهم وألوانهم من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، قدر هذه الأمة.
والله -سبحانه وتعالى- أخبرنا في كتابه، في العديد من الآيات عن صراحة ووضوح هذه العداوة.
لكن أين المسلمون من هذه الآيات؟
والله إني لأتعجب من المسلم يهنئ ويبارك للكافر، وكيف يشارك الكافر وهو يقرأ في كتاب الله ليل نهار، قول الله -عز وجل-: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) [البقرة: 105]؟
كيف يجامل وقول الله -تعالى-: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم) [البقرة: 109]؟
كيف وقوله تعالى: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) [النساء: 89]؟
كيف وقوله تعالى: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة: 2]؟
وقوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة: 32]؟
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران 118].
فهل بعد هذه الآيات وغيرها كثير في كتاب الله، حجة لأحد، للتبسط والتميع مع الكفار؟
أيها الأحبة: نحن مسلمون، والجنة خلقت للمسلمين لا للنصارى ولا لليهود، ولا لغيرهم، فاتقوا الله -تعالى-، ولا تشوهوا عقيدتكم الصافية بما يكدرها.
وذكر شيخ الإسلام ثمانية أوجه للاعتبار على تحريم عيد الكفار، فمنها: أن الأعياد من جملة الشرع، التي قال الله -سبحانه-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) [المائدة: 48].
يقصد شيخ الإسلام أن عيد كل قوم هو من جملة شرعهم.
فالذي يأتي ويهنئ الكفار على عيدهم ومناسباتهم التي هي عندهم شرع معناه الموافقة على ذلك، وهذا كما يقول شيخ الإسلام موافقة في بعض شعب الكفر.
ومنها أيضاً: أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله.
وهذا أمرٌ -أيها الإخوة- لا إشكال فيه، فإنهم يفعلون من المنكرات والقبائح في أعيادهم ما الله به علي، فكيف يهنئون على ذلك -والله المستعان-؟.
عباد الله: هناك بعض القضايا الأخرى المهمة أيضاً في هذا الموضوع، غير التهنئة، لابد من التنبيه عليه، من ذلك مثلاً: "قبول الهدية من الكفار بمناسبة أعيادهم" وهذا أمر أيضاً محرم ولا يجوز.
ومع الأسف أن الكثيرين ممن يتعامل معهم، يقبل ويأخذ هذه الهدايا، بل ربما أكل شيئاً مما يصنعونه في أعيادهم، من الحلوى وغيرها، يقول شيخ الإسلام: "ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات، غير هذا العيد لم تقبل هديته، خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، في مثل إهداء الشمع، ونحوه في الميلاد" [انتهى كلامه رحمه الله تعالىٍ].
قضية أخرى -أيها الإخوة- وانتبهوا لهذه المسألة، فإنها في غاية الأهمية، يقول شيخ الإسلام: "لا يبيع المسلم ما يُستعان به في العيد من الطعام واللباس، ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكرات".
وبناءً على هذا الكلام النفيس من ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، فلا يجوز بيع الطعام واللباس لهم، وكل ما يُستعان به على إقامة أعيادهم؛ لأن في ذلك إعانة لهم على ذلك.
فليحذر أصحاب المطاعم، الذين يبيعونهم الحلوى وغيرها، لإقامة أعيادهم.
وليحذر المسلمين، أصحاب محلات بيع الزينة والشموع، وغيرها من بيع ذلك لهم.
وليحذر أصحاب المطابع، من طباعة بطاقات التهنئة لهم بهذه المناسبة، وكل ما يعين على إقامة أعيادهم، فلا يجوز بيعها لهم.
لكن في الواقع هل هذا مطبق، أنا أعلم بأن هذا غير مطبق، وهذه هي مشكلتنا نحن المسلمون.
والله -أيها الإخوة- لو التزم المسلمون بعقيدة الولاء والبراء حقاً، وكان المسلمون يداً واحدة، وقلباً واحداً في تعاملهم مع الكفار، والله لن يقر لهم قرار في أراضي المسلمين يوماً واحداً، فضلاً عن إقامة أعياد كفرية وثنية على جزيرة الإسلام -فإنا لله وإنا إليه راجعون-.
فلنتب إلى الله -يا عباد الله- فمن وقع في شيء من هذا، من التهنئة لهم، أو التعامل معهم، أو حتى مشاركتهم في أفراحهم، فليتب إلى الله -عز وجل-، قبل أن يلقى ربه وهو على هذه الحالة.
والله -أيها الإخوة- إن لذنوبنا وتقصيرنا نحو هذا الدين يكفينا، أن ترك كثير من المسلمين للواجبات المفروضة عليهم كافية فما بالكم بأن يزاد عليه ويشارك، ونهنئ الكفار على أعيادهم التي في أصلها شرك وكفر بالله -عز وجل-؟
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ...
أما بعد:
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
ما حكم تهنئة الكفار بعيد "الكرسمس" لأنهم يعملون معنا؟ وكيف نرد عليهم إذا حيونا بها؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو احراجاً أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
أفتونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جـ:- تهنئة الكفار بعيد "الكرسمس" أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتابه: "أحكام أهل الذمة".
حيث قال: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عيداً بمعصية، أو بدعة أو كفر، فقد تعرض لمقت الله وسخطه.
[انتهى كلامه -رحمه الله-].
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً، وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر، أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله -تعالى- لا يرضى بذلك، كما قال الله -تعالى-: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [الزمر: 7].
وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنؤنا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله -تعالى-؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً -صلى الله عليه وسلم- إلى جميع الخلق، وقال فيه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها، وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا، أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال، ونحو ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" : "مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص، واستذلال الضعفاء" [انتهى كلامه].
ومن فعل شيئاً من ذلك، فهو آثم سواء فعله مجاملة، أو تودد، أو حياء، أو غير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار، وفخرهم بدينهم.
والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنه قوي عزيز.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين [كتبه محمد الصالح العثيمين في 25/5/1411هـ].
اللهم أرنا الحق حقاً ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم