عناصر الخطبة
1/من أخطر آفات العصر الحاضر 2/خطورة المخدرات والمسكرات ومفاسدهما 3/رسائل لمروجي المخدرات والمسكرات 4/رسائل إلى الشباب وللآباء والأمهات والمربين.اقتباس
والحذرَ الحذر من هذه المخدرات؛ فإنّها دمارٌ للعقلِ والدين، بل لكلِّ معاني الإنسانية، فكم من شابٍ كان مستقيمَ الخلقِ والدين، مهتمًّا بدراستِه وبناءِ مستقبلِه، ولمّا وقعَ في المخدّراتِ انحرفَ خلقُه وفَقَدَ غيرتَه، وضيَّعَ دينَه وتركَ صلاتَه، وفشلَ في دراستِه ووظيفتِه، خسرَ الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسرانُ المبين.
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: عبادَ الله: من أخطرِ الآفاتِ في عصرِنا الحاضرِ، آفةُ المخدّرات، والتي يعتدي فيها الإنسانُ على عقلِه فيزيلُه بزعمِ المتعةِ والنشوة، وما يلبثُ أنْ يقعَ في الإدمان، ثم يتحوّلَ إلى أحطَّ من الحيوان، ويغدو خطرًا على نفسِه وأهلِه ومجتمعِه.
وقد انتشرت المخدراتُ برعايةِ منظماتٍ وعصاباتٍ لنهبِ خيراتِ وثرواتِ الشعوبِ وقيادتِها كالقطيع، وقد غاظهم ما تنعمُ به بلادُ الحرمينِ الشريفينِ من أمنٍ وأمانٍ ورخاءٍ وتلاحمٍ واستقرار، فشنّوا عليها حملاتِ تهريبِ المخدراتِ بجميعِ أشكالِها.
وكم سمعنا في وسائلِ الإعلامِ، عن إحباطِ تهريبِ الحبوبِ المخدِّرةِ، والمقدَّرةِ بالملايين، وذلك يدفعُنا للوقوفِ عند مضمونِ تلك الأخبار، لنرسلَ بعضَ الرسائلِ بغرضِ الإعذارِ والإنذار:
الرسالة الأولى: لمهرّبي ومروّجي تلك السمومِ والمخدرات، بأنّ عملَهم هذا محرّمٌ شرعًا وجريمةٌ كبرى، وصاحبُه يحملُ وزرَه ووزرَ من أضلَّهم، وما يأكلُه من كسبِه سحتٌ لا بركةَ فيه، ونحذّرُهم بأنَّ اللهَ سيفضحُهم، وأنّ حدودَنا محصنة، وجنودَنا عيونٌ ساهرة، وهم لهم بالمرصاد، وأنّ القتلَ عقوبةُ جرائمِهم ولهم سوءُ العذاب.
الرسالةُ الثانية: لشبابِنا من بنينَ وبنات، فهم الفئةُ المستهدفةُ بالدرجةِ الأولى من قبلِ أولئك المجرمين، فاتقوا اللهَ أيها الشباب، والحذرَ الحذر، من هذه المخدرات، فإنّها دمارٌ للعقلِ والدين، بل لكلِّ معاني الإنسانية، فكم من شابٍ كان مستقيمَ الخلقِ والدين، مهتمًّا بدراستِه وبناءِ مستقبلِه، ولمّا وقعَ في المخدّراتِ انحرفَ خلقُه وفَقَدَ غيرتَه، وضيَّعَ دينَه وتركَ صلاتَه، وفشلَ في دراستِه ووظيفتِه، خسرَ الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسرانُ المبين.
ولذا حذّرَ الإسلامُ من المسكراتِ والمخدرات، فإنّها أمُّ الخبائث، وسبيلُ الفساد، وطريقُ الهلاك، قالَ -تعالى-: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[الأعراف:157]، وَقَالَ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ". وقَالَ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ، لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ"؛ نسألُ اللهَ العافية.
ومَنْ وقعَ في شيءٍ من ذلك فإنّ بابَ التوبةِ مفتوح، وليبادرْ بانتشالِ نفسِه ومعالجتِها بأسرعِ وقتٍ ممكن، وسوف يجدُ الرعايةَ الكاملةَ والأيادي البيضاءَ والقلوبَ الحانيةَ التي تحتضنُه بإذنِ اللهِ -عزّ وجل-.
الرسالةُ الثالثة: للآباءِ والأمهاتِ والمربّين، يجبُ أنْ نكونَ أكثرَ وعيًا وفطنةً لمَا يتربّصُ بشبابِنا من خططٍ لانحرافِهم وإفسادِهم، ويجبُ أنْ نكونَ أكثرَ قربًا منهم وتفرغًا معهم ورعايةً لهم واهتمامًا بهم مع ملاحظةِ سلوكِهم وما يطرأُ عليه من تأثّرٍ وتغييرٍ، وإبعادُهم عن قرناءِ السوءِ فهم مِن أكبرِ أسبابِ الوقوعِ في تلك الشرور، ووقايتُهم من التدخينِ والشيشةِ بأنواعِها، فهي البوابةُ للمخدراتِ والمسكرات. فاتقوا اللهَ رحمكم الله، فكلكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه.
الرسالةُ الرابعة: لشعبِنا الكريم، بأنْ نكونَ يدًا واحدةً في وجهِ كلِّ من تسوّلُ له نفسُه المِساسَ بأمنِ بلادِنا ونهبِ خيراتِها وإفسادِ شبابِها، والمبادرةُ للتبليغِ عن مروجي ومستخدمي تلك المخدراتِ كائنًا من كان.
الرسالةُ الخامسة: فهي رسالةُ شكرٍ وثناءٍ ودعاء، لأبطالِ المكافحةِ والجمارك، ورجالِ أمنِنا وجنودِنا البواسل، والذين يقفونَ سدًّا منيعًا أمامَ زبدِ أولئك الأشرار، ويبذلونَ الغاليَ والنفيسَ لحفظِ شبابِنا وبلادِنا، فلهم منّا وافرُ الشكرِ والتقدير، ونسألُ اللهَ أنْ يجزيَهم خيرَ الجزاء، وأن يحفظَهم من كلِّ سوء، ويرزقَهم من حيثُ لا يحتسبون، وأن يباركَ لهم في أعمالِهم وأعمارِهم وذريّاتِهم إنّه سميعٌ مجيب.
اللهمّ أصلحْ شبابَنا واحفظْهم بحفظِك، وأعذْهم من كيدِ الأشرار، ومن المخدراتِ والمسكرات، ومن سائرِ الشهواتِ والشبهات، إنّك على كلِّ شيءٍ قدير.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرّحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين.
أمّا بعد: عبادَ الله: اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعُروةِ الوثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّار لا تَقوى، واعلموا أنّ مَلَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، فالكيّسُ من دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.
إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدين، وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ، في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين.
اللهمّ آمنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمّ من أرادَنا والمسلمينَ بسوءٍ وفتنةٍ فأشغله بنفسِه، وردَّ كيدَه في نَحْرِه، واجعلْ تدبيرَه تدميرَه يا قويُّ يا عزيز.
اللهمّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويُذَلُّ فيه أهلُ معصيتِك، ويؤمرُ فيه بالمعروفِ ويُنهى فيه عن المنكرِ يا سميعَ الدّعاء.
اللهمّ ادفعْ عنّا الغلا والوبا، والرّبا والزّنا، والزلازلَ والمحنَ، وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن.
اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ، ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ، واقضِ الدَّينَ عن المدينينَ، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، ويقولُ -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "من صلّى عليَّ صلاةً واحدةً صلّى اللهُ عليه بها عشرًا".
اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يوم الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكرِ، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم